أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - المثقفف أمام الاختيار بين أحضان السلطة أم الهامشية الايجابية














المزيد.....

المثقفف أمام الاختيار بين أحضان السلطة أم الهامشية الايجابية


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 10:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


على الرغم من كون السياسة نشاطاً قائماً بذاته، إلا أنها تبقى أولاً وأخيراً نمطاً من أنماط الثقافة، وبالطبع عندما يجري بحث أو تناول إشكالية العلاقة بين المثقف والسلطة، إنما هو في واقع الأمر بحث وتناول حيثيات ومعطيات إشكالية تاريخية تتمحور حول تداخل نمطين أو مجالين من مجالات الثقافة، مرتبطين بجسور من التواصل، بدأ من كونهما ضرورة اجتماعية، ومسار احدهما موازي ومحاذي لمسار الأخر، وطبيعة العلاقة بينهما تكاملية، ولكن من دون نفي ما هو قائم من حالات التنافس والتضاد والتنافر التي قد تُحدثْ خللاً في جسر تواصلهما. فالسياسي محدد بالتزاماته اتجاه الإيديولوجية، وظروف مجتمعه، وتعامله منصب على الحاضر، وعقليته شاء أم أبى محكومة بمنطق براغماتي، هادفة الى تحقيق مصالح معينة، قد تتفق او لا تتفق مع المصلحة العامة، ومن اولوياته الحفاظ على بقاء سلطته بمأمن خارج نطاق المتغيرات، وأما بخصوص منجزة فهو وعي تنظيمي.
بينما المثقف متمرد على قيود والتزامات البعد الإيديولوجي، وما يفرضه الواقع من مهيمنات، وهو متطلع بفكره وعقله ومخياله الى المستقبل، وتعامله على الدوام مع الفضاء المفتوح، وان كان في حقيقة الأمر لا يخلو موقفه أو منجزه من ممازجة مع رؤيته للحاضر الذي يعيش فيه، ولشذرات الاصالة والتراث المرتسمة في أعماقه (وهذا شأن متفاوت، وفي النهاية قد يعزز ارتقاء المنجز الإبداعي أو بالعكس)، بمعنى إن هذه العقلية تمتلك المقدرة على أن تجترح التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل من خلال إنتاج ثقافة حية يقوم عليها إنتاج المجتمع نفسه مثلما هي قادرة على مواصلة فعلها التراكمي كأداة مفصلية في الحراك الاجتماعي على نحو غير مرئي، وان كان نموه بصورة وئيدة تدريجياً، ومنجز المثقف وعي جمعي يُمّكِنُ المجتمع من معرفة حاضره، وامتلاك إمكانيات سيرورة إنتاج مستقبله.
في ظل ما تقدم من إيجاز لأهم الاختلافات بين توجهات المثقف والسياسي في الحياة العامة، وطبيعة نمط كل منهما في الشأن الثقافي، ودورهما في عملية التحولات الاجتماعية، نجد بان السلطة (وبالذات أنظمة الحكم الشمولية) تضع نصب عينيها توظيف المثقف في إطار مؤسساتها بما ينسجم مع سياسات إحكام قبضتها على الشعب، وإذا ما رفض المثقف الانصياع لأساليب الهيمنة والتدجين فأن أجهزتها القمعية متأهبة تسعى بكل ما تملك من مهارة الى إنهاءه من خارطة الوجود أو تحييده ومصادرة رأيه وتهميشه، وهذه التجربة المريرة ليست ببعيدة عن مدارك المثقف العراقي فقد عايش مجريات تفاصيلها في عقود الحقبة الاستبدادية.
واليوم في راهن التشكل الجديد للعراق يبرز تساؤل مشروع وملح، ترى هل بإمكان المثقف أن يؤسس سلطته بمحاذاة سلطة السياسي لكي يختزل زمن عملية التحولات الاجتماعية الجارية، يبدو لي أن الإجابة فيها نوع من التبسيط وفيها كذلك نوع من التعقيد، ولكن من أهم اشتراطات تصويب هذه المفارقة الصعبة النظر الى ما أثبتته التجربة الإنسانية من أن التطورات الحضارية لا يمكن أن تتم بمعزل عن الحكم الديمقراطي وثقافة حقوق الإنسان، فهما يوفران فضاء الإبداع الحقيقي، ولذلك فإن المثقف أول المعنيين بالعمل الدؤوب وبذل الجهود من أجل ترسيخ الديمقراطية كطريقة حياة ووسيلة للحكم ونظام للمجتمع، وتعميق الحريات الإنسانية، وإشاعة ثقافة الاختلاف. وإن معطيات هذا المسار ستؤدي تلقائياً الى مستجدات ترعى تفكيك عقلية التسلط والإقصاء، مساهمة في استنبات مقومات سلطته الفاعلة لاسيما بعدما تبددت أعراف الاستبداد والعزلة والتحييد المقيتة، وتوفرت فرصة مشاركته في الحياة السياسية بصيغة جديدة من المفترض أن تكون وفق أسس تحفظ للمثقف استقلاليته المعرفية وتحرر أدواته الإبداعية، وأجد من المناسب التذكير بواحد من معتقدات المفكر ادوارد سعيد التي ظل متمسكاً به طيلة حياته البحثية، ومفادها بما معناه، إن المثقف الحقيقي هو الذي يرتضي الهامشية في معناها الايجابي، ويرفض إغراءات السلطة ومكافآتها، ويبقى على الدوام مدافعاً عن المقهورين والمظلومين.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاعلية المثقف العراقي في صياغة الدستور
- نجم عبد خضير.. أحمد أدم في هيبة الموت الموشح برائحة الأرض وا ...
- المبدع موفق محمد متألقاً في سويسرا
- الجمعية الوطنية العراقية أمام مسؤولية تاريخية للارتقاء بالأد ...
- القمم العربية من انشاص الى الجزائر
- خذ معك كتاباً إذا دخلت مدينة الحلة
- عرس الدم
- البذرات الأولى لنهضة المرأة العراقية
- نداء من أدباء ومثقفي بابل عن ما بعد الوحشية في التاريخ العرا ...
- ثورة الإمام الحسين (ع) عطاء فكري متجدد
- انطباعات عن يوم عراقي مشرق
- قائمة (اتحاد الشعب) ضمانة ليسار عراقي معافى
- هواجس أمام أنظار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العر ...
- الرقابة الانتخابية ضرورة لكسب ثقة الناخبين
- النص الكامل لقصيدة فتاوى للإيجار للشاعر المبدع موفق محمد
- همسة علها تجد آذاناً صاغية
- الانتخابات المقبلة جدلٌ بين الإستئثار والآمال الوطنية
- خطوات جدية على طريق إنجاز الانتخابات
- ديمومة الحوار المتمدن مفخرة لكل الحالمين بغد أفضل
- راهنية الانكفاء في العراق ما بعد انهيار الدولة


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - أحمد الناجي - المثقفف أمام الاختيار بين أحضان السلطة أم الهامشية الايجابية