أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الشيخ ماجد - وقفة مع الشاعر فاضل عبد السادة














المزيد.....

وقفة مع الشاعر فاضل عبد السادة


احمد الشيخ ماجد

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


وقفة مع الشاعر فاضل عبد السادة
احمد الشيخ ماجد
نقل موقع المسلة خبراً عن انتحار الشاعر الشعبي العراقي فاضل عبد السادة, وهو من الشعراء المعروفين في البصرة, وقد ولد سنة 1958 وكان منفياً لعقود طويلة, وعاد إلى وطنه بعد سقوط النظام البعثي المجرم .
الحقيقة ان ظاهرة انتحار هذا الشاعر يكتنفها الغموض, وجاءت في وقتٍ عصيب, ولا ادري ماهو الأمر الذي جعله يقدم على الانتحار, هل هو تعبير عن البكاء الرمزي؟ أم هو شعور باليأس, والانعزال, والاكتئاب, والإحساس بألم انفعالي لا يردعه إلّا الانتحار ؟.
يطرح المفكر محمد جابر الأنصاري ظاهرة انتحار المثقفين في كتابه (انتحار المثقفين العرب وقضايا راهنة في الثقافة العربية). يقول المفكر: ان المثقفين أكثر الشرائح ميلاً للانتحار ذلك ان الجانب المبدئي, والقيّمي يتغّلب على سلوكهم وتفكيرهم, ويجعلهم المفكر في مصاف الرهبان البوذيين الذين يشعلون النار في أنفسهم للاحتجاج على الظالم, أو التنبيه على ظلم اجتماعي حاصل. ويرى المفكر ان هناك مشكلتين مع المشكلة المبدئيّة, وهي ان المثقف الذي يقدم على الانتحار يرى نفسه بأنه لا يمكن ان ينسجم مع الآخرين, أو مع العالم وحتى مع النفس, والثانية كامنة في مشكلة عجز وقصور جنسي أو اخفاق كبير في علاقة زوجية! وتبقى تكبر هذه المشاكل إلى أن تتفاقم, وتؤدي للاقدام على الانتحار. وقد طرح عالم الاجتماع المعروف (اميل دوركايم) فكرة مفادها : "بأن الانتحار هو بسبب تكسر الروابط الاجتماعية, والانعزال وقد تؤثر عوامل الضغوط النفسية وعدم القدرة على كبحها وخاصة الفقر والبطالة".
إلّا إنيّ افضّل ان ارجع إلى قصائد الشاعر, ونرى هل يتغلب الحزن, واليأس, والانكسار النفسي على شعره؟. أم هناك بصيص أمل, وتفاؤل في أبياته؟. يقول الشاعر في احدى قصائده: (الناس بيها اجروح تحتاج لطبيب, وآنه بيّه اجروح تحتاجلها ناس, كَبل حسرة يخلّف بكَلبي اليغيب, بإنتظاره ابقى شمع واشواكَي ياس, لكن من شفت الغدر من القريب, بدّلت دمعي ضحك, والسلوى كاس!). ان هذه الأبيات تبرهن على شخصية الشاعر وما يعيشه, فهي مليئة بالشكوى والانات, وتتضح فيها اوجاع الشاعر وما يعانيه من وحدة يحتاج فيها إلى اناس ينسجمون مع شخصيته, فهو يغدر به حتى القريب, واثر هذا يعاني معاناة شديدة, ولا يثق بأي شخص ذلك انه سئم من الخيانة, وما تخلفه من ألم عليه, وتفصح بهذا قصائده الحزينة : (عاشرت بلبل ربة ولكَيته ذيب, وهسة اشك حتى بعوادين الاقفاص! مو عجيبة انخنت بس هو العجيب, تبقى للخاين وفي وكلك اخلاص, ليش يا كَلبي لظلمهم نستجيب, ويا بريء ال يقبل بحكم القصاص). لكنه في نفس الوقت يقول انه لا يمكن ان يخرج الذين خانوه من حياته, فالحياة لا تستقيم إلا بهم, وانه "وفي" رغم خيانتهم له, وهذا ما يؤكد اصالة الشاعر, وحبه للناس...
