أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد خالص - استقلال القضاء عن الرأي العام وعن وسائل الاعلام














المزيد.....

استقلال القضاء عن الرأي العام وعن وسائل الاعلام


خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 08:57
المحور: حقوق الانسان
    


تعتبر وسائل الإعلام المرآة الحقيقية التي تعكس وضعية المجتمع من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية و الثقافية. ولا أحد ينكر الدور الهام الذي يلعبه الإعلام : المرئي أو المسموع أو المكتوب (...)، في تنوير الرأي العام و بث الوعي وتدعيم الثقافة وتكريس الحياة الديمقراطية و فضح التجاوزات وغرس المواطنة و نقل الرأي و الرأي الآخر.
وحيث إنه أمام جسامة مسؤولية الصحفيين في التصدي لخرق الحقوق فقد أدى منهم الكثير الثمن غاليا نظرا لما تعرضوا له من مضايقات و عمليات اختطاف واغتيالات واعتقالات ومحاكمات إذ أصبح الإعلام يعتبر سلطة رابعة إلى جانب السلط الثلاثة المتحدث عنها سابقا لما له من تأثير مباشر على الجماهير.
وللإعلام دور خطير كذلك في تشكيل وجدان المواطنين و في إعطاء الأخبار أهميتها أو تهميشها أو تمييع أهدافها، وإذا كان الكل قد نادى و منذ فجر الاستقلال بحذف الرقابة الرسمية على وسائل الإعلام فإن على رجل الإعلام أن يوظف الرقابة الذاتية لكي لا يزرع البلبلة داخل المجتمع أو يؤثر سلبا على القضاء: فالإعلام بإمكانه أن يكون حاجزا ضد إقبار بعض الملفات وهنا يلعب الإعلام دورا إيجابيا في تعزيز المساءلة والمحاسبة إلا أن الإعلام بإمكانه أن يؤثر و يوجه القضاء بعناوين ومضامين مقالات أو تصريحات أو صور تعبر عن انفعال أو هوى أو شهوة الرأي العام، كما أن وسائل الإعلام تكون أحيانا وسيلة في يد السلطة السياسية أو الاقتصادية تستعملها للتأثيرعلى القضاء لمعاقبة اعدائها و التستر على أصدقائها، ولا يقتصر الأمر هنا على ما يعرف بالإعلام الحر أو الحزبي أو الاقتصادي بل يشمل كذلك وسائل الإعلام الرسمية.
فالإعلام على عكس ما كان عليه بالأمس أصبح اليوم "كالغذاء فيه الملوث الذي يسمم الأفكار ويلوث الدماغ" ويتلاعب بنا ويفسدنا ويحاول أن يزرع في "لا وعينا" أفكارا ليست بأفكارنا. ولن أدخل في جزئيات ضرورة تنقية البيئة الإعلامية من أجل تنظيفها و إزالة الأوساخ العالقة بها ولكنني أقتصر على مطالبة القاضي أن يكون شديد الحذر حتى لا يصبح لعبة في يد الرأي العام و في يد بعض وسائل الإعلام أو في يد السلطة السياسية أو في يد سلطة المال "يرقصونه" متى شاءوا و يملون عليه الأحكام بطريقة غير مباشرة، لأنهم متسرعين عادة في تعيين "أعداء الأمة" وفي إدانتهم حيث لا يبقى للقاضي إلا تضمين الرأي العام في الأحكام، فبإمكان وسائل الإعلام أن تجعل من القاضي بطلا لبضعة أسابيع أو لبضعة شهور وتدفعه إلى ارتكاب الخطأ القضائي. والمعروف أن هم بعض الصحفيين وبغض النظر عن الخلفيات السيئة للغاية إذ يقتصر دائما على السبق في نشر الخبر، ومرارا تنشر أخبار لم يتم تعميق البحث بشأنها و يبقى المواطن فريسة للمولوعين بالفضائح وينسى الجميع بأن البراءة هي الأصل وتستمر الضغوطات من قبل الجميع إلى أن يتم الاعتقال ثم ربما الإدانة؟، والأمثلة كثيرة و متنوعة لأشخاص عانوا من القضاء المغربي سواء على مستوى الضابطة القضائية أو على مستوى النيابة العامة أو على مستوى التحقيق أو على مستوى الحكم. و قد اعتقل الكثير منهم بإيعاز من الرأي العام أو بإيعاز من السلطة السياسية عبر وسائل الإعلام و قضوا شهورا بالسجون على ذمة التحقيق ليتم فيما بعد الإعلان عن عدم متابعتهم و إطلاق سراحهم. كما قضى الكثير منهم شهورا و أعوام بالسجون لتتم إدانتهم في الدرجة الأولى نظرا لضغط وسائل الإعلام، و كان ولابد من انتظار درجة ثانية من التقاضي حيث لم يعد الرأي العام ووسائل الإعلام تهتم بالقضية لأنهما منهمكين في "فضائح" أخرى ليتم التقصي من جديد، و بنوع من الهدوء، ويتم ربما إنصاف من رمي ظلما في السجون و شوهت سمعته و سمعة أسرته وعائلته، و ما ينتج عن هذا التشويه من عواقب على نفسيته و على سمعته وسمعة أسرته وعلى عمله.
