أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثابت حبيب العاني - ردة 8 شباط الدموية في عام 1963 (2)















المزيد.....

ردة 8 شباط الدموية في عام 1963 (2)


ثابت حبيب العاني

الحوار المتمدن-العدد: 5426 - 2017 / 2 / 8 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انهيار وضعف البعض وآثارهما على الحزب
لا يشير هاني الفكيكي في مذكراته إلى الصمود والبطولات التي اجترحها آلاف الشيوعين في اقبية تعذيب الانقلابيين. فهو يركز فقط على ابراز مواقف ضعف أقلية من قادة الحزب وكوادره ممن غلب عليهم الرعب، وظهروا على شاشة التلفزيون معلنين ندمهم وإدانتهم للحزب وسياسته، ومنهم عدنان جلمران وشريف الشيخ وعصام القاضي وعبد القادر اسماعيل وسلطان ملا علي عضو اللجنة العسكرية الذي اعترف علي حسين الرشيد. وهنا لابد من الإشارة إلى أنه من غير الممكن سلفاً المراهنة على صمود المناضلين مئة بالمئة وهم يرزحون تحت سوط أشرس الجلادين، وخاصة عندما يتعرض أي بلد إلى اعصار وحشي كالذي حدث في ردة 8 شباط 1963. فقد كانت مجزرة شباط أشدها وحشية في تعذيب الوطنيين والشيوعيين وأكثرها قسوة إذا ما قورنت بكل سجلات الاستبداد والديكتاتورية والتجبر سواء في بلادنا أم في العالم.
إن موقف الحزب من قضية الاعترافات تاريخياً وبشكل عام، ومنذ قيادة الرفيق فهد، هو أن تتخذ القيادة اجراءات بأبعاد أي رفيق اذا ما برز لديه اي ضعف في أثناء تعرضه للاعتقال. وهذا ما جرى بعد اعتقال الرفيق فهد والضربة التي حدثت في سنة 1948 التي يتحمل مسؤوليتها مالك سيف. فقد أدى ذلك إلى أن تصبح بعض العناصر خارج صفوف الحزب مثل جاسم الطعان ومالك سيف وآخرين.
وفي ردة شباط عام 1963، لم تكن الضربة التي وجهت للحزب نتيجة لتسلل أو إندساس في الحزب على الإطلاق. فقد كانت هذه الضربة الأكبر والأكثر خراباً ضد الحزب نتيجة لإنهيار أحد قادة الحزب وهو هادي هاشم عضو المكتب السياسي. فقد قام هادي هاشم بتقديم معلومات خطيرة أدت إلى مجازر راح ضحيتها خيرة قادة الحزب وكوادره. فقد زوّد هادي هاشم الانقلابيين بمعلومات عن أكثر البيوت الحزبية أهمية، وفي المقمة منها بيت سلام عادل، حيث تم اعتقاله مع ستار مهدي مرشح اللجنة المركزية، وهو رفيق من الحلة كان يقيم سلام عادل يقيم في بيته واستشهد هو الآخر. كما اعتقلت معهما زوجة ستار مهدي والطفل علي نجل سلام عادل، الذي أُخرج بإعجوبة من قصر النهاية إذ لم يعرف الجلادون بأنه ابن سلام عادل. كما اعترف هادي هاشم ايضاً على بيت جمال الحيدري وبيت عبد الرحيم شريف ونافع يونس وجورج تلو وابو العيس، وهي بيوت حزبية لم تكن معروفة للانقلابيين حتى يوم 19 شباط 1963، ناهيك أنها لم تكن معروفة إلاّ لعدد محدد من الكادر الحزبي ومنهم هادي هاشم. وهكذا تم اعتقال العديد من قادة الحزب في وقت واحد، بعد الاعترافات التي أدلى بها هادي هاشم في نفس اليوم الذي اعتقل فيه. لقد كان هادي هاشم منهاراً فكرياً وسياسياً ومعنوياً. وكنت قد سمعت نقلاً عن حمدي أيوب، الذي كان يقيم مع هادي هاشم، أنه خرج للبحث عن بيت في يوم 12 أو 13 شباط وتم اعتقاله. وقاوم حمدي أيوب لمدة اسبوع أو اقل، وبعد ذلك انهار ودل الانقلابيين على بيت هادي هاشم. وانهار هادي هاشم في أول لقائه مع جلاوزة البعث.