فاضل عبد السادة يعاني من الوحدة كثيراً, وهذه تقتل الإنسان, وتجعله يشعر شعورا مريرا بالوحدة والانعزال, وإحساسه بالوحدة جعله لا يعرف حتى احداً يفرّغ عنده ما يضيق به صدره من هموم, وأحزان, وخيبات متتالية, وإنه يتحرّق لهذا, ذلك ان الإنسان دائما يرغب بأن يستمع له من هو قريب على الروح, وإلا فالقلب سوف يعيش حالة من الكبت والضيق : (من وعيت وانه ضايع ماكو عنوان اعتنيله, ولاكو واحد دكَلي صدرة وكَلي ذب حملك واشيله, بيّه حزن الناس كلها وعيني بالدمعه بخيله, احتركَ وانطفي بكته مثل ريكات الرميله ). لا تخلو اغلب قصائد الشاعر من الاحساس بالوحدة القاتلة التي تجعله يتحّسر على شخص لكي يبث إليه ما تختلج به نفسه من جروح كبيرة لا تندمل ابداً, وهو لا يجد غير الورق يسكب عليه آلام واوجاع الحياة عسى ان يشفي ظمؤه, ويطفي غلته: (راح يوم.. واجه يوم.. وانه ذاك وذاك ليلي, للصبح ما يغفه جفني, وللصبح كَعده اعله حيلي, للورق اشتكي اهمومي وخافي حسراتي بدليلي, ردت واحد يجلي ضيمي اشتكيله ويشتكيلي, لمت كَلبي كَتله عاشر خل تشم الناس هيلي, كَضت ثلث سنين عمري, وانه ما اعرف خليلي!!).
نجد ان معظم ما كتبه فاضل عبد السادة هو شكوى من آلام الحياة, وما تلقيه عليه من هموم لا تكاد تتركه, وهو لهذا يتغنى بالألم والأحزان : (اني عاشكَ ضيم واطرب للنحيب, هم شفت شجرة بحياتك تهوى فاس! وانه مكوّر حزن بس مليان طيب, حتى بلما حاس بيّه بضيمه حاس, كالمسيح اصبحت وهمومي صليب, والهموم شلون من عدها الخلاص). في هذه الأبيات يرى الشاعر ان الحياة مقفرة, والعمر سراباً ولا يوجد في الكون إلا "الضيم والنحيب" فكل سعادة فيها تتحول إلى أنين وبكاء, وفي خضم هذا الشعور المأساوي بالحياة يجد نفسه "طيباً" إلى حد كبير, وإحساسه بالآخرين, إحساساً يجعله يشعر بالذي لا يعرفه, ولا ينتبه إلى معاناته. حين يشعر فاضل عبد السادة بمرارة الواقع, وخشونة الحياة, وعدم القدرة على التصدي لقسوتها, يجسد بأسه, وحزنه من الحياة في قصائد مشجية وحزينة ناجمة عن ذوق مرهف, وحس جمالي مقتدر :(الحزن من كَد ما عشكَته صار وي دمي يدور, انه اسحنه بصبر روحي وهوه يحركَني بخور, يصوغ حسراتي قصايد خاصة تهز الشعور, نشدوا ليلي شكَد سهرته مثل المتاني السحور). تتضح شخصية الشاعر من هذه الأبيات, وتظهر جميع ملامحها العاطفية, وقسماتها الوجدانية وهي شخصية شاعر مجروح يئن دائما من الوحدة والانعزال, واعتقد ان سبب اقدامه على الانتحار هو الشعور بالانعزال, واليأس, والمرارة من الواقع المزري الذي يعيشه العراقي في كل مكان, ويبدو انه قد سئم من هذا, وان اوجاعه لا تكاد تنتهي ابدا, فهو يعترف بهذا, ويقول :(والسوالف كلها تكَضي, وتبقه سالفتي طويله!)






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة مع شاكر السماوي
- حوار مع الشاعر والفنان التشكيلي محمد جبار الخطاط


المزيد.....




- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الشيخ ماجد - وقفة مع الشاعر فاضل عبد السادة