أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد مظفر الحلي - شعرية المكان في شعر باسم فرات














المزيد.....

شعرية المكان في شعر باسم فرات


زيد مظفر الحلي

الحوار المتمدن-العدد: 4322 - 2013 / 12 / 31 - 07:57
المحور: الادب والفن
    


لم تعد اللغة في ظل الخطاب النقدي الحديث على إنها نقل الأحاسيس والانفعالات , وإنما تعدت إلى ارتباطها بالخيال بوصفها لغة انزياحية . والخيال بدوره يمثل أحد مرتكرزات شعرية المكان أو جمالية المكان كما يتناولها النقاد , والمكان هو الآخر لا يمكن ان يرتبط بالشعرية مالم يحقق مستويين , المستوى الأول : التشكيل المكاني الشعري , والمستوى الثاني : التأويلية بوصف اللغة انزايحية تمثل على درجة عالية من الاستعارة . ولهذا المكان يمثل علاقة ديناميكية مع الشاعر فغياب احدهما لا يمكن ان يكون هناك تفاعل بل يمثل علامة البتر/ النقص ( المكان الغير متفاعل الفاقد للحياة) لأن الشاعر يرتبط بالمكان ارتباط مشيمي .
يمثل المكان عند باسم فرات بنوعين: المكان المشبع بوصفه الماضي ذا التجربة العميقة والمؤثرة في نفس الشاعر ويتسم هذا النوع بثنائية الانغلاق , تمثل في ديوانه ( إلى لغة الضوء ) والنوع الثاني : المكان الغير مشبع بوصفه مكان الحاضر الذي لم يترك ذلك الأثر النفسي في ذات الشاعر , وهذا تمثل في ديوانه ( بلوغ النهر ) .
يلاحظ حضور المكان في ديوانه ( إلى لغة الضوء ) وهذا يعكس عمق التجربة لديه . يقول في قصيدته ( جنوب مطلق ) :
... وَأَقولُ : في الأقاصي البَعيدَةِ
ثَمّةَ ما يَدعو لِلتَّذَكُّرِ
في الْمُدُنِ التي أَنْهَكَها البَحْرُ
أَردِمُ أَحْلامي
لِي مِنَ الْحُروبِ تذْكارٌ
وَمِنَ البلادِ أقصى الجِراحِ
لي مِن الأسى دُموعُ المَشاحيفِ وَارْتِباكُ القَصَبِ
تَأَوّهاتُ النخْلِ
بَوْحُ البُرْتُقالِ
دَمُ الآسِ
شكلت ثيمة الجنوب عنوان التذكر ( بوابة الماضي / اللاوعي ) لدى ذات الشاعر التي عانت من ويلات الأسى والحزن بسبب الحرب التي انتشلته من بيته , فهو يحاول ردم بوابة الماضي بوصفها تحمل أنواع الأسى والحزن ولهذا عمل على تشخيص الخوف والرعب الذي يحيط بالمدينة بل اكتنفها رغما عنها (في الْمُدُنِ التي أَنْهَكَها البَحْرُ) الفعل الماضي الذي يدل على قطعية الاغتصاب للمدينة العذراء وتهشيم حلم الطفولة وتشويهها , ولهذا نلاحظ طبيعة الجنوب تحمل عناصر الخوف والبكاء والحزن فـــ(دموع المشاحيف , أرتباك القصب , تأوهات النخل , بَوْحُ البُرْتُقالِ , دَمُ الآسِ) هذه الصور كلها وضفها لتشخيص على إنّ المدينة تحمل دلالة الخوف . ولهذا حاول ان يردم بوابة الذاكرة إلا إن فعل الكارثة جعلته لا يستطيع أقفال الباب ولهذا يهذي باناشيد الحرب وهو نائم ( أخرجُ من نومي إلى الطرقاتِ / مُثخَنـًا بالذكرياتِ / أُبادلُ الشظايا بالورودِ والقصائدِ / ورُعونَةَ القصفِ بعودِ مُلاّ عثمان الموصليِّ/ومقاماتِ القبانجي ) الماضي يمثل لديه الخوف ثنائية الانغلاق والقلق النفسي والانفصال المشيمي الرحمي بالارض / الوطن , وهذا ما جعل الذات تشعر بالخوف والقلق والانفصام الوجودي للارض الام من الحاضر ( الماضي يمثل عملية انسحاب واستمرار دوامة السواد بالنسبة للذات ) وهذا ما حمل الذات إلى الهروب/ النفي : ( وَحينَ تَطَلّعْتَ إلى الوَطَنِ /ابتَلَعَكَ الْمَنفَى/تَنْفُخُ سَنَواتِكَ فلا تَرى سِوى الرمادِ/وَتَخْشى على بَهائِكَ من الاندِثار ) دلالة الماضي / الحاضر يمثلان الانغلاق جعله يخاف من المستقبل , الخشية من اندثار البهاء .
بوابة الماضي لم تفارق الشاعر حتى في منفاه والابتعاد عن تذكر الخوف والرعب , فهو في احتفالات ( الهنمي ) شكل الماضي نافذة شبه مفتوحة تطل على الاحتفال البهيج :
في احتفالاتِ الْهَنَمي
عليك أن تحتفي بالفرح
وتطردَ أحزانَكَ بعيدًا،
تحت أشجار الساكورا
تُنادمُ ضحكاتِ الجميع
وتمنحُ النسيانَ فرصةَ أنْ يَتَسَلّلَ إليكَ.
تُخبئُ ذكرياتِكَ في دهاليزَ مفقودةٍ.
في حديقة السلامِ
لك أن تأوي إلى البهجةِ مع المبتهجين.
المكان ينفتح على عنصرين الانفتاح / الانغلاق ( الفرح / الحزن ) , الفرح بكونه المكان الحاضر هيروشيما المدينة المكتنفة الفرح , الحزن الماضي الوطن الذي عانى من الخوف والرعب والفقر وافتقاد الاب . ثنائية الحاضر هيروشيما لا تقبل إلا بالفرح , فخبىء ذكرياته في دهاليز مفقودة ليشارك بعيد الهنمي , فهيروشيما تشكل ثنائية الانفتاح الذات ترقص وتنادم ضحكات الجميع , وهذا ما منحها صور بهيجة ورائعة على عكس الوطن , فالجلوس على نهر الهايكو يزيد الفصول فصلا سادسا , إلا ان الفصل السادس وجمال نهر الهايكو لا يخبىء السؤال ويلغي التذكر لانها مترسبة في اعماق الوجدان , تستفيق الذكرى بعد ان تخلت الذات عن الفرح لان النهر جعلها تحلم بالفرات دون ان تلمسه :
تستفيقُ الذكرى بعدَ أنْ تخلت عن الألم
الستائرُ تفتحُ النوافذَ على السؤال
والغريبُ يُزيحُ المجهولَ إلى الماضي
باحثًا في أحلامِهِ عن مرآةٍ
على مقربةٍ من بقايا قبةٍ خضراء.
بهجة هيروشيما وفرح عيد الهنمي لا يمنع من تسرب السؤال , فبوابة الماضي من الصعوبة ردمها . الغريب يبحث في مدينة الفرح عن قبة خضراء , فالماضي الحزين لا يمنح الحاضر الامل وان بحثت الذات عن الامل . دلالة الماضي لا يمكن ان تمنح اتساع دلالي للون الأخضر .



#زيد_مظفر_الحلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناص الديني في شعر محمود درويش


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد مظفر الحلي - شعرية المكان في شعر باسم فرات