إن البيت الوحيد الذي سلم من مداهمة الأنقلابيين هو بيت "الوالدة" والدة الشهيد عواد الصفار. فقد كان هذا البيت هو الوحيد الذي لم يكن يعرف هادي هاشم عنوانه. وظل هذا البيت خلال أعموام العمل السري اللاحقة قائماً ليستضيف نشطاء العمل السري من رفاق الحزب. وكان يقيم في هذا اليبيت الرفيق كاظم الصفار وهو من بين الذين نجوا من قبضة الانقلابيين وظل مقيماً في هذا البيت الحزبي. وكان يقيم في البيت أيضاً الرفيق رضا رادمنش، سكرتير اللجنة المركزية لحزب توده إبران. وسلِم رادمنش من الاعتقال واستطاع الخروج من العراق. وفي لقاء لنا بالرفيق رادمنش في الخارح، روى لنا كيف كان الرفاق يعتنون به بعد الانقلاب. ولم يكن بمستطاعه الخروج من العراق في الأيام الأولى من الانقلاب بسبب اغلاق المطار. ولكن ما أن فتح المطار، حتى تسنى له السفر على الفور خشية اعتقاله في أية لحظة.
إن الإنهيار السريع والمفاجىء لهادي هاشم أثار التساؤل والاستغراب والدهشة. ولربما يمكن تفسير هذا الانهيار في جانب منه إلى عدم جديته في الفترة الأخيرة من حياته السياسية، وتحديداً عندما كان يتلقى الدراسة في المدرسة الحزبية. فعندما وصلنا إلى المدرسة دهشنا لكونه لا يجيد اللغة الروسية وهو في الصف الثالث والأخير في الدورة الدراسية. فقد كان لا يحضر المحاضرات رغم أنه كان عضواً في المكتب السياسي. وفي لقائي مع الشهيد سلام عادل في موسكو، طرحت عليه هذه القضية، وقلت أن هذه إهانة للحزب، فكيف لا يقدم عضو في المكتب السياسي امتحانات ولا يواظب على الدراسة بشكل جدي والحزب يحتاج إلى كوادر متعلمة ومثقفة. لقد بقي هادي هاشم يعيش على بطولات سابقة وعلى مقاومته في السجون وابداعه في حفر الأنفاق وهروبه من السجن عام 1949 وفي 1954. ولكن في موسكو بدا لنا هذا الشخص إنساناً آخراً. فقد كان لا يعمل بجدية من أجل تنفيذ المهمة التي من أجلها أرسله الحزب إلى المدرسة، بقدر ما يهتم بأمور فرعية لا علاقة لها بالمهمة الأساسية. لقد كان من المفروض عند رجوع هادي هاشم إلى العراق أن تتم محاسبته على القصور في دراسته. ولكن تمت مكافأته وأصبح عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية.
لقد كان من الضروري بعد عودة الرفاق إلى بغداد في عام 1962 أن يتم تقييم لأداء الرفاق من أعضاء اللجنة المركزية وابعاد العناصر الخاملة. وهذا ما سمعته من الرفيق جمال الحيدري قبل عودته إلى الوطن، والذي ألمح إلى شريف الشيخ وعبد القادر اسماعيل وعناصر اخرى. والظاهر إن قيادة الحزب لم تتخذ الإجراءات ضد هؤلاء الرفاق لانشغالها بقضية الكتلة، إذ كانت هذه العناصر من أكثر المندفعين ضد الكتلة. كما إنني لم استغرب عند سماعي بضعف شريف الشيخ. ففي أثناء وجوده في موسكو، بدا متذمراً ويتشكى فقط. وعندما طُلب منه الرجوع انزعج. ومع ذلك فمن الصعب علي تقييم الأشخاص، أي احتمال صمود هذا أو ضعف ذاك. فالظروف التي مرت بنا في ذلك الوقت كانت عسيرة وصعبة، وكنا ننتظر أن يصمد عضو في المكتب السياسي كهادي هاشم على غرار الصمود الأسطوري لغيره من قادة الحزب أمام هذه الريح الصفراء.


