أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - معين شلولة - أيام الفصام - غزة















المزيد.....

أيام الفصام - غزة


معين شلولة

الحوار المتمدن-العدد: 4390 - 2014 / 3 / 11 - 13:15
المحور: المجتمع المدني
    


تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الفقراء لديها شعور عادةً بالدونية ؛ هكذا دفعة واحدة ودون مقدمات ؛ حتى لتجد أنهم حين ينتصرون في مهب الحياة ويصيرون أرقاما ؛ فإن علاقتهم بمتغيرات (البرستيج) تظل قلقة ومتوترة ، يظلون غرباء حتى على الجاكيت الماركة والسيارة والبيت البهي الجميل ، وأغلبهم يلجأ للمس بمفردات لهجته ؛ كأن يقلد لبنانيا أو يافاويا أو مصريا حتى ؛ فيبدي بعض مغامرات بنطق لغة ليست لغته ؛ ليبدو كما يقال بالعامية ثقيل دم أو غبيا .. ثم إنه يتعالى ويغالي في المأكل والمشرب والملبس واختيار الإكسسوارات والأثاث / لكن من فراغ ؛ فالإنسان مرايا .. ما لم تكن متكاملة أو منسقة ؛ فإن إحداها ستفضحه يوما حين تنكسر في غفلة منه ؛ لذلك ظل الانتقال من الفقر إلى الغنى يتطلب انتقالا شاملا للذات ؛ يتطلب إعادة هيكلتها وجرأة تفريغها من مضمون موروثاتها الاجتماعية الباهتة الكحيانة ؛ والمضي بها حتى إلى طريقة راقية في الضحك والابتسام بجدارة ووعي جديدين !!
كانت الشخصيات الوجيهة أو الاعتبارية أو المحترمة قديما وجيهة ؛ كانت نظيفة ومرتبة كأنها تنحدر من سلالة ذات طابع بيولوجي خاص ؛ أما اليوم فإن الأغنياء كنوع من الوجهاء وتحديدا في غزة ؛ يبدو أغلبهم صيادا أو حتى ملاحا هاربا من بخل وشح البحر إلى كل ما في البر من سرقات وكذب ؛ هاربا من أزقة المخيم وكرت التموين ؛ إلى بطاقة الصراف والفيزا كارد ؛ ذاك أن الغنى والشبع ، جديدان على كثيرين في هذا القطاع ؛ وذاك أن بعضهم تحول واغتنى بفضل أنفاق التهريب والسوق السوداء والسمسرة في أراضٍ حكومية أو متنازعٍ عليها بين الورثة والخوض في مجال المشروعات المدعومة خارجيا والسرقة من التبرعات .. لا تستغربوا طول القائمة ؛ هذه المفردات التي تبدو مفاجئة صنعت أسماءً جديدة ؛ أسماء بلا أفعال أجلكم الله ؛ أو حتى أسماء بأفعال ظاهرها الرقي وباطنها القبح والانحطاط ، ومع ثورة الماجستير والدكتوراة وسهولة شرائها من هنا وهناك في مدن ينال موظفوها رواتب بلا عمل ؛ اختلطت شروط الوجاهة والقيمة وحقيقة الشخصيات ؛ إلى أن صارت الطبخة الاجتماعية شبيهة بالشوربة !!
كل الذين اغتنوا ووجدوا أنفسهم بين يوم وليلة ؛ ذوي بيوت فخمة وسيارات فارهة ؛ سيظل ينقصهم الكثير ؛ لن يخالفني أحد حين أقول إن الغنى والترف ورغم كونهما مظهرا اقتصاديا فهما معرفةٌ ولعبة محكومةٌ بدلالات وشروط وأصل ، وإن الرقي/ ثقافة بحاجة لتأصيل لا لترجيع ؛ وإن البحث عن الذات لم يكن يوما يتعلق بحضورها بهية وبكامل زينتها الخارجية وأناقتها أمام فرق الكشافة والجوقات الفيسبوكية وغوغائيي التنظيمات ؛ فبناء الذات قصةُ وعي وبطولة إرادة ؛ وبناء الذات مغامرات وتجارب نفسإجتماعية وفلسفية تجعلك كيانا صاعدا كالنجوم لا يشك أحد في عمق ضوئها – قنابل هيدروجينية مشتعلة منذ الأزل - ، الذات الإنسانية ليست مرآة تغسل بالماء أو بالمزيد من شهود الزور .. بل كيان معقد ينمو على مهل ويمتص لحن تكوينه ؛ دون تجاوز لأبعاده التربوية ومكوناته العقلية والوجدانية التي تجلُّ بالسلوك ..
