حسن فرات
الحوار المتمدن-العدد: 4318 - 2013 / 12 / 27 - 19:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا أعرف كيف أبدأ ولا من أين ، لأن هذا الموضوع غير متعلق بما هو سياسي ولا بما هو تاريخي ،... إنه فريد من نوعه ليس مثل الموضوعات المتداولة باستمرار لا على المستوى الاكاديمي و لا على المستوى الوطني . إنما هو متعلق بمن يدعون أنهم يطلبون العلم أو بمعنى أدق بالمتملقين الدين يبدلون كل جهودهم من أجل الحصول على رضى الأستاذ(ة) وبالتالي الحصول على أعلى نقطة و من ثم التفوق و الحصول على شهادة تمكنهم من دخول سوق الشغل وفرض مكانة داخل المجتمع . وهذا شيء طبيعي أن يجتهد الانسان ويبدع في ما هو علمي –وهذا ما يفترض أن يعمله الطالب- ، ولكن و للأسف الشديد المسألة لا تتجه نحو هذا الشكل ، بل إن الطالب(ة) هنا في هذه الكلية يعمل كل إمكانياته و يستعمل كل مجهوداته المختلفة ( القوالب إن صح التعبير) ما عدا الفكرية –إن وجدت – كي يكسب ثقة أستاذته ، بغض النظر كيف يعمل ذلك وعلى حساب من . إنه لا يتساءل عن معنى النفس ولا كيف تعمل وما علاقتها بالجسد ؟ لا توجد تساؤلات فكرية ، علمية ، بل يوجه كل قواه الفكرية نحو كيف " أتبلحس " و كيف "أتملق "؟ المهم هو كسب الثقة ، الميزة ، والرضى ،.... كلما شاهدت مشهدا - وما أكثرها – للمتملقين ، إلا و تذكرت ذ. محمد جسوس لما قال" يريدون خلق جيل من الضباع " . أكاد أتفق مع الأستاذ ، لكن هذا لا ينطبق على الفصل الثالث بمسلك علم النفس ، لأننا ربما أكثر كارتية من وصف الأستاذ . ولو قال أنهم " يريدون خلق كائنات امتحانية ، بدل من كائنات معرفية " لاتفقت معه إلى أبعد الحدود . وكما قلت سابقا أننا أكثر كارتية بحيث أننا في مسلك "العلم" و كأننا في مجرد مقهى كل يتحدث حسب أهوائه في غياب تام للنقاشات العلمية وكأن البعض يعاني من "فوبية العلم " اللهم القلة القليلة و الشبه منعدمة والتي نادرا ما تشارك في هذه "الأحاديث" .
إنهم يتكاثرون باستمرار، يتزايدون بانتظام ، ثم يثفوقون بسهوولة ، وربما ذلك راجع الى أن هذه الطريقة هي الأسهل والخالية من العوائق وهذا يشكل خطرا على المجتمع . يوم بعد يوم يقبرون علم النفس الى أن أوصلوه الى الحضيض . على الرغم من أن المجتمع المغربي في الوقت الحالي في أمس الحاجة الى علم النفس (علوم النفس) وعلمائه ، على الرغم من أن علم النفس لم يتأسس بعد – بالشكل الدي ينبغي أن يتأسس به – في المجتمع المغربي ولم ينفصل بعد عن أصوله ولم يكسب بعد مكانته و خصوصيته داخل المجتمع ، إلا أن هؤلاء لاشيء يستحوذ اهتماماتهم سوى" الثلاثي الشيطاني " (الرضى ، الميزة ، المكانة الإجتماعية ) . كان إريك فروم على حق حينما قال أن " الإغتراب كان السمة البارزة في التحليل النفسي ، مما أسهم في تراجعه و تضاؤل دوره " . وهو يحيل بمفهوم الإغتراب على انحلال الرابطة بين الفرد والآخر، أي العجز عن احتلال المكان الذي ينبغي على المرء ان يحتله وشعوره بالتبعية بحيث يصبح ممتلك من سواه، وهو ما يولد شعور داخلي بفقدان الحرية والكرامة . لكن هل هؤلاء يعرفون معنى " الحرية " و " الكرامة " ؟ وهل يعلمون أهمية هذه التنائية في تحقيق التوازن النفسي ؟ أم أنه يكفي الحصول على الثلاثي ولو على حساب أسمى القيم الإنسانية " الحرية و الكرامة " حتى يتحقق التوازن ؟
يعتبر التملق – بالنسبة للبعض – بمثابة تيار داخل أسوار الجامعة ، يجتمعون و يفترقون ، يتكثلون و يتوزعون ، حسب الظروف ، حسب الزمان و المكان ، مرجعيتهم هي خبرات وتجارب الطفولة ،حيث يستعمل الطفل كل "قوالبوا " من أجل أن يحصل على ركوب الدراجة أو أكل الشوكلات أو ما شابه . ومن هم من لم يتجاوز بعد مرحلة الطفولة ولأن في علم النفس الطفولة تدخل في إطارها مرحلة المراهقة فإن هؤلاء لم يتجاوزوا بعد مرحلة الطفولة بما فيها المراهقة . وهذا شيء فرضته الساحة(ساحة الكلية) الخالية من أي تنظيم راديكالي . التملق و ما أدراك ما التملق ، وسيلة للفوز ، للتفوق ، لرفض الاخر . إنكم أسأتم للعلم ، للمسلك ، بل و حطمتم قيمة الطالب ، الذي حولتموه من طالب العلم الى طالب الميزة ولم يبقى الا القليل من الوقت حتى يصبح الطالب "طلاب " بهذا المعنى ، لولا بعض الشموع النيرة الموجودة . و أخيرا أهنئكم على تملقكم ، أهنئكم على ما لا تستحقون ، أهنئكم على "قوالبكم " ، أهنئكم على عنصريتكم و على رفضكم للاخر .
بقلم : حسن فرات
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