بعيد الإنقلاب، جرى الحديث عن الشهيد جورج تلو وموقفه. ولكنني أكدت إن أحتمال ضعفه بعيد جداً. فقد استشهد جورج تلو عندما هاجم الأنقلابيون البيت بالرشاشات، وقاوم ببطولة وشجاعة ثم استشهد. وينطبق نفس الأمر على الشهيد رحيم شريف الذي كان معروفاً بروعة خلقه وسيرته. فقد كان يكسب ود أهل أي بيت يدخل فيه لدماثة أخلاقه وصدقه وحبه للعمل وتقديم المساعدة للآخرين. وأكرر هنا إن الحدث كان من العمق تراجيدياً ومستوى الارهاب والوحشية والقتل والخراب إلى درجة بحيث تحول إلى كارثة وطنية لا يمكن تصورها. ولكن ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار إن تحمل المناضل يعتمد إلى حد بعيد على القناعة بأفكاره والثقة بحزبه وقادته وبنضال حزبه وشعبه. ومع ذلك من الصعب المراهنة على صمود هذا وضعف ذاك.
لقد شاءت الصدف أن يلتقي آرا خاجادور مع علي صالح السعدي في عام 1969. وأخبر صالح السعدي الرفيق آرا خاجادور بالمعلومة التالية:"ان الشيهد سلام عادل مات ببطولة نادرة، وأنا اطلقت عليه طلقة الرحمة". هذا هو اعتراف علي صالح السعدي الذي أشار إلى أن الشهيد سلام عادل "طلب لقائي ولم ألتق به. فقد كان يعاني من تعذيب بشع، حيث قطّعه الجلادون أوصالاً". إن هذا الاعتراف من قبل علي صالح السعدي لهو خير رد على كل تقولات هاني الفكيكي حول سلام عادل في مذكراته.
كما ينبغي الإشارة إلى أن مواقف الضعف عند البعض تتفاوت، حيث ترقى عند البعض إلى الخيانة المكشوفة وإلى المجازر والنتائج الكارثية كما هو الحال بالنسية لهادي هاشم. ولكن الأمر يختلف عند آخرين، على سبيل المثال عبد القادر اسماعيل. ففي عام 1969، طلب عبد القادر اسماعيل أن يلتقي بالمكتب السياسي. وانتدبني المكتب السياسي للقاء به. وأثناء الحديث قال البستاني....أنت تعرفني معرفة جيدة، فلا أقود تنظيم ولا عندي معلومات ولا أسرار. كل ما هنالك انا كنت واجهة للحزب. وفي الحقيقة كان قوله صحيحاً، لأن عبد القادر اسماعيل كان في حينها واجهة وطنية معروفة وذو تاريخ وطني. وسألني أيضا ما هو موقف الحزب مني؟. وقلت له لنتكلم بصراحة...إن خروجك في التلفزيون يا عبد القادر كان سبباً في إنهيار عناصر عديدة من الرفاق في السجن. فاجاب هذا صحيح. وقال....انا لم أبوح بأي شيء. لقد طالبوني بشتم الاتحاد السوفييتي، فرفضت. ومارسوا التعذيب والضغط......وانفجر في البكاء.....وفي الختام قال إن امنيتي ان ابقى شيوعياً. فذهبت بعدها الى المكتب السياسي واخبرت الرفاق بتفاصيل اللقاء، فطلبوا مني ان أبقى على اتصال مباشر به. ولكن مع الاسف توفي ولم يكتب عنه احد أي شىء، علماً إن اعترافه لم يكن بالشيء المهم. لقد توجه البعثيون نحو عبد القادر اسماعيل لاحقاً وفي عام 1969، وقالوا له....لا نريد منك شيئاً ...فقط نعطيك غرفة في جريدة الثورة وتجلس فيها. فقال لهم اذا كنت اريد ان أعمل فسأعمل مع حزبي، الحزب الشيوعي العراقي. ورفض طلبهم رفضا قاطعاً، وهذا ما قاله لي. لقد ضعف البعض ولم يتحولوا إلى اعداء أو عملاء للأجهزة الأمنية والسلطات الجائرة. فإن قساوة التعذيب الفريد من نوعه قد أجبر البعض على الاعتراف.
اما داود الصائغ فقد حصل له الشيء نفسه. إذ كنت على اتصال به. وفي أحد الأيام قال لي.... تفضل وسلّمني رسالة وقرأتها. كانت الرسالة مرسلة من طارق عزيز، رئيس تحرير جريدة الثورة آنذاك. وأشار طارق عزيز في رسالته إلى داود الصائغ... إن هذه جريدتك.....تعال وسنعطيك كل ما تريد. فقلت له يا أبو سليمان إن هذه فرصة. فأجابني "هل حقاً ما تقول؟". وأشار إلى "أن كل راتبي التقاعدي هو ستة دنانير، وام سليمان معلمة ونحن الآن ساكنين عند اهلي في البيتونة...يعني اذا اعملت في حقل الترجمة في الجريدة فسيعطوني ألف دينار. وهذا المبلغ سينقلنا نقلة كبيرة، فستستطيع ام سليمان أن تشتري ملابس لها بالألف الأول، وبالألف الثاني سنشتري الأثاث وبعد ذلك نعثر على منزل جديد. ولكن بعدها سيقولون لي ترجم كتاب "كفاحي" لهتلر. وهذا ما سأرفضه. وسيُقطع الراتب. ويرجع ابو سليمان إلى تقاعده البالغ ستة دنانير. فهل نستطيع العيش على هذا الراتب؟"... فماذا تقول يا ابو حسان. تصور ان "هؤلاء نعتبرهم انتهازيين، وهم في الحقيقة أناس قساة".
إذن يجب ان ننظر إلى الانسان حسب قابلياته وطاقته وامكانياته، وإن نتعامل معه بهذه الابعاد. يوجد البعض ممن تحولوا إلى أعداء إلداء للحزب بعد انهيارهم، كما هو الحال بالنسبة لمالك سيف مثلاً. وقد انقطعت صلة هؤلاء بالحزب كلياً. وهناك عناصر تركت الحزب، وأخرى بقيت على صلة بالحزب. وربما يوجد البعض ممن اختلفوا في الرأي وكان الحزب يتعامل معهم بشكل مناسب. برأيي أن الظروف التي مرت بنا يجب ان تكون عبرة لنا، فلربما سيكون الوضع في المستقبل أكثر صعوبة.

على هامش الأنقلاب الأسود في 8 شباط 1963
في الحقيقة إن الانقلاب كان موجهاً بشكل رئيسي ضد الحزب الشيوعي، وليس ضد أنصار عبد الكريم قاسم. ولم يكن الهدف من الانقلاب هو شأن محلي فقط، بل هو شأن دولي وإقليمي بالنسبة للدول الغربية والدول الموالية لها في المنطقة. ولقد انضم المتطرفون القوميون العرب أحزاباً وشخصيات وحكومات إلى مخططي الانقلاب لدوافع أنانية ضيقة. فالانقلاب كان في صدر جدول عمل الدول الغربية في المنطقة، والتي كانت تنظر بقلق إلى تطورات الوضع في العراق ضمن منظار السياسة التي كانت تنتهجها في أوج سعار الحرب الباردة. وهذا ما جرى تنفيذه بعد اعدام عبد الكريم قاسم، حيث بدأت المجازر الدموية العشوائية بالأساس ضد الشيوعيين وبدون محاكمة وبمسساعدة من أجهزة استخباراتية غربية. وسقط الآلاف من الشهداء من الشيوعيين والديمقراطيين على يد الانقلابيين.
إن تصدي الشيوعيين للانقلابيين يعد دفاعاً عن الوطنية الحقة، ومن أجل حماية وتطوير مسيرة الثورة سلمياً كما قرره الحزب الشيوعي العراقي. وعندما انقض الانقلابيون على قاسم والقوى التقدمية، تصدى لهم الشيوعيون دفاعاً عن جمهورية 14 تموز، بينما لاذ القاسميون والانتهازيون بالفرار واختبأوا في بيوتهم، بل وأرسل بعضهم برقيات تأييد للانقلابيين وكأنهم لم يكونوا من ضمن اركان عبد الكريم قاسم كـجاسم العزاوي الذي اصطفاه عبد الكريم قاسم كسكرتير خاص له طيلة فترة حكمه. كما يمكن الإشارة إلى قائد الفرقة الثالثة الذي سلّم الفرقة للانقلابيين بدون مقاومة. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على اسماعيل العارف، المكلف بالاشراف على أمن بغداد من خلال اشرافه على اللواء الخامس والعشرين، الذي كان مقره "جسر الخر". فلم يحرك اسماعيل عارف ساكناً، بل ولم يخرج من بيته، حتى تم اعتقاله. ولهذا نجد أن الانقلابيين ركزوا على الشيوعيين والتقدميين. وبدأوا ساعة صفرهم باغتيال الشهيد جلال الاوقاتي وتصفية العشرات بل المئات من خيرة ابناء الشعب العراقي مدنيين وعسكريين من الذين كرسوا حياتهم من اجل الشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته القومية.
وقفت وراء انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 قوى خارجية، خاصة الامريكية. وهذا ما صرح به أحد قادة الانقلاب وهو علي صالح السعدي، سكرتير حزب البعث والمساهم الرئيسي في الانقلاب، والذي لعب دوراً مشيناً في التصفيات الجسدية التي تمت بعد الانقلاب. وهذا لا يعفي القوى الاخرى التي ساهمت مع البعث في تحمل مسؤولية هذه الجريمة كالاخوان المسلمين والقوميين العرب والناصريين. كما تقع مسؤولية هذه الجريمة على عاتق الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي بارك الانقلاب في اليوم الأول من هذه الردة الدموية. كما لعبت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني دوراً مشبوهاً قبل الانقلاب، حيث قامت بالتنسيق مع الفئات الانقلابية عبر عبد اللطيف الدراجي. علماً ان القوميين والبعثيين كانوا من ألد اعداء الحركة التحررية الكردية. ولعب هؤلاء دوراً كبيراً في دفع قاسم لشن الحرب ضد الشعب الكردي من سنة 1961 – 1963 عند ارجاع الضباط القوميين والبعثيين الى صفوف الجيش، تطبيقاً لسياسة قاسم التي سار عليها حيال المتآمرين من رجعيين وادعياء القومية، وهي سياسة، "عفا الله عما سلف". ان برقية الحزب الديمقراطي الكردستاني التي اذيعت من اذاعة بغداد في الساعات الاولى من الانقلاب، والتي حملها صالح اليوسفي وفؤاد عارف ما هي إلاّ تعبير عن تواطئ قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الانقلابيين مما كان له تأثير سلبي على الجبهة الواسعة لمقاومة الانقلابيين من جهة، ومن جهة اخرى ومع الأسف، تصدت قيادة حزب البارتي ممثلة بابراهيم أحمد وجلال الطلباني للقوى المعارضة للانقلاب من الشيوعيين والذين توجهوا الى مقرات فصائل الأنصار او مقرات حزب البارتي لتنظيم صفوفهم ومقاومة الانقلابيين. وقام ابراهيم احمد وجلال

الطالباني باعتقال المناضلين وزجهم في كهوف موت وتسليط التعذيب عليهم. ان هذه الاجراءات حدّت من موجة الالتحاقات وخاصة بالنسبة للعنصر العربي من الجنود والضباط الذين وقعوا بعد ذلك في قبضة الانقلابيين.
إن تأييد قيادة حزب البارتي والمساومة المسبقة مع الانقلابيين لم يجلب للشعب الكردي أي مكسب، بل على العكس. فبعد استتباب الامر للانقلابيين شنوا حرباً قذرة أشد وطأة من الحرب التي شنها عبد الكريم قاسم ضد الشعب الكردي. وبهذا عبر الانقلابيون عن حقدهم الاسود وشوفينيتهم ضد الشعب الكردي، وهذا كل ما جناه قادة البارتي من امثال ابراهيم احمد وجلال الطلباني باتفاقهم المدمر مع قادة الانقلاب.
ومن ناحية أخرى وعلى الرغم من الشعارات التحررية، انحاز جمال عبد الناصر وهو الذي قدم نفسه للعرب والعالم كزعيم حركة التحرر العربية، الى جانب الانقلابيين الذين كانوا ينفذون مخططات أجنبية وعلى صلة بأجهزة مخابرات دول كانت تعمل لاسقاط عبد الناصر أيضاً. لقد ساهمت اجهزة حكم عبد الناصر ومنذ البداية بشكل فعال في دعم الانقلابيين بالمال والسلاح. وقامت أجهزة الإعلام المصرية بشن حملة اعلامية شعواء ضد الجمهورية العراقية وشخص عبد الكريم قاسم. ان هذا التأييد من قبل ناصر واجهزته لم يؤد الى تحقيق شعار " الوحدة الفورية" التي كان يعمل لها حكام مصر ولا تحقيق الشعارات الديماغوغية حول الوحدة والتي كان يرفعها الانقلابيون، فما حصل كان العكس. إن ادعياء القومية من قادة البعث قد مزقوا حتى التضامن الشكلي بين بعض الدول العربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• فقرات من "صفحات من السيرة الذاتية"



#ثابت_حبيب_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيام الحاسمة التي سبقت ورافقت ثورة 14 تموز 1958*
- ردة 8 شباط الدموية في عام 1963


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثابت حبيب العاني - ردة 8 شباط الدموية في عام 1963 (2)