أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكريم جندي - من رواسب -الزاوية- : بإسم -البركة- خدع الأجداد، ومن أراضي القرية حرم الأحفاد، فأصبحت في يد أتباع-الأسياد- !















المزيد.....

من رواسب -الزاوية- : بإسم -البركة- خدع الأجداد، ومن أراضي القرية حرم الأحفاد، فأصبحت في يد أتباع-الأسياد- !


عبد الكريم جندي

الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 00:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بداية، ليس في العنوان مبالغة، أو تنميق لفكرة فارغة، إنما هو إختصار ظاهرة وإيجاز معنى، كما أننا لسنا بصدد نقاش فقهي حول مفهوم "البركة"،إنما نريد أن نفهم كيف تحولت لمخدر جعل الأجداد يمنحون الأرض بسخاء، وأي "سخاء" هذا ! كما أننا لسنا في سياق حكي قصة من وحي الخيال والإبداع الأدبي، لأحداث عملية "نصب" لممتلكات معينة، إنما نحن أمام نصب من نوع خاص، حيث تقف الضحية كأكبر مدعم لأنجاح العملية ! وفي واضحة النهار كذلك، والكل راض عن النتيجة في اللحظة التاريخية التي احتوت عملية النصب هذه؛ نصب على العقول قبل الأموال والأراضي، واستبدال لرأسمال مادي "مهم" مقابل رأسمال رمزي "وهمي" إسمه "البركة".
إن سوسيولوجيا العالم القروي، تعج بالظواهر الاجتماعية والثقافية، التي تجعل ساكن هذا المجال غارقا حتى الأذن في وديان الهشاشة والفقر والتخلف والركود، ظواهر تبعثر أوراق الباحث السوسيولوجي والأنثروبولوجي، الذي ينشد الاقتراب من المعنى، عله يستطيع وضع الأصبع على الجرح، لإيجاد تخريجات مناسبة للمشاكل المطروحة، ومساعدة القائمين على البرامج التنموية التي ترفع في غالب الأحيان شعار الفشل في مراميها، لأنها لم تعر الاهتمام بالجوانب السوسيوثقافية التي تسيطر على سلوك الإنسان القروي، مما قد ينتج أشكالا من الرفض - المباشر أو غير المباشر- لتلك البرامج الساعية للتنمية في مختلف مجالاتها.
وفي هذا المقام نثير إشكالية لها أهمية كبرى، رغم أنها تتصف بالغموض والضبابية، والمتعلقة بموضوع " الزاوية " بشكل أعم، وببعض مخلفاتها ورواسبها بشكل أدق، ونقصد بالتحديد "ممتلكاتها من الأراضي الشاسعة" والتساؤلات المرتبطة بها، من قبيل: كيف تم امتلاكها؟ وبأي مسوغ؟ ومن يرثها؟ وكيف يتم استغلالها في الحاضر؟ وتكمن أهمية هذه التساؤلات وخطورتها نظرا لارتباطها بإشكالية "الأراض" وتوزيعها وكيفية استغلالها في المناطق القروية، التي تعد من الأسئلة الأكثر إلحاحا، والتي يعتبرها البعض كمدخل لتجاوز حالة الركود في هذا المجال.
حقا إن المغرب بلد عجيب ! أما عالمه القروي فأكثر إثارة للعجب، ففي حين يحتاج القروييون لمساعدة الدولة والمجتمع المدني، ليتمكنوا من استغلال أراضيهم بأقل تكلفة، لزرع الأمل في نفوسهم لمواصلة كفاحهم لقساوة المناخ، وقلة حيلتهم؛ نجد الكثير منهم يدفع بعض الأموال سنويا، مقابل استغلال مساحة أرضية تقع في حدود قريته كنوع من " ثمن الكراء"، يدفع لشخصية افتراضية هي "الزاوية"؛ عبر شخص أسندت إليه مهمة جمع تلك الأموال المتواضعة عندما يرتبط الأمر بمساحة أرضية صغيرة، والكثيرة عندما تصبح الأراضي التابعة للزاوية تغطي مساحات شاسعة من المجال الجغرافي للقرية ككل.
إلا أن الذي يزيد الطين بلة، هو مآل هذه الأموال، التي ترسل في غالب الأحيان إلى مجال جغرافي قد يكون قريبا أو بعيدا من القرية، حسب المكان الذي يوجد فيه ضريح "شيخ الزاوية"، الذي قدمت له هذه الأراضي في يوم من الأيام على شكل "هدية" أو "صدقة" أو بمسوغ آخر، مقابل التقرب منه ونيل "بركته"، التي ستسعف صاحب الهدية في تحقيق ما يطلبه ويتمناه؛ لأن صلاح الشيخ -كما يقر المخيال الشعبي- سيكون دعامة لتحقيق المبتغى وهالة للحفظ من المكروه !
