أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امين صادق - تعليق على موضوع المعجزات الدينية التي أصدقها















المزيد.....



تعليق على موضوع المعجزات الدينية التي أصدقها


امين صادق

الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعليق على موضوع المعجزات الدينية التي أصدقها – لصلاح الدين محسن
الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 17:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

كما هو معلوم للقاصي والداني أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الإتجاه، كما هو معلوم أيضاً أن الأشياء تظهر بأضدادها ولو لا الليل لما عُرف النهار وقدرُهُ، ولولا الأسود لما مُيِّز عنه الأبيض، ولو لا الجاهل الغافل لما عُرف العالمُ والواعي،،، كذلك الحال مع كل شيء في الوجود الذي يشهد لمُوْجِدِهِ بكُلَّ صفاة الكمال والجمال والجلال. ولسنا بصدد تفنيد ما لا يمكن لمخلوق إحصائه وحصره أو الإحاطة به، ولكن علينا أن نحصر إشارتنا هنا "تحديداً" في إيجابيات وسلبيات التقنية بصفة عامة وتقنية الإتصالات بصفة خاصة، وتحديداً المعلوماتية وإنسياب تدفقها ويسر تداولها ومداولتها، التي وفرتها الشبكة العنكبوتية بنورها وظلامها. فنورها الذي وفر للناس موارد معلوماتية ثرة وقد أطل عبرها أهل الفكر والعلم والبحوث الصادقة المؤيدة بالأدلة والموثقة بالبراهين والتجارب المعملية حيث يجتمع العقلاء حولها نقاشاً وحواراً وإثراءً دون هوى أو تعصب فتجمعهم الحقائق العلمية التي تُنْبِئُ عن نفسها وتفرض مصداقيتها على العقلاء وتسكت ضجيج الجهلاء والأدعياء. يليهم أيضاً أهل الإبداع، في شتى النشاطات التي تثري الكون بالثقافة والعلم والتطور والتحسين الدؤوب. أما ظلامها – للأسف الشديد قابض للنفس السوية، جاثم على صدور الخيرين، ماحقاً لقدرات المبدعين والمصلحين، وتتسع دائرته حيثما تقهقر نور الحق وتراجع قدر العلم ليس عن الكون ولكن عن تلك النفوس المظلمة بجهلها وجهالتها التي تقف في وجه كل حق وحقيقة وتنفث سمها وجهلها مستغلة في ذلك دنو وسهولة التعامل مع هذه التقنية المعلوماتية لتطل بكوامن تلك النفوس التي قد أظلمها الله تعالى بظلمها وظلامها، فأفسدت العنب فصار خمراً يذهب العقل ويحط من قدر وهيبة العقلاء، وأفسدت الخير فصار شراً يفرق ولا يجمع، وأفسدت الصفاء الروحي والنقاء الفكري فصار الكاذب المهين صادقاً مُصَدَّقاً، والفاجر اللئيم، صالحاً مصلحاً، والخائن الخئون، أميناً مؤتمناً كما صارت الأقزام عمالقةً ومفكرين وكتاباً تنفث أقلامهم وأفلامهم سم وجدانهم الخرب وظلمة دواخلهم المنتنة. إن سهولة النشر عبر هذه الشبكة العالية الأهمية وغيبة الرقابة عليها جعلت لهؤلاء الأقزام منابر كالمقابر، يخوضون عبرها فيما لا يعرفون بل فيما لا يمكن أن يعرفوه وأنَّىْ لهم ذلك!! وقد إستغنى الله تعالى عنهم وكتب عليهم الجهل لزاماً، ثم العذاب العظيم موعداً ومقاماً.

مِنْ أمثال هؤلاء الجهلاء من ينكر نور الشمس وحرها رغم أن نورها يكاد يخطف أبصارهم وهو يضيء الكون من حولهم ولكن بالطبع ليس بداخلهم، وحرها يصليهم ويذكرهم بما ينتظرهم من حرٍّ حَرُورٍ وليس ذلك منهم ببعيد، ومع ذلك ينكرون وجودها سفهاً وجهالة وغباء.
إنَّ الأكْمَهَ الذي لا حظ له في الإبصار، إذا أنكر وجود القمر الساطع له عذره إن كان لا يثق في من حوله من المبصرين ذوي البصيرة الذين يؤكدون له بزوغه وجماله وبهاءه وكمال إستدارته وصفاء نوره،، ولكنه مع ذلك فلا بُدَّ من أن يكون عماه عَمَهَاً إنْ أنكر وجود السراج الوهاج وسط النهار وهو يقف في قارعة الطريق لا يظله منها شيء؟ فإذا كان ذلك الشخص نفسه أصَمَّاً وأُخْبِرَ بقصف الرعد أو بإنفجار قنبلة أصَمَّتِ الآذانَ لشدة دويها ولم يكن ذلك الأصم مصدقاً لمحدثيه، بل كان من الذين لا يؤمنون ولا يصدقون ولا يهتدون سبيلاً، فلا يعني هذا الإنكار منه عدم وجود القصف والإنفجار إبتداءاً. سواءً أكان إنكاره يعكس واقع حالته المادية، أم لعله إنعدام السمع والإيمان معاً عنده. وهَبْ أنَّ هذا الأعمى الأصَمُّ أبكماً، فكيف سيكون الحال عنده؟؟؟
فإذا وجد شخص بهذه المواصفات ما هو أنسب وصف له ؟؟؟ أرجو أن يجاوب على هذا السؤال من يجد نفسه مطابقاً لهذه المواصفات. على العموم يمكننا أن نساعده بما قاله خالق الأرض والقمر "صم بكم عمي فهم لا يرجعون". ترى هل لديه وصف لنفسه غير هذا؟؟ فليأتنا به إن كان من الصادقين.

