أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - إشكالية نشأة القصة القصيرة جداً / والترجمة الى العربية















المزيد.....

إشكالية نشأة القصة القصيرة جداً / والترجمة الى العربية


مؤيد عليوي

الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 23:33
المحور: الادب والفن
    


نشأت القصةُ القصيرةُ جداً في أمريكا اللاتينية في العقود الأولى من القرن العشرين على يد الغواتيمالي أوغيستو مونتير وسو 1921 - 2003 رائدها هناك ، ومن أعماله المشهورة ( الأعمال الكاملة ) المكتوب بالاسبانية ،القاص الرائد مونتيروسو يعدّ مُعلّماً ومُجدداً في أساليب السرد وتقنياته لقد عدهُ اشهرُ كتّاب القصة والرواية في أمريكا اللاتينية - من مثل : غابرييل غارسينا ماركيز و ماريو فارغاس يوسا و إدوارود غاليانوا – معلما لهم ، كما عدَّ الكاتبُ الايطالي اتيالوا كالفنيوا قصتَهُ القصيرة جداً: ( الديناصور) إحدى قصص- كتابه الأعمال الكاملة، أنموذجاً مثالياً في الإيجاز السردي -1- .
وبعد وفاة مونتيروسو في منفاه بالمكسيك ، تُرجمَ كتابه (الأعمال الكاملة) إلى اللغة العربية هذا العام 2013 ؟! ، وهذا التأخر في ترجمة أعمال رائد القصة القصيرة جدا في العالم إلى اللغة العربية جعل إرباكاً في صحة ريادتها عند الكثير من المثقفين والمتابعين لهذا الجنسِ السردي الحديث ، وشعريتهِ الجذابةِ من إيجاز وضغط للغة ، والسببُ في الإرباك هو التبكيرُ للترجمة الخطأ والإضافة الخطأ – مطلع السبعينيات- على عنوان كتاب (انتحاءات) الصادر بالفرنسية عام 1938 للروائية والمسرحية الفرنسية ناتالي ساروت 1900- 1999،حين ترجمَهُ المصري فتحي العشري إلى اللغة العربية تحت عنوان ( انفعالات ) وجعل صدورهُ عام 1932 ، وأضاف عنواناً ثانوياً - قصص قصيرة جداً - على عنوان الكتاب،ولكنه في المقدمة يتحدث عن الرواية الجديدة في فرنسا ، أضف إلى ذلك أن هذا الجنس الأدبي لم يكن مولداً بعد في موطنه الأصلي أمريكا اللاتينية حين صدر (انتحاءات ) لساروت عام 1938 ؟ كما أن الترجمة الخطأ لـ ( انتحاءات ) بـ ( انفعالات) تُبين البون الثقافي والمعرفي الواسع بين المترجم فتحي العشري والنص الذي أقدم على ترجمته ، حيث انفعالات تعني الحالة النفسية في علم النفس ، بينما (انتحاءات) تعني (( حركات لا يمكن تعريفها تنسل بسرعة إلى حدود وعينا و هي مسئولة عن أفعالنا و كلماتنا وأحاسيسنا ، أنا مقتنعة كلياً أن كل شخص يمتلكها ( الانتحاءات) على ذلك المستوى )) على حد قول ناتالي ساروت نفسها في مقابلتها لصحيفة باريس ريفيو عام 1990 -2- .
وبسبب هذه الترجمة المبكرة الخاطئة والإضافة الخاطئة، شاع مفهوم خاطئ عن نشأة القصة القصيرة جدا في العالم العربي - ونعني ساروت وأوربا- بل الصحيح كما أسلفنا من كوة السطور السابقة ، فالريادة للغواتيمالي مونتيروسو في أمريكا اللاتينية ، وبسبب قلّة اهتمام المثقفين والمترجمين خصوصاً ، بتدقيق ما ترجمه العشري ، ظلتْ تتخمر الأفكار الخطأ عن نشأته ولا يستغرب المتلقي أن يجد هذا الخطأ على صفحات الانترنيت وكل ما هو مكتوب ،وبكثرة موجعة للحقيقة بل وعند كبار الكتّاب إلا ما ندر -3- ، فأكثر الكتّاب والمتتبعين للقصة القصيرة جدا ظلوا يعتمدون ما كتبه فتحي العشري، فقد أُهملوا الترجمة الصحيحة لكلمة (انتحاءات) على يد العراقي الأستاذ نهاد التكرلي عام 1985 وهو مَن جنّس الكتاب بشكله الصحيح كالآتي: رواية كتبتها ناتالي ساروت عام 1938 ضمن الرواية الفرنسية الجديدة ، ومؤخراً تم اعتماد ترجمة التكرلي وتجنسيه للرواية ،عربياً إذ طبعتْ وزارة الثقافة السورية عام 1999 رواية ( انتحاءات ) لساروت ترجمة : (ريم منصور الأطرش ) مرة ، و(مُزمل سلمان الغندور) مرةً ثانية من ذات العام ، معتمدة على ما قدمه التكرلي -4- .
نأتي لدخول القصة القصيرة جداً إلى المنطقة العربية حيث كان من المنطقي جداً أن تدخل عبر المغرب لقربها الجغرافي واللغوي من اسبانيا ذات الريادة اللغوية للقصة القصيرة جداً في العالم على يد مونتير وسو الأمريكي اللاتيني حين كتبها باللغة الاسبانية ،وليس في هذا من عيبٍ أنساني – كما كان قديماً - في تلاقح أفكار الإبداع الآن ،والسؤال هنا فيما يخص التلاقح الانساني: كم فكرة يومياً نتأثر بها إبداعياً ونؤثر بها، على صفحات( الفيس بك) والكتب والمجلات والقنوات الفضائية ذات المدلول الثقافي – المعرفي ، لكن نسمع صوت الكاتب المغربي "العربي بن جلون" يقول (( أن القصة القصيرة جدا تطورت في المغرب عن القصة القصيرة التي أنتجتها ظروف الاحتلال الفرنسي والاسباني والايطالي حتى وصلت المغرب إلى الاستقلال))- 5- ،وثمة صوت ثانٍ من المغرب أيضاً للناقد سعيد بن عبد الواحد يقول :(( لم تفرض القصة القصيرة جدا نفسها جنساً مستقلاً تماماً فهي قد ظهرت وتطورت في أمريكا اللاتينية في العقود الأولى من القرن العشرين، ثم انتقلت إلى الآداب العالمية الأخرى ، وفي الثمانينيات والتسعينات من القرن الماضي انتشرت مجموعة من المفاهيم الصادرة عن النقد الأدبي أو الممارسة الإبداعية أو هما معاً ، فأدى ذلك إلى ظهور جدلٍ حول مصطلح القصة القصيرة جداً)) – 6 – .
ونحن مع الناقد سعيد بن عبد الواحد في هذا الرأي بناءا على ما تقدم من الأدلة ، وأغلب الظن أن القصة القصيرة جداً ظهرت في نهاية الحرب العالمية الثانية أو بعدها مباشرة في أمريكا اللاتينية ثم وصلت المغرب فالمشرق.كما أشارت كتابة زمن عبد زيد – نفس المصدر السابق - عندما بدأ من عام 1983 للقصة القصيرة جدا في المغرب هو ينسجم مع استقرار مصطلح التسمية في أمريكا اللاتينية ومع حركة الترجمة السريعة واستقر المصطلح والجنس السردي في المغرب متأثرا بكـتّاب أمريكا اللاتينية ، والمناسب جدا أيضا مع ترجمة العراقي الأستاذ نهاد التكرلي عام 1985 لكلمة ( أنتحاءات) لساروت ، في تصحيحه لترجمة المصري العشري .
أما في العراق فهناك أكثر من رأي : أنها وصلت متأخرة وكتب بها القاص العراقي متأخرا كتبها عن وعي أنه يكتب قصة قصيرة جدا ، وهنالك رأي ثانٍ : أن نوئيل الرسام وعبد المجيد لطفي قد كتبا هذا الجنس الأدبي منذ منتصف العقد الثالث من القرن العشرين وعلى أنهما كانا على وعي تام بنوع الجنس الأدبي الجديد وبتسميته ايضاً ؟؟ !! وهذه الفكرة تنفي نفسها بنفسها لما تقدم ، ربما يكونان أي- الرسام ولطفي – قد كتبا هذا الجنس السردي دون وعي بخصوصيته وأساليب فنه لا أكثر ولا أقل كما من الممكن أن يكون كتبه غيرهما من العرب في ذات المدة أو بعدها ولكن ليس تحت اسمه ( قصة قصيرة جدا)والسمات الفنية له ،والرأي الثالث : كُتبتْ في منتصف العقد السابع من القرن العشرين بعد ترجمة العشري لرواية ساروت، فالموضوع يحتاج إلى الغوص أعمق في هذه الآراء الثلاثة مع توخي الدقة أكثر من هذه السطور العاجلة لبحث نشأة القصة القصيرة جدا في العراق .
وقد يرى البعض تناقضاً فيما يخص نشأة القصة القصيرة جدا في الدول العربية عموما إذ هم يكتبونها وان لم يعوا المصطلح أو اسم الجنس الأدبي لما يمارسون؟ الفرق في ذلك عملية الخلق والإبداع مع وعي متزامن لإبعاد الصراع بين القديم والجديد -القصة القصيرة والقصيرة جدا - حيث دون هذا الوعي للصراع ،يكون القاص مثل رجل يأكلُ تمرا ولا يعلم ما هو من المحاصيل !، ثم يأتي أخر ويقول لقد أكلَ فلانٌ تمراً ها هنا منذ خمسة عقود ، لأن عملية اجتراح جنس سردي ليست بالأمر الهين ،فالكتابة به عن وعي في خضم تفاعلات اجتماعية- اقتصادية سياسية يتمخض عنها إبداع القصة القصيرة جدا ،أو سواها من الأجناس الأدبية في موطنها الأصلي هي عملية الخلق والإبداع الحقة ، وما سواها عيالٌ عليها إنسانياً.
ومن ناحية اسم هذا الجنس السردي فقد كثرت أسمائه باختلاف اللغات والحالات الاجتماعية للشعوب : ففي أمريكا اللاتينية ( قصص ما بعد الحداثة ) وفي اليابان :( قصص بحجم راحة اليد)، وفي الصين ( قصص أوقات التدخين ) وفي الولايات المتحدة ( قصص الومضات ) وهنالك مسميات متباينة اللفظ ذات المدلول :( قصة لأربع دقائق ) و(القصص السريعة ) و ( القصص الصغيرة جدا) و ( المجهرية ) و( قصص برقية ) و( القصة القصيرة جدا ) 7 .
ولكن ما الذي تحتاجه القصة القصيرة جدا في العراق اليوم ؟ :
أولا: أقترح على كتابها إصدار مجاميعهم القصصية القصيرة جدا مستقلة وليس كالمعتاد مع القصص القصيرة .
ثانيا:
1 – إصدار كتاب تراجم مستقل لكتابها بوصفها جنساً سردياً مستقلاً .
2 – اهتمام وزارة الثقافة العراقية بنتاجها من جهة طبع مجاميعها، ومن جهة ثانية طبع كل ما يتصل بها وتصحيح الخطأ في نشأتها - في العالم والعراق- قبل الطبع .
3 – التوجه لتحليل بنية اللغة السردية فيها وفتح النص على مصراعيه في كتب نقدية مستقلة ،إذ لا يوجد في العراق سوى كتابين : شعرية القصة القصيرة جدا لجاسم خلف إلياس طبعة دار نينوى في دمشق 2010 ، وكتاب القصة القصيرة جدا لهيثم بهنام بردى، طبعة الشعبة الأدبية لمديرية النشاط المدرسي في مديرية تربية نينوى بالموصل ، وهما ليسا من النقد التحليلي بل دراسات وبحوث حول النشأة والتطور، مع أسماء كتابها، حيث أشارة إلى هذا المقترح ، الكاتب جميل حمداوي - 8 - مشكوراً ، وأنا أعيدها هنا لأهميتها .
......................................................................................................
الهامش :
1 – يُنظر : مجلة الموقف التربوي ، العدد 22 ، صادرة عن إعلام مديرية التربية في النجف الاشرف ، زمن عبد زيد ، مدخل إلى تعريف القصة القصيرة جداً ، وتاريخ نشأتها وتطورها ، ص : 46 .
والرجاء النظر:جريدة الطريق الثقافي ، بغداد ، العدد74 ، ليوم 24 آب / 2013 ، ص: 11 .
2 – يُنظر :كوكول،،انفعالات ناتالي ساروتليست قصصاً قصيرة جدا، نجاح الجبيلي .
3 - يُنظر : مجلة الموقف التربوي وجريدة طريق الثقافي في الهامش الأول .
4 –: يُنظر: نجاح الجبيلي .
5 – يُنظر : كوكول ، العربي بن جلون ، القصة القصيرة جدا في المغرب .
6 – يُنظر :شعرية القصة القصيرة جدا، جاسم خلف إلياس ، دار نينوى في دمشق ، 2010 ،ص : 78 .
7 – الرجاء النظر :مجلة الموقف التربوي ، نفس المصدر
8 – الرجاء النظر : كوكول ،صحيفة المثقف ،مقالات ،القصة القصيرة جداً، جميل حمداوي.



#مؤيد_عليوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراما الشعر والفن عندالشاعر الشاب عبدالهادي المظفر //// مؤيد ...
- دراسة : أثر الفكر الماركسي أو الحزب الشيوعي العراقي في ثقافة ...
- فنيّة الشفاهية في النص الشعري / وشوشة الكرز أنوذجاَ


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤيد عليوي - إشكالية نشأة القصة القصيرة جداً / والترجمة الى العربية