و الغريب في الأمر أن وسائل الإعلام التي أدانته مسبقا لا تبقى مواكبة لملف "الفضيحة" والضجة التى أثارتها حين عدم المتابعة و إطلاق سراح المعني بالأمر أو حين الحكم ببرائته أو إلغاء الحكم بإدانته و حينما تهتم فإنها تقتصر على مجرد خبر ينشر في أسفل صفحة لا تقرأ وبحروف صغيرة لا تثير الانتباه.
فعلى القاضي إذن أن يكون حذرا من بعض وسائل الإعلام التي تتخصص في إطلاق النار على كل من يتحرك امامها وان يقتصر حين يخلو للمداولة على عناصر الملف و على ما راج امامه في الجلسة و ألا يكترث برأي الجمهور وبانتقادات الآخرين ليعبر من تم على أنه فعلا قاض مستقل عن ضغوطات الرأي العام ووسائل الاعلام.
و يمكن القول بأن المشرع واع بخطورة التأثير على القضاة، بحيث أنه نص في الفصل 266 من مجموعة القانون الجنائي على معاقبة الأقوال والأفعال أو الكتابات العلنية التي يقصد منها التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور الحكم غير القابل للطعن في قضية ما. إلا أن الأبحاث التي أجريناها لم تسمح لنا بالحصول على اجتهادات في هذا المضمار.
ويمكن القول بأن تأثير الرأي العام ووسائل الإعلام يكون له وقع سلبي كذلك على مهنة الدفاع، ودور الدفاع إذ تتم المحاكمة في جو من الضغوط النفسية إذا كان القاضي منحازا إلى ما تورده وسائل الإعلام، ويمكن القول بأن المحامي يفطن منذ أول جلسة لتأثير أو عدم تأثير الرأي العام ووسائل الإعلام على القاضي مما يجعل المحاكمة تمر في جو هادئ، أو في جو من التوثر، الشيء الذي لا يسمح للدفاع بالقيام بمهامه بحرية واستقلال.
واستقلال القاضي عن الرأي العام ووسائل الإعلام واقتصاره على الأدلة و المناقشة التي تمت أمامه من الشروط الضرورية للمحاكمة العادلة، ومن الشروط الضرورية كذلك للدفاع للقيام بمهامه دون ضغط الشارع لأن المحامي المدافع عن الشخص الذي أشارت إليه الأصابع عادة ما ينظر إليه كالشريك، ومن تم تكون مهمته صعبة للغاية، إلا إذا وجد نفسه أمام قضاء مستقل يكفل لموكله جميع حقوق الدفاع.



#خالد_خالص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القانون والقضاء
- استقلال القضاء عن سلطة المال
- محطات تاريخية لاستقلال القضاء
- استقلال القضاء وانعكاسه على مهنة المحاماة
- مدخل لدراسة اعراف وتقاليد مهنة المحاماة
- انعكاس استقلال القضاء على دور المحامي وعلى مهنة المحاماة
- المرأة و المحاماة
- المحاكم الالكترونية
- الطفل ذي الأمّين و الرجل الحامل و البقية تأتي
- المحامي ما فائدته ؟ - السر المهني للمحامي
- نحن معشر القضاة
- السر المهني للطبيب
- III-المحامي ما فائدته؟ دفاعا عن مهنة المحاماة
- الاجراءات المتبعة في دعوى التعويض الادارية
- قاضي الاستقبال
- الولوج الى مهنة المحاماة و التمرين
- مشروع قانون تنظم بموجبه مهنة المحاماة
- المحامي ما فائدته؟ دفاعا عن مهنة المحاماة
- المحامي ما فائدته


المزيد.....




- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خالد خالص - استقلال القضاء عن الرأي العام وعن وسائل الاعلام