ابراهيم ابراهيم - الدنمارك
الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 01:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ابراهيم ابراهيم - الدنمارك
إن مبدأ التوفيقية الذي يتبناه بعض المرء في مواقفه حيال بعض القضايا الهامة التي بتعرض له سواء كانت تلك القضايا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية يأتي في إطار المحاولات التي ينحوها للحفاظ على عناصر طرفي المعادلة أو القضية التي تمسه بشكل أو بآخر و التي قد تؤثر عليه بالايجاب أو السلب بغية الاستفادة , و في معظم الاحيان تبقى النتيجة منسجمة مع الهدف أو محققة له .
أما في الحالة السورية التي تجاوزت كل حدود المنطق الانساني و الاخلاقي و الذي كان من المفروض أن يكون مؤتمر جنيف2 الذي انعقد 22.02.2014 في مونيتيرو السويسرية منفذاً للتخفيف من وطأة هذه الحالة المريبة , فإن التوفيقية في التعامل و التي كان يجب أن تعتمدها راعيي المؤتمر و اخص هنا بالذات المثلث السني العربي التركي في المنطقة تركيا السعودية قطر و من خلفهم أمريكا المتخبطة في سياساتها السورية كانت معدومة في اختيارها لعناصر نجاح المؤتمر أو لربما كان يشكل نسبة النجاح لهذا المؤتمر الذي انتظره الملايين من السوريين أقل من المأمول منه فيما لو اعتمدت الواقعية في اختيارها لعناصر المجتمع السوري المعارض التي لها دور في الثورة السورية أو تخلت الدول السابقة الذكر عن عقليتها السياسية و مصالحها المغلقة أمام هول الجرائم التي هي نفسها تشارك فيها إلى جانب النظام السوري .
لقد دأبت بعض القوى الاقليمية و الدولية التي تعتمد في مسيرتها عبر التاريخ القديم و الحديث في تعاملها مع العالم و الشعوب الاخرى و بالاخص مع الشعب السوري و ثورته على معايير و قوانين منطق المصالح الكبرى بدلاً من المنطق الاخلاقي و الانساني حيث تجلت تلك السياسة واضحة لا بل في مؤتمر جنيف2.
إن اسباب فشل جنيف2 و ربما جنيف3 و 4 و 5 ستستمر فيما لو استمرت هذه السياسة و التي تدعمها الائتلاف و تصر أنها الوحيدة التي تمثل الشعب السوري في حين أن الوقائع على الارض تثبت عكس ذلك أي أنها لا تمثل حتى نفسها كما تبين في اجتماعاتها الاخيرة و تصريحات أعضائها .... لكن تعمل الدول الداعمة لهذا الائتلاف المصيبة على الشعب السوري على أنها الوحيدة و يأتي هذا للحفاظ على ماء وجهها أمام شعوبها بأن قرار تدخلها في سوريا كان صائباً و أن دعمها المالي الذي تجاوز مليارات الدولارات للائتلاف على حساب شعوبها كان من أجل مصالحها في سورية و التي ستعوضها حال سقوط النظام و لعل من أهم اسباب فشل المؤتمر هي :
- عدم وجود تمثيل حقيقي لقوى المعارضة السورية حيث انفرد الائتلاف الوطني المعارض بهذا التمثيل و بدعم من المثلث السني التركي القطري السعودي و التي ركعت أمريكا لها لما تربطها بذاك المثلث من مصالح اقتصادية كبرى لا يمكن التخلي عنها لو تم تدمير سورية و شعبها .
- إن قرار الغياب المتعمد للقضية الكوردية و من يمثلها عن أعمال المؤتمر هو غباء سياسي من اصحاب هذا القرار لأن التصور بأن مقومات و عناصر القضية الكوردية اليوم هي نفسها قبل 50 سنة أو قبل 10 سنوات هو غباء و بالتالي تصورهم بانهم سيبرمجون حل القضية حسبما يتلاءم مع مصالحهم و تصوراتهم هو أكثر غباءً , فمعطيات الواقع الكوردي و الاقليمي و الدولي و انتشار المعنى السياسي و الانساني للقضية الكوردية في العالم و ازدياد التأييد العالمي لها يرافقه الواقع الجديد الذي فرضته القوة العسكرية الكوردية المتمثلة بوحدات حماية الشعب الـ ي ب ك التي تعتبر من أكثر القوى الموجودة تنظيماً و تدريباً و تتألف من عشرات الالاف من الشباب الكورد إضافة إلى شباب المكونات الاخرى غير الكوردية تأتي عكس تصوراتهم .
- لم تكن هناك أجواء مريحة للقاء بين طرفي المؤتمر اقصد بين النظام و الائتلاف حيث كان الخطاب الحربي و العدائي سائداً بدل كما يقولون ترطيب الاجواء و كان ذلك بسبب استمرارية النظام السوري في قصفه المتواصل على القرى و المدن السورية و سقزط المزيد من الشهداء من أبناء الشعب السوري مقابل عدم واقعية الائتلاف في تعاملها مع الحدث في إطاره العام و انخداعها بأمريكا و سياسة أمريكا تجاه سورية و التي تعتمد في المقام الاول كما تؤكد كل معطيات خطابها على تبنيها سياسة عدم الاستقرار إلى أجل غير مسمى في سورية أو تحددها معادلة الربح و الخسارة الامريكية .
- إضفاء طابع الصراع السلطوي على الحدث بدلاً من طابعها الحقيقي الثوري و الذي ينحصر في ثورة شعب ضد نظام القمع و القهر و الاجرام , حيث بدا للجميع أن الائتلاف حضر المؤتمر من أجل خلع نظام بشار الاسد و الجلوس مكانه ناسياً طل قيم الثورة في الحرية و الديمقراطية .
- استغلال النظام لهذا التخبط الدولي و الائتلافي السعودي القطري ز التفطير برأس بشار الاسد كشخص بدلاً من التركيز على المبادئ و المشروع الحقيقي للثورة السورية في اسقاط النظام برموزه و مكوناته و عناصره و محاكمتهم حسب الاعراف و القوانين الدولية و السورية .
ملاحظة
أنا لم أبحث في النظام كسبب من أسباب الفشل فقط لأني على قناعة تامة بأنه لم يأتي فقط ليفشل المؤتمر بل هو الفشل بحد ذاته .و للاسف ساعده الاتتلاف و دعمه بشكل مقصود أو غير مقصود أو بلعبة أكبر من الائتلاف نفسه .
#ابراهيم_ابراهيم_-_الدنمارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