أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم تنحيرت - الحرية السياسية و الحرية الجنسية: الشباب و أزمة الحب















المزيد.....

الحرية السياسية و الحرية الجنسية: الشباب و أزمة الحب


حاتم تنحيرت

الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 00:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بالنسبة للبعض يعني الحب الزواج فيما يعني لآخرين الجنس أو مرادف عند غيرهم الإبتدال الأخلاقي و الإسفاف في الطرح ، فازمة التشغيل بين الشباب يقال دائما أنها أس المشكلات جميعا، ولكن لنضف اليها أيضا أحد مرادفاتها و هي الأزمة الجنسية لدى الشباب اليوم ، و عادة ما يأخذ الموضوع الأول بجدية فيما تضفى معاني التقزز و القذارة المرافق لموضوع الجنس، إذ يفضل الكثير من الناس تحرير أسئلته المكبوتة في التجمعات الحميمية للأصدقاء أو رميه في مقبرة اللاشعور. لكن كيف يفهم الحب عادة بالنسبة للشباب، سنحاول هنا الإجابة عن السؤال التالي :
أيهما يسبق الأخر و يفسره التحرر السياسي يولد تحرر في العلاقات الإنسانية الجنسية أم أن التحرر
السياسي و تجاوز أشكال القمع سابق و يمثل أصل الأزمة المجتمعية ؟
عندما ينظر إلى الجنس كممارسة لا تملك غير مخرج واحد فان ذلك المخرج لن يكون غير الزواج ،
باعتباره القناة الشرعية اجتماعيا لولوج الجنس دون قلق أو رهاب و أيحيانا "ارهاب" اجتماعي ،
فصون النفس عن الجنس يكافئ بالزواج كمؤسسة اجتماعية تعيد تكييف الجنس مع متطلبات المجتمع ليتحول إلى وسيلة للتناسل بالأساس، أما اللذة فتأخذ مكانا هامشيا و مكتوما عن البوح باسراره الغير لائقة بالرجل الفاضل ناهيك عن المرأة الفاضلة . كما يرفض هذا التصور غالبا فكرة تنظيم النسل مادام الأبناء أحد أغراض الزواج و مراميه ، و تتقاطع مع هذه المسألة أيضا ضرورات تعويض غياب الدولة في تقديم ضمانات الحياة و حياة التقاعد أو المرض ...فتعاد النظرة للأبناء كضمانة و استثمار للوالدين و ادخار من أجل الأيام العجاف . أما مشاكل الجنس بين الزوجين فلتلك مشكلة أخرى .ماذا عن الشباب الذي لم يجد طريقا إلى "الجنس المشروع " لتخفيف حدة الفوران الجنسي المكبوت – و الذي عادة ما يعاد استرجاعه في الفضاءات العامة من خلال التحرش الجنسي أو إقصاء المرأة و تقنين لباسها كحل يحول دون إمكانية إثارة الرغبة الذكورية التي لم تجد سبيلا للتفريغ "الآمن"(1) في قراءة مغايرة ينظر للحرية الجنسية كشرط للتحرر السياسي ، فالثورة الجنسية مركز الثورة السياسية و مكبوتها المخفي حسب أطروحة عالم النفس "وليام رايخ" الشهيرة عن الجنس و التحرر ، و ربما يقال إن الحرية السياسية هي جوهر كل تحرر و أقنومه الأوحد الذي ينتج عنه و يتبعه و ينبثق عنه تحرر العلاقات الجنسية، و تثوير نمط العلاقات الإنسانية و تحريرها من عقال الكبت و ما يولده من أزمات نفسية و ثقافية و سياسية بالمحصلة . إن التسلسل التاريخي لعلاقة السياسي بالجنسي يخبر بأسبقية الأول على الثاني ، فالإنعتاق من ربقة الاستبداد أساس كل انعتاق آخر لا يكون إلا تاليا له و نتيجة من نتائجه . هناك من ساند الثورة السياسية لكن أيضا من المفكرين من أضاف دور الثورة الفكرية و إصلاح نمط التفكير كشرط للنوير يكون بدونه أقرب للعبث إذ " لا يمكن لجمهور أن يبلغ التنوير إلا بتأن. فالثورة قد تطيح بالاستبداد الشخصي والاضطهاد المتعطش للمصلحة المادية أو السلطة، ولكن لا يمكن أن تؤدي أبدا إلى إصلاح حقيقي لنمط التفكير " كما يصرح "امانويل كانط" في مقالته الصغيرة الحجم العظيمة المغزى(2) ، أما خطاطة الحرية التي يقترحها وليام رايخ فهي حرية جنسية في