على أية حال، يمكن وجود شيء من عذر لمثل هؤلاء المبتلين بهذه العاهات الطبيعية التي لا يد لهم فيها أن ينكروا بعض الموجودات والحقائق الدامغة، إنكار من لا يراها أو يسمعها، وليس إنكار من لا يؤمن بها ولا يصدقها كفراً وجحوداً ومماحكة وجدالاً، وهي معلومة لديه بالبصيرة دون البصر، وبالإيمان والتصديق دون الصمم والبكم. أما أصحاب هذه العاهات المكتسبة لفساد في الطوية وفساد المعتقد وضحالة الفكر وضبابية الرؤيا أو إنعدامها، فهم في غيهم يعمهون.

لا يوجد عاقل في الدنيا قاطبة من أنكر المعجزات بصفة عامة، ومعجزات الإسلام بصفة خاصة، بغض النظر عن الإيمان أو الكفر، لأنها حقائق علمية دامغة لا ينكرها إلا غائب عن الإدراك يرزح تحت وطأة الغفلة وفي جهل مطبق مظلم.
أما معجزة آدم عليه السلام أبو البشر فكانت تفوُّقُهُ على الملائكة "بأمر الله" فكان ما علمه له ربه من كل الأسماء فاق علم الملائكة الذين سبقوه في الخلق والعلم والتجارب، فتُوِّج آدم خليفةً في الأرض فباركته الملائكة برضى وقبول لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وليقينهم بأن آدم قد أثبت أنه جدير بهذه الخلافة، أما إبليس "إله الكذَّابين المكذِّبين"، أخرجه حقده وحسده وغباؤه من رحمة ربه فطرد مذموماً مدحوراً، وجعل مسكنه المراحيض ومعاطن الإبل ومستودعات القاذورات والأوساخ، وقلوب الفاسدين المفسدين والكافرين والملاحدة، لأنها منبعٌ لأقبح الأنجاس والأدناس والأنتان والشرور، وجُعِلَ طعامه فضلات الإنسان إمعاناً في تحقيره ومهانته وإذلاله جزاءً وفاقاً.
فلا أحد ينكر معجزة نوح عليه السلام، والعلم الحديث توصل إلى آثار ذلك الطوفان وحتى بقايا سفينته التي بناها في الصحراء القاحلة فكانت الملاز الوحيد للناجين من الطوفات الذي أغرق كل من كان دونهم من الأحياء في الأرض، فكانوا هم نواة كل المخلوقات الحية التي تكاثرت حتى صارت كل مخلوق حي نشاهده اليوم ونتعامل معه وبه، إذن فهي معجزة حقيقية وحية، وباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن مع ذلك لا يوجد دين غير الإسلام يستطيع أن يضمن حدوثها سوى القرآن الكريم لأنه الوحيد الذي يملك الدليل المادي على ذلك. علماً بأن هؤلاء العلماء الذين وقفوا على صدق الطوفات وعثروا على حطام تلك السفينة المعجزة لم يكونوا كلهم من أرباب الأديان الحقيقية "الشرق أوسطية" ولا أصحاب الأديان المفبركة المزيفة التي ظهرت لشقاء الدنيا كلها في أماكن متعددة من العالم من تيارات فكرية ضحلة وفاسدة وصل أصحابها ومبتدعيها إلى حقيقتها فخر عليها السقف. وكذلك الحال مع معجزات باقي الأنبياء الآخرين الذي سبقوا موسى عليه السلام منهم إبراهيم الخليل وغيره، أما معجزات موسى التسع - عليه السلام - فهي حقائق دامغة موثقة في كل الأديان السماوية وأيضاً في الحقائق العلمية والتاريخية ولا يستطيع منكراً أن ينكرها سوى الغافلين المغفلين الجاهلين، تليها معجزات عيسى عليه السلام، وهي تلك الحقائق الدامغة التي يستحيل على عاقل أن يخوض فيها أو يطمس معالمها التي خلدها القرآن الكريم وصارت في عصمته وحفظه وإن كذب بها المكذبون الضالون. أما معجزات سيد ولد آدم محمد بن عبد الله – أفضل وأكرم من وطأت قدماه البسيطة سيد الأنبياء والمرسلين فهي يصعب حصرها وعدُّهَا، ولكن يكفي معجزة واحدة الآن توازي الشمس في البيان والوضوح وتسموا فوقها علواً وخلوداً هي كتاب الله الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هو الكتاب الذي سيخرص تلك الأصوات النشاذ كما أخرص أصوات السابقين التي كانت قبلها وأكبر منها عتواً وغلواً وكبراً وفسوقاً.

لم تأتِ الأديان عبثاً أيها العابثون العابسون وإنما جاءت للضرورة القصوى. إذ تتدخل السماء عندما يعم الفساد البسيطة ويستشري ويصعب على المعتدلين والبسطاء والمساكين العيش فيها بأمان وسلام لتكملة مشوارهم الذي كتب عليهم. تتدخل عندما يكثر الفحش والتفحش والفاحشة، وعندما تختل موازين العدل والإنصاف، تتدخل عندما يكثر الغبن من الإستغلال البشع للضعفاء وإتساع دائرة الظلم والقتل والتسلط والإستعباد. تبدأ أولاً بالأنبياء والصالحين كنماذج صالحة مصلحة، للتأسي والوعظ ومحاولة الإصلاح بقدر المستطاع، وإنذار الناس من سوء العاقبة وعيداً، ومن حسنها وعداً فعندما يخرج الأمر من نطاق السيطرة والإحتواء يؤيد الله أنياءه بالرسالة فيأتي الرسل بالبينات التي تؤيد صدق قولهم فيأتون بالدليل المادي الخارق على أنهم رسل من عند الله تعالى. فإن لم تكن تلك البينات معجزة للمبعوثين فيهم فهي لا ولن تصلح كتأييد لهم ولن يكون تصديقهم أو إتباعهم مبرراً.

