و السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 22:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في ذكرى انتفاضة يناير الشعبية سنة 1984
فمن منا لا يتذكر الانتفاضة الشعبية العارمة التي تحدت عتاة الدكتاتوريات خلال ذلك العهد السبعيني والثمانيني، تلك الانتفاضة التي أشعلت شرارتها الأولى الحركة التلاميذية بمدينة مراكش ابتداء من الخامس من يناير،ليمتد اللهيب إلى مدن بني ملال وواد زم وأبي الجعد وخريبكة والرباط وسلا ووزان والقنيطرة والقصر الكبير وتطوان والحسيمة والناظور ..الخ.
فتحت قيادة الطلائع الشبابية التقدمية بالثانويات والجامعات، انطلقت الاحتجاجات الرافضة للمس بمجانية التعليم، لتمتزج باحتجاجات الفئات والطبقات الشعبية المحرومة التي اكتوت حينها بنار الغلاء وبالارتفاع المضطرد لأسعار المواد الغذائية الأساسية، وخصوصا الزيت والدقيق والسكر وغاز البوطان والحليب..الخ.
فالواجب النضالي يفترض منا أن نذكر ونذكر بتضحيات شعبنا الجسيمة، تضحيات وصلت لحد الاستشهاد والطمر الجماعي في جنح الليل وبعيدا عن الأنظار من طرف عصابات البصري، اليد اليمنى للحاكم الفعلي، الآمر والناهي، المتدخل في الصغيرة والكبيرة: الحسن الثاني..خلال هذه الانتفاضة المجيدة، وهي أول انتفاضة تعرف ذلك المدى من الاتساع وطول النفس، أول انتفاضة استثنيت منها المدينة العمالية البيضاء، أول انتفاضة قادتها الشبيبة التعليمية الماركسية، أول انتفاضة تملصت من مساندتها الحركة الاتحادية والحركة النقابية، أول انتفاضة عرفت إضرابات منظمة بشكل تلقائي وتضامني، خارج النقابات ..الخ.
وبالرغم من الخطابات التهديدية وما رافقها من إرهاب وترهيب استهدف بشكل أساسي الشبيبة الماركسية ذات الارتباط أو التعاطف مع منظمات الحركة الماركسية اللينينية المغربية ومع الجناح اليساري داخل الاتحاد الاشتراكي..استمرت الاحتجاجات متحدية الخطاب الملكي، وحالات الطوارئ، وحصار بعض المدن لمدد مختلفة، بدرجة أولى تطوان والحسيمة والناظور، حيث أطلق الرصاص الحي بشكل عشوائي على الجماهير المحتجة، وحيث الجثث مازالت مفقودة لحد الآن..
كانت الانتفاضة الأولى من نوعها التي لم تتوفر على مفاوض يناور باسمها وعلى ظهرها، مستفيدا من تضحياتها ومن جثثها الموؤودة هنا وهناك، إذ لم تتحمل أية جهة مسؤولية هذه الانتفاضة بالرغم من إشارة الخطاب بشكل مباشر على مسؤولية منظمة "إلى الأمام" و"الخمينيين الشيعة"..فلم يكن ذلك سوى محاولة لتوريط المعتقلين الشباب وإثقال ملفاتهم وتسهيلا لمأمورية القضاء الذيلي والطبقي السافر..بعيدا عن الحقيقة التي كانت معطياتها بينة في الميدان.
وبعد التراجع عن الزيادات، والإعلان عن إلغاء رسوم ملف الباكالوريا..تراجعت الاحتجاجات وخمدت نارها ليبدأ "موسم الحصاد" بالنسبة للمخابرات التي اختطفت، وعذبت، وأخفت عن الأنظار العديد من المناضلين والمناضلات بالعديد من المدن التي ذكرناها أعلاه، ليبتدأ مسلسل المحاكمات وتوزيع الأحكام الجائرة التي وصلت لحد الثلاثين سنة سجنا نافذة.
هو ذا تاريخنا النضالي الذي يجب صيانته وحفظه من النسيان والطمس والتزوير..تاريخ الانتفاضات البطولية التي لوت ذراع النظام البوليسي القائم في أكثر من مناسبة، حيث وجب التعريف بهذا التاريخ لشبيبة الحركة الاحتجاجية الحالية، التي فتحت أعينها على المسيرات والوقفات المنظمة بترخيص، وقفات تتخللها "الهوندات" و"الميكروفونات" واللافتات بالألوان والصدريات..بعد البلاغات والنداءات والبيانات المنشورة عبر الأنترنت ..الخ ففي عهد انتفاضة يناير كان المنشور السري فقط، هو من يدعو الناس للتظاهر والاحتجاج، وكانت الوقفات والمسيرات الخاطفة، يعني محدودة الزمن، ولا يعرف مكانها أو توقيت انطلاقها سوى المناضلون والمناضلات.. كانت المسيرات الشعبية الحاشدة لا تنفض بقرار أو بتلاوة بيان أو فاتحة أو شيء من هذا القبيل، ولم يكن لديها مفاوضين..كان لديها الإيمان بقوة الجماهير، والإصرار على النضال والاحتجاج إلى حين التراجع عن الزيادات، أو أي مساس بالقدرة الشرائية للمواطنين وبالحريات الديمقراطية..الخ.
فإلى اللذين يريدون التطبيع مع النظام القائم باعتباره عهدا جديدا، وإلى اللذين يريدون تبييض جرائم نظام الحسن الثاني..نقول لهم بعد هذا الفضح والتذكير الذي سيستمر إلى الأبد، دفاعا عن التاريخ النضالي للكادحين المغاربة، نقول أن تاريخنا تاريخ الصراعات الطبقية مستمر باستمرار نظام الاستبداد والاستغلال القائم..مستمر بالحراك الشعبي الحالي الذي وإن تراجع فهو لم ينطفئ، وإن خفت لهيبه فكل المؤشرات تنذر باشتعال قريب، جراء المخططات والسياسات الطبقية التي أسندت لحكومة الإخوان الظلاميين المغاربة، إخوان بنكيران وكيل البورجوازية وصناديق المال الامبريالية والخليجية والأمريكان في آخر المطاف والتحليل..فلن يهنأ بال الدولة البورجوازية والنظام القائم، رغم دعاية وخرافة الاستثناء المغربي..فإذا كان هناك من استثناء في المغرب، فلم يكن سوى استثناء الصمود والتحدي والاستمرار في العطاء، رغم القمع ورغم الاعتقال والمحاكمات والسجن في حق المناضلين الشباب، مناضلي الحركة الطلابية التقدمية أنصار أوطم، ومناضلي مختلف مكونات حركة المعطلين، ومناضلي الحركة النقابية والاحتجاجية الصامدة.
فتحية لكل المناضلين الصامدين في زنازن النظام الدموي القائم، تحية لأرواح الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الحرية والكرامة في الانتفاضات، والاحتجاجات، ونضالات السجون والجامعات..تحية لعائلاتهم وأهاليهم وأصدقائهم ورفاقهم..تحية لكل المناضلين التقدميين الصامدين دفاعا عن المشروع التحرري الديمقراطي الاشتراكي..تحية لكل الحركات المقاومة والمناهضة للنظام الرأسمالي في العالم أجمع، باعتباره أصل الشرور وأصل الحرمانات وأصل الجشع وأصل القمع والحرمان من الحريات..الخ.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