جوهرها، حيث يتم تحرير طاقة الحياة في الإنسان ليصير كائنا حرا لا يعاني من أعطاب سيكولوجية تنتج شخصية مأزومة و معرضة للإنقياد السايسي و الإيديولوجي المتطرف ف "الظروف الإقتصادية الصعبة تؤدي الى ظهور أخلاق جنسية متشددة و محافظة " كما نحصل أيضا على أشكال من التدين التعويضي انه " الترابط الذي أقامه رايخ انطلاقا من تجربته الإكلنيكية ، بين الزهد )في الحياة ( و التصوف من جهة اضطراب التجربة الجنسية من جهة أخرى . وهذا ما قاده الى اعتبار النزعة التصوفية حنينا و تطلعا لاشعوريا إلى لحظة الذروة الجنسية ، فكلما اضطربت التجربة الجنسية ، تم البحث عن الإتحاد بالله ، بمعنى أن الاتحاد الروحي بديل عن الاتحاد الجسدي الفاشل أو الغائب " . و يمكن مساءلة هذه البراهين من عدة أوجه ، أولها أننا إن سلمنا جدلا بأن اضطراب التجربة الجنسية يعبر عن نفسه في النزعة التصوفية الزهدية فإن ذلك يبقي سؤالا في الظل : هل يمكن اسقاط ذلك على النزعة العنفية المتطرفة المؤسسة على الدين و الحال أنها ليست نزعة نكوص بقدر ما هي نزعة تدمير و ليست قائمة على فكرة الإنسحاب من العالم بقدر ما تتأسس على العمل على "قهر العالم" و ارغامه على التغير و التحول الى مثال الخير الايديولوجي و استعمال العنف من اجل ذلك و في اقصى حالاته تحويل الذات الى قربان و فداء و اضحية دموية؟ -في فيديو لإنتحاري مفترض على اليوتيوب يتحدث عن أن الإسلام لن يقوم الا على الأشلاء–(3) و في الكلام ما فيه من دلالة .
في ربوع العالم الثالث شباب يدبرون حياة البطالة و الحرمانات و ماكينات القمع في السلط المتعددة. إلا أن الأزمة الجنسية هي أزمة -من بين جميع الأزمات- هي الأكثر سرية و كبتا و خفاء ، بل و تواجه بالتشنيع و عبارات الإدانة لمن يحاول افتضاض حرمة الموضوع . غير أن هناك أيضا شباب "زهدي" يعيش أزمته في صمت و يجرب كل يوم أشكال التسامي عن الجنسي التي يتيحها عالمه اليومي ، و تبدو فكره ربط الأزمة الجنسية للشباب بتوجهه نحو تدين مزيف و تعويضي مغرية و تستحق الاهتمام، و إن كانت تجر تهم تبدأ و لا تنتهي ، فالتأمل العميق للمسألة يوضح طيات و ظلال غير واضحة تبرهن على أن الديني يإمكانه أن يتحول إلى ضده و لو بنية طيبة .
إن الحب في زمن الإستهلاك الرأسمالي المعمم ، و إن كنا نعيشه من ثقب باب العالم الثالث و نطل منه على ملذات العالم المضيء في "كاليفورنيا " ، فان الشباب اليوم يصارعون هذه الحياة الجديدة التي لا تراجع فيها إلى الوراء . و نموذجية المال اليوم تجعل من الحب مشروعا ماليا يجعل الأنثى سلعة استهلاكية . و لا أمل للمنهكين من الشباب سوى النكوص إلى عالم تعويضي تارة و عنفي متطرف تارة ثانية أو زهدي غير سوي تارة أخرى أو محاولة تضييع الإحساس بمبدأ الواقع الذي "يرتبط دوما بالفقدان المرضي للإحساس بمبدأ الواقع، الذي يتقابل مع ما سماه "فرويد": مبدأ اللذة، الذي يتيح استبدال قساوة و إكراهات الواقع، بلذة التنعم بتحقيق رغباتنا المكبوتة عبر متنفسات الحلم أو الفن أو حتى الجنون. لذلك يبدو الوعي بالواقع – من هذه الزاوية - وعيا موزعا بين الوعي به كمعطى والوعي به كحلم وكرغبة. وقد أكد " سيغموند فرويد"، أن تشكل (الأنا-الواقع) le moi-realité، يقود الذات إلى إدراك هشاشة اللذة واستحالة اكتمال تحققها، بفعل إكراهات الواقع الذي يقاوم رغبات الذات وتوقها المستمر إلى المتعة، فتجد الذات نفسها بالتالي مجبرة على إعادة ترتيب علاقتها بالواقع من منطلق سياديته القاهرة التي لا تتيح للكائن بلوغ السعادة عبر المتعة واللذ (4).أنه احباط تحاه الواقع فالممارسات الجنسية للشباب اليوم تستدعي التأمل من عدة أوجه ، ذلك أنها مأزومة و تعاني أعطابا توضح كثافتها و تشعب العوامل المتدخلة في تغذيتها و صنعها ، بين الديني و الثقافي و التقليدي و الحداثي ..فالمثال الرأسمالي اليوم يقد اللذة كهدف للحياة بمنظور استهلاكي صرف ، لا مكان فيه للحب كحالة فيزيولوجية و نفسية و ثقافية و رمزية ... تتفق فيها الأطراف المتحابة على عالم و حياة مشتركة قد تكون دائمة أو مؤقتة، و تلتزم بتلك الحياة بإرادتها الحرة دونما اكراه للرغبة الملحة أو لتغذية هوامات المجتمع حول الحالة المثالية للحب ، غير أن الجنس ينتظر التصريف بأي شكل ، لهذا يظهر حال " تدبير الأزمة " إن صح التعبير ، حيث يتم محاصرة الفوران الجنسي بممارسات معطوبة غير صحية أو غير طبيعية في حالات عديدة - أليس هذا ما تعنيه ممارسات الوعد بالزواج مقابل الحصول على الجنس من طرف الذكر و منح لذة محسوبة أو كاملة مقابل الزواج من الأنثى ؟ إن العطب الجنسي عطب لمفهومنا للحب و الذي يتراوح بين المعنى الجنسي المبتدل و البراغماتي أو المعنى الزواجي كمخرج لأزمة الشباب الجنسية ، أو المخرج الزهدي النكوصي الذي يتراوح بين الانسحاب من العالم أو الصدام معه كتدبير لحالة الأزمة تلك و الرابضة في خلفية تمثلات الشباب عن الحب .
أيهما يسبق الأخر الثورة الجنسية أم التحرر السياسي ؟ في إجابتنا على هذا السؤال يجب أن نلاحظ أولا انه من المثير للاهتمام وجود الاستبداد السياسي إلى جانب الأزمة الجنسية عند المراهقين و الشباب، مضافا أليها عجز عن "التحرر من بداهة التراث" – و التعبير الأخير لعبد الله العروي – و مساءلة الماضي. إن أزمة الحب عند الشباب ليست أزمة مزيفة أو تعبير مبتذل عن حاجات ثانوية تغفل عن الخبر و تتجاوزه إلى مطالب كمالية ، بل هي أزمة من صميم حياة الشباب و ما حركات الاحتجاج ذات البعد الشبابي المشار إليها بالربيع الديمقراطي ، إلا تعبير عن فوران تمكن الشباب من دفعه – وليس بالضرورة أن يتمكن الشباب في التحكم في مساراته و غاياته و تحولاته أو حتى نكساته – لكن الشباب هو أيضا وقودا للنزاعات و خزان النزعات العنفية الراديكالية – إذ أن اغلب الانتحاريين شباب يقدمون أجسادهم أضحية و قربان لاعتقادات وثوقية راسخة و هو كذلك الغيظ المكظوم بفعل خيبات الأمل ، يمكن أن نقول أن أزمة الحب و تمثلاثه تشكل بالنسبة للشباب نقطة تلاقي جميع الأزمات الأخرى اقتصادية كانت أم سياسية و تغذي من جديد جدلية الحرية السياسية و حرية العلاقات الجنسية .
ان فهما جيد لفكرة الحب يشترط أن نتجاوز لعبة الجنس/الزواج /الزهد التعويضي .
إن تحرير الجسد لا يمكن تصوره بمعزل عن تحرير الإنسان و تنوير عقله واصلاح فكرته عن نفسه و عن الحياة و العالم، لكن أيضا بالتوازي مع التحرر التدريجي من ربقة الإستبداد السياسي كذلك، و ربما ظهر مع الوقت أن الحرية كل لا يمكن ان تجزء و مجازفة غير قابلة لمنطق الإنتقاء.

1-عبد الصمد الديالمي ، المدينة الاسلامية والاصولية و الارهاب – مقاربة جنسية، دار الساقي ط1-2008 ،ص: 81
-2امانويل كانط ، إجابة عن السؤال: ماهو التنوير؟ترجمة اسماعيل المصدق ، مجلة فكر و نقد عن الرابط الإلكتروني http://www.aljabriabed.net/n04_13mousadak_tanwir.htm
- (3) رابط الفيديو : http://www.youtube.com/watch?v=W0PlGGzVtFQ
4-اراق سعيد، ميثولوجيا الواقع ، ، مجلة فكر و نقد ، العدد 72اكتوبر 2005



#حاتم_تنحيرت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزاء التحليل النفسي
- الحداثة كفصل للعوالم


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حاتم تنحيرت - الحرية السياسية و الحرية الجنسية: الشباب و أزمة الحب