أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - في الضبابية نحيا















المزيد.....

في الضبابية نحيا


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 02:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ 1956 حُرم الشعب المغربي من رؤية واضحة المعالم و محددة المقاصد ودقيقة الأهداف و المرامي. و أضحت الحياة المغربية ساجدة للسكينة و المزيد من تدهور الأوضاع واغتيال الأحلام و استبعاد كل الانتظارات . وبذلك خطت البلاد، على امتداد عقود، محمولة على الضباب، تنظر بعين من ضباب، وترى الحياة وما في الحياة من طموح وانتظار ورغبات وأحلام وتطلعات أكوام ضباب مبعثرة هنا وهناك. لا ائتلاف بينها ولا انسجام، وغاب المستقبل وتقهقر، ولم يبق إلا شيء واحد في المغرب له مستقبل، إنه الفقر والبطالة.
هكذا ضاعت على الشعب المغربي مواعيده المفصلية والحاسمة مع التاريخ، وها هو الآن ما زال في الضبابية، رؤية ضبابية في كل القطاعات والمجالات، وأضحت مشاكل الأمس معضلات اليوم مستعصية الحل، ولا مخرج منها إلا بالحلول الجذرية المؤلمة، ولا حلول من هذا القبيل إلا بالوعي الواضح الكاشف لفظاعة واقع الحال كما هو دون لفّ ولا دوران، ولا وعي من هذا القبيل غلا باعتماد الحقيقة، كل الحقيقة ولا شيء إلا الحقيقة، تعرية مكامن الخلل في رابعة النهار، وبأوضح الكلمات والعبارات ليعيها الجميع.
لكن يبدو أن هذا مستبعد اليوم إلى حين، لأن الذين في يدهم مفاتيح الكشف عن هذه الحقيقة العارية والخالصة من أي لبس، يخافون من كشفها لأن كشفها سيزيح الستار عن جرائم أقترفت في حق المغاربة. لذلك ظلت الضبابية في كل شيء، ضبابية الرؤى وضبابية القرارات وضبابية المواقف وضبابية السياسات وضبابية الوعود.
عقود من المحنة صعقت المغرب، عرفت سنم ذروتها خلال سنوات الجمر والرصاص... سنوات سوداء سقطت بكل ثقلها على الشباب، طلبة وتلاميذ، وعلى العمال والفلاحين وجميع فئات المجتمع المغربي المغلوب على أمرها. سنوات نخر الفساد والرشوة الوعي، فكان ميلاد لقطاء سياسيين مستعيدين للقيام بأي شيء، وهم الذين شكلوا كتائب تفعيل خطة اغتيال انتظارات المغاربة وخنق كل بذور التوق إلى العمل من أجل غد أفضل ينعم به كل المغاربة وليس شردمة منهم قليلة العدد. لذلك لم يكن هناك بد من تزوير الانتخابات والتلاعب باختيارات الشعب... هكذا تمّ رسم خريطة سياسية تتناسب وما يريده القائمون على الأمور. لكن رغم كل هذه العقود الرصاصية والنارية ظل هناك أحرار بررة، سندة، محافظين على جوهر ما بقي الشعب المغربي يطمح إليه، وعندما سقطت الأقنعة، انكشف بجلاء أمر الأشخاص الذاتيين والمعنويين الذين أجرموا في حق الشعب والأجيال. علما أن هؤلاء، بفعل قوة الأمر الواقع وبفعل ما اقترفوه من جرائم اقتصادية وسياسية وثقافية وإنسانية، اضطروا إلى الاعتراف أن البلاد أضحت على مشارف الإفلاس على جميع المستويات، ولم يعد أمامهم إلا الإسثغاتة لذى بعض من كانوا يحملون همّ انتظارات الشعب ومآسيه. هكذا عاشت البلاد منعطف تسعينات القرن الماضي. وكالعادة لم يقطف الشعب الثمار وظلت انتظاراته حبرا على ورق مرة أخرى أو في خبر كان. ومرت فترة، وتراجع اهتمام المغاربة بالشأن السياسي بشكل لم يسبق له مثيل، ولم يشارك في الانتخابات إلا 37 في المائة من الكتلة الناخبة، علما أن 20 في المائة من الأصوات المعبر عنها كانت لاغية لأنها لم تدل بأي اختيار.
وازدادت الضبابية كثافة... ومع سيادة الضبابية وغياب الرؤية، "تضبّبت" الانتماآت وحارت الهوية، وتحت مظلو الدولة ظل الناس رعية... وكل أحلام ماقبل الاستقلال وما بعده سقطت في الماء وذابت في عقره... خيبة أمل أمل بصيغة الجمع وبامتياز. وكان ذلك بعد أن سام القائمون على الأمور دعاة التغيير والإصلاح الحق أشد العذاب... وفي هذا الخضم قُطعت رؤوس وقُذف بالمئات بل بالآلاف في الغياهب...وظلت القسمة ضيزى وزاد الأثرياء ثراء والفقراء فقرا، وكان لا مناص من الدفاع على المصالح المكتسبة دون وجه حق، وهكذا دخلت البلاد في المتاهات، وتكثفت ضبابية الرؤية حتى ساد الظلام وتكرس عدم الاطمئنان عن الغد القريب والبعيد... وكانت الضرية الموجعة التفريط في جميع المواعيد مع التاريخ... ادلهمّت الخطوب وخسفت كل الوعود بعد أن تمّ تسليم زمام الأمور للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ليديرا مستقبل البلاد والعباد بالمغرب كما يحلو لهما ولا يلقيان إلا السمع والطاعة مهما كان الأمر وبمباركة القائمين على أمورنا... هكذا ذهبت التضحيات سدى، ووجدنا أنفسنا في واقع منتكس باستمرار مع مرور الأيام لأن كل الأحلام تاهت اليوم.
ولعل أبرز مثال على سيادة الضبابية معضلة تعليمنا. فلا يتناطح كبشان بخصوص هذه المعضلة منذ 1956. فعلى امتداد تاريخ المغرب المستقل، لم تتوقف درجة استفحال أزمة التعليم عن التوقف.
فليس هناك ما يمكن إضافته بخصوص هذه المعضلة التي ظلت تكشف عورة المسؤولين. معضلة التعليم ظلت مستعصية بفعل فاعل، علما أن الجميع كان على بينة أن المغرب لن يتقدم إلا عبر الاهتمام بالتعليم. فكل التقدم الممكن تحقيقه في المجالات الأخرى لن تعط المنتظر منها دون إصلاح التعليم إصلاحا حقيقيا.
كانت البداية مع "المذهب" التعليمي الذي أعدته اللجنة الملكية لإصلاح التعليم سنة 1957، وتلاه البرنامج الذي تضمّنه التصميم الخماسي 1060 ـ 1964، ثم برنامج الدكتور بنهيمة سنة 1966، ثم مناظرة إفران سنة 1970، ثم "مخطط المسار" فيما بين سنتي 1988 ـ 1992، ثم الميثاق الوطني للتربية والتعليم سنة 1999، وكان القاسم المشترك هو الفشل تلو الفشل، والإحباط تلو الإحباط، وضياع أجيال وتراكم الفرص الضائعة "زكلت" فيها البلاد مواعيدها مع التاريخ... وظل الوضع يتأزم.
عموما إن مشكل التعليم نتاج صيرورة ومخططات وخطط سهرت على تطبيقها أياد خفية، مصالحها تناقضت مع مصالح عموم المغاربة، وبذلك طُبع مسار التعليم بمآزق لا حلول لها، إلا باعتماد حل جذري. فمن الواضح أن انتكاسة التعليم، ما هي في واقع الأمر، إلا وجه جلي لانتكاسات المسار الديمقراطي ببلادنا.
إن المتتبع لتناسل الفشل والإحباط والانتكاس في مجال التعليم، يلاحظ دون عناء يد القائمين على الأمور في هذا المسار، وعدم رغبتهم في أن تتوفر البلاد على تعليم حرّ حديث مرتبط بالمسار التنموي ومسار تقدم الوعي السياسي للشعب. والنوازل كثيرة ومتعددة للتدليل على هذا، ونكتفي بالإشارة إلى نازلة ذات دلالة لا تخفى على اللبيب. إنها نازلة منع كتاب المرحوم محمد عابد الجابري الصادر في دجنبر 1973 تحت عنوان "أضواء على مشكل التعليم بالمغرب" الذي منعت السلطات توزيعه بعد أكثر من طبعة لقيت رواجا واسعا. علما أن موضوع المنع هذا تمّ طرحه في البرلمان سنة 1977،إلا أن ممثل الحكومة أنكر إنكارا تاما أن يكون قد صدر أمر بمنع توزيع الكتاب. فهل كان هذا المنع مجرد شطط في استعمال السلطة، أم تعبير عن وجود "لوبي رسمي" لضرب التعليم في صميمه؟ إنه سؤال أجاب عنه المسار التاريخي بكل وضوح.
وهناك قرينة أخرى تكشف مرمى ومبتغى الأيادي الخفية التي عبثت بمنظومتنا التعليمية لضمان مصالح فئة قليلة على حساب عرمرم المغاربة. إنها "جريمة المخطط الثلاثي". فمن المعلوم أن المخطط الثلاثي جاء لتعويض المخطط الخماسي 1960 ـ 1964 الذي أعدته حكومة عبد الله إبراهيم ( "المغتالة") والرامي إلى تغيير توجه المغرب من أفق "البناء الاشتراكي" إلى ما سُميّ آنذاك بأفق "الليبرالية الواقعية". فمنذ الوهلة الأولى انكشف مستور المخطط الثلاثي الذي ارتبط بوزير التعليم وقتئذ، الدكتور بنهيمة، والرامي بالأساس إلى تقليص حجم التعليم من القاعدة احتسابا لبطالة المتعلمين مستقبلا، وكانت ضربة قوية وموجعة لما كان ينتظره الشعب المغربي منذ الاستقلال.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تقعّد الريع عندنا؟
- متى سنقطف ثمرة ديمقراطية العيش؟
- مصيبتنا عويصة حقا
- اللاجؤون بالمغرب قضية ظل يحوم حولها الضباب الكثيف
- فاضل بنعيش السفير الملكي بالمملكة الإسبانية
- هل تصبح الجزائر قوة الفضائية في عام 2014؟ هل قمرها الصناعي ا ...
- المغرب و-الناتو- أوّل -شريك- إفريقي ومغاربي
- لا نكذب على أنفسنا الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ليست على ما ...
- بنكيران يستعين بأربعة حراس شخصيين هل أضحى الوزير الأول يخشى ...
- نحصد ما زرعناه
- تحريف التاريخ طريق مسدود الشباب الجزائري يتفاءلون بقرب سقوط ...
- معضلة زواج المال والسياسة ومصيبة الجمع بين الحكم والاقتصاد
- اتساع مقلق لمد التشيع لكن وزير الأوقاف اختار الصمت
- -عداء مستدام- استراتيجية الاختراق الجزائرية
- في خضم ماراطون السباق نحو التسلح لحفظ التوازن البحرية الملكي ...
- ميزانية الجيش من التمرير مرّ الكرام إلى المطالبة بضرورة الزي ...
- انتهت جولة -كريستوفر روس- الثالثة في الصحراء و لا مخرج واضح ...
- السفير الأمريكي -دوايت ل. بوش-: -يجب أن نكون خائفين من الشبا ...
- المغرب يغادر مجلس الأمن والسعودية ترفض كرسيّها به
- قضية الصحراء الغربية: هل عزمت إسبانيا على كشف أنيابها وإسقاط ...


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - في الضبابية نحيا