لست أعرف بالضبط كيف أسلط ضوئي هنا وعلى مَن بالتحديد ؛ ومن أختار إذ أحتار ، نماذج كثيرة تتدافع بقوة السيل العرمرم هذه الأيام ؛ لتطفو على مرايا الناس والمجتمع المنهك ، لا أعرف إن كنت أقصد أحدا أم لا ؛ ففي الأمر كله مَسٌّ من اللاوعي يدفعني ويكاد يوقع بي لولا شهامة هذا الجزء من الوعي الذي ينطق ويصير كلاما ؛ هنا في غزة كانوا مهربي مخدرات عبر الأنفاق وترقوا إلى أن صاروا مهربي ألترمال وحاجات الشعب المحاصر ؛ وصاروا أغنياء جدا .. هنا في غزة هِبْلٌ – جمع أهبل - كثيرون ونزقون ، عاموا أعواما طوالا في أزقة ودهاليز ومسارب العمل الأهلي والخيري ؛ وحفظوا عن ظهر قلب لوازم الكذبات المتداولة ؛ فاغتنوا وصاروا .. وهنا في غزة وبعد خلود موظفي السلطة للنوم منذ سبعة أعوام مضت ؛ حلم بعضهم بالدراسة فجمع وخدع وعبس وبسر ودفع ؛ وأنهي الماجستير وراح للدكتوراة على حين غفلة ووسط فوضى المتغيرات هنا وهناك وصار دكتورا ؛ وهنا في غزة صحفيون وصحفيات صغار جدا .. خدعوا المرايا بالصوت تارة وبالصورة تارة أخرى .. وبالكلام المقصوص من المواقع الالكترونية .. فصاروا وتصوروا .. كل ذلك مقبول .. وتلك هي الظواهر التي تطفو وتظهر في مجتمعات ، ذبحها الرفع والخفض بلا قوانين اجتماعية أو حياتية طبيعية ؛ لكن الذي لا يريحك كمراقب أو شاهد نزيه أو عقل طبيعي ؛ هو أن كثيرين من هؤلاء الذين اذكرهم صدَّقوا أنفسهم ، وباتوا يتصرفون كشخصيات واقعية ويعتبون على وجهك حين لا تعبر ملامحه عن احترامهم ؛ وقيل أن مجموعة من الطير كانت محبوسة في قفص كبير ؛ بعضها يطير والبعض الآخر دجاج وبط وأوز أي لا يطير .. فلما فتح الباب على مصراعيه ؛ خرج الكل وحاول الطيران .. والعجيب أن البطة والديك والدجاجة طاروا ؛ ولا أحد يعرف كيف !! لا بأس .. كل ما لا يطير في الأصل / سيسقط !!
سأترك لكم يا أحبتي أن تعرفوا الكاتب الحقيقي وسط مجامع الفيسبوك والصحف الالكترونية والورقية هذه الأيام من استعماله للغة ؛ إقرؤوا واحكموا .. اللغة لا يمكن لها أن تكون سياقا منفصلا عن طبيعة وحقيقة المعرفة ؛ اللغة هي ترجمان المعرفة ؛ لذلك حين تجد الحروف ناقصات والإعراب منتهك والمصطلحات فخمة مجانية ؛ فالله ثم أنتم أعلم بهوية هذا المدعي ؛ وسأترك لكم يا أحبتي أن تراقبوا الأغنياء الجدد وكيف يأكلون ويشربون ويتزوجون .. كيف يقودون سياراتهم وكيف يتعاملون مع الناس العادية ؛ لتعرفوا أن البيوت وإن تجملت وصارت حديثة ومكيفة أو غير مكيفة ؛ فإنما هي جماد لا يزود ساكنيه بشرف إضافي ؛ ولا يحمي البعض من انحطاط أصله وطبعه وأيام العدس المكررة ؛ وسأترك لكم يا أحبتي أن تستمعوا لكل حامل شهادة عن مجمل معرفته فيما يختص وماذا امتص منها ؛ فإن وجدتموه يعيد الأسماء الكبيرة ويبدي انبهاره بنظريات لا يستطيع الخوض فيها وشرحها ، ويتلو على مسامعكم لغة هجينة بين الانجليزية والعربية تائها بين مستويات الدلالة ؛ فخافوا الله حين احترامه !! البلد تزدحم هذه الأيام بالأدعياء .. أدعياء الشرف .. أدعياء الوجاهة .. أدعياء الغنى .. أدعياء العلم والشهادات المجانية ؛ أدعياء الخبرة .. لذلك وجب اليوم قبل غدٍ ؛ وجب النهوض بالمقاييس والشروط وأدوات الفحص والتقييم ؛ الموجات متتابعة والموديلات متلاحقة ؛ وحين يكون هذا في إطار الأشخاص والبشر فثمة خوف حقيقي ومربك على انغماس هذا في ذاك .



#معين_شلولة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - معين شلولة - أيام الفصام - غزة