أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد متوكيل - الثابت والمتغير في الدرس الفلسفي -نظرة تربوية ديداكتية-















المزيد.....

الثابت والمتغير في الدرس الفلسفي -نظرة تربوية ديداكتية-


محمد متوكيل

الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الثابت والمتغير في الدرس الفلسفي.
-نظرة تربوية ديداكتيكية-(1)

مما لاشك فيه أن الدرس الفلسفي بما هو إطار نظري وزمكاني، ليس وليد عصر المؤسسات التعليمية والأطر المرجعية والمذكرات التوجيهية والتعليمات التقنوية، وإنما نجد له جذور عميقة تمتد في التاريخ، منذ أن كان الشأن الفلسفي شأنا خاصا - خاص المنطلق عام الغاية-، وبعد أن سار شأنا جماعيا - مشترك الانطلاق وعام الغاية-، ترى كيف تجسد هذا الدرس، المرغوب المرفوض، على مستوى البنية والغاية؟
في إطار رصدنا لتجليات الثابت والمتغير في بنية الدرس الفلسفي عبر تاريخ الفلسفة، تربويا وديداكتيكيا، سنجعل منطلقنا من الحركة السفسطائية " و ذلك لكونهم "اعتبروا بحق أباء مهنة التدريس " ( )، حيث كانت بنية الدرس مع هذه الحركة السفسطائية تتمثل في ثلاثة عناصر أساسية و هي: الهدف العام، و الذي يتجسد في إعداد المتعلم لمواجهة الحياة عامة، و الحياة السياسية على وجه الخصوص. و الهدف الخاص، الذي تمثل في تعليم الناشئة فن الخطابة. والوسائل الديداكتيكية كانت تتجسد في تقديم معارف عن طريق الإلقاء و المحاضرة، "لقد عمدوا إلى نشر المعلومات عن طريق إلقاء الخطب و المحاضرات... و قد هدف السفسطائيون من جراء تدريسهم تعليم الناشئة فن الخطابة لأجل إعدادهم للحياة السياسية العملية بشكل خاص، و لمتطلبات الحياة العملية و المعقدة بشكل عام " ( ).
أما النموذج الثاني فهو "سقراط"، الذي سيركز على أساسين يمكن تسميتهما، بالأساس التربوي، و الأساس الديداكتيكي. فالأول: يتمثل في وضوح المعاني و سداد السلوك و استقامة الخلق، وذلك لكون "سقراط" يعتقد بأن وضوح المعاني يمكن من سداد السلوك، بين إذن أن الهدف التربوي الذي اشتغل عليه "سقراط" أخلاقي بامتياز، و بلغة البيداغوجية الحديثة كفاية قيمية. أما الأساس الثاني: فيتمثل في اعتماد سقراط على منهج أشهر ما اشتهر به وهو"منهج التهكم والتوليد"، هذا المنهج الذي يرتكز على مجموعة من الخطوات من بينها: الشك، هذه الآلية التي يعتمدها "سقراط" لإحراج محاوريه، حتى يقف على ضعف وعوز ما يعتقدون، بعد أن كانوا يعتقدون امتلاك معرفة يقينية بكل الأمور، ثم يلجأ "المُولُد" إلى عملية التوليد، و التي مفادها أن سقراط يدفع محاوريه إلى إنتاج معارفه بذاته، و التحقق مما كان يعتقد أنه واضح و صحيح، بدون أن يقوم سقراط منذ البداية بدحض أو تأكيد ما يعتقده محاوريه، فالمُحاور هو الذي يكتشف بنفسه مدى صحة و صدق ما يدعيه من عدمه. إنها بحق طريقة للتعلم الذاتي، هذه العملية التي تتم مع سقراط إما بشكل استنباطي أو استقرائي، أي إما بالانتقال مما يعتقده المحاور و التدرج في التحليل و المناقشة لإثبات مدى صحة أو بطلان ذلك الإدعاء، أو بالانتقال مما هو خاص إلى ما هو عام أي من أمثلة جزئية واقعية واضحة يومية في اتجاه ما هو مجرد و عام، و لعل هذا ما نجد معناه في القول التالي"كان سقراط في مناقشته لتلامذته كثيرا ما يبدأ بالأمثلة الجزئية التي تقع لهم في حياتهم اليومية، تم يدعهم – خطوة خطوة- حتى يستخلصون الفكرة العامة المجردة ( ).
ومتابعة لهذا المسار نقف اللحظة مع بناء الدرس الأرسطي. و يمكن أن نلخص ثوابت بنية الدرس الفلسفي حسب أرسطوا فيما يلي:
كان يتركز بالأساس حول "تعليم النسق الأرسطي باعتباره النسق الحق، و كان "أرسطو" يتبع مجموعة من الخطوات التي تشكل إستراتيجية بناء درسه و من بينها: تحديد مجموعة من المفاهيم المستعملة، باعتبارها مفاتيح لتتبع عرضه و تحليله، كما كان ينتقل من التعارف الأكثر عمومية إلى التخصيص و التدقيق و ذلك عن طريق التدرج المنطقي. إضافة إلى أنه كان يلجأ إلى الجدل كتقنية يتم من خلالها تحويل المعرفة العامية إلى معرفة برهانية " ( )، ويعتبر هذا التقديم إذا ما أردنا أن نعبر بلغة حديثة، فنقول الجانب الديداكتيكي للدرس.
إضافة إلى ذلك كان النسق الأرسطي يعتبر المادة المعرفية التي يتم تلقينها و تعليمها، فلم يعد الأمر مفتوحا أمام القضايا المجتمعية، أو التي يرغب فيها المتعلم، بقدر ما أصبحت المحتويات محددة، و المتعلم أصبح مُسيّجٌ داخل النسق الأرسطي، و يمكننا أن نقول – إذا جاز لنا ذلك- أن المعرفة الفلسفية أصبحت تتخذ طابعها المؤسساتي، فلم تعد أمراٌ شخصيا كما كان مع "سقراط". طبعا مع هذا التحول الذي حدث للمعرفة الفلسفية على مستوى الممارسة لابد ستكون له تبعات. نترك الحديث و التفصيل في هذه النقطة للصفحات الآتية، حيث سنتناول آثار هذا التحول من جهة ديداكتيكي بالخصوص. أما بخصوص ما يقدم يمكننا أن نجمله في القول التالي" لقد تحولت الفلسفة مع "أرسطو" إلى نسق معرفي شامل و متكامل... لقد أصبحت الفلسفة نسقا معرفيا جاهزا، و أصبح تعليم الفلسفة تلقينا لهذا النسق... لقد انسحب الحوار السقراطي و الأفلاطوني التعليمي لكي يسود الدرس الإلقائي الأكاديمي الشارح و المفسر، و غالبا ما أخذ الدرس شكل رسالة أو مصنف أو كتاب مُبوّب أو موسوعة فلسفية "( ).
يتبين من خلال هذه النماذج الثلاث كيف أن الدرس الفلسفي يتمايل بين تعليم و تعلم، حيث ساد مع السفسطائيين التعليم، إذ كانت المعارف (معارف السفسطائيين) تقدم للمتعلمين لغرض أساسي و هو الانخراط في الحياة السياسية بشكل خاص و الحياة اليومية بشكل عام، و في هذا إشارة إلى أن اتجاه المعارف كان عموديا، حيث يعمل السفسطائي على تزويد متعلميه بمعارف جاهزة "منجية أو تضمن لهم النجاح" دون أن تكون لهم مبادرة لإنتاجها، و إذا ما حاولنا أن نقيم إسقاطا، فإن هذه الطريقة شبيهة بالطريقة الكلاسيكية التي تحدثنا عنها فيما سبق، حيث يكون المتعلم فيها استهلاكيا متقاعسا لا مبدعا. لكن مع سقراط سترجح كفة التعلم أو لنقل يتساوى المتعلم و المعلم، حيث ينخرطان في حوار – في بناء الدرس- يكون كل منهما مدعو للإنتاج و الإبداع، فالمعلم يقوم بالإحراج و التوليد، و المتعلم يقوم بالبحث عن السبل الكفيلة للخروج من المأزق، أو لفك لغز الوضعية، إنه فضاءٌ الاستنفار المعارف و غيرها بامتياز من المتعلم، إن الدرس أصبح تفاعليا أو قل أفقيا، الكل يساهم في البناء. لكن مع أرسطو سيتراجع الدرس في اتجاه التقلص، في اتجاه العمودية، إنه التركيز على المعارف (النسق الأرسطي) الجاهزة، حيث الكل ينبغي أن ينفعل مع ما يقدمه النسق الأرسطي، لا إبداع إلا من داخله، و لا تعليم إلى بعد ضبط المفاهيم الأرسطية، إنه اتجاه نحو المركزية، بدل التقدم نحو الانفتاح و المشاركة و التشارك في بناء الدرس، الدرس يسير في خط عمودي غايته ضبط النسق الأرسطي و لا شيء غيره.
و إذا كانت هذه هي الحالة التي كان عليها الدرس الفلسفي عند الفلاسفة - حديثنا عن الفلاسفة بمعنى كان التفلسف شأنا ذاتيا و ليس مؤسساتيا-، فما هو حال الدرس الفلسفي داخل المؤسسة ؟- المؤسسة هنا بما هي إطار مكاني وزماني و مجموعة برامج ومقررات وامتحانات... ينبغي اتباعها-. ترى كيف سيكون حال هذه المدة "الموجودة داخل وخارج المؤسسة، تحتاج إلى المدرس ومطالبة بالاستغناء عنه، لها هويتها الخاصة وتتوزع عبر حقول معرفية أخرى..."( )؟
تتمة المقال في الأيام القليلة الآتية تحت عنوان الدرس الفلسفي داخل المؤسسات التعليمية.



#محمد_متوكيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب. ...
- أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب
- وزير التجارة التركي يحسم الجدل بعد تصريحات كاتس عن عودة التج ...
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية لضحايا الحرب في القطاع
- زيلينسكي يعين رسميا قائد قواته السابق سفيرا لدى بريطانيا
- بعد تهديد بايدن.. رسالة من وزير الدفاع الإسرائيلي إلى -الأصد ...
- بوتين يرأس المراسم في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بيوم ال ...
- طلاب ليبيا يتضامنون مع نظرائهم الغربيين
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- أغاني الحرب الوطنية تخلد دحر النازي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد متوكيل - الثابت والمتغير في الدرس الفلسفي -نظرة تربوية ديداكتية-