إن عملية إنكار المعجزات الحقيقية التي جاء بها الأنبيياء والرسل تدل على الغباء والجهل المطبق، ليس بالدين أو الإيمان فحسب وإنما بالحقائق التاريخية الموثقة التي لا يجهلها إلا السفهاء المدعون. مَنْ ذا الذي يستطيع إنكار ما تم من مواجهة حاسمة قاصمة ما بين طاغية الطواغيت فرعون ذي الأوتاد، الذي قال أنا ربكم الأعلى من شدة غروره وكبره وطغيانه، وبين نبي الله ورسوله موسى ابن عمران عليه السلام؟ ذلك الراعي الذي لا يحمل في يده سوى عصاً يهش بها على غنمه. فالسؤال البديهي الذي يخطر بخاطر كل ذي لب وفكر،، ما الذي جعل موسى يقف وجهاً لوجه أمام هذا المتجبر ويناظره ويقارعه بهذه القوة والثبات؟؟ بمعنى آخر ما نوع القوة التي أظهرها موسى لفرعون؟ هل كانت معه جيوشاً جرارة أخافت فرعون على نفسه وملكه وسلطانه وأرهبته؟ أم أنَّ أتباعه كانوا من الأعيان وكبار القوم ذوي القوة المادية والمعنوية والإقتصادية المؤثرة، ومن الأغلبية الساحقة ممن يشار إليهم بالبيان ويهاب لهم الجنان؟

فإذا علمنا بأن موسى لم يكن معه سوى أخيه الأكبر هارون عليهما السلام وليس له من العتاد سوى عصاً يحملها في يده يهش بها على غنمه وله فيها مآرب أخرى، ومع ذلك لم يتورع من أن يقف شامخاً أمام هذا المتجبر المتأله ويعجزه ويرهبه ويهز عرشه ويقضي مضجعه بهذه العصى فقط.
إن مجرد وقوف موسى أمام فرعون متحدياً ومناظراً ومحاججاً إنما يعتبر في حد ذاته معجزة من المعجزات الكبيرة الخالدة التي لا ينكرها حتى الخرتيت والخنزير. فما بالك بهذه العصى التي قهرت فرعون وهزمته وكانت السبب في هلاكه فيما بعد، ولم يكن معه حينئذ سوى بعض الضعفاء الجياع والمضطهدين والمستعبدين من بني إسرائيل الذين كانوا فارين خوفاً من الإدراك والقتل والتعذيب، حيث وقف في وجههم البحر يسد عليهم الأفق ويوقف تقدمهم للأمام قهراً، وكان فرعون وجنوده في طلبهم وأوشك أن يقبض عليهم، فكيف كانت النجاة؟ وما دور العصا للمرة الثانية؟ وكيف كان هلاك فرعون وجنوده؟ وما بالك بالآيات الباقية التي أيدت موسى عليه السلام؟

ثانياً: على العاقل أن يسأل نفسه سؤالاً منطقياً،، ما هي مطالب موسى عليه السلام من فرعون؟ هل كانت المشاركة في ملك مصر؟ أم طلب مالاً أو جاهاً أو سلطاناً؟ أم أنه سعى إلى قتله وإعتلاء العرش بدلاً عنه؟ طبعاً لا هذا ولا ذاك ولا تلك،، كل مطلبه هو خلاص الضعفاء والمستعبدين والمضطهدين من قبضته الآثمة الظالمة الجبارة والخروج بهم إلى حيث الأمان والبعد عن هذا الشرير الخبيث، وتوفير الكرامة والعزة والأمن والأمل لهم. كل مطالبه إنحصرت في مطلب واحد فقط بقوله لفرعون: (... أرسل معي بني إسرائيل)، هذه غايته ومطلبه لا غير. هذا أول إنجاز للمعجزة الكبرى عصا موسى التي فعلت العجائب، منها أنها:
• أقامت موازين العدل وقضت على الظلم والإضطهاد وتخلصت من رؤوس الفتنة فرعون وقومه فأغرقتهم في اليم بإذن ربها،
• خلَّصت الضعفاء والمضطهدين والمظلومين من بني إسرائيل من الإضطهاد والظلم والقتل والتمثيل والتنكيل، وتذبيح الأبناء وإستحياء النساء، والقهر المستمر والدائم،
• بعثت الأمل في أناس قد عشَّشَ في وجدانهم القنوط واليأس والإحباط، فأضاءت الطمأنينة والتفاؤل الوجود من حولهم.
إذن هذا هو أحد رسل أديان منطقة الشرق الأوسط الكرام، الذين أسسوا لأمن وإستقرار وضمان تأكيد أمن كوكب الأرض بقضائهم على الكفر والكفار والإلحاد والملحدين والجبابرة المتسلطين المسئولين عن زعزعة أمن وسلامة وإستقرار ونقاء وصفاء بيئة كوكب الأرض، وذلك بالقضاء على هوسهم وصخبهم وفجورهم وكفرهم.

