أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله أبو إياد العلوي - لا حكامة في ظل الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته















المزيد.....

لا حكامة في ظل الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته


عبد الله أبو إياد العلوي

الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 08:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا حكامة مع الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته
تتسع لدى العديد من أنصاف المتعلمين وجماعات الإسترزاق من الدعاية المستترة وراء الإعلام بكل ما يتميز به من سمو القيم ونبل الرسالة فكرة الإستبداد التقدمي والنزيه والعادل الذي يتم بمقتضاه تفويض تصنيع حياة الناس وتدبيرها لشخص أو جماعة تفعل بالأفراد والوطن ما تراه مناسبا لإستمراريته شريطة أن يعتمد ذلك الشخص أسلوبا تدبيريا نزيها. وهذا إتجاه سائد لدى الكثير من العرب الذين يدعمونه نفسيا وماديا وواقعيا بتجارب تاريخية مثل تجربة الحجاج وتجربة هتلر في ألمانيا وتجربة سلازار في البرتغال وفرانكو في أٍسبانيا ،حيث يرى أصحاب هذا الإتجاه بأن أولائك الأشخاص يدبرون أحوال مجتمعاتهم على رؤى أحادية تفرض فرضا قاطعا على الجميع الذين لا يملكون سوى الإمتثال والطاعة في تنفيذ الأوامر. وهو إتجاه تقول به ثلة من المحسوبين على بعض التنظيمات الإسلامية التي ترى في الشورى دور المعلم وليس ذلك النظام المجتمعي الإسلامي الملزم ، وهي أراء تحتاج إلى المزيد من البحث والتدقيق خاصة وأنها تقول بإسناد أفكارها على القرأن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، لكن إلتزام هذا المقال بالإسهام في معالجة موضوع حكامة الإستبداد حيث يتأكد منذ البداية خطأ هذه التسمية حيث أنه بمجرد أن يضفي على الإستبداد حلة الحكامة وانتفت معانيها بكل مقوماتها الحضارية العادلة والديمقراطية وعليه من الصعب القول بالحكامة في ظل إستمرارية الإستبداد ،الذي يعني الإنفراد والتعالي والاستحواذ وتحويل الحكامة إلى مجرد واجهة لإلهاء وتسطيح العقول ، وتطبيع الأخرين مع مشاعر الدونية وتحقير الذات وتقديس الإستبداد وتسميته بالحكامة المستبدة العادلة التي يستقيها بعض المجتمعات من خصوصياتها لأن أفرادها غير جديرين بالمواطنة وغير جديرين بالحكامة الديمقراطية الحقيقية المبنية على المشاركة في التفكير والتخطيط والتقرير والتنفيذ ، فقد نستعمل اللامركزية وعدم التمركز والتشاركية والمجتمع المدني والأحزاب والنقابات والجمعيات والإعلام وحقوق الإنسان بل وحتى العدالة الانتقالية والإنتقال السياسي والإنتقال الديمقراطي لكن كل ذلك تحت ما يسمى بالوصاية المركزية وفي ظل الإستمرارية التي تستفيد هي وحدها من هذه الشعارات لأنها تدرك تقنيات تسويقها بل وتوظيفها في تقوية الخضوع والخنوع والتبعية لأنها هي الأقوى على أن تري الناس إلا ما ترىد.
إن الحكامة تتنافى مع الإستبداد، فهما نقيضان لا يجتمعان ولا يمكن لأحدهما أن يستمر في ظل الأخر. فالحكامة تعني ذلك العزم القوي على حماية الحريات وإحقاق الحقوق وصيانتها وهاضم للحقوق فهو أداة للاستعباد والتخلف والتبعية وهو مرض متعدد والأعراض ويحتاج إلى تشخيصات علمية ومصارحة الذوات الفردية والجماعية والمجتمعية بهذا المرض حتى يستطيع الجميع التعاون في اختيار أساليب العلاج وتحديد مراحله المختلفة ، لكن كل رفض أو تمرد أو تسويف قد يجعلنا أمام فرضيتين أما الزيادة في تكريس وتقوية الإستبداد والهيمنة على كيانات بشرية ميتة نفسيا تشكل عالة على عاتق الكيان العالمي وعلى عاتق المستبد بالدرجة الأولى، فتمارس كل صنوف النكوص لتبقى على ضعفها الذي لا يلائمه إلا الإستبداد أو السقوط في التمرد المتطرف الذي لا يملك فكرا ولا علما ولا قيما سوى الميولات الإنتحارية المرضية.
وعلاج الإستبداد لا يمكن أن ينطلق من فرضية محاربة العفاريت، لأن هذه الفرضية لا تنتعش إلا في أحضان الأنشطة المتوسعة للسحرة والمشعوذين والعرافات . وفي ظل الطرفية المنحرفة المحسوبة على التصوف أو القضاء على التماسيح التي لا تنتعش إلا من خلال الكيانات الحيوانية الضعيفة مثل الجردان والعناكيب والضفادع بل العلاج يتطلب التشخيص العلمي المساعد على صياغة المقاربات الأنجع والأقوى على التحرر من الاستعباد والإستبداد. ولعل من أهم المقاربات العلاجية هي الحكامة التربوية المؤسسة لكل مناهجها وبرامجها على تقديس وتفعيل قيمة الحريات والحقوق في النفوس الإنسانية. فموضوع الحريات والحقوق لا يزال على المستويات العلمية والعملية في المنطقة العربية والإسلامية بسبب تصرفات العديد من الحريات الحزبوية والإسلاموية المستفيدة من التسلط من الأمور المستبعدة بسبب ما يعانيه الباحثون من حصار وإبعاد وخوف أو جراء غرق بعضهم في التنظير للبطش والإستبداد وتوسيع نطاق الخلافات الإثنية والثقافية والمذهبية التي تسهم في تقوية الإستبداد حرصا على صيانة المذهب الذي حولوه إلى عقيدة أو إلهاء البلد بالتهديدات الخارجية التي تطال النيل من الوحدة الترابية دون اكتراث بالغزو الصليبي والصهيوني الإمبريالي الذي ينخر العديد من بقاع البلاد الإسلامية داخل الواقع المعاصر، والدعوة إلى إرجاء النظر في مسألة الحرية والعدالة وحقوق الإنسان التي لا تقبل التعايش مع الإستبداد والظلم والإسترزاق والتخلف.
في ظل الواقع العالمي المعاصر يصعب على أية جهة أن تتحكم في الناس بواسطة الآليات الإستبدادية مهما كانت واجهاتها ومبرراتها وبياض لباقاتها كما يصعب على الجنوب عامة وعلى العرب الأمازيغ والمسلمين بالخصوص، التواجد المتحضر داخل العالم السريع التغير على قواعد المعرف والعلوم والتقنيات المتجددة بدون ترسيخ الحقوق والحريات الإنسانية والعدالة بكل أبعادها علما وعملا إلى أعلى المستويات في سلم التفكير والتربية والتكوين والتنمية الذاتية على قواعد الحكامة العادلة ووفق المنهج الديمقراطي كحصن أساسي ضد كل صنوف الإلتفاف والتدجين والتهميش. فالحكامة العادلة هي الضامن للتربية على الحرية والعدالة وحقوق الإنسان ونشر ثقافتها على كل الأصعدة كي لا تبقى المشاركة محصورة في ما يمسى إنتخابوي أو سياسوي دون أن يكون الناس شركاء في كل ماهو إقتصادي ومعرفي وتكنولوجي وسوسيوتنموي . هذه الجوانب التي تبقى حكرا على القليات المستبدة التي تتقاسم خيرات البلاد الإسلامية العربية والأمازيغية بالخصوص وما تحويه في السماء والأرض والأنهار والبحار والجبال والخدمات بما فيها مواقف السيارات وجمع النفايات.
وإذا كان الإستبداد عدوا للحرية فإنه عدو كذلك للمساواة والمواطنة ، فليس لدى علماء الإستبداد ورواده أية قناعة بالتشارك إلا فيما يسمى بالعمل الجمعوي الإستعراضي وبعض الأفلام السياسوية الإستعراضية وهو ما يجعل شعار كلنا شركاء في الوطن يعاني من الكثير من صعوبات التي قد تصل ببعض المستبدين إلى تهريب الأموال التي سرقوها إلى الخارج. فليس من حق الجميع في ظل الإستبداد التفكير بإقتصاديات الوطن والتخطيط والعمل من أجل إنماءه ، ومقصد بالجميع كل الناس بصرف النظر عن أنواعهم ومعتقداتهم ومستوياتم وفق قيم التعددية الثقافية والسياسية والعلمية والنقابية التي هي الحصن لسلامة وأمن المجتمع ونزاهة مؤسساته وفعالية أجهزته . فالتمييز العنصري والإقصاء الإجتماعي والتفاوت الطبقي والتمييز الجغرافي هي مظاهر من مظاهر عطاءات الإستبداد . وهي أساس خلق وإنتعاش السلوكات العدوانية التي تهدد الكثير من بلدان العالم المتخلف الرازحة تحت الإستبداد والتي يتم تدعيمها وتقويتها تحت يافطة إنعاش الفوضى الخلاقة المسهمة في تأمين مصالح مستقبل الغرب المهيمن.
وهذا أمر لا يمكن التحرر منه إلا بتأمين الحريات وفرض الحق في العمل السياسي بدون خطوط حمراء أو سوداء ترغم الناس على العمل في السر فيتعمق الشك وتنعدم الثقة وتتمثن قيود الإستبداد التي تجابه داخل واقعنا بأليات دفاعية لتأطير التحايل على العيش في مواجهة الفقر أو ضد القهر مرات أو سلوكات العصيان والتمرد والعنف مرات أخرى بحثا عن مساواة تؤمن الكرامة البشرية بكل أبعادها حيث لا يسمح بوجود حزب أو فئة أن تملك أو تحكم أو تمارس الإبعاد والعزل على كل من يحمل تصورا يخالف الإستبداد وقد تمارس عليه كل صنوف التدمير أو توصمه بالعته أو الخباثة أو الإنحراف وهو طابع عنصري من طبائع الإستبداد والذي يتم على أنه أينما وجد فهو تعبير عن معاناة من إضطرابات في النمو النفسي والفزيوليوجي والحسي الحركي والمعرفي والإجتماعي. فهو مبيد لإنسانية الإنسان بسبب عقليته المعلقة وقلبه الزائغ الذي لا يعلم ثباتا ولا يقينا لتكوين إتجاه في الحياة. لقد ولد الإستبداد لدى مستهدفيه الكثير من مشاعر الحزن والكآبة التي تبدو خلال الأفكار والتعبيرات اللاشعورية ومنها الرفض العاطفي والتفكير الخرافي والإحساس بالنبذ والحرمان وعدم القدرة على تحقيق الأهداف الشخصية الهامة والإحساس بالذنب المتمثل في اللوم المستمر للذات والخوف من الناس وهيمنة مشاعر الغضب والانزعاج والاستياء المتمثل في الإحساس بالإقصاء والتهميش أو الاستغلال بالإضافة إلى مشاعر الإحباط جراء عراقيل الوصول إلى الطموحات الشخصية والعامة. وهيمنة القلق والتوتر والذعر حيث يشعر المرء بأنه في خطر لأن شيئا ما سوف يحدث، واتساع مشاعر النقص من خلال مقارنة الذات بالآخرين والشعور بالغربة واليأس والقول بأنه لا قدرة على تجاوز المشاكل والتحرر من قيود الإستبداد والظلم.
بصفة عامة، الإستبداد هو نتاج الاضطرابات التي تطال النمو كما يبدوا من شخصية المستبد التي نجدها في داخل الأسرة ، وفي المدارس والإدارات وكل أجهزة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية وفي القطاع الخاص كما نجدها دخل الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية وفي الحركة الجمعوية بل حتى داخل المساجد ولدى العديد من الحركات الإسلامية ناهيك عن الحركات الطرفية. فهو لا يستطيع النجاح لأنه غير قادر على تحديد ما يريد من نفسه من علاقاته ومن ربه ومن مهنته ...لا قدرة له على تحديد ماذا يريد من الحياة ، حيث لا يعرف أين هو ذاهب لأنه في وضع نفسي مظلم لا يساعده على تقبل الإختلاف ولا يمكنه من ملكات التسامح والنجاح بدل الإنتقام والتسلط ، وضع نفسي لا يؤهله إلى تقبل الماضي والحاضر وتقبل الذات كماهي بكل أبعادها الواقعية والمثالية والإجتماعية.
إن المستبد يعيش في اللاشعور المتسلط عليه لأنه يعاني أيضا من عدم تذوق نسمة الحرية لأنه يعيش تحت شدة العديد من القيود النفسية والفكرية وهيمنة الفراغ الروحي وإنعدام الإحساس بالكينونة، مما يدفع به نحو البحث عن كل سبل الإستبداد والتملك لإشباع التقدير والتحرر من التهديدات الداخلية التي تنتاب واقعه النفسي ولذلك فهو في حاجة إلى التحالف مع الخارج للهيمنة على الداخل متوهما في ذلك إمتلاك المزيد من القوة والتأثير على أحواله ، ناسيا بأن ذلك الخارج ليس له صديق دائم ولا عدو دائم ولكن له مصلحة دائمة ، وأن ما يقوم به فهو مجرد شقاء بذلك الخارج وشقاء من أجل مصالحه الإستعمارية لا فائدة منه لا للمستبد ولا للرازحين تحت نفوذه في نهاية المطاف.
ولعل من أهم وسائل علاج الإستبداد الأقدام على عدالة انتقالية لتربية والتكوين وتنمية الذاتية تصل بالأفراد والجماعات والمجتمع بكل مؤسساته وأجهزته وفي مقدمتها الجولة كمؤسسة إلى تصنيع حياة جديدة على قواعد التفكير الإيجابي المتطلع إلى النجاح وهي مهارة علاجية وتنموية يمكننا الإعتماد عليها من أجل التحرر من إضطراب الإستبداد سواء كما مستبدين أو ضحايا للإستبداد. فهي مهارة يمكننا أن نتربى ونتنشأ عليها جميعا لأنها ليست من الأمور الفطرية كما يسميها البعض الذي يريد توظيف التفكير في تكريس الإستبداد والإستعباد ...فكلنا يستطيع تعلم التفكير الإيجابي وإستثماره في تصنيع الحياة السعدية ، بغض النظر عن المركز العلمي والإجتماعي ، فهل نستطيع السماح لبعضا البعض لتمكين كل فرد من اكتشاف مواهبه في كل مرحلة عمرية بإعتقاد علمي مفاده أن الموهية كنز دفين داخل كل فرد يجب التنقيب عنه وصقله وتوظيفه ؟ هل يسمح الإستبداد المهيمن على حياتنا اللاشعورية بالإقتناع بأن لكل شخص مواهبه المكنونة الكامنة والمختلفة عن الأخر وليس دائما تكون موهبته مشابهة لموهبة غيره من الإنس؟ هل يستطيع المستبد في مختلف المواقع والدرجات الإقتناع بأن سلوكه المضطرب هذا يحرمه من فرص إكتشاف كنزه ويحرم الإنسانية من الإستثمار فيها من أجل تصنيع الحضارة.
هل ندرك بأن الإستبداد يحول دون تمكين صاحبه ومن يهيمن عليهم من تحسين وتطوير التفكير حيث إمكانية تعلم المرء شيئا جديدا يعيق وأن يتقدم ويرتقي بخطوات سليمة يوما بعد يوم دون اكتراث بعوامل السن أو الظروف؟
أليس الطريق المسدود الذي يطال واقع التربية والتكوين والتنمية الذاتية هو مجرد نتيجة من نتائج الإستبداد المنمط لهذه المنظومة التي يحاصر مستهدفيها في مناهج وبرامج تعليمية متجاوزة وتحدد أفاقها بالنسبة لهم في الامتحانات فقط؟ دون عناية بما ينتظرهم من مسؤوليات في تدبير الشأن الحياتي العام والخاص ويخندقهم في براثين التبعية والإنتظارية ، ويقتل لديهم الإبداع ويجمد عندهم التفكير ويوسع الهوة بينهم وبين كل مجالات الإنتاج الفكري والعلمي والإقتصادي والتكنولوجي والإجتماعي.
أليس الإستبداد قائدا لإنتاج الصعوبات الشخصية والجماعية والإنسانية وتراكمها وتوظيفها في تشييد اليأٍس والقنوط والضعف وتفاقمه؟ وهدم الثقة بالنفس وتكوين الأفكار الدونية عن الذات وقتل العزائم . وتقوية عوامل إنماء المشاكل مع ذاته ومع القيم الحياتية التي تدعم صراع المرء مع ذاته ومع القيم والمعايير الإجتماعية الإنسانية وتغرقه في أوحال اللامعيارية بكل مظاهرها الديوكاريهيمة والميرثونية؟
إن الإستبداد مهما كان ومن أية كان يعمق سلبية الإنسان ويحاصر حقه في إمتلاك مهارات التفكير الإيجابي الذي يعتبر أساسية للتحرر من كل صنوف الديكتاتورية الشخصية والمؤسساتية.
فالحكامة الديمقراطية كألية لتحقيق المساواة لم تكون ذات نجاعة في الغرب لو كان الغربيون لا يتربون ولا يربون أبنائهم على التفكير الإيجابي الذي يعتبر من المقومات الأساسية للديمقراطية ومن أهم نتائجها عندما تكون بديلا حقيقيا للقطيعة مع الإستبداد وليس قناعا له ، فهي ليست كتابا مقفلا ولا بحيرة راكدة ولكنها ألية قابلة للتطوير المواكب لمستوى النضج الحضاري للعقل البشري.
وعليه يتبين بأن معالجة الإستبداد لا تعالج بالإستبداد ، ولكن بالتفكير الإيجابي في التشخيص والتوجيه والعلاج والتأهيل والتقييم من أجل التطوير ، وهذا الأمر نفتقده داخل مجتمعاتنا بكل مكوناتها ومؤسساتنا الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والأمنية والقضائية ونفتقده داخل القطاع الخاص والقطاع التطوعي .
فكلنا أو جلنا ، على الأقل ، لا نأبه بالرؤية المرتجعة أو التقييم المرتجع FEED BACK لأي عمل قام به لأنه يعاني من هيمنة الإستبداد الذي لا سمح بالتفكير الإيجابي في التعامل مع الوقائع والتجارب بغية إتاحة الفرصة للمراجعة علو قواعد علمية.
فالإستبداد الذي ينخر بنياتنا النفسية سواء كنا أشخاصا ذاتيين أو أشخاصا متعنويين قتل فينا كل إمكانيات التواصل الفعال والتفاعل المنتج والتفكير بروح الفريق والطرب للمجتمع والتغني بعطاءاته وبطولاته وتطلعاته وأغرقنا في التغني بالبطولات المشخصنة التي سيطرت على كتب التاريخ وعلى النصوص القانونية والإبداعات الأدبية والفنية في حين نشبه رؤوس ضحايا الإستبداد بالأحجار الجامدة التي ينبت فيها الشعر .أو أن الشخص العربي كمادة الكامون لا يمكنها إعطاء الرائحة إذا لم يتم طحنها. وهناك من يرى بأن العرب هم من أبناء غلام حليم في حين أن الأخرين من أبناء علام عليم وفي ذلك إستغلال منحرف للنصوص القرأنية قصد تكريس الإستبداد والظلم . فلا أحد منا قادر على أن يتخذ قرارا ولا أن يملتك مهارات ولا أن يتألق في علم من العلوم ، فكلنا يعاني وبدرجات متفاوتة من الإضطراب والخوف في إتخاد أي موقف ، ومن التردد في إبداء الرأي والإعتقاد الدائم بأنهم على خطأ ، فنحن نخاف من الظلم ومن الشرطة ومن الإدارة كما نخاف من الأبوين والمدرس أكثر من مخافتنا من الله عز وجل بسبب ما تنشآنا عليه ومازلنا . ألسنا بقادرين على التحرر من طبائع الإستبداد؟ بلى ، بقدرتنا على ذلك بالإستعانة بالله عز وجل فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه فليجالس كل واحد منا نفسه ويصارحها ويحاكم ما بداخله من إستبداد محاكمة عادلة تنضبط لكل القواعد الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في القانون ليصل إلى إدراك ما يمارسه من ظلم في حق ونفسه وفي حق الآخرين ، وهذه هي الخطوة . الأولى في معركتنا ضد الإستبداد. فإذا كان الإحباط لا يولد إلى الإحباط فإن النجاح والتحرر لا يتحقق بالحلول المرتجلة أو يرمي اللوم على الآخرين بل هو معادلة مصدرها الجمع بين الرغبة والعزيمة والعمل والتقييم على قواعد التفكير الإيجابي . علينا أن نعمل على استرجاع إرادتنا الشخصية التي دمرتها وسلبتها كل ولأحد منا عملية التربية والتنشئة الإجتماعية على قيم الاستبداد علينا إمتلاك المهارات الأفضل للتعامل مع ضغوط الحياة بدون استسلام. وذلك بتقبل كل منا لذاته كما هي. وتقدير إنجازاته في الحياة وأن يمتلك مشروعه الشخصي الذي يستطيع من خلاله قيسا حضوره في تصنيع الحياة. وأن يتعلم كل واحد منا كيف يتحرر وأن تكون له أهداف شخصية واقعية وحقيقية يضعها في دائرة فعله ويصل إليها بشكل مشروع بعيدا عن الإستبداد أو الركون أو التملق للاستبداد. إننا أمام تحديات كبرى لا قدرة للشعارات السطحية التي تستقي تعاليمها من مؤسسات الإستبداد الإقتصادي والمالي والسياسي التي تنحصر أهدافها في إستنزاف البشر والحجر وكل شيئ لتعينه حساباتها والإستحواذ على المدينين لها.
لكن بإمكان الفاعل في البحث العلمي من أجل الرقي الحضاري والفاعل المدني الإنساني والتكنوقراطي الإنسان والإعلامي الإنسان وعالم الدين الإنسان تنظيم الأوراش القوية على رفع هذا التحدي الخالص من كل الإنفعالات الحادة والتوترات المتعصبة والشعارات والأليات الزائفة لتطهير النفوس أو تحريرها من أفة الإستبداد الذي يصعب في ظله الحديث عن الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان وإصلاح منظومة التربية والتكوين وإصلاح القضاء أو نحتفل بأزهار ما يسمى بالربيع العربي التي لم تثمر جراء إنبعاث الخريف بمياه النقطة نقطة الآتية من بلاد مفكري الفوضى الخلاقة.
فلا حكامة ديمقراطية مع الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته.



#عبد_الله_أبو_إياد_العلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة القلق بالسلوك الإجرامي لدى المترددين على السجون
- نوعية الحياة وواقع الصحة النفسية لدى المترددين على السجون وا ...


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله أبو إياد العلوي - لا حكامة في ظل الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته