أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد عبدالرحمن علي - الفساد وتأثيره على مستقبل بناء الدولة العراقية















المزيد.....



الفساد وتأثيره على مستقبل بناء الدولة العراقية


زياد عبدالرحمن علي

الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية إذا عدنا الى الجزيرة العربية يوم أتصلت السماء بالأرض عن طريق جبريل الذي نزل بالوحي على محمد(صلى الله عليه وسلم) نجد أن هذا الدين بدأ بمنهج عظيم وأفراد قلائل حكموا العالم فيما بعد , وذلك حينما أجاد القائد (صلى الله عليه وسلم) فن التربية وفن بناء الانسان وتنمية قدراته أيما إجادة.
في حين باتت ظاهرة الفساد اليوم من اخطر الظواهر , التي تهدد أغلب دول العالم , بما فيها من مؤسسات ومنظمات محلية وعالمية , لذا يمكن القول ان الموضوع بات من اهم المواضيع المطروحة على الساحتين المحلية والدولية , فقد شهدت السنوات الاخيرة جهود مكثفة من قبل الحكومات والمنظمات الدولية للعمل على تشخيص هذه الظاهرة في محاولة منها للتعرف على اسبابها والحد من انتشارها , وعلى الرغم من الحساسية المفرطة التي تكتنف الولوج في مثل هكذا موضوع , لا سيما في دول العالم الثالث وعلى الاخص في بلد مثل العراق , إن المتتبع للموضوع يرى الزيادة المفرطة في مدى تزايد البحوث والدراسات العلمية التي جعلت الفساد محوراً لاهتمامها .
فالفساد ظاهرة قديمة قدم الانسان , تعايش معها الاخير منذ ان تكونت الدولة وتوزعت مؤسساتها فهي ليست من الظواهر المحلية , إذ لها مسبباتها التي تبدأ بالإنسان فالمؤسسة ومن ثم الدولة , وتتبنى تلك الظاهرة في بعض الاحيان جهات تعمل لمصلحة أو لغاية ما عبر أجهزة مخابراتها أو بعملاء لها في اشخاص او بنوك يعملون على تدمير مقومات الدولة , فقد اثبتت التقارير على ان العالم يخسر ما لا يقل عن 400 مليار دولار سنويا بسبب الفساد وأن الاخيرة تنتشر بصورة أكبر في الدول المنتجة للنفط.
إذ تتجسد الفكرة الرئيسة للبحث حول كيفية بناء مؤسسات ومنظمات رصينة تعتمد في أهدافها على المعايير الاخلاقية (التي توازن بها بين منفعة المؤسسة والمتعاملين معها ) فضلا عن انجازها اعمالها من خلال اعتمادها على قرارات رشيدة من خلال الأنظمة والقوانين الرسمية.
وبناء على ذلك فإن الأمانة العلمية تحتم علينا الانطلاق لدراسة الظاهرة بعدّها جهداً يشير ويؤصل للعديد من أبعادها وسبل انتشارها، ويقدم إسهاماً متواضعاً يستقرئ تجارب العالم الناجحة في إعلان الحرب على الفساد لتوظفها برؤية أكاديمية للحد منه والسير في مجال الإصلاح الذي أصبح ضرورة لا بد منها في عالم اليوم باتباع سبل (الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد)، وبعد ذلك مشاركة قد تفيد في تجنب الإنسانية لويلات ألقت بظلالها عليها هذه الظاهرة.


أولاً : ماهية الفساد الاداري والمالي وانواعه
تعد ظاهرة الفساد الاداري والمالي من أهم الظواهر الخطيرة التي باتت تتفاقم وتشكل خطرا كبيرا لأمن المجتمعات شتى , وشل عملية البناء والتنمية وذلك لما تنطوي عليها من مخاطر في نخر الاقتصاد الوطني للبلد وقدرنه المالية والادارية وبما يجعلها غير قادرة على مواجهة تحديات أعمال اعادة الاعمار وبناء البنى التحتية.
لذلك يمكن رصدها في اغلب المجتمعات ومعظم دول العالم أيا كانت موقعها الجغرافي أو مكانتها في الهرمية الدولية , سواء اكانت ذا اقتصاد متقدم أم نامي , فالمصطلح يحمل في طياته الكثير من المعاني من أهمها هو الانحراف عن المضمون الاخلاقي والاجتماعي , إذ يفهم من خلال ذلك وفي مجال دراستنا هذه بأنها انتهاك صارخ للقوانين والاعراف واستغلال للمناصب وشراء الذمم والرشوة وغير ذلك من المفاهيم الاجتماعية الاخرى.
فلقد بات واضحاً للبشرية كله منذ نشأته حتى يومنا هذا ، أن كل سلوك لا يتوافق ما هو أخلاقي، قيمي ، عقلاني في سلسلة العلاقات المجتمعية على أنه فساد, ففي المفهوم اللغوي يعني الفساد حالة من التلف والعطب وأخذ المال ظلما إذ يفهم من خلال ذلك على انها المؤسسات التي لا تسطيع القيام بوظيفتها التي وجدت من اجلها فتصبح بذلك فاسدة (لا تحقق المصلحة المرجوة منها) , وهنا تمن خطورة واهمية الموضوع , فعلى الرغم من أهمية الموضوع وطبيعته وكثرة الدراسات المتعلقة بها إلا أنه لم يتم الاتفاق الى يومنا هذا على تعريف واضح المعالم يشمل الفساد بكل جوانبه وابعاده القانونية والسياسية ويعود ذلك الى تشابك المفهوم وابعاد الظاهرة (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا) .
فقد عرفته موسوعة العلوم الاجتماعية على أنه سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصة , ويفهم من تعريف اخر على انه هو خروج عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما من اجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة , بينما تعرفها منظمة الشفافية الدولية على انها إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص.
من هنا يمكن تقسيم الفساد إلى نوعين :
الاول : هو الفساد الصغير الذي يمارس من فرد واحد دون أي تنسيق مع الآخرين سواء (موظف في نفس المؤسسة أو مدير المؤسسة) لذا نراه ينتشر بين صغار الموظفين عن طريق استلام رشاوى من الآخرين .
الثاني : هو الفساد الكبير الذي يقوم به كبار المسؤولين والموظفين في الدولة لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية كبيرة وهو أهم واشمل واخطر وذلك لتكليفه الدولة مبالغ ضخمة .
فضلا عن ذلك يمكن تقسيم الفساد من ناحية انتشاره إلى نوعين الاول محلي ينتشر داخل البلد الواحد في منشأته ومؤسساته , وبخاصة الاقتصادية منها وضمن المناصب الصغيرة , أم الثاني فهو الانتشار الدولي إذ دائما ما ترتبط الدولة بكيانات دولية اخرى ولا سيما في المجال الاقتصادي من هنا يبدا الفساد لتمرير منافع اقتصادية ليس لمصلحة البلد وإنما لمصالح شخصيات ويذكر هنا أن أهم صور ذلك هو العولمة التي تأخذ على عاتقها فتح المعابر والحدود بين الدول وذلك فيما يسمى بالاقتصاد الحر.
ثانيا : الفساد الاداري والمالي اسبابه وتأثيراته وابرز صوره
بداية يمكن القول أن الاسباب السياسية والاجتماعية هي من اهم الاسباب التي تعمل على إدامة الفساد بين افراد المجتمع ومن تلك الاسباب غياب الديمقراطية والحريات العامة فضلاً عن عدم فاعلية منظمات المجتمع المدي وغياب الرقابة الفعلية للأنظمة والتشريعات داخل البلد الواحد , وخير مثال على ذلك هو ما عاشه العراق في فترة النظام السابق من غياب للحريات وعبث بنظام البلد من قبل القائمين عليه من خلال تبذير الاموال العامة من قبل افراد النظام نفسه دون اي رقيب وبخاصة في حقبة الثمانينيات و التسعينات , حيث لم تصرف تلك الاموال على مشاريع التنمية الاقتصادية للبلد وانما كانت تصرف على ملذات القائمين على هذا النظام حيث كانت من اهم نتائج انتهاج هذه السلوكيات هو زيادة المشاكل بين مواطني البلد الواحد وانتشار الفساد بنوعية الاداري والمالي في حين شاعت المحسوبية والمنسوبية أغلب مفاصل الدولة العراقية أنداك .
فيما يعد الاوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع تكاليف المعيشة من أهم الاسباب الاقتصادية التي تؤثر وبشكل كبير على تنامي حالات الفساد , فمع ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، من المحتمل أن يكون العراق بلدا مزدهرا جدا , مثل العديد من البلدان الاخرى التي تعتمد على النفط مثل الكويت والمملكة العربية السعودية ، ومع ذلك يشير التاريخ الحديث في العراق إلى وجود نمط من الاستبداد والفساد والعنف في إدارة الحكم , وقد صورت الإدارة الأمريكية احتلالها للعراق عام 2003 على أنها محاولة لكسر هذا النمط وضمان الديمقراطية والأمن والرخاء المشترك للعراقيين , إذ عكس الاحتلال صورة أخرى عما ذكر سابقا متمثلا بصورته البشعة لدولة محتلة هي القطب الاقوى في العالم فكان هدفه الرئيس هو تدمير البلاد ومنظومته القيمية والاخلاقية . ومن بين أهم الممارسات التي اشاعتها دولة الاحتلال الامريكي الفساد بكل أنواعه وأشكاله وطرقة , وذلك من خلال سلطته المؤقتة وممثليها في كل الوزارات إلى ان صنفت المنظمات الدولية المهتمة بالفساد في العالم على ان العراق يعد البلد الاكثر فسادا في العالم , وبذلك يمكن القول أن العراق دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية من أوسع أبوابه , فقد اضحت العلاقة طردية ما بين تضخم الموازنات وازدياد الفساد حتى بات الاخير له مصانعه الخاصة وعابراً للحدود حيث بات العراق بحسب التوصيفات (أكبر فضيحة فساد في التاريخ) وذلك عندما عمل دولة الاحتلال على تبديد المليارات من الدولارات من الاصول العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد الاحتلال مباشرة , أو التي تم وضعها تحت تصرفه بموجب قرارات دولة الاحتلال , فمازال المتتبع للشأن العراقي يرى صورة واضحة للفساد الإداري والمالي في دوائر الدولة حتى بعد الانسحاب الامريكي من العراق ، ولكن هذه المرة بصورة أكثر ضراوة عن ما قبل بالشكل الذي لا يمكن السكوت عنه ! إذ تشير الإحصائيات الأخيرة للفساد في العالم أن العراق يقع في المراتب الأخيرة (المرتبة 129) في سلم الفساد أو الدول الأنظف من أفة تعد هي الاخطر على دول العالم.
مما تقدم يبدو أن عملية استفحال ظاهرة الفساد بنوعيه الاداري والمالي إنما كان نتيجة لعدم مسؤولية الولايات المتحدة الامريكية لما يحدث فيها من خراب ودمار فضلاً عن عدم متابعة وجدية الحكومات العراقية بعد العام 2003 (بداً من حكومة ايد علاوي وابراهيم الجعفري على التوالي وانتهاء بحكومة نوري المالكي الذي لازال في سدة الحكم) فضلا عن ذلك استعظام دور العناصر الفاسدة في كل مفاصل ومؤسسات الدولة العراقية والتي أثرت بشكل سلبي في مسيرة الاقتصاد العراقي وبناء الدولة العراقية الجديدة .
وهنا يمكن للباحث أن يضع بين يدي القارئ الكريم مجموعة من ابرز صور الفساد :
أ‌- الرشوة : وهي صورة يتلمسها كل ذي حس في تعامل وسلوك الموظف مع عامة المجتمع عندما يريد استغلال سلطته، وقد عرفت الرشوة عند صغار الموظفين وعند كبار المديرين وهي تختلف بشكلها وطبيعتها فقد تكون (ذات قيمة مادية) أو تكون (ذات طبيعة عينية) وقد تأخذ مفاهيم وتفسيرات عدة، فمنهم يسميها (هدية)، ومنهم من يسميها (مساعدة)، ومنهم من يسميها (إكرامية) والكل يعي أنها (رشوة) مهما اختلفت التسميات.
ويشير الحديث الشائع بين مختلف شرائح المجتمع العراقي إلى استفحل ظاهرة الرشوة إلى حد أنها لم تعد تقدم سراً , فهي اليوم لا تحتاج الى ارقام واحصائيات وإنما هي ظاهرة للعيان يتعايش معها معظم افراد الشعب سواء عن اختيار أو للاضطرار أو الاجبار , حيث أفادت أحدث تقارير الامم المتحدة الانمائي على ان 60% من موظفي الخدمة المدنية في العراق يتعاطون الرشوة واكدت الدراسة على أن نسبة الرشاوي اعلى منه في بغداد عن بقية المحافظات العراقية حيث وصل إلى ما يقارب من 29% في حين كانت محافظات الاقليم الاقل تعاطيا.
ب‌- المحسوبية والمنسوبية : وهي ثاني الصور التي نعرض إليها من خلال تحليلنا للفساد الإداري والناجمة عن محاباة الأقارب والأصدقاء ، لذا نجد في دراسة للكاتب (جيسن سكوت) وهو يشخّص هذه الحالة ويطلق عليها مفهوم (الفساد الرعوي) على أساس أن هذه الآلية تنطلق من روابط القربى والوضع الطبقي والولاءات التقليدية الضيقة التي تكون مخرجاتها تقريب طبقات وجماعات واستبعاد وربما اضطهاد جماعات وطبقات أخرى متأثرين بذلك بالأصول العرقية والاجتماعية , ويُذكر هنا أن الآلية المذكورة مستشريه في عالم الجنوب بشكل واضح , في حين يمكن تعريفه على أنها إسناد العمل الوظيفي لشخص أو مجموعة اشخاص لا يتناسب مع امكانياته وخبرته العملية بسبب توصية معينة من شخص أو من مسؤول معين مما يؤدي إلى تدهور في الانتاجية وضعف في الاداء وغياب الابداء .
إذ نجد على المستوى الاداري العربي (المحلي والاقليمي) واقعيا وافتراضيا ايضا, ان المحسوبية والواسطة تنتشر بشكل كبير , وذلك عن طريق استغلال العلاقات الاجتماعية من اجل تمرير الاهداف والحصول على مواقع وظيفية ومناصب ادارية , في حين نلاحظ أن كل شيء يدار في العراق حسب المزاجية والمحسوبية وأن اكثر شريحة مضطهدة من ذلك هم الكفاءات واصحاب الخبرات , ويمكن التأكيد في ذلك على ما قاله النائب جعفر الصدر على انه (لا يمكن لاحد أن ينكر اهمية وحيوية البرلمان في حياة الأمم , غير أنه في العراق ، وللأسف الشديد، تم عمليا تعطيل وإفراغ هذه المؤسسة من محتواها الاساسي وذلك بفعل ما يسمى بالكوتا والمحسوبية وما يلحقها من علاقات زبانية وأضاف قائلاً أن اجواء المحسوبية الطاغية أفسدت الحياة السياسية).
ت‌- الوساطة : هو تدخل شخص يحمل عنوانا وظيفيا أو عضوا بارز لإحدى التنظيمات السياسية لصالح شخص اخر في محاولة منه للتعين أو إحالة عقد أو اشغاله مناصب أخرى.
لذا تعد من الظاهر السلبية المنتشرة في العراق سيما انها مرت بمراحل عدة بدءاً من تأسيس الدولة العراقية إلى يومنا هذا إذ تميزت بداياتها على انها خدمة مجانية وإرضاء لبعض الاصدقاء واستمرت هذه الحالة إلى حين دخول العراق في حرب طاحنة مع الجارة ايران حيث انتهت الخدمة المجانية نتيجة لسوء الاوضاع الاقتصادية والحصار الاقتصادي المفروض على العراق ولذلك انتشرت ظاهرة الفساد الاداري والمالي على الرغم من السياسة العقابية الشديدة أنداك , واستمر الحال هذا الى ان جاءت المرحلة الحالية مرحلة الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 والتي تميزت بتحسن الحالة المعاشية للمواطن وزيادة القدرة الشرائية, وعلى الرغم من ذلك اتخذت الوساطة شكلاً جديدا لم يسبق لها مثيل في انحاء العالم ذلك بارتدائها ثوباً سياسيا , يمكن ان نطلق عليها بالوساطة السياسية بعد ان قامت الاحزاب والكيانات بالتدخل بشؤون الإدارة وفرض رغباتها على حساب الكفاءة وعلى حساب استحقاق المواطن نتيجة للمحاصصة السياسية القائمة عليها النظام السياسي في العراق وبالرغم من ذلك فان الجرائم الاقتصادية لم تغيب عن الواقع العراقي والسبب يعود لعدم قناعة المواطن في الكسب الحلال البطيء واصبح الهدف هو الكسب السريع وان كان ذلك على حساب الرزق الحلال.
وهنا لا يسعنا المقام لدخول في كل انواع ومظاهر الفساد في العراق بسبب كثرة تلك الطرق والحيل بدا من التزوير ونهب ثروات البلد فضلا عن التباطؤ في انجاز المعاملات العامة إلى أخره من طرق الفساد المنتشرة وبكثرة في مؤسسات ومفاصل الدولة العراقية.
ثالثاً : نتائج الفساد في العراق وتأثيره على بناء الدولة العراقية
تعدُ ظاهره الفساد الإداري والمالي التي تواجه البلدان كافة بكل مفاصلها وقطاعاتها , ولاسيما بلدان العالم النامي من أخطر المشكلات التي تٌوق تقدمها وتنميتها , حيث أخذت الظاهرة تنخر في هياكل مجتمعاتها بدءاً من الأمن بكافة صنوفه واشكاله فضلاً عن شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية التي تنطوي على تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات أعمار وبناء البنى التحتية اللازمة وانتهاء بضعف بنية الحكومات المبنية على ذلك.
إذ لا يمكن ان يسود الفساد إلا في المجتمعات التي تنبذ الحريات العامة وتفتقر إلى أجهزة رقابية فاعلة وبالتالي يتناقض ذلك مع مبادئ الحكم الصالح الذي يتميز بحكم القانون والمساءلة والمشاركة الفعلية وطبقا لتلك الميزات يعد العراق البلد الاكثر نضوجا لمثل هذه الظاهرة , ففي حالة الاخيرة يعد الفساد من اهم مظاهرة وميزاته التي تميز بها , سيما في مرحلة الاحتلال الامريكي , فمن الثابت أن الديمقراطية في المصطلح الأمريكي صارت اسماً حركياً للاحتلال أو إملاءً لشروط استعمارية , فقد تزامنت مبادرة وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية للديمقراطية في الشرق الأوسط عام 2002 مع الاستعدادات الأخيرة لاحتلاله ، حيث كانت الاخيرة عام 2003 هدفاً رئيساً لتحطيم المنظومة الاقتصادية العراقية على اعتبار الاخير رافضاً لكل معطيات التسلط والاستعمار , فقد تميزت مرحلة الاحتلال إلى جانب انتشار الفوضى وعمليات النهب التي طالت مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها من مدنية وعسكرية وبدعوى تشجيع الاقتصاد الحر, عمل الاحتلال على الغاء الضريبة على المنتجات المستوردة وبيع الممتلكات العامة لمستثمرين أجانب.
إذ تؤكد المصادر على تبديد ما يقارب من ثمانية مليارات دولار من قبل الحاكم المدني للعراق بول بريمر فيما تراوحت قيمة عمليات التهريب الداخلي والخارجي للنفط العراقي بين 400 و 800 مليار دولار , ويذكر تقرير صادر عن مكتب المحاسبة في الحكومة الامريكية بأن نسبة التهريب النفطي في اليوم تتراوح ما بين 100-300 الف برميل أي ما يعادل خسارة 10 ملايين دولار تضاف الى مجمل الخسائر العامة.
ومن أجل الالمام بالموضوع بكل جوانبه نقسم الاثار إلى ثلاثة متغيرات رئيسة :
أولاً : المتغير الاجتماعي
بداية يمكن القول أن التداعيات الاجتماعية للفساد يشكل تحديا من اهم التحديات التي تواجه بناء الدولة العراقية الحديثة , سيما في ظل الظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق في الوقت الحاضر , وذلك باستغلال المواقع والمناصب الحكومية من خلال عناصر تسللت الى داخل مواقع المسؤولية الادارية في مؤسسات الدولة ومفاصلها الاساسية , والتي استغلت الوظيفة لتماس سلوكا يتنافى والقيم التي يؤمن بها المجتمع العراقي خلال تاريخه الطويل, لذلك يعد الفساد احد اهم التحديات التي تواجه عملية بناء الدولة العراقية لانه يمثل سلوكا خطيرا لحقوق الانسان فضلا عن الاضرار البالغة بالأسرة والمجتمع ناهيك عن تداعياته الاخلاقية والقيمية على المدى البعيد.
إذ يؤدي الاثار المترتبة للفساد على هذا المتغير إلى خلخلة القيم الاخلاقية وبروز نوع من التعصب والتطرف في الآراء فضلا عن انتشار اللامبالاة والسلبية بين افراد المجتمع نفسه, مما يؤدي الى انتشار الجريمة كرد فعل لانهيار القيم التي يؤمن بها المواطن وعدم تكافؤ الفرص في كل مجالات الحياة اليومية, فازدادت الامراض النفسية وتفاقمت الازمات الاجتماعية والتوترات الاسرية لاسيما وان اليأس بدأ يدب في صفوف افراد المجتمع نتيجة غياب مؤشرات ايجابية للقضاء على ظاهرة الفساد.
فيما يؤدي ذلك إلى انتشار الفقر وزيادة حجم المجموعات المهمشة والبطالة فضلا عن تراجع الاهتمام بالحق العام والشعور النفسي الذي يولد لدى المواطن بالظلم الذي يؤدي بدوره الى الاحتقان الاجتماعي , حيث ينظر إلى أثر الفساد في ارتفاع مستويات الفقر في العراق من زاوية الاثر غير المباشر متمثلا بالعلاقة بين معدلات التضخم والبطالة من زاوية وأثرها في ارتفاع مستوى الفقر من زاوية أخرى, فبدلا من تبني الدولة استراتيجية تستجيب لأهداف العدالة الاجتماعية المفقودة في العراق عملت على مناهضة ذلك ووجهت بالتالي اغلب استثمارات البلد الى قطاعات اخرى ومشاريع تحقق النفع الخاص .
فلاشك ان الادارة هي العمود الفقري للدولة، وهكذا ذهب المنظرون الاجتماعيون وابرزهم ماكس فيبر الى اعتبار التنظيم الرسمي يمثل حالة في غاية الاهمية لبناء المجتمع الحديث، وقد وضع اسس ذلك من خلال وضع اصول ذلك التنظيم من الهرم الى القاعدة متضمنا قواعد ولوائح تحترم كل مفصل من مفاصله وبطريقة عقلانية وعلمية، وعندما كانت الادارة في المجتمعات النامية وهي مجتمعات تعاني من اخفاقات حقيقية على مستوى الفكر والاداء والممارسة فان امكانية تغلغل الفساد اليها يكون واردا على طول الزمن.
إن انهيار التقاليد الادارية والاجتماعية في العراق لم يكن قد بدا مع انهيار النظام السابق عام 2003 ,انما بدا مظاهرة للعيان قبل ذلك, حينما تفاقمت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بشكل مخيف لاسيما وان العراق خرج من حروب طويلة 1980-1988 وعاش ظروف اقتصادية تركت تداعياتها على منظومة القيم الاجتماعية وبالتالي على منظومة القيم الادارية ,إذ وجد الكثير من المسؤولين الاداريين صغارا وكبارا فرصتهم لاستغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية لدرجة باتت الظاهرة تشكل خطر محدقا على المجتمع بأكمله بعد ان تلاشت امال المجتمع تجاه قضايا الاعمار والبناء حتى صارت اي محاولة للإصلاح في الوقت الحاضر, لا يمكن النظر اليها الا على انها ترقيع ما تم خرابة في الوقت الحاضر, ولعل اساس هذا الخراب او جوهرة هو خراب الانسان ذاته التي اختلت موازينه تحت وطئه الظروف الصعبة وهو ما ادى الى انهيار منظومة القيم الادارية وما نتج عنه بفتح الباب على مصراعيه امام الفساد في ظل غياب المساءلة القانونية الصارمة.
إذ لم يكن اختلال منظومة القيم الاجتماعية العراقية بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 أمرا مفاجئا بل كان نتيجة طبيعية، لكن الغريب والمثير للدهشة هو الوتيرة المتسارعة للاختلال والتي أسهم فيها بنحو لافت, الاحتلال والحكومات التي نصبها , والتي كما هو معروف قامت على أسس طائفية وعرقية وفئوية ما أدى إلى صنع منظومة التفكك الوطني الفاعلة بمقاييس الطائفية السياسية والعرقية القومية العلنية والمبطنة ، أي أشد النماذج تخريبا للفكرة الوطنية ومرجعيات التعايش السلمي المشترك لمكونات المجتمع العراقي التي باتت اليوم تلمس لمس اليد صور الفرز الطائفي القومي والفئوي في كل مرفق من مرافق الدولة والحياة العامة. هذه الحقيقة التي لابد منها يمكن تلمسها في كثير من التقارير الدولية التي صدرت متناولة الوضع الاجتماعي في العراق بعد غزوه واحتلاله والتي كان آخرها تقرير صدر نهاية شهر نيسان 2010 عن معهـــد الديمقراطية التابع للحكومة الأمريكـــية والمســـتند إلى تقرير منظــــمة العــــمل ومنظمة حقوق الإنسان بعنوان (أصبح العراق مركز الخطف والدعارة وقطاع الطرق في الشرق الأوسط، ويذكر التقرير أرقام ونسب وسرد لحقائق مخيفة عن العراق تتعلق بالفقر والبطالة والدعارة وخطف وبيع الأطفال والأيتام والاتجار بالأعضاء البشرية واستعراض لعصابات تهريب الأطفال تدار من قبل ممرضين تم كشفهم في أكثر من مستشفى حكومي , فالخطورة في هذا التقرير ليست في كارثة العنف والبطالة والفقر فحسب فالعراق يمتلك من الثروة والقدرات والإمكانيات ما سيؤهله تجاوز كل هذه المحن لو صلحت فيه الإدارة والسلطة، ولكن الأكثر خطورة من ذلك هو أن تخترق وتستهدف فيه منظومة القيم والأخلاق والأعراف والتقاليد إلى هذا الدرك الأسفل من طبيعة الجرائم والممارسات التي أسس لها الغزو والاحتلال.
ثانياً : المتغير الاقتصادي
استشرى الفساد في السنوات الأخيرة واتسعت مجالاته وأشكاله وأصبح ظاهرة عالمية لا تقتصر على دولة أو منطقة بل تمتد إلى المناطق والدول كافة وأصبح يهدد الاقتصاد القومي ليس فقط على مستوى الدول المتقدمة بل الدول النامية أيضا ، إذ أصبح اليوم قوة ذات تأثير اقتصادي واجتماعي وسياسي, ويعد العراق من الدول التي استشرى فيها الفساد في الأعوام المنصرمة وأصبح من التحديات الكبرى التي تواجه بناء الدولة والنهوض بالواقع الاقتصادي.
في حين أثبتت البحوث والدراسات ونتائج استطلاع الرأي العام على ان للفساد انطباعاً سيئاً على وضعية الفقر, مستوى الاسعار , نجاعة الاستثمارات , الانفاق الحكومي , توزيع الدخل , نوعية الخدمات, وضعية الموارد البشرية والفكرية , التحصيل الجامعي , إعانات التنمية , تكاليف الانتاج وأعباء الاستغلال, حيث كشفت منظمة الشفافية الدولية أن العراق يقبع في قعر معدلات الفساد في العالم , وهو ما ادى إلى إذكاء العنف السياسي والحاق الضرر بعملية بناء دولة عراقية فعالة وبمن ثم نقص في الخدمات ,إذ ما يزال العراق دولة فاشلة في توصيل ابسط الخدمات الاساسية للمواطن , وعلى الرغم من المحاولات المبادرات التي تأتي بين الفينة والاخرى من هنا أو هناك ومن أبرزها مبادرة دولة رئيس الوزراء (نوري المالكي) بمكافحة الفساد خلال 100 يوم في العام 2011 إلا أنها لم تأتي بنتيجة إيجابية , والتي شككت بإرادة الحكومة والتزامها بجهود مكافحة الفساد.
إذ تشير الكثير من الدراسات التطبيقية على ان للفساد اثارا سلبية على اقتصاد أي بلد منها الفشل في جذب الاستثمارات الاجنبية وهروب رؤوس الاموال المحلية إلى الخارج , وهو ما يؤدي إلى ضعف عام في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والعوز , فقد شهد الاقتصاد العراقي تحولا كبيرا في ديناميكية عمله بعد عام 2003 وبذلك واجه مشكلة من اهم المشاكل الاقتصادية والمتعلقة بظاهرة التضخم بسبب الاختلالات الهيكلية وإدارة غير كفؤة من قبل الماسكين بزمام الامور وهو ما عززت من حالات الفساد المالي والاداري في مختلف قطاعات الدولة .
حيث سعت الحكومة العراقية منذ اعتماد اقتصاد السوق الحر بدلا من الاقتصاد المركزي والتخطيط البيروقراطي المركزي الى تشجيع رؤوس الأموال على الاستثمار في العراق, وشُكلت هيئة وطنية لهذا الغرض تحديدا وعُقدت مؤتمرات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول اخرى لاطلاع الشركات واصحاب رؤوس الأموال على فرص الاستثمار المتاحة في العراق. ويركز هذا المجهود على حقيقة ان العراق خرج من الحروب التي مرت عليه وما ترتب على مغامرات النظام السابق من عقوبات دولية ، باقتصاد مدمر يحتاج الى اعادة اعمار في كل المجالات, ولكن نتائج هذه الحملة لاستدراج الاستثمارات الخارجية وحتى رؤوس الأموال الوطنية كانت حتى الآن متواضعة بل لا يُعتد بها مقارنة مع احتياجات العراق ، ما عدا قطاع النفط بطبيعة الحال.
وبناءا على ذلك ازدادت موجات التضخم فضلا عن تدني نوعية السلع , فقد بدأ الارتفاع التدريجي للأسعار مع حدوث ازمة الطاقة النفطية ثم انتقلت لتصيب بقية القطاعات , بعدها انتقلت لتمس حياة المواطن مباشرة , فساد ذلك في تدني مستويات المعيشة وارتفاع الاجور بين افراد المجتمع العراقي مما احدث نوعا من الطبقية , طبقة تتمتع بمستويات عالية من الرفاه فهي قريبة من مراكز السلطة أما الاخرى فيكاد لا يكفي دخلها لتلبية متطلبات المعيشة اليومية.
فضلاً عن ذلك تعززت مشكلة البطالة في العراق بجميع انواعها (المقنعة والاجبارية ..) من خلال قرارات الحاكم المدني للعراق (بول بريمر) بتسريح الجيش العراق وجميع الاجهزة الامنية أبان الاحتلال الامريكي , فقد أكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية أن نسبة البطالة تجاوزت 52% وهي اعلى نسبة في دول المنطقة بسبب توقف المشاريع الانتاجية فضلا عن أن الكثير من الاموال التي خصصت لذلك قد تم سرقتها بسب حالات الفساد في اجهزة ومؤسسات الدولة.
في حين أكدت الخبيرة الاقتصادية بوزارة الصناعة والمعادن (إخلاص جبار) أن المطلوب هنا تنفيذ حزمة متكاملة من السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية المرتبطة بتنفيذ برنامج استثماري واسع لرفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة مستويات تشغيل الايدي العاملة , وكذلك تشجيع الاستثمار بشقية المحلي والاجنبي أو المباشر وغير المباشر , عبر إجراء إصلاحات إدارية ومالية شاملة.
وكان انشغال الحكومة الى جانب الكتل السياسية في الصراعات الجانبية وتغليب مصالحها الخاصة على مصالح المجتمع الاثر السلبي الاكبر على جميع خطط الاصلاح الاقتصادية والتنموية كما, ساهم ذلك الصراع القائم حتى يومنا هذا في انعاش بيئة الفساد المالي والإداري فضلا عن دوره في زيادة حجم التحديات الخطيرة امام المجتمع العراقي , وهي تحديات لا يمكن مواجهتها دون استقرار سياسي يؤسس لوضع خطة اقتصادية سليمة مع ضمان استقلالية السلطات الرقابية في مجرى مكافحة اسباب الفساد المالي والاداري وفصل المصالح الشخصية والفئوية والحزبية عن المشاريع التنموية العامة حيث اقترن تفاقم ظاهرة الفساد المالي والاداري في العراق وتعطل غالبية المشاريع الاقتصادية بغياب الدور الرقابي الفعال لدوائر - المساءلة والشفافية والنزاهة المكلفة بإخضاع المسؤولين عن الوظائف العليا والموظفين الحكوميين والمؤسسات غير الحكومية. للمساءلة القانونية والأخلاقية عن نتائج أعمالهم .
واستبشر المخططون بخروج العراق من احكام الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وتحريره من القيود المالية المترتبة على ذلك لتشجيع رؤوس الأموال على المجيء , ولكن قبل ان تتضح النتائج الايجابية لهذه التطورات شهد الوضع الأمني انتكاسة كبيرة تركت آثارها في السوق العراقية , وتردد ان رؤوس الأموال بدأت تهرب من العراق تحسبا لاستمرار الوضع الأمني في التردي لا سيما وان شهر تموز كان الأشد دموية منذ خمس سنوات بمقتل أكثر من الف شخص ، وفق ارقام الأمم المتحدة , ولكن مراقبين لاحظوا ان رؤوس الأموال كانت تعزف عن المجيء الى العراق قبل تردي الأوضاع الأمنية وان العوامل الطاردة للاستثمار ما زالت أقوى من المخاوف الأمنية.
ولابد من الاشارة هنا الى ان دواعي النهوض الاقتصادي في العراق ماتزال قائمة استنادا الى امتلاك العراق لمخزون كبير من الثروات الطبيعية التي تتيح لشعبه العيش في رفاه وازدهار بل وجعله في موكب الدول المتقدمة في حال تم الاستفادة من الموارد البشرية المتوفرة بصورة صحيحة والحد من هجرة العقول , وفي ضوء مثل هذه التوجهات لابد من احداث تغيير في السياسة الاقتصادية التي مازالت تعتمد على واردات النفط حصرا وتهمل المرافق الاقتصادية الاخرى مثل القطاع الزراعي وقطاع الصناعة المحلية ... التي بدونها لا يكمن للعراق ان يحقق نهضة اقتصادية متكاملة.
ثانياً : المتغير السياسي
قد تكون مفارقة كبيرة ان يطلق على آفة الفساد وصف المؤسسة لكن واقع الحال في العراق يمنح معطيات وافية لصدقية هذا الوصف لاسيما مع ما يلمسه المجتمع العراقي يوميا من تغول هذه الظاهرة المؤسفة في جميع مفاصله الحياتية وسريانه على نحو منظم في كامل جسد الدولة العراقية تقريبا حتى وصل الامر بإحدى المنظمات الدولية الكبرى في مجال رصد اوجه الفساد في العالم ان تعتبر ما يجري في العراق من فساد بمثابة اكبر فساد في تاريخ البشرية.
لقد تضافرت قوى رئيسية في السنوات الاخيرة من اجل جعل صورة الفساد في العراق على ما هي عليه من قتامة وحجم مهول تستحق به ان تحوز لقب المؤسسة ، بل المؤسسة المنظمة تنظيما جيدا، المؤسسة التي تقرر ما تريد وتنجز ما تريد باقل جهد واسرع وقت ، وإحدى أهم هذه القوى التي اوصلت الفساد لدينا الى ما هو عليه اليوم النخبة السياسية الحاكمة.
إذ ليس المقصود من ذلك ارادة التعميم على جميع افراد النخبة السياسية الحاكمة في العراق , فلا ريب في وجود من تثير حفيظته كلمة الفساد بل المقصود من هذا العنوان العدد الاكبر ممن تصدوا لإدارة الدولة سواء عن طريق التعيين او الانتخاب ولم يعلنوا حتى هذه اللحظة الحرب الشاملة ضد الفاسدين والمفسدين بل ان فيهم من يسهم في خلق جو ملائم لازدهار الفساد في حين يفترض به ان يكون اداة للفتك بهذه الافة.
ففي مقابلة لنائب رئيس الوزراء العراقي (صالح المطلك) لإحدى الصحف العربية أكد على ( إن الفساد مشكلة كبيرة جدا في العراق، مؤكدا أن الكثير من الكتل السياسية متورطة فيه.
وأكد النائب ايضا كلمته في المنتدى الاقتصادي العالمي والتي اقيمت في الأردن على أن العراق كان قادراً على مكافحة الفساد لو كانت هناك لدى كل الكتل السياسية إرادة لذلك, وأوضح أن " أكثر مرحلة حصل فيها فساد هي فترة رئاسة رئيس الوزراء الحالي (نوري المالكي) لكنه لا يتحمل وحده الموضوع بل جميع الكتل السياسية".
فعلى مستوى البرلمان ما يزال اعضاء مجلس النواب ابعد ما يكونون عن وضع استراتيجية لمكافحة الفساد , وقد تابعنا منذ مدة ليست بالقصيرة وبأسى كبير مماطلة نيابية فجة قبل الغاء المادة 36 الفقرة ( ب) التي تمثل حلقة مهمة في حماية الموظف الفاسد بإجماع فقهاء القانون ولم يشفع لإلغاء هذه المادة فورا انها تدخل في جملة قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، بينما سارع البرلمان وبفترة قياسية الى الغاء قانون سابق يطالب الموظف العام بالإبلاغ عن تلقيه هدية اجنبية ويرتب عليه عقوبة صارمة في حال عدم الابلاغ ، وقد سوغ البرلمان الغاء هذا القانون بكونه يدخل في جملة قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل من دون تشريع نص قانوني بديل يعالج فكرة القانون الاساسية الايجابية في جوهرها, لم يقتصر الفساد على نهب وهدر وسرقة الأموال والثروات الوطنية وتفشي مظاهر الفساد الإداري بل تعدى ذلك ليصبح الفساد محمي بقوة القانون ومثال ذلك قانون العفو العام الذي أصدره مجلس النواب في سنة 2007 وما ترتب عليه من إعفاء عدد من المفسدين الذين اختلسوا وسرقوا المال العام عن طريق الصفقات التجارية من المسألة القانونية ، والآن في نية المجلس إصدار قانون آخر للعفو العام يشمل (مزوري الشهادات الدراسية) من المسؤولين على مختلف مسؤولياتهم.
فيما يعد الصراع السياسي على النفط ابرز تحد في مستقبل المشهد السياسي العراقي , فالجميع يتسابق للسيطرة على هذه الوزارة ضمن الوزارات السيادية وكذلك الحال مع وزارة الخارجية ووزارة المالية وهذه الوزارات خضعت وبشكل حاد للمحاصصة الطائفية ومثلت أبشع أنواع الصراع الطائفي والقومي من اجل السيطرة على هذه الوزارات , كما لا يجب ان ننسى وزارتي الداخلية والدفاع والتعليم العالي والتربية وبقية الوزارات الأخرى التي دخلت ضمن الصفقات والمحاصصات وبشكل عشوائي تم إفراغها من الكفاءات والخبراء وأضحت خاضعة لمزاجية الكتل السياسية وقد استشرى الفساد والمحسوبية والمنسوبية والتزوير في الشهادات وتولي قيادات غير كفؤة وبعضهم لا يمتلك شهادات أو خبرة في الإدارة والتحديث ومواكبة التطور والتكنولوجيا مما تراجعت نسب الانجاز وتعطيل المشاريع والأعمار .
إذ أن هناك العشرات من المليارات التي تم سرقتها من قبل أطراف عديدة في مقدمتهم المسؤولين في مختلف مفاصل الدولة العراقية إلى جانب السرقة التي قام بها بعض المسؤولين الأمريكان للأموال العراقية بما فيها سرقة (2) مليار من صندوق التنمية العراقي وفقدان (17) مليار دولار أثناء حكم (بول بريمر) وغيرها من الحالات الأخرى , ومع كل ذلك لم ينفذ حكماً قضائياً منذ عام 2003 وحتى الآن بحق من أفسد من المسؤولين الكبار لقد أصبح المال العام مصدر للثراء غير المشروع ، ومصدراً لتمويل أنشطة الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية ، لذلك تلاشت حرمة المال العام بسبب سلوكيات المفسدين ، وغابت كذلك المسألة والشفافية والعدالة.
فيما يعُد إشكالية الدستور والمطالبة المستمرة بضرورة أعادة صياغته بشكل يتجاوز عن كثير من الثغرات والإسقاطات القانونية والتناقضات في بعض مواده فضلاً عن افتقار جهاز الدولة الى العديد من التشريعات التي تنظم مهام الجهاز الإداري والحاجة الى إقرار قوانين مهمة مثل قانون الأحزاب وقانون الانتخابات والنظام الداخلي لمجلس الوزراء وتشكيل المحكمة الاتحادية وغيرها من المشاريع والتعديلات التي لم تجد طريقها إلى حيز التنفيذ , ناهيك عن وجود مشاكل أخرى تتعلق بالبطالة التي تتجاوز بحسب تقارير الأمم المتحدة أكثر من 30%من المواطنين , وملف الديون الخارجية وملف التعويضات وتفشي الفساد في اغلب قطاعات الدولة والاهم عدم وجود استراتيجية عليا للدولة في كيفية أدارة الأزمات .
ويبدو أننا في العراق نسير عكس الاتجاه والتيار وعكس جميع المسلمات والحلول , وهذا ناتج عن حالة عدم التخطيط أو التخطيط المسبق لتدمير البلد واعادته الى ما قبل عصر الصناعة بحسب ما صرح به الرئيس الامريكي الاسبق (بوش الاب) في نهاية القرن الماضي ومن هذه الخطوات التي اسهمت في وضع البلد على سلم متحرك يقوده الى ما قبل عهد الصناعة الزيادات الجهنمية في مخصصات الرئاسات الثلاثة ورواتب ما يسمون بكبار المسؤولين والنواب ورواتبهم التقاعدية بعد اشهر معدودات في الخدمة العامة وعلى الرغم من ارتفاع الاصوات وان كان بعضها خجولا بتخفيض أو الغاء هذه المخصصات الا انها زادت بمقدار كبير وصلت الى حد الترليون دينار عراقي , حيث كانت الكتل السياسية التي جمعتها المصالح الشخصية قد دخلت الانتخابات بقوائم رفعت شعارات وبرامج اصلاحية فضلا عن محاولتها اللعب على وتر تخفيض المخصصات الرئاسية فكانت النتيجة زيادة عدد اعضاء البرلمان من 275 الى 325 ومن 33 وزارة الى 42 وزارة عدا الدرجات الخاصة وهيئات المستشارين وفيالق المدراء وحماياتهم .
فضلا عن ذلك يمكن القول أن أخطر ما يواجه الشعب العراقي من فساد للنخب القيادية الحاكمة هو أن أغلب القيادات السياسية تستخدم الأدوات الدينية في تعاملها السياسي والاجتماعي ، وهذا ما يؤهلهم لخداع المواطن عندما يضربون على وتر الطائفية في ممارساتهم السياسية ، ولعل من أكبر الآليات التي يستخدمها الحزب الحاكم في العراق من أجل ديمومته في السلطة مع فشله الصارخ هو خطابه الديني الذي درج على سكبه في أسماع الملايين من البسطاء في مجتمعنا.
فالوضع العراقي مرشح للمزيد من التطورات ، وربما الاهم من ذلك انه بانتظار ظهور رموز وقيادات جديدة بديلة للقيادات التقليدية التي هيمنت على الوضع السياسي والاداري في السنوات الست الاخيرة ,ومن المؤكد ان بناء الدولة العراقية الجديدة يتطلب قيادة قوية ، الى جانب تمتع العراق بسيادته على كامل اراضيه , فالبعض يعتقد انه صراع مع الزمن ، والآخر يقول انه صراع مع الآخر، وثالث يعتبره صراعا مع الذات.
وبحسب مراقبين للمشهد العراقي فإن هناك قوى خارجية بمختلف تشكيلاتها المتعددة وأجندتها المختلفة تعمل جاهدة على تأزيم الأوضاع داخل البلد ، وتسعى إلى تغذيتها تحت وقع الطائفية المذهبية والحزبية، وما هو معلوم أيضاً أن ما يدور ويجري بالظرف الراهن داخل العراق من تفجيرات وأحداث دامية هي بالتأكيد نتيجة طبيعية تراكمت سلبياتها عبر سنوات ماضية وتحديداً إبان مرحلة الاحتلال الأمريكي ، الذي عمق تلك الخلافات والصراعات بين طوائف العراق المختلفة طوال ثمان سنوات ، حيث انتهج صيغة المحاصصة الطائفية والمتمثلة في تهميش السنّة وتحميلهم أخطاء النظام السابق وكذلك في توزيع المناصب الحكومية وإعطائه مساحات واسعة لجهات على حساب اخرى , في تولي المناصب المهمة في الدولة ، وذلك لحسابات سياسية كان يهدف إليها ذلك الاحتلال ، لا سيما بعد انسحابه من العراق ، وما يحدث هذه الأيام خير شاهد على ذلك المخطط ، حيث أن السياسة الدولية نظراً لمكانة العراق التاريخية والمتميزة وما يمتلكه من ثروة تسعى بالتأكيد إلى إضعاف وتفكيك وحدته الوطنية وتدمير مقومات النهوض الكامنة لديه وإرباكه بدرجة أساسية داخلياً ، لكي لا يكون له أي دور فاعل في الترتيبات الإقليمية باعتباره قوة مؤثرة في الشرق الأوسط ، خاصةً في واقع ما يجري من متغيرات بالسياستين الإقليمية والدولية.
وهنا يمكن الإشارة الى أن سببا استراتيجيا وراء هذا التدهور في المنظومة الإدارية هو غياب الإدارة الديمقراطية في مختلف المستويات ولو تم إصلاح الإدارات على أساس ديمقراطي لما تفاقمت مشكلة الفساد بل على العكس لقبر منذ بدايته ولكن استمرار الإدارات البيروقراطية المترفعة عن أصول الإدارة وأخلاقياتها الصحيحة هو من أنشأ الفساد بجميع اشكاله وانواعه , وسمح باتساعه على النحو المعروف.
ويمكن القول أن الدولة العراقية حكومة وشعبا تمر بحقبة زمنية تاريخية حرجة تهدد وحدة ومستقبل العراق ونسيجه الاجتماعي والثقافي , إذ تواجه الدولة مشهدين مهمين الاول هو ان تسارع الحكومة العراقية في تقديم الحلول الحقيقية للمشاكل التي يعانها البلد ومن اهمها الفساد بكافة اشكاله وانواعه وفي هذه الحالة من الممكن للعراق ان يقسم الى ثلاثة اقاليم ذات طابع صراعي , أما المشهد الثاني فهو تلكُى الحكومة العرقية في تقديم الحلول الحقيقية وهو ما سنعكس على تقسيم العراق الى فدراليات يكون من صفات مركزها هو الضعف , فالمشكلة اليوم لا تتحمل التأجيل ولا المناورة وإنما تتطلب وقفة جادة من قبل جميع الشركاء في العملية السياسية من اجل رسم صورة حقيقية لمستقبل العراق شعبا وارضا وحكومتاً.
الخاتمة :
من التحليل السابق نستخلص أن فكرة إعادة بناء الدولة الوطنية العراقية بعد تدمير وتفكيك بناها التحتية والحيوية , تحددها جملة من الدوافع والاسباب الفكرية والاستراتيجية , وتفرض قيامها العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية , كما ترتبط تأثيراتها بمجموعة من الابعاد الداخلية والخارجية.
هنا يمكن القول أن الظروف التي عاشها العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود من حروب طويلة ، وحصار اقتصادي ، واعتقالات ، وهجرة الكفاءات ورؤوس الاموال ، والقتل المجاني، والمحسوبيات ، وغيرها من الممارسات الإدارية الفاشلة شكلت ظواهر عصفت بالمجتمع العراقي وأوصلته إلى ابعد حالات التدني الإداري وهو ما وسع من دائرة الفساد الإداري والمالي بحيث بات من الصعب جدا أن يجتث في ليلة وضحاها
إذ أدت مرحلة ما بعد الاحتلال الى العديد من التحديات كان لها الاثر الكبير على إدارة وبناء الدولة العراقية وذلك لافتقار سلطة الاحتلال لخطة من شأنها الحفاظ على الامن والاستقرار بعد حل الجيش ومؤسساته , فضلا عن انتشار الارهاب والفوضى بمختلف اشكاله , ومشكلة التدخل في شؤونه الداخلية من قبل الاطراف الدولية الاخرى .
ما تقدم توصل الباحث الى جملة من الاستنتاجات :
1. إن موضوعة الفساد ظاهرة عالمية تمتد أوصاله لتخرق البناء الاجتماعي والإداري والاقتصادي وكذلك السياسي للمجتمعات كافة ، ليشكل بذلك مفهوماً عاماً لا يمكن تناوله كل على حده أو بشكل اجزاء مقطعة ، بما يعطي للقارئ الانطباع بأن الفساد حالة واحدة مهما تعددت أنماطها.
2. افتقار مؤسسات الدولة الى المراقبة والمسائلة من قبل المعنيين بالأمر ابتدأ من الإدارات العليا , بحيث أصبح العراق من الدول المتقدمة من ناحية تفشي الفساد , فضلا عن ضعف التحقيق في قضايا الفساد , والتي تبقى لفترة زمنية طويلة يساهم في تمييع القضية وهروب البعض الأخر قبل المحاكمة مثل ما حصل فعلاً في هروب رئيس هيئة النزاهة بسبب استدعائه للمسائلة إمام مجلس النواب.
3. زعزعة القيم الأخلاقية القائمة على الصدق والأمانة والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتحول هـذه القيم الأخلاقية إلى قيم سلبية تحمل تبعاتها المواطن وعدم المسؤولية من قبل المعنيين وانتشار الجرائم بسبب غياب الرادع الديني والاخلاقي هو ما ادى الى زيادة انتشار حالات الفساد والذي أدى بدوره إلى ضعف الاستثمارات وهروب الأموال وبخاصة السيادية منها الى خارج البلد في الوقت الذي كان من المفروض استغلال هذه الأموال في إقامة مشاريع اقتصادية تنموية تخدم المواطنين من خلال توفير فرص العمل وهو ما أدى إلى ضعف إحساس المواطن بالمواطنة والوطنية والانتماء إلى البلد.
4. عدم الشعور بالمسؤولية وغياب روح المواطنة لدى البعض , مما أدى إلى تشتت الولاءات الوطنية وضعف الأداء الوظيفي وانتشار أفة الفساد , وغياب استراتيجية خدمة الشعب على مستوى الوزارات ومجالس المحافظات فضلا عن إشكالية العلاقة بين الجماهير والطبقة السياسية وغياب تنظيم العلاقة بين المحافظات و والوزارات هو ما أدى إلى خلق حالة إرباك في الأداء الوظيفي والمهني.
5. غياب الأفق الديمقراطي في صفوف الأحزاب والقوى السياسية المتحكمة بالعملية السياسية بسبب غياب الكثير من القوانين منها قانون الأحزاب الذي ينضم الحياة السياسية وقانون النفط والغاز
ولبناء الدولة لابد من تفعيل سلطة البرلمان الرقابية على الحكومة وبصورة عملية لا شكلية فقط ولابد أن يكون هناك دور أكبر للمؤسسات المسؤولة عن مكافحة الفساد في العراق مثل هيئة النزاهة , ديوان الرقابة المالية , مكاتب المفتشين العموميين , لجنة النزاهة في مجلس النواب.
التوصيات
1. اعتماد استراتيجية شاملة ودقيقة تتضمن إجراءات رادعة ووقائية وتربوية واضحة، وضمن سقف زمني محدد، توجه من خلاله ضربات قاصمة للمؤسسات والإفراد الفاسدين والداعمين للفساد في جميع المستويات الإدارية وبدون استثناء، وتعتمد الخبرات والكفاءات الوطنية وتأخذ بنظر الاعتبار مبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ووضع آليات موضوعية للتوصيف الوظيفي في اختيار المسؤول.
2. ضرورة تفعيل عمل مفوضية النزاهة والمراقبة المستقلة من خلال تنسيق عملها مع المدعي العام وكذلك رئاسة الوزراء، وهذا العمل التنسيقي بين هذه الجهات الثلاث يمنح المفوضية حق استدعاء أي موظف حكومي مهما كانت صفته أو درجته دون اللجوء إلى استحصال الموافقات الروتينية لضمان انسيابية المحاسبة والمراقبة بشرط أن تبقى هذه التحقيقات طي التحفظ والكتمان وفي حالة ثبوت أي من هذه الاتهامات فأنه (أي الموظف الحكومي) يحال إلى المحاكم المختصة لإصدار الحكم العادل، وتعلن في وسائل الإعلام الرسمية.
3. تعديل الدستور بحيث يتوافق وتطلعات وأماني الشعب العراقي جميعاً وتلافى كافة النواقص والعيوب والثغرات الموجودة فيه حالياً وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق وواجبات المواطنين وتجنب كافة أشكال التهميش والإقصاء والتأكيد على (الهوية الوطنية الجامعة) واستبعاد أي التزام آخر ضمن الانتماءات الفرعية وفي مقدمتها الانتماءات المذهبية والدينية والعرقية وضمن عراق موحد غير قابل للفدرلة أو التقسيم. وتنظيم قانون الأحزاب خصوصاً فيما يتعلق بتحديد مصادر التمويل للنشاط الحزبي وعدم السماح بالتسليح لأي قوة حزبية، وأن تكون الأحزاب سياسية غير مذهبية أو دينية أو أثنية. إلى جانب تشريعات وقوانين أخرى.
4. أن أهم عوامل القضاء على الفساد يكمن في "إنهاء العمل بوصفة الديمقراطية التوافقية كونها أنتجت دستورا افتراضيا غير الذي تم التصويت عليه , أي ترقيعي للعلاج الآزموي وهذا يعني غياب تأسيس دولة القانون والمواطنة والتنمية البشرية "والاقتصادية والاجتماعية.
5. الاهتمام الجدي والانشغال الحقيقي والرئيس بقضية الاقتصاد العراقي ، لما يشكله من متغير في تحريك البنى الأخرى ، وعدم الاعتماد على النفط وحده، بل إيجاد مصادر وبدائل اقتصادية أُخر ، وزيادة الدخل الفردي للمواطن العراقي ، وتنشيط القطاعات الانتاجية ، مع فسح المجال أمام القطاع الخاص الانتاجي ، ـ وليس الاستهلاكي فقط ـ . بمعنى فتح المجال أمام رؤوس الأموال العراقية بالعمل في العراق وعدم هجرتها لتساعد من ثمَّ على الحد من البطالة والبطالة المقنعة ، وعدم اللجوء إلى سياسة الخصخصة ، حتى لا يشكل ذلك عذراً أمام الأموال الأجنبية للدخول باستثماراتها في العراق بشكل واسع على الرغم من أهمية الاستثمارات الأجنبية ـ على أن لا يكون ذلك على حساب رأس المال العراقي .
6. العمل على إعداد برنامج شامل لتربية وبناء الانسان , فالتربية هي تنمية وتطوير المهارات والقدرات وفق أسس علمية منهجية مدروسة والتي بدوره يجب أن تشمل الفرد والمجتمع وفق مسارين متلازمين كي يتمازجا وفق المنهج التربوي المرسوم.



#زياد_عبدالرحمن_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإقليم العالمي (الشرق الاوسط) : خرائط جديدة ترسم : قراءة تح ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد عبدالرحمن علي - الفساد وتأثيره على مستقبل بناء الدولة العراقية