أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - تمرد تحت المطر















المزيد.....

تمرد تحت المطر


امال طعمه

الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 13:53
المحور: الادب والفن
    


عند المساء احست بالوحدة خرجت لتتمشى قليلا كان الجو هادئا جدا في الشارع التي تسكن فيه منذ اعوام عديدة يبدو ان الكل اعتكفوا في منازلهم بناء على التحذيرات التي اطلقتها بعض المواقع الالكترونية المتخصصة بتنبؤات الجو ..اذ لم يكن هنالك احد في الشارع غيرها.
لكنها لمحت فتاة تحمل كتابا في يدها والهاتف الخلوي على احد اذنيها تتكلم بهمس، انها فتاة عادت متأخرة من الجامعة او من لقاء مع صاحبها! خرج احد الشبان من احد البيوت مقابلها مسرعا، يمسك بسيجارة تكاد ان تنتهي واتجه نحو الدكان في اخر الشارع، خمنت انه يريد ان يشتري بعض السجائر قبل العاصفة!! لم يبق احد !الشاب توارى عن الانظار والفتاة ذهبت الى بيتها.
رفعت نظرها الى السماء ..تصغي الى سكونها ..اين العاصفة؟ يبدو انهم كانوا على خطأ في تنبواتهم ! تأملت سواد سماءها .. تمنت لو كانت تسبح في ذلك الفضاء القاتم ..تمنت لو انها هناك في السماء بعيدا عن هذا الشارع عن هذا الحي عن هذا المكان تمنت لو على الاقل انها في اي مكان اخر بعيد ، غير هذا العالم، لم تعد تحس بالانتماء لاي شيء كان ولم تعد تنتظر الغد وما سيحمله من جديد لم تعد تحلم بشيء ما يتحقق .. او ترغب بشيء ما اصبح وجود الشيء كعدمه ،منذ متى اصبحت حيادية المشاعر هي التي كانت مفعمة بالاحاسيس بالعواطف بالامل !
مضت اعواما كثيرة ولم تشعر بان شيئا قد تغير حقا! بعض الخطوط وبعض التجاعيد على وجهها وبعض الشعرات البيض المختبئات بفعل الصبغة الداكنة التي تصبغها دوما ، لم يعد هناك شيئا تنتظره حقا وما الذي كانت تنتظره اصلا؟شعرت بأن الحياة التي تعيشها ليست حياتها هي تتفرج عليها كأنها فيلم سينمائي طويل بايخ وابطاله ممثلون فاشلون، غيرمفهوم ويبدو انه بلا نهاية، ولكن النهاية حتمية في حياتها هذا هو الشيء الوحيد المتأكدة منه انها يوما ما لن تكون واقفة بجسدها في هذا الشارع تنظر الى السماء وتلتفت الى الناس الذين هم بغير موجودين!شاهدت وميضا لامعا في السماء ومالبثت ان سمعت صوت الرعد يدوي وامطرت الدنيا ،لم تتحرك البتة لم تعاود الى منزلها احبت ان يبللها المطر انها امنية الصغر.
كم ارادت ذلك منذ زمن، كانت والدتها تمنعها من الخروج اثناء المطر ككل الامهات الحنونات تخاف على ابنتها من البلل ومن المرض، لذا كانت حريصة على ان توصلها بالسيارة الى المدرسة التي تبعد عن بيتها مسافة بسيطة وتعيدها ايضا بالسيارة كانت احدى التعليمات الواجبة النفاذ ان لا لعب في الخارج بالبرد ولامشي اثناء المطر!ارادت ان تبقى تحت المطر لاطول فترة ممكنة كان هذا هو تمردها السري على القيود، احست بانفكاك قيودها ! مماذا انفكت قيودها من الماضي ام من الحاضر؟ لاتدري،المهم انها شعرت بروعة ونشوة التمرد ! هل احتاجها الامر كل تلك السنين لتتمرد ! سبق وان مشت تحت المطر لكن لم يكن الامر باختيارها! الليلة هي اختارت ان تقف تحت المطر وتعلن تمردها بينها وبين نفسها، ياالله كم هو حلو هذا الشعور؟ ان يبلل المطر راسي وان تداعب حبات المطر وجنتي !
احست بدفء فظيع رغم برودة الجو النسبية ، ارادت لو تنزع معطفها وتركض تحت المطر! ليحتك برد الجو بجسدها فيشعل نار احاسيس انطفأت! لكنها لم تكن مغامرة الى هذه الدرجة
هي نفسها نفسها عقدة المرض! منعتها من اكمال اللذة والشعور الكامل بالنشوة!تمرد ناقص وثورة غير مكتملة!
يال هذه الدنيا ويال هذا الجو! منذ دقائق كان الجو هادئا والان اصبح عاصفا يال هذا التحول وهذا التغيير فكرت لربما حياتي هادئة جدا لكن ربما يوما ستأتي العاصفة وتقتلع كل شيء!
تقتلعني من هذا السكون الاجوف و الصمت المطبق رغم الاف الاصوات! لتأخذني من دائرة الانتظار والتشوق للمجهول .
سعمت صوتا خشنا يناديها من داخل منزلها التفتت الى الخلف وعادت ببطء شديد وكأنها تحاول ان تظل اكثر ما يمكن خارج القفص! خارج منزلها!
كان صاحب الصوت الخشن ينتظرها عند الباب نظر اليها بحدة وسألها: لماذا كنت متسمرة مكانك والسماء تمطر ! لماذا خرجت اصلا من دون ان تقولي ؟
لم تجبه، رسمت ابتسامة بلهاء على شفتيها ودخلت بعد ان افسح لها المجال فطن فجأه انه ما زال يبقيها تحت المطر في الخارج !
قال لها :اظنك بحاجة الى شيئ دافئ بعد كل هذا البلل! فلتحضري لنا كوبين من الشاي بعد ان تغيري ملابسك المبللة!
دخل الى البيت بعد ان انهي سيجارته، ولم يهتم مرة اخرى بسؤالها عن داعي خروجها هكذا!
استرعى انتباهه انها لم ترد عليه حينما ناداها لتعد له الشاي ليشربه مع .. اكوام الورق المتكدسة على مكتبه بجانب تلك الشاشة التي يتسمر امامها طيلة المساء وكل مساء! ..ظن انها في الحمام ربما.. اراد ان يدخن سيجارة في الخارج كعادته فهو حريص على ابقاء جو البيت خاليا من التلوث! شاهدها متسمرة في منتصف الشارع رافعة راسها الى فوق وكأنها تنتظر شيئا ما من السماء لياخذها ! قال في نفسه: هذه المراة احس ان فيها مس من الجنون ! ناداها بصوت عال،فاستجابت، يالله ما قصة هذه المراة اسألها لماذا خرجت ؟ فتبتسم لي بدلا من ان تجيبني !لن اتعب راسي في التفكير بحماقاتها !حقا لقد اصبحت غريبة الاطوار في الاونة الاخيرة ،وتسائل: ترى هل ذهبت لتعد الشاي؟

قالت في نفسها وهي تعد الشاي، ربما هذا ماكان يريده اصلا، لذا جاء يبحث عنها اين هي؟ ربما هو غير مهتم ان ظلت ساعات واقفة تحت المطر ،،ربما لن يلاحظ انها اختفت فجأه لولا كوب الشاي!

هي تعرف انه بعد شرب الشاي وانهاء عمله الذي لا يتنهي امام الكمبيوتر !سيجلس امام التلفاز يقلب محطاته عساه يعثر على خبر ملفت او حوار مثير يشد انتباهه وبعد طول عناء يطفئ التلفاز فجأه هكذا منهيا السهرة الاحادية بدون كلام ويقول جملته المعتادة تصبحين على خير !
مضت ساعات المساء الرتيبة واطفأ التلفاز ونهض باتجاه غرفة النوم لكنه استدار فجأه وناداها: تعالي الى النوم، فهمت قصده، الليله هذه كانت احدى الليالي التي تشذ عن القاعدة ! استغربت ان يكون مزاجه (رومانسيا!) في هذه الليلة العاصفة "مع انه كان يبدو مجهدا" هكذا حدثت نفسها ، همت بأن تتبعه الى غرفة النوم وتطلعت الى النافذة بجانبها ،ازدادت حدة الجو واصبح المطر اغزر، انها عاصفة بعد كل ذلك السكون ،اتت العاصفة ،رغم ذلك تمنت لو تستطيع الخروج والوقوف مجددا تحت المطر! تنبهت انه يناديها من داخل غرفة نومهما ذهبت بخطى متثاقلة لم يكن لديها رغبة بالنوم او بغيره! وسألت نفسها بعد كل هذا السكون في حياتها هل ستأتي العاصفة؟ لابأس وان لم تأتي فإنها غدا سوف تتمرد من جديد.



#امال_طعمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امال طعمه - تمرد تحت المطر