الطفل ذي الأمّين و الرجل الحامل و البقية تأتي

خالد خالص

الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 09:25
المحور: حقوق الانسان
    

من المعلوم ان رجل القانون مدعو دائما و ابدا للتدخل في جميع مجالات الحياة و بمناسبة جميع الاحداث سواء اكان الحدث سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا او ادبيا او علميا او تكنلوجيا او رياضيا ا و فنيا ا و حتى دينيا (1).
و يتوصل العلم و التكنلوجية بالفعل من حين لآخر لاكتشافات تترك رجل القانون مذهولا.
و قرأت في جريدة العلم ليوم الاربعاء 15 دجنبر 2004 مقالا غريبا لايهاب سلطان(2) بعنوان "رجل حامل" يثير الرعب في مصر مع صورة للرجل الحامل منقولة عن مجلة التايم الامريكية و عنوان The pregnant Mr.lee" - Man (?) of the year"" "الحامل السيد لي – رجل (؟) السنة". و يتعلق الامر بتجربة علمية على شخص يدعى لي منغوي و هو امريكي الجنسية (الطيواني الاصل ) و اول رجل يحمل بجنين. و لن ادخل في مناقشة هذه التجربة من الناحية العلمية لعدم اختصاصي اولا و لان المقال شرح ذلك باسهاب ثانيا و لن اتطرق للموضوع من الناحية الاخلاقية و الدينية ثالثا ما دامت هناك دراسة (3 ) حذرت من "تسرب السلوكيات الشاذة من الدول التي افرطت في تقديس الحريات الفردية الى المجتمع المصري تحت لواء الحرية الفردية و المساواة بغية التستر لارضاء نزوات مرضية لقلة ضئيلة من الشواذ و المحولين جنسيا". و لكني اتسائل كرجل قانون عن الجوانب القانونية التي يثيرها او سيثيرها الحدث و لو في مجتمع غير اسلامي.
وذكرني الخبر بموضوع تطرقت اليه سنة 1985 و حررت بشانه مقالا عنونته ب " الطفل ذو الأمّين" "L enfant à deux mères" إشارة إلى الأم البيولوجية من جهة وإلى الأم الحامل من جهة أخرى وذالك علاقة بنجاح أول عملية نقل الجنين ( المضغة ) من رحم امرأة إلى رحم امرأة أخرى. واقتصرت في دراستي على سرد بعض المشاكل القانونية التي طرحها الاكتشاف العلمي - و تبادرت إلى ذهني وقتها- كنوع العلاقة القانونية بين المرأتين وهل يتعلق الامر بعقد واذا ما سلمنا بهذا فما هي الطبيعة القانونية وما هي مواصفات هذا العقد الذي يربط بين الطرفين و كذا شروطه و آثاره. ثم ما هو التكييف القانوني لهذا العقد ؟ و تساءلت وقتها هل هو عقد ايجار بمعنى الفصل 627 وما بعده من قانون الالتزامات و العقود ؟ ام هو عقد شغل بمعنى الفصل 723 و ما بعده ؟ ام هو عقد وديعة بمعنى الفصل 781 و ما يليه من نفس القانون؟. و خلصت الى القول بان لا احد من هذه التكييفات يمكن ان يتطابق تماما مع هذه العملية التي ابرزت لنا ربما نوعا جديدا من العقود. و من ضمن تساؤلاتي وقتها ايضا معرفة هل يمكن السماح و اباحة هذا النوع من العقود من الناحية الاخلاقية و الدينية و القانونية. ثم انتقلت الى التساؤلات التي من الممكن ان تطرح بعد الولادة و بالجانب الذي يتعلق بالمتعاقدين و بتنفيذ او بعدم تنفيذ العقد...و ما هي الوضعية القانونية للطفل ؟ و ما هي الاشكالات التي ستطرح بخصوص النسب و الميراث الخ ؟. و خلصت الى القول بان رجال علم الطب قد زودوا رجل القانون بموضوع يمكن ان يكون محل اطروحة دولة شريطة ايجاد مدير دراسات له ما يكفي من الشجاعة الفكرية لتاطيرها.
ولم تؤخذ دراستي موقع الجد وقتها وكانت مجلة "لا " ،" "Lamalif هي المجلة الوحيدة التي نشرت لي بعض مقتطفات تلك الدراسة (4) التي أثارت رد فعل واحد من قبل أحد قرائها تلخص و على الطريقة المغربية في رفض مناقشة الموضوع نظرا لأن العملية " حرام" من الناحية الدينية حسب رأيه.
وحوالى عشرون سنة بعد نشر التساؤلات التي طرحت للمناقشة لازلنا نشاهد اليوم في بعض القنوات التلفزية الاجنبية مناقشات قانونية حول نفس الموضوع و حول اكتشافات طبية اخرى كطفل الانبوب و حمل من بلغت سن اليأس و غدا حول الرجل الحامل و بعد غد لا ادري حول ماذا و هو ما يجعل مادة القانون مادة حية و شيقة في كل وقت و حين و بمناسبة أي حدث.
______________________________________
1) " ليس ثمة حدث سياسي او اقتصادي او اجتماعي او ادبي او علمي او حتى ديني لا يكون له حكم و صدى في قاعة المحاكم"، اندري جينس : " الحقيقة وحدها تجرح"، خالد خالص، "المحامي ما فائدته ؟ دفاعا عن مهنة المحاماة"، مجلة المحاكم المغربية، العدد 95، يوليوز و غشت 2002، ص. 79 او مجلة القصر العدد 4، يناير 2003، ص. 11.
2) جريدة العلم عدد 19929 ليوم 15 دجنبر 2004 ، ص.8
3) الدكتور محمود مهران، كلية الشريعة و القانون، جامعة اسيوط.
4) مجلة "لا"، "Lamalif" العدد 169، شتنبر 1985، الصفحة 2.

#خالد_خالص (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل