أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قرقوري - وهم الحضارة














المزيد.....

وهم الحضارة


محمد قرقوري

الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 00:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عرف المجتمع البشري منذ الأزل طفرات متلاحقة اقترنت بتطوّر موجة الوعي الإنساني عبر العصور فمن حياة بدائية قوامها الإنعزال و الكفاح لكسب رهان البقاء إلى مؤسسات مجتمعيّة نظّمت علاقة الإنسان ببني جنسه و محيطه و مهّدت لقيام ما يسمّى بالحضارة التي مثّلت قمة الرقي الإنساني و تفرّده عن سائر عناصر الطبيعة بيد أن حركة التاريخ بما هي جملة التفاعلات البشرية مع الزمان و المكان و إن تميّزت بالزخم الهائل للحضارات البشرية المتعاقبة فهي تفترض من منطلق جدلي نظرة أخرى لمفهوم الحضارة ليست كتجسيد للتفوق الإنساني بل كانهيار للمنظومة المعرفية و قمة العجز البشري أمام قوانين الطبيعة . مثلت الحاجة لتنظيمات اجتماعية ضرورة ملحّة للإنسان فهو المدني بطبعه كما يرى ابن خلدون بحاجة لقطيعة مع عصور الإدراك الحسي فرضها تطور الوعي و المعرفة البشرية
و لئن اختلفت التنظيمات الإجتماعية التي نادى بها المنظّرون و تنوعت على مر الأزمان فإن الرابط المشترك بينها جميعا هو وحدة صراع المتناقضات في جوهرها في إطار جدلي مصلحيّ أفضت إلى التطور التاريخي للبشرية عبر ظهور وانقراض الطبقات
خلقت هذه الدييناميكية في حركة التاريخ أشكالا من الوجود البشري الواعي سميّت بالحضارات و عدّ وجودها من المسلّمات الأخلاقية لضمان استمرار الجنس البشري و تحقيق السطوة على قوانين الطبيعة و بغضّ النظر عن وجاهة هذه الغاية فإن هذا الوجود لا يعدو أن يكون سوى مهددا بالتقويض بسبب التباس المفاهيم و تغلغل المغالطات في منظومة القيم فالحضارة ليست سوى وهم بشري كبير و مطيّة لشرعنة شهوات الإنسان و نزعته التسلطية و جنوحه للسيطرة و الهياكل المجتمعيّة البشرية جميعها تحمل بذور فناءها لصالح هياكل هي المنتصرة في حلبة الصراع الإجتماعي و سرعان ما ستفنى هي الأخرى و تبقى البشرية رهان صراع أزلي بين الطبقات يحدّد ماهيّة البنى الفوقية لأي مجتمع فهل حمل مفهوم الحضارة غير البؤس للبشرية ؟ و هل نظّر سوى لتجسيد مدلول السيطرة و التحكم في وسائل الإنتاج و الرفاه ؟ ما بال الذين يعدّونه انتصارا ساحقا للبشرية إذن ؟ إن الوهم الذي تعيشه الإنسانية منذ اعلان القطيعة مع عصور الإدراك الحسي مسيطر على نزعة التفكير البشري فما يعدّ انهيارا لأسلوب الحياة البدائي ليس في الواقع سوى امتدادا للسجيّة الطبيعية للإنسان و إطارا لشرعنة و تنزيل الغرائز الحيوانية في إطار بشري حداثي بلغ ذروته مع ظهور العولمة كسبيل لتوحيد الحضارة البشرية و فرض الرأسمالية كأسلوب حياة اقتصادية عالمي وهي التي تجسّد الجشع و يمكن تناولها كقوة من قوى الطبيعة في حد ذاتها
إن الحضارة لا تعدو أن تكون محض مرحلة انتقالية فرضها عدم اكتمال نضج الوعي البشري و سرعان ما ستنهار مؤسسات القمع الإجتماعي لصالح وجود كلي مطلق انتفت فيه الحاجة المادية للصراع



#محمد_قرقوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العجز العربي
- قراءة في المنظومة الأخلاقية العربية
- خطأ إستراتيجي في الثقافة العربية
- نظريّة المؤامرة
- القمة العربية لنصرة شعبنا في سوريا
- أي معنى لسباق التسلح العربي ؟


المزيد.....




- شواطئ وأبراج فاخرة وآلاف الغرف في كوريا الشمالية.. كيم جونغ ...
- لوحات تُعرض لأول مرة في قصر باكنغهام.. أعمال فنية من جولات ا ...
- بعد يوم من تهديدات ترامب.. وزير خارجية روسيا يلتقي الرئيس ال ...
- انخفاضٌ في معدلات التلقيح بأوروبا وآسيا الوسطى يضع صحة ملايي ...
- الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات على إسرائيل.. هل يفعلها؟
- المدرب البرتغالي جورجي جيزوس يخلف الإيطالي ستيفانو بيولي كمد ...
- هجمات بمسيرات تستهدف مطار أربيل وحقل خورمالا النفطي بالعراق ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تكساس إلى 131 قتيلا
- توم باراك.. -مندوب سام- أميركي لسوريا ولبنان
- اجتماع -مجموعة لاهاي- بكولومبيا صرخة وسط الصمت عن جرائم إسرا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قرقوري - وهم الحضارة