قد يقول قائل، أن تلك الأموال والممتلكات التي قدمت للزاوية كانت تستخدم لأهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية عادت بالفضل على الساكنة، ونحن سنسلم بهذا الرأي، لأن مجمل تاريخ المغرب يشهد بالأدوار والوظائف المهمة التي قدمتها الزاوية، لعل أهمها إطعام الزائر، وإيواء اللاجئ، ومساعدة الفقير، وحماية البلاد. لكن السؤال الملح اليوم، بعد أن تراجعت -إن لم نقل توقفت- تلك الوظائف والأدوار التي تقدمها معظم الزوايا بشكل ملحوظ؛ هو كيف تدبر عائدات وممتلكات الزاوية (خاصة الأراضي) التي لا زالت مزدهرة لغاية اليوم؟ وبأي معيار أو شرعية تم توريثها من جيل لجيل آخر؟ ومن له الأحقية في التصرف فيها؟ هل لحفدة دفين الضريح فقط؟ أم لهم ولأتباعه؟ أم لخدام الضريح؟ أم لكل أفراد القرية أو "القصر" الذي يوجد فيه الضريح؟ أم هي لا لهذا ولا لذاك، بل هي من حق أبناء القرى الذين حرموا من أراض شاسعة واقعة في محيطهم بفعل "فخ البركة" الذي نصب لأجدادهم، أو نصبوه لأنفسهم؟ !
حقا إنها أسئلة تستلزم وضعها في طاولة النقاش العمومي، بعيدا عن سياسة التغافل وأشكال"الأدلجة"،وإعادة إنتاج "خطاب الصمت"، الذي ساهم ولأمد طويل في شل دينامية المجتمع القروي في مختلف أنساقه، ليحصل على حصة الأسد، طبعا، في مؤشرات الفقر والهشاشة والأمية، في عصر لم يعد يقبل بمثل هذه النعوت والمواصفات.
ويكفيك أن تقوم بجولة في إحدى القرى الموجودة في واحة "تافيلالت" -على سبيل المثال لا الحصر-، لتذهل بعدد هائل من الأراضي التي تحسب لصالح زاوية معينة (الزاوية الغازية مثلا)، والتي تستغل من طرف بعض القرويين مقابل أداء مبلغ مالي بشكل سنوي، للمسؤول عن جمعها، الذي يقوم بدوره بنقل تلك الأموال لمجال جغرافي آخر، حيث يوجد الضريح، ولأناس آخرين يمثلون فئة قليلة العدد، مقارنة بأعداد الناس الذين كان يشملهم تأثير الزاوية الروحي والاجتماعي. صحيح أن الأجداد وهبوا تلك الأراضي بمحض إرادتهم، لثقتهم في بركة الولي، التي اعتقدوا أنها ستفتح لهم أبواب الخيرات، وتغلق أبواب الكربات؛ لكن نتساءل، بأي منطق ورث هؤلاء -حفدة أو بعض أتباع الولي- كل هذه الأراضي بعد موته، بل وموت الزاوية نفسها، كمؤسسة اجتماعية واقتصادية وسياسية، وكشخصية افتراضية روحية، بعد أن تراجعت مكانتها، وخفت صيتها، وتوقفت جل وظائفها؟
وفي الختام، فإننا نعتقد والحالة هذه، أن أكبر مساهم في تأزم الوضع بالمجال القروي بعد صناع القرار، هم أولائك الذين أسندت لهم مهمة قيادة التغير، ورسم دروب التنمية؛ ونقصد بالذات أولائك "المثقفون" الذين يمتلكون "المعرفة" كرأسمال رمزي، يسعف في فهم ومراقبة ما يدور في كواليس المجتمع، أمام غفلة السواد الأعظم من ساكنة القرى، لكن هذا المثقف -إذا أجيز أن ننعته هكذا- عندما لا يملك عينا ناقدة، وقلبا غيورا يحب إصلاح مجتمعه، فسيكون شأنه شأن باقي أفراد المجتمع، حيث ينظر للركود والفقر والأمية، كأمر طبيعي بحكم الظروف المناخية والجغرافية، بل والأخطر من ذلك أن يفسر الوضع بسخط السماء ! وهذا التأويل ليس بغريب، داخل وسط يحدد فيه التفكيروأنماط السلوك، بمعيار معتقدات وأساطير وعادات يمكن وصفها -على سبيل التخفيف- بالبدائية والمتجاوزة بمنطق التشريع الإسلامي والعقل الوضعي.



#عبد_الكريم_جندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قول في - اليوم العالمي للمرأة -
- الفساد الإداري والتنمية في المغرب


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الكريم جندي - من رواسب -الزاوية- : بإسم -البركة- خدع الأجداد، ومن أراضي القرية حرم الأحفاد، فأصبحت في يد أتباع-الأسياد- !