أما القول بإعمار القمر فهذا حلم البلهاء السذج، الذين لا يزالون يعتنقون بمفهوم الغرب وأوروبا في العصور المظلمة، حيث الإيمان بالخرافات والإعتقاد في العرافات وإمتهان الكهنوت والسحر والشعوذة وتسلط الكنيسة على عقول البسطاء. فكيف يستطيع أن يعمر القمر من أفسد الأرض التي عمرها الله وأعدها لحياة الإنسان وفشل في إصلاحها والحفاظ على عمارتها الربانية بغروره وصلفه وغبائه وجهله بحق ومقتضيات العمارة، يقول تعالى في سورة الروم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 41)، (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ 42). نعم! لقد أفسدها الإنسان بالأسلحة النووية والبالستية والكيميائية وبتجارة الموت المتصاعدة، وبإشعال الفتن بين القبائل والشعوب والبلدان لفتح أسواق لبيع الأسلحة الفتاكة والقنابل المدمرة، أفسدها بزراعة الألغام المضضادة لكل شيء حتى الأفراد، والقنابل العنقودية وغيرها من وسائل الفساد والإفساد، وأفسدها بتجارة الدعارة والإباحية حتى أنْ ضاجعت الأم إبنها الذي ولدته من بطنها، وساحقت بنتها كذلك، وضاجع الأب إبنته التي من ظهره فإستمتع بها وإستمتعت به دون غيره من الرجال، وتزوجت المرأة كلبها وقالت أنك أكثر صدقاً وعفةً من ذكور قومها الفاسدين المفسدين، ومارست الرزيلة مع كل شيء من حيوان وجماد وثمار وأشياء. فأتت الحمير والخيل والكلاب والخنازير حتى عودتهم عليها فنسوا إناثهم من جنسهم دونها، ونسيت هي بدورها ذكور جنسها دونها،،، أفسدها بالأسلحة النووية التي أودعها هؤلاء الشياطين قاع المحيطات، ودفنت النفايات النووية الخطيرة في البلدان الفقيرة والمغلوبة على أمرها قهراً وإستعلاءاً، فحصدت الإشعاعات النووية الزرع والضرع والمهج. وأفسدها بضياع كل حقوق الإنسان تحت عنوان "حقوق الإنسان"، فكان تدمير العراق وفلسطين وأفغانستان،،، تجسيداً صارخاً لفرية "حقوق الإنسان" المزعومة التي يتزعمها ويدعيها ويديرها من ينتهكها عياناً بياناً دون خشية أو حياء، متمثلة في تفجيرات القنابل النووية في هيروشيما وناجزاكي، وغيرهما. أفسدها في إستغلال التقنية والقرصنة عبرها ببث الفيروثات الضارة المضرة، عبر الشبكات العنكبوتية العامة والخاصة حتى يضطر الناس إلى شراء مضادات تلك الفيروسات التي إعدت سلفاً "جنباً إلى جنب مع الفيروس الذي أنتج "تجارياً" خصيصاً لتزيله تلك المضاضات فيما بعد" لقهر الناس على دفع مبالغ طائلة دون طائلٍ للتخلص من هذه الفيروسات التي بثت قصداً لتهدد بياناتهم وأعمالهم، وبتلك الفيروسات التي تطلقها شركات القرصنة الدولية ومنظمات الجريمة المتخصصة والمافيا وغيرها للتجسس مثل "حصان طروادة"، وغيرها من ظلامات التقنية الهدامة،، والفيروسات التي تصنع وتطلق لتصيب البشر والأحياء الأخرى حتى يضطروا إلى شراء الأدوية بكميات ضخمة مثل الإيدز وأنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير وجنون البقر وجنون البشر،،، وغيرها من الأوبئة التي تصيب المواشي والزراعة وتتلف التربة وتلوث البيئة، الآن تبنى الإقتصاديات الضخمة من تجارة الدعارة والإباحية عبر الفضائيات والمواقع المتخصصة والأشرطة الأقراص المضغوطة،،، الخ.


وَآهِمٌ، ومخدوع، وخادع لنفسه وغيره من ظن أنَّ المعجزة يستطيع أحد من البشر أياً كان حجمه وقدره وعلمه وسلطانه أن يأتي بمثلها غير الذين جاءت في الأصل تأييداً وتصديقاً لهم من عند ربهم، وإلَّا لَمَا صَحَّ أن يُطلق عليها معجزة،، ولنتذكر على سبيل المثال لا الحصر عصاة موسى التي حشر لها فرعون أئمة السحر في أمَّةٍ قد إشتهرت به وتفننت فيه. وعلى الرغم من أن هؤلاء السحرة قد إسترهبوا الناس وجاءوا بسحر عظيم إلا أن العصا هزمتهم بإذن ربها ولم ينفعهم تفننهم في السحر أمامها، بل إبتلعت ما يأفكون، فخروا ساجدين لرب المعجزة، رب موسى وهارون، ولم يخيفهم أو يردعهم توعد فرعون لهم بأبشع العقوبات.

الملاحظ أن الكاتب الذي قد تجرأ على الكتابة فيما لا إحاطة له بعلمه قد أدخل نفسه في متاهة السفسطة واللجاجة والكلام المرسل العقيم، في الحقيقة لم نعتد أن نسمع من كل أهل العلم والمعرفة أنهم يستخدمون كلمة "حاوي" التي نحسب الكاتب أنه يقصد بها "الساحر"، ومع ذلك نستدل من كلامه عن المعجزة الدينة وإستهجانه لها وإستخفافه بها أن "حَاوِيَهُ المتواضع" المزعوم يستطيع أن يأتي بالمعجزات الدينية كلها بسهولة ويسر وهذا يعني أنه ضليع في علم "الحواة والحواية" وله قدرات مرجعية فيها لدرجة أنه إستطاع أن يُقَيِّمَ المعجزات ثم يُقَيِّمَ بالمقابل القدرات "الحوائية" اللازمة للإتيان بمثلها أو أفضل منها ما دام أن المتواضع منهم يستطيع ذلك بسهولة فما بالكم بالحواة العتاة أمثال الكاتب فما دونه، كيف يكون الحال معهم؟ ومن ثم نقول له، هذا إدعاء كاذب سمج، فإن كان يعتقد غير ما قلنا، فليأتي ببرهاله إن كان من الصادقين. (وما دام ذلك كذلك، إذن فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزُّبَى، وقد وصلنا إخيراً إلى ضالتنا وعثرنا على مُحْبِطِ المعجزات الدينية ومفندها ومكذبها، ذلك الذي يدعي أنه يستطيع هو أو المتواضع من "الحواة الهواة" الذين إدَّعاهم أن يأتوا بمثل هذه المعجزات). هذا ما قاله الكاتب وأكد عليه، ونحن لن نكذبه من تلقاء أنفسنا، ولكن،، حذاري ثم حذاري!! أن يتراجع عن ما قال، بل عليه أن لا يعمل على تكذيب نفسه بنفسه، وعليه أن يظهر لنا مصداقيته إن كان من الصادقين، فإن أخفق في ذلك ولم يصدق فيما قال، سقط من أعين القراء وأثبت لهم أنه يقول فيما لا يعرف ولا يقدر أن يصف، ثم أنه دعي لا يعرف ما يقول ولا يحترم ذاته ويظهر ويؤكد أبين صفاته.

الآن،،، أيها الكاتب "المفكر الحر"، إنتبه جيداً لما يقال لك ودعك من المغالطات والإدعاءات التي لا طائل منها ولا فائدة. فلنكن عمليين ونقدم للقراء معاً حسماً لهذه المغالطات والإدعاءات السمجة.

