أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم القمش - العلمانية هي الحل 2/2















المزيد.....

العلمانية هي الحل 2/2


عبد الكريم القمش

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 18:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل البدء:
بداية أسجل اعتذاري لتأخر الجزء الثاني من هذا المقال وذلك لظروف شخصية خارجة عن إرادتي ولكني إذا أجدد هذه اللحمة العقلية المباركة معكم أتمنى أن يكون الجزء الثاني من هذا المقال قادرا على شرح عنوانه جيدا، وأتمنى أن يحظى المقال بتفاعلات ونقاشات لأن الفكر لا يتحول إلى كائن عقلي ثري إلا إذا اغتنى بالنقاش وليس بالاقتسام مع الآخرين أو إبداء الإعجاب به فقط.. وهذه ملحوظة أتوجه بها إلى كل الرائعين المجهولين الذين اختلفوا معي حد التعليق بشراسة على مقالي الأول "ماركس المنتظر"، وأولئك الرائعين الآخرين الذين اقتسموا هذا المقال مع أصدقائهم في الفايسبوك والتويتر والذين وضعوا "جيم" على المقال، وسأتوجه بتحية أغلى وأبلغ إلى الجميع أن هم حققوا أمنية عزيزة علي عنوانها "حراك مجتمعي فكري" يتواصل هاهنا من خلال الحوار المتمدن بين كل المهمومين بالخلاصات الأخيرة للعوالم التي نقتسمها..
دعونا نتواصل ولابأس من الهجوم على بعضنا البعض ولا بد من مواصلة الشغب الفكري وتحمل حماقات البدايات وكل ذلك في سبيل أن نحمل جميعنا المشعل الذي قد يقود هذه الشعوب في المنطقة إلى "بر الأمان الحضاري".. ولهذا أسجل قبل البداية ملحوظة هامة إلى كل الذين أختلف معهم..ويختلفون معي.. أحيانا قد تلتمسون سخرية ما في بعض مقالاتي وهذا بكل أسف أسلوبي في الحياة عموما وليس مجرد أسلوب في الكتابة فأنا أحتفل بالسخرية حتى لو كانت موجهة ضدي..لهذا لا أضع خطوطا حمراء على سخريتي التي تنفلت مني أحيانا رغما عني فاعذروني وليتذكر الجميع أن الشخصنة لا علاقة لها بالموضوع.. من حقنا جميعا أن نسخر من الأفكار ولكن لا يحق لأي كان أن يسخر من الأشخاص، حتى لو كانوا منتجين لتلك الأفكار.. ولتعذروا زلات "لوحة مفاتيحي".
العلمانية هي الحل 2/2
في تلك الأزمنة التي مضت لم يكن هناك حاسوب ولم يكن هناك فاسيبوك ولم تكن هناك وسائل للتسلية ولم يكن هناك غير ذلك الاختراع العجيب المسمى "آلات الطباعة" القادرة على إخراج أشياء يسمونها كتبا إلى الوجود. كانت هذه الكتب تحوي أعمالا أدبية رائعة تخرج عن المألوف من حيث النسج ولكنها تدخل في إطار "المفهوم" داخل تلك المجتمعات التي كان يتقاسمها القراء مع الكتاب. كان الكتاب يقرؤون الواقع جيدا وكان الروائيون يحولون هذا الواقع إلى واقع قصصي من طينة اخرى ولكنهم في هذه القراءة كانوا يجرؤون على التلميح أو ذكر الحقيقة كاملة.. والحقيقة في تلك الأزمة كانت تقول أن الدين إذا حكم العقول وحكم السياسة خربت العقول وخربت السياسة.. كان الكتاب يفضحون الكنيسة تلميحا أو جهرا، وكان الناس يقرؤون وكانت عقيدتهم تتزعزع شيئا فشيئا وكانوا يعتقدون كل مرة يراجعون فيها مسلماتهم أنهم على وشك "التفكير مجددا" وعلى وشك "ممارسة الشك".. هل أتكلم عما فعله "تشارلز ديكنز" في الكنيسة، وهل أتكلم على وقع "مادام بوفاري" في المتجمعين الفرنسي والأوربي بعيد صدورها بأشهر معدودات، وهل أتكلم عن "جورج إليوت"، وعن "ناثانييل هوتورن"؟ هل أتكلم عن "الأخوات برونتي"، أم أتكلم عن "فلوبير"، أم أنظر في تلك القراءة النفسية التي سبقت عصرها للعامل النفسي على يدي دوستويفسكي؟... لا.. لن أدخل في نسج قصائد غزل اتجاه هؤلاء العباقرة وليعذرني العمالقة الذين سقطوا من الذاكرة، ولكني أريد أن أقول أن فعل القراءة في مجتمع الغرب خلال القرون الخمسة أو حتى السبعة الأخيرة، فعلت فعلها في وعي الناس وفي تطوير ملكاتهم على الإبداع وهو ما تكلمت عنه في الجزء الاول من المقال باعتباره نوعا من "مأسسة للعلم" رغم كونها لم تتم بشكل مقصود هذه المرة. باختصار، وكعنوان فرعي لهذا المقال يمكنني القول أن فعل "القراءة" و"المطالعة" و"التثقيف الذاتي" هو الذي صنع مجد الحضارة الغربية الراهنة المسيطرة، وهو الوقود الذي يضمن "حتميتها التاريخية" التي تجعلها بالفعل "نهاية التاريخ"، ليس على طريقة فوكوياما، (وليس على طريقة ماركس حتما، ولا على طريق الخلافة الإسلاموية الراشدة)، بل على طريقة "نيتشه" الذي كان أول من اكتشف ميلاد العقل الذي أسس له بيكون قبله بعقود طويلة...(من خلال أورغانونه الجديد وتجريبيته التي قلبت العالم رأسا على عقب)...
نحن الآن "أمة" لا تقرأ.. أمة "اقرأ لا تقرأ"...أمة خلقت لكي تستهلك الجاهز، والجاهز هو التلفاز والهاتف والأنترنت وخصوصا الفايسبوك.. أمة فارغة على عروشها ولا تكاد تقرأ حرفا واحدا وتكاد تموت في شر مسلماتها اليقينية الميتة. لهذا أقول أن مهد الحضارة المحتملة (ياله من حلم جميل) قد يجد له انطلاقة فعلية من الفايسبوك، تماما كما حدث مع ما يسمى بالربيع الديمقراطي..الناس لا تقرأ ولكن لها حسابات بالفايسبوك وهي تخالط كل يوم مزيدا من الناس ولعل العلمانية هنا قد شرعت فعلا بالقيام بفعلها اتجاه الناس لما زعزعت تلك المسلمة اليقينية الأولى التي تجول في خاطر أمة لا تقرا" "يا إلهي هناك من لا يخاف من النار، ولا يطمح لدخول الجنة..يالها من شجاعة"..
هكذا يفكر الكثير من متديني الفايسبوك من العامة عندما يصادفون "لادينيا" أو "ملحدا" أو "علمانيا" أو كافرا بكل الديانات السماوية.. يتخيلون أن كل الناس يجب أن يكونوا على شاكلتهم يخافون من الله ومن العقاب ومن النار ومن جهنم ويشتهون الحور العين (إن كانوا رجالا) والجنة، والفردوس، وأنهار الخمر، والغلمان المسومة التي تحوم حول الأرائك الفاخرة..
المشكلة أن السلفيين الدينيين وأصحاب العقل الديني الجاهز المؤمن بالمسلمات والجنة والنار الفاضلتين لا ينحصر في "مجموعة" من الحالمين بالجنة الدينية الفاضلة.. هناك آخرون للأسف، وأقول للأسف لأن هذه الفئة بالفعل من خلال قراءة خارجية لموقفهم من الأصولية الدينية يفترض فيهم أنهم أعداء منطقيون للتحجر الأيديولوجي وللسلفية الفكرية وللإيمان المطلق بحلول تنتمي إلى منطق "المدينة الفاضلة".. (أليست المنظومة الدينية الشمولية(أيا كانت) عبارة عن مطالب "مستحيلة" بتحقق المدينة الفاضلة؟)...ومع ذلك فهم يرتكبون نفس خطأ الأصولية الدينية حين يصرون على التشبت بأحلام فاضلة (نعترف لهم بذلك)، وحين يصرون على إسقاط الفكر على الواقع، وليس العكس تماما كما يفعل الأصوليون الدينيون حين يصرون على محاولة تكذيب الواقع من أجل النظرية ومحاولة اتهام الواقع بالقصور ومعه التنفيذ من أجل ترسيخ ذلك الاعتقاد الراسخ بكون الخطأ في التطبيق وليس في النظرية وهو منطق النقاش الذي يتشبت به كل أولئك الذين لم يتمكنوا من تجاوز الحلم إلى الواقع ومحاولة إصلاح الواقع من داخله وليس تقويضه من أجل بناء لا يستقيم أساسا لأنه مغرق في المثالية كما تحاول أن تفعل المحرمات الدينية والثوابت الماركسية الراسخة وأحلام يوتوبيا اشتراكية المنبر.
الماركسيون الأصوليون يؤمنون بأنه من الممكن تحقيق "ديكتاتورية البروليتاريا" التي تحوز القدرة على إحقاق ذلك التوزيع العادل للثورة والثروة بين الكادحين من خلال إلغاء الملكية الفردية، ويقولون بأن المشاعية كنظام اقتصادي هي الأصلح للبشرية، ويعتقدون أنهم رغم كل تجارب الفشل قادرون على تطبيق النظرية الماركسية مادامت كل التجارب السابقة تحريفية، فالنظرية مقدسة والتطبيق تحريفي.
بالله عليكم، أليس هذه تحديدا هي حجة كل "السلفيين الدينيين" الذين يعتقدون أن المشكلة في التطبيق وليس في النظرية، بمعنى أن الناس هم الفاسدون، وليس المنظومة الفكرية ككل؟ فكيف للماركسيين الأصوليين أن يقعوا في كل هذا الخطأ رغم توفرهم على حس نقدي أعلى من الإسلاميين بكثير..؟
معضلة السلفية الماركسية تشبه كثيرا مشكلة المعضلة الإسلاموية، فهما معا يتخيلان إمكانية وجود مخلوقات لديها ضمائر خارقة لعادة البشر المصلحي بطبعه وأنها قادرة على إحقاق مجتمع الأخلاق المثالي حيث تتوزع الثورة وحيث يكون كل الناس أخيارا، وحيث (وهذا هو الأهم) يمكن أن يكون هناك حكام يعدلون بين الناس كثيرا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وأنهم سيتنزهون عن إغراءات السلطة وأنهم قادرون على تنفيذ "رؤية الأنبياء" للمدينة الفاضلة سواء كان هؤلاء الأنبياء مبعوثين من "الله"، أو رسلا للماركسية الحالمة.. بالنهاية ما لا يفهمه أي منهما ( الإسلاموي والماركسي الأصوليان) أن الواقعية أمر ثالث تماما وأن الكائن إن منحت له سلطة شاملة باسم قضية مقدسة استغل قداسة القضية لكي يتحول هو نفسه إلى "كينونة مقدسة" وهذا ما حدث على طول التاريخين الماركسي والإسلامي.. بالنسبة للماركسيين هؤلاء محرفون فهموا "الماركسية العظيمة" "غلط"، وبالنسبة للإسلامويين "هؤلاء" "كفرة" لا يمثلون الإسلام العظيم..
هذه الماضوية هي حركة ثابتة في التاريخ وليست حركة تطورية لأنها حركية سلفية لا تتساءل ولا تعيد الشك في المسلمات، وهي لا تعكس حقيقة العقل الإنساني المتحرك الذي أنتج كل هذه الحضارة التي نعيشها ولهذا فالإسلام السياسي والماركسية (رغم نبلها (ونبل الإسلام ومفهوم الدين عموما))، لا يمكنها أن تزيد بأي كان إلى الأمام..
لقد طورت الرأسمالية نفسها ولازالت تطور نفسها وهذا ما لا يريد أن يفهمه الكثيرون من التيارين السلفيين الآخرين.. أحوال العمال في كل العالم الغربي تعرف تحسنا متزايدا ولم يعد هناك من مجرد خاطرة اسمها "توحد البروليتاريا" لأن تطور النظام الغربي الليبرالي سمح وتطور وفق مفاهيم حقوق الإنسان وأولوية الإنسان و"إنسانية الإنسان" وهذا ما جعل النقابات في الغرب مجرد ديكور للصراخ بين الفينة والأخرى وجعل من كلام الدينيين عن المثل مجرد استيهامات مادامت الإنسانية الغربية قد حققت الكثير من التماثيل الحية "المثالية" عن تطور الإنسان..
هذه حقائق لا يمكن أن ننكرها لأن الواقع يجسدها، وكل انتقاد لها يعتبر جزء من طواغيت أحلام اليوتوبيا التي لازالت تحلم.. نهاية التاريخ لم تكن بشعة كما تخيلها البعض لأن التاريخ بكل بساطة لا نهاية له لأنه يتطور إلى الأبد بفعل قدرة هائلة تملكها الإنسان اسمها العقل، ولهذا تزداد الإنسانية ذكاء واستفادة من دروسها وأخطائها..
الإنسان كائن يتعلم وسيظل يتعلم إلى الأبد وليس في حاجة إلى كائنات خارقة تملي عليه "استيهاماتها الفكرية" لمجرد أن هذه الكائنات الخارقة اعتقدت أنها تمثل الحقيقة المطلقة التي وجب على التاريخ "والعقل الإنساني المتطور والمتجدد" التوقف عند محطتها لأنها "الحقيقة الأبدية" التي لا تزول..
ملحوظة: ليس بوسعي التطرق لكل النقاط ولكن تعليقاتكم واعتراضاتكم وتصويباتكم، وتدخلاتكم قد تشكل الوقود والمحفز لاستذكار ما فات الذاكرة العفوية التي خطت هذا المقال.. تحياتي للحوار المتمدن وقراءه الوازنين..



#عبد_الكريم_القمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية هي الحل 1/2
- -ماركس المنتظر-


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الكريم القمش - العلمانية هي الحل 2/2