أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد إيهُوم - التراجيديا الإنسانية: الإنسان بين هم الوجود والبحث عن الخلاص














المزيد.....

التراجيديا الإنسانية: الإنسان بين هم الوجود والبحث عن الخلاص


رشيد إيهُوم

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 19:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في لحظة من لحظات وجود الدازين قد يتساءل هذا الأخير حائرا متوجسا ومنقبضا حول حاله ومآله وأفقه وحدوده . لكن الحقيقة التي لا غبار عليها بعد الآن والتي لا تتقبلها الجمال الحاملة لأثقال ماضيها هو أن ما يسمى في أعراف البشر بالوجود، ليس سوى صدفة لعينة وجميلة في الآن نفسه. إن هذه اللحظة التي أسميها بالتراجديا الإنسانية ليست سوى ذلك الموقف الذي يؤطر هذه الكينونة المدركة والتي تنتظم وفق نظيمتين أساسيتين :
أولاهما إدراك الوجود المتعين الذي تتشارك فيه مجموع الموجودات والذي يتميز فيه الإنسان العاقل بتبؤ قمة الإدراك الوجودي، حيث أن باقي الأحياء والكائنات المتواجدة لم تستطع خلال مرحلة الصراعات التطورية أن تنتزع الحظوة التي كانت في الأخير للدازين الإنساني أو الهوموسابيانس إن استعملنا المصطلح الدارويني .
إذن والحال هذه فالدازين الذي يسمى في لغة الميتافزيقيين بالإنسان هو الذي تبوأ المكانة الأرفع ضمن هذه المعادلة وبالتالي وجب تسميته حسب مارتن هايدجر براعي الوجود.
وثانيهما هو لحظة إدراك محدودية هذا الوجود من خلال الوعي بفنائه وبانتفاء الذات في الأخير، التي تعقبها حالة الاختفاء في الكون والتي لا يمكن للذازين الحضور Ausvesenheit بعدها . وإنما يمكن إستمرار الكينونة المنتفية من خلال طريقتين حددتهما حنا آرندت في كتابها la crise de la culture :
إما في الموجودات التي كان الدازين المختفي لتوه سببا في انكشافها في الوجود أو ما يصطلح ب" الذرية" أو نظام التكاثر الإنساني وهي الطريقة الأكثر انتشارا.
أما الطريقة الثانية وهي استمرار الوجود في التجلي وذلك من خلال الخلود في التاريخ أو عن طريق الأعمال البطولية.
إن المسألة لا تتوقف عند هذا الحد لأن المرحلة التي ينكشف فيها الوجود للدازين هي المرحلة المتسمة بالقلق وهي مرحلة الوجود الأصيل ؛وخلالها يكون الدازين على وعي تام بالمعادلة الأنفة الذكر وهنا تقع الذات بين خيارين:
الخيار الأول :هو الوجود الزائف الذي ينسحب فيه الوجود تاركا الدازين لعالم الأشياء التي تؤتث حيزه الإدراكي. وتعتبر التقنية عنصرا مساعدا لذلك ، وتنسيه بذلك لحظات الإدراك الوجودي المنتهية بالموت.
أما الخيار الثاني: فهو وجود يكون فيه الدازين مواجها للحقيقة ومسلما وجهه نحو الموت مباشرة ، وهي لحظة Kopfzerbrechen كما يسميها هايدجر وهذه اللحظة يصفها سورين كيركجارد في المقولة التالية التي تصور تلك اللحظة بدقة كافية :" ما معنى أن توجد ؟ أن توجد يعني أن تقف في طابور طويل للغاية ثم لا تشتري التذكرة عندما تصل إلى الشباك ، لا، أن توجد يعني ان تتشبث باستماتة بشعر عنق الحصان وهو يجري في الوادي ،لا، أن توجد أشبه بأن تكون في أشد استعجال ممكن وأنت راكب على ظهر مهر بطيء".
هذا المشهد سمته المميزة هي " القلق" الذي يميز كل وجود أصيل.
إن هذه العلاقة الي حظيت باهتمام الفلسفة الأنطلوجية الهايدجرية بالخصوص لاتستمد مفاهيمها و نظرتها بالضرورة من "الفلسفات الاجتماعية" المفسرة للبنى والمشكلة للإيديولوجيا ، والتي جعلت ماركس يقول:" إن الفلاسفة حاولوا دائما أن يفسروا العالم في حين أنه يجب تغييره".
إن الأنطلوجيا كمبحث فلسفي أول يبحث في علة الوجود، هو محض فلسفية ذاتية لا تدخل في إطار الطقوس الجماعية بل هي نسك ذاتي بالأساس تحدده العلاقة الثلاثية : الدازين – الوجود – العدم .
فهي إذن فلسفة تحاول ردم الصدع الذي أحدثته التراجيديا الإنسانية الناتجة عن تأويلات فلسفات مابعد الحداثة خاصة الماركسية والفرويدية والبنيوية وما بعدها والتي أعلنت موت الإنسان ، وأغلبت مبدأ الحتمية الإنتاجية واللاوعية والتاريخية والأنساق الثقافية وغيرها من العوامل المتحكمة في الذات الفردية التي رُبطت هنا قسرا بالمجتمع.
إن الخلاص الإنساني الأصيل الذي تقترحه الفلسفة الوجودية يمثل نيتشه قطبه الأقوى ورسوله المبشر فبعدما أعلن عن موت الإله وبالتالي موت الميتافيزيقيا وبروز الإنسان في عراء الوجود إقترح العقيدة الجديدة الخالية من كل وهم مصطنع وهي العود الأبدي وإرادة القوة التي من خلالها يصل الإنسان إلى مرحلة السوبرمان
الانطولوجيا هي الرسالة الخالدة في ظل موت الإله وإنتهاء مرحلة الميتافيزيقا التي حاولت تبسيط الوجود وتحرير شيك على بياض للإنسان ، لكن هذا الأخير انكشف له الوجود الأصيل الذي اختار أن يواجهه بالحرية والالتزام وأن الأمل الوحيد هو أن ندرك أنه لا يوجد أمل مطلق كما يقول ألبير كامو.
https://www.facebook.com/RachidIhoumBlog



#رشيد_إيهُوم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على أبوزيد الإدريسي في قضية احتقاره للأمازيغ:
- التحريم الديني للذة:


المزيد.....




- -شهدت وحدة وصداقةً عظيمتين-.. ترامب يعرب عن ذهوله من الخليج ...
- الصور الأولى للقاء ترامب والشرع في الرياض
- ترامب وبن سلمان يؤكدان التعاون الإقليمي ودعم الاستقرار في ال ...
- ترامب يحضر القمة الخليجية الأمريكية في الرياض
- ماكرون: تصرفات حكومة نتنياهو في غزة -مخزية- وقد تعيد أوروبا ...
- فرنسا تعلن أنها -ستطرد- دبلوماسيين جزائريين ردا على طرد عدد ...
- المخابرات الداخلية الفرنسية تتهم دبلوماسيا جزائريا سابقا بال ...
- ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض
- طموحات إثيوبية وهواجس إريترية.. هل يتحول ميناء عصب لصراع مفت ...
- شبح -الرجال الخضر الصغار- يخيم على دول البلطيق


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد إيهُوم - التراجيديا الإنسانية: الإنسان بين هم الوجود والبحث عن الخلاص