أولاً: إعلم أن كل المعجزات التي جاءت لكل الأنبياء والرسل تبناها القرآن الكريم الذي هو بحق وصدق (معجزة المعجزات على الإطلاق)، وأيدها وأكد بأنها كلها من عند الله الواحد الأحد منزل التورة والإنجيل والزبور والقرآن من مشكاة واحدة. وبالتالي من أراد أن يكذبها أو يخوض فيها فعليه أن يأتيها من عند السد المنيع وهو القرآن الكريم فإن إستطاع أن يخترقه بلغ ما يصبوا إليه وإن عجز عن ذلك كما عجز أئمة الكفر والشرك والفجور، فهذا دليل بشهادة عجزه أنها الحق من رب العالمين وأنه إنما كان يخوض مع الخائضين ويكذب بيوم الدين لا أكثر.
ثانياً: لقد سبقه أهل الكتاب من يهود ونصارى إلى محاولاتهم اليائسة في التشكيك في القرآن ونبيه الخاتم، وقد إفترضوا أن القرآن أو آيات الحروف المقطعة التي في مطلع بعض السور دليل على أنه من صنع البشر، فقلنا لهم ونقول لك أيضاً أن هذه غايتكم وذروة سنام هدفكم وأمانيكم وإدعاءاتكم أن يكون هذا القرآن من صنع وتأليف البشر، حتى تجدوا لكم فكاكاً من وصمة عار الكذب و(التحريف) التي تشعل وجدانكم، وتعملون جاهدين ومستميتين لبلوغ هذه الغاية وتأكيدها، متعقبين خطى من سبقكم، ومن ثم لن تستطيعوا إيهام أحد عاقلٍ بأنكم حريصون على سلامة القرآن كله أو بعضه من العبث والتلاعب فيه، فالموضوعية والشفافية واللعب على المكشوف أفضل وسيلة لكم وستجعلون الناس يتفاعلون مع طرحك سلباً كان أم إيجاباً،، بل أنتم الآن تقيمون الدنيا ولا تقعدونها لهذه الغاية إن استطعتم لذلك سبيلاً،، ولكن هيهات هيهات ثم هيهات!! وسترون قريباً كيف أنكم ستنسفون بأنفسكم حلم اليقظة هذا وستحولونه بحول الله وقوته ومكره إلى كابوس جاثم على الصدر وباقياً في الدهر. لذا نقول لكم بكل ثقة وتحدٍ وإستنفار:
• إن كان هذا القرآن من صنع البشر كما تقولون،، لَمَاْ بقي منه شيء في إنتظاركم لتكتبوا فيه ما تدعون، ولإنتهى أمره قبل آلاف السنين، بل ولإنتهى وقُضِيَ عليه في مهده لأن الذين خاضوا فيه قبلكم وسيخوضون بعدكم إنما هم أعتى منكم وأنكى واشرس وأبلغ علماً وعدة وعدداً، وقد حاولوا كل ما يمكن أن تتصوروه ولكن إحكام هذا القرآن ومَنْعَتهُ وحِفْظَهُ ردَّهم على أعقابهم خائبين يجرون أزيال الخذي والفشل والحسرة والإحباط الذي أعِدُكَ وعداً صادقاً ألتزم بحقه وأقسم لك عليه بأنه سيكون المحصلة النهائية لحالة الإحباط التي تنتظركم أنتم كذلك،
• ولو كان الإعتقاد "راسخاً" كما تقولون بأن هذا القرآن كله من صنع البشر،، إذن لماذا لا تكتفوا بذلك الإعتقاد الرا سخ لديكم!! (ما دام الأمر محسوماً إلى هذه الدرجة عندكم)، فبدلاً من أن تضيعوا وقتكم وجهدكم ومصداقيتككم النافدة النافقة بالخوض في ما لا علم لكم به ولا سلطان وبغير هدى ولا كتاب منير في ما لا طائل منه؟؟؟ طبعاً، ما لم ترغبوا في أن تُوْهِمُوا أنفسَكم وتُضَلِّلوا غيركم بهذا الطَّرح الساذج المتناقض المبتور،، على أية حال،،، لماذا لا تكونوا عمليين وتحققوا ما تصبون إليه وتتمنونه بأقصر السبل بدلاً من إضاعة الوقت وإراقة ماء الوجه... الآن إليكم بهذه الهدية والغنيمة السائغة المذللة والثمرة اليانعة التي تَفَضَّلَ بها القرآن الكريم نفسه عليكم، ليريحكم بها ويحسم الأمر برمته عليكم أو لكم إن استطعتم لذلك سبيلاً؟؟ هي على أية حال في إنتظاركم لتقطفوها وتريحوا أنفسكم وتريحونا معكم من هذه اللجاجة والمماحكة الفجة،، يقول الله تعالى في سورة هود "مُعْجِزاً ومُتَحَدِّيَاً" لكم ولكل من تُسَوِّلُ له نفسه الإقتراء على الله كذباً، مدعين بأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد إفترى هذا القرآن من عنده وكتبه بنفسه، بل وأُمْلي عليه به، فإن كان حقاً قد فعل ذلك وقَدِرَ عليه بشخصه الكريم دونكم وأسلافكم الذين من قبلكم، وأنتم على علم ويقين بذلك كما تدَّعُون وتُخْرِصُون!!، إذن ما الذي يمنعكم من أنْ تأتوا بمثله كما فعل؟؟؟ وأن تدعوا من استطعتم (من دون الله) من الجن والإنس وأهل الكتاب كلهم الذين قالوا أن القرآنه أخذه النبي محمد من كتبهم ورهبانهم وأحبارهم، ليساعدكم في ذلك الإفتراء، فحينئذ يتضح لنا ولكم ما إذا كنتم فقط تكذبون وتدعون، أم أنكم عاجزون عن الإتيان ببعض ما قَدِرَ عليه هو،، وهذا العجز قد إستمر ملازما لكم ولأسلافكم وجاثماً على صدوركم وكاتماً لأنفاسكم لأكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، وهذا بالطبع يضع (النَّبِيَّ مُحَمَّداً) في مكانة عالية سامقةٍ وفريدة "مصطفاة" كبشر من ولد آدم، (بغض النظر عن كونه نبي أو رسول)، لم ولن يبلغها أي منكم أو مِنْ غيركم من الجن وولد آدم كله،،، وهذه نتيجة حتمية ومنطقية ما دام أنَّ أحداً من البشر إستطاع أن (يفتري كتاباً أعجز الأولين والآخرين بأن يأتوا بمثله،، بل وقد تحداهم وإستفذهم بخيلهم ورجلهم بأن يأتوا بمثله فخنسوا..) فإن لم يكن هذا ولا ذلك فهذا دليل قطعي منطقي علمي، عملي، كامل الدلالة والبرهان على أنه تنزيل كريم من عند الله الواحد الأحد، رافع السموات بغير عمد ترونها، يقول تعالى "مُتَحَدِّيَاً": (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 13)... فهل أنتم صادقون حقاً؟؟؟ إذن الصفقة مغرية للغاية لكم ولغيركم من المكذبين الضالين المضلين المحبطين، إذ أنَّ كل المطلوب منكم مجتمعين الإتيان فقط بعشر سور مفتريات إن كنتم صادقين، ونحن "تبسيطاً من عندنا لكم لهذه المهمة" نلفت نظركم ونقترح عليكم ونشجعكم ونستحثكم بل ونستحلفكم إختيار أقصر سور من القرآن الكريم،، مثلا (التكاثر، والهمزة، والفيل، وقريش، والماعون، والنصر، والمسد، والإخلاص، والفلق، والناس) وهذه السور القصيرة جداً التي يتراوح عدد أياتها ما بين ثلاث إلى تسع آيات قصيرة للغاية، فهي على الترتيب من حيث عدد الآيات هكذا: (8+9+5+4+7+3+5+4+5+6 = 56 آية) ، وهي مجتمعة تعدل سورة المدثر فقط!! أليست هذه تعتبر بالنسبة لكم صفقة العمر وتغنيكم عن التمحك، وتكفيكم اللجاجة وفرية حساب الجمل وتحقق لكم المصداقية المفقودة والنصر المنشود؟؟؟ وعليكم بأن تتذكَّروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحدى بالقرآن العرب، فعجزوا عن معارضته بالرغم مما اشتهروا به من الفصاحة والبلاغة وكان التحدي بالقرآن الكريم بمستويات متفاوتة ومواقف كثيرة،، منها أنه:
o تحداهم أولاً بأن يأتوا بمثل هذا القرآن وذلك في قوله تعالى في سورة الطور: (« أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ 33 » ، « فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ 34 »)، فلما لم يستطيعوا (تماماً مثلكم ومثل من سبقكم ومن سيأتي بعدكم) تحدَّاهم فقط بعشر سور من مثله كما قلنا في السابق، وذلك في قوله تعالى في سورة هود: (« أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 13 » ، « فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 14»)،
o ثم بعد أن تحقَّق لهم العجز والفشل التام والإحباط "الذي سيكون في إنتظاركم أنتم أنفسكم الآن إن قبلتم التحدي"،، فقد تنازل لهم سبحانه وتعالى عن هذا العدد المتواضع (10 سور فقط)،، وقد أكد عجزهم بالدليل القاطع فتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة مثله وذلك في قوله تعالى في سورة يونس: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله 3)، فكان العجز فألَهُم والإحباط والخذي حليفهم كما سيكون حليف كل من أدخل نفسه في هذا التحدي المحسومة نتيجته من الله سلفاً،، وسيجعل من نفسه أضحوكة ومحط السخرية والصغار.
o تكرار هذا التحدي في القرآن الكريم لم يقف عند هذا الحد، بل إستمر وتنوع، وهو هناك شاخصاً مغرياً للشيطان وأعوانه من المردة المكذبين و"المحرِّفِيْنَ المحترفين"، ولكن دائماً تبوء محاولاتهم بالفشل الذريع المفحم ولكن أكثر الناس لا يفقهون ولا يرتدعون، يقول تعالى في سورة البقرة: (« وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 23 » ، « فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ 24 »)،
o إن إسلوب التدرج في التحدي بالقرآن الكريم إنما هو إمعان منه في الإعجاز والإفحام بل الوعظ والتحذير من مغبة غضبه وعذابه المقيم،، وكل فشل وآخر للمكذبين إنما يؤكد بما لا يدع مجالاً للمراوغة والتمحُّك والتشكك صدق القرآن ويؤكد "مُعْجِزَاً قَاهِرَاً " بأنه من عند خالق كل شيء رب العرش العظيم. فهذا التدرج في المناظرة والتحدي قد أظهر عجزهم عن ذلك، خاصة وأنه تعالى قد تحدَّى الإنس والجن معاً مجتمعين عن أن يأتوا بمثل القرآن، وهذا في قوله في سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا 88). إن رب القرآن الكريم يعلم مدى عجز الخلق كله (الإنس والجن) عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن مهما بلغوا من العلم والمعرفة "والخبث واللؤم والشؤم" إلى يوم القيامة، لذلك يُسمِعُهُمْ هذا التحدي ليل نهار في قرآن يُتْلَى ويُتَعَبَّدُ به (ليس سراً أو في الخفاء) وإنما يدعوا خصومه (مستفذاً ساخراً متحدياً) بأن يُقْبِلُوا على الأخذ بهذا التحدي وقبول دخول المعترك إن كانوا صادقين،، ليس ذلك فحسب، بل أعلن مسبقاً النتيجة الحتمية التي يستحيل أن يأتي أحد بغيرها إلى يوم القيامة وهي "الفشل الذريع والخزلان والإفحام، ثم الخسران) ليس إلا!!! هلم أقبلوا التحدي ودعكم عن المراوغة و التمحك وحساب الجمل الذي سيكون وبالاً عليكم وماحقاً (أقسم لكم بالله على ذلك)، فصبراً.
الآن كما ترى قد سهَّلْتُ عليكم المهِمَّةَ كثيراً،، فلا تترددوا في القيام بعمل إيجابي مباشر يشهد لكم به الآخرون بالإنجاز بدلاً عن السعي وراء سراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه،،، وبالتالي، فما دام أن معجزات أنبياء الله ورسله كلها قد تبناها القرآن ووسعتها سوره وآياته، فيستحيل على أحد إختراقها أو تكذيبها أو إنكارها ما لم يقبل التحدي ويفوز فيه إن إستطاع عندها فقط تسقط الحصانة عنها، ولكن هيهات هيهات ثم هيهات.

أيها الكاتب، عند حدود هذا القرآن قد إنتهى عهد المعجزات إلى أن تقوم الساعة، فأي معجزة ذكرت فيه فهي حق من رب السموات والأرض وما لم ترد فيه فهي الباطل والسخف والإدعاءات الكاذبة.
فلا مجال لحمامة شنودة ولا مصداقية لورقة مبارك. كلها أكاذيب وتلافيق وسخرية من عقل البشر. فالذي يريد أن يثبت صحة هذه الإدعاءات عليه أولا بأن ينتصر على القرآن ويأتي بسورة من مثله، فإن لم يستطع (ولن يستطع) فيكون حينئذ الأمر محسوماً بصدقه وتكذيب كل تلك الإفتراءات الساذجة المضحكة المبكية في آنٍ معاً.


نأتي للعلمانية secularism – التي فلسفياً هي المذهب الذي يرفض الدين خصوصاً في الأخلاق، وهي الموقف أو التوجه الذي ينادي بأن لا يكون للدين دخل في الشئون المدنية. فالتوجه أو الميل العلماني هو الفلسفة السياسية أو الإجتماعية التي ترفض الإيمان والعبادة الدينية. وقد نشأت فكرتها وإنطلاقها كثورة ضد تسلط الكنيسة على مصالح الناس وخداعهم وبيعها لهم صكوك الغفران وتدخلها في كل كبيرة وصغيرة في شأن الدولة والناس، على الرغم من أنها لا تعتبر محسوبة لصالح التوراة ولا الإنجيل، بل أنها قللت من وطأة الكثير من المظالم وتصدت للكثير من الخرافات والإدعاءات. هذه حقيقة. أما قول "المفكر الحر" عن أحد القراء "العلماني القبطي الأمريكي"، فهو بهذه الصفة المركبة يحمل النقائض كلها، لأنه إن كان صادقاً في علمانيته إنتفت عنه القبطية بإعتبارها على النقيض من الأولى لأنها ببساطة هي دين مرجعيته الكنيسة التي هو ثائر عليها ومتفلتاً من قبضتها، وإن كان قبطياً صادقاً إنتفت عنه العلمانية لإعتقاده فيما يكفر به العلماني في الأساس، ومن ثم أصبح بلا هوية كالمعادلة الصفرية تماماً (ص – ص = صفر). على العموم هذا بالنسبة للإسلام لا يعني له شيئاً لأن الإسلام ليس فيه لا علمانية ولا شيوعية ولا طائفية ولا لبرالية لأن به ثلاث أنواع فقط (إيمان، وكفر، ونفاق)، ولا رابع لها.

فإن كنت أيها "المفكر الحر" قد سخرت من حمامة شنودة وورقة مبارك فالإسلام يسبقك إلى هذه السخرية والرفض والإستهجان، ولكنه يختلف عنك كثيراً لأنه يملك مبررات هذا الموقف وعنده الدليل القاطع على ذلك، أما أنت فجهلك التام بالحق والحقيقة يجعلك تخلط الأوراق وتجعل السم في الدسم، وتخلط الرمل مع السمسم.
أما قولك لمحدثك العلماني المسيحي القبطي الأمريكي بأنك لا تؤمن بهذه الأشياء مهما كان مصدر الدين الذي تنسب إليه المعجزة. فهذا أيضاً عين الخلط للأوراق بصورة أكبر، فالحمامة والورقة هذه أشياء سخيفة، والإسلام من الطبيعي أن يرفضها ويستهجنها، أما أن تجمل معها المعجزات فهذا يؤكد الجهل المزمن بالحق والحقائق وعدم القدرة بين الأضداد، وهذا نتاج طبيعي لملكة الخلط التي تعاني منها وتنتهجها. أما مسألة عدم إيمانك بمصادر الدين أياً كان، فهذا هو الإلحاد، وقد إخترته لنفسك بنفسك وهذا شانك لن يجرؤ أحد "من المسلمين" على أن ينازعك فيه إن كان صادقاً في دينه ويخشى ربه، لأن الله الذي خلقك قد أعطاك هذا الحق كاملاً وأعطاك حرية الإختيار، قال تعالى (... إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً). فمن إختار الكفر إستغنى الله تعالى عنه وتركه لشركه أو لكفره وسيلاقي على ذلك ربه فهو مخير فيه.

أما نصحك له بأن يدعو كاتباً عقلانيا مسيحياً للكتابة عن حمامة شنودة وورقة مبارك، فهذه النصيحة محيرة لنا حقيقةً،، إذ كيف يكون مسيحياً عقلانياً ومنهجك أن أرباب الأديان هم "بلهاء الله"؟ وكيف يكون المسيحي عقلانياً وما من مسيحي حقيقي أو يهودي إلا ويؤمن بالمعجزات إيماناً قاطعاً بإعتبار أن هذه المعجزان محورية في عقيدتهم وكذلك المسلمين على حد سواء؟
وقولك بأن هناك عقلانيون من أصول إسلامية يكفيهم ما يلاقونه من أدب المتعصبين الإسلاميين، لهو أغرب ما سمعته في حياتي، لقد ضحكت حتى أدمعت عيناي فلم أستطع أن أحدد ما إذا كانت تلك الدموع من الضحك أم أنني قد بكيت لأن مرارة البكاء والحزن كانتا في حلقي وحَرَّهُما في قلبي. أأصْبَحَتْ هناك أصولاً وأعراقاً وإثنيات إسلامية، وأن هناك تعصب وتشرذم وتكتل إسلاميٌ؟؟؟ قد يقول الشخص أن فلاناً من أصول هندية أو باكستانية ،،، الخ أما أن يكون من أصول إسلامية فهذه جديد لم نسمع بها من قبل. أما قوله عبارة "أدب المتعصبين الإسلاميين" فهذه أيضاً عبارة شاذة تدل على قلة معرفة الكاتب بمعاني ومعطيات المفردات والقدرة على إختيار أنسبها، ولكننا نحسبه يقصد بقوله "أدبيات المتشددين الإسلاميين"، وهذه وإن صحت من حيث التعبير فهي أيضاً فرية لا أساس لها ولا رصيد من الصحة.

فإن كان يقصد التعصب القبلي أو الجهوي أو الفئوي أو الإثني يكون قد طاش سهمه وضل ظنه، لأن الإسلام كله حرب على هذه العناصر البغيضة إليه،، فهناك من الآيات والأحاديث ما يضحد هذه الفرية المفتعلة التي أصبحت تلوكها الألسن الكاذبة الخاطئة لتشويه الإسلام والمسلمين ولكن كل هذا لن يجدي معهم نفعاً فعلى سبيل المثال لا الحصر قول الرسول الكريم "كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلَّا بالتقوى".

مثل هذه المواضيع المستجدة والمبتدعة لا يصلح أن يحسم أمرها إلا وحياً مباشراً من عند الله تعالى لأنه هو وحده صاحب الحق في أن يقول هذه معجزة وتلك غير ذلك. ولكي يحدث هذا لا بد من أن يأتي به وحي من عند الله تعالى ولنبي مرسل، وبالتالي فليس هناك من هو مؤهل للكتابة عن مثل هذه المواضيع سوى عالم مسلم متفقه في القرآن ومتدبرٍ لآياته البينات، للأسباب الآتية:
1. كل الأديان السماوية تعرف تماماً أن المعجزات لا تأتي إلَّا تأييداً للرسل فقط على صدق رسالتهم و تأكيداً على أنهم مرسلون من عند الله تعالى حقاً، ولا تكون المعجزة إلا كافيةً للإقناع والإقتناع، وهي ليست غاية في ذاتها وإنما لها ما بعدها،
2. بعض المعجزات الكبيرة تظهر في زمانها فيراها من يراها ويؤمن بها ويسمع بها آخرون من غيرهم فقد يؤمن بها بعضهم أو يتشككون فيها أو يرفضونها، ولكنها لا تستمر لفترة طويلة أو أنها لا تتكرر مرة أخرى ككلام عيسى عليه السلام في المهد صبياً، وقد تتكرر أكثر من مرة ويكون لها أكثر من دور، كعصاة موسى عليه السلام، فقد رآها موسى تهتز كأنها جان حتى ولى مدبراً ولم يعقب، وذلك عندما إصطفاه الله بالرسالة، والمرة الثانية أمام فرعون، والثالثة أمام السحرة وفرعون والناس محشورون يوم الزينة، والمرة الرابعة عندما ضرب بها البحر، والخامسة عندما إستسقاه قومه فضرب بها الحجر فإنفجرت منه إثنتا عشرة عيناً. ولكن بعد يموت موسى عليه السلام لم يكن لها أي دور، وهذا أمر بديهي ومن ثم فلا يعقل أن تأتي معجزات له بعد موته. وبالتالي فليس من المنطق أو المعقول أن يدعي أي يهودي أن هناك معجزات جديدة حتى مجيء عيسى عليه السلام. فكانت لهم معجزات إضافية من خلال الإنجيل ولكن أيضاً شاهدها من شاهدها وغابت عن من لم يدركها أو يراها، كخلق الطين كهيئة الطير والنفخ فيه فيصير طيراً بإذن الله، وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله، وإحياء الموتى بإذن الله، وإنباء قومه بما يخفون في بيوتهم وما يدخرون،،، الخ. أما بعد أن رفعه الله تعالى إليه فلا مبرر لمزيد من معجزات لنبي قد توفاه الله بإنهاء معمته ورسالته لقومه ولبني إسرائيل برفعه إليه وأنهى مهمته إلى حد ما وصلت إليه قبل ذلك. وبهذا الرفع يكون قد إنقطع عن اليهود ظهور مزيد من المعجزات بعد رفع عيسى عليه السلام إليه كما قال في سورة النساء (بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 158)، وكذلك الحال مع النصارى،
3. كل هذه المعجزات للرسولين الكريمين موسى وعيسى عليهما السلام قد إنتهت مشاهدتها وإلى الأبد، وبقيت راسخة في إيمان المؤمنين بها من أهل الكتاب وضمن عقيدتهم، علماً بأن كل من اليهود والنصارى لا يملكون الآن أي دليل مادي بعد ذلك يمكنهم به إقناع أي شخص بوجود تلك المعجزات إبتداءاً، وبالتالي أصبح إنكارها من المنكرين أمراً وارداً ومبرراً في غيبة إيمان هؤلاء بالغيبيات وبالمعجزات، ولكن المسلمين يملكون الدليل والبرهان.
4. جاء الإسلام خاتماً لخبر السماء، جامعاً لكل ما سبقه من أديان سماوية بدءاً بصحف إبراهيم وموسى وما سبقها من صحف هود مثلاً، ثم باقي الكتب الأربع "توراة، وإنجيل وزبور"، وجامعاً لكل ما دار حولها وبها من أحداث موجبة وسالبة، وبكل أنبيائها ورسلها بشرائعهم ومعجزاتهم، وصالحيها بكراماتهم، وفجارها بعذابهم وإستئصالهم. وقد إشترط الله في الإسلام عدم قبوله إيماناً من أحد إن لم يتضمن "تفصيلاً" (الإيمان به، والإيمان بملائكته ممن سماهم ومن لم يسمهم، والإيمان بكتبه كلها "صحف إبراهيم وموسى، وبالتوراة، وبالإنجيل، وبالزبور، وبالقرآن"، والإيمان بالرسل جميعهم وقد سمى منهم خمسة وعشرين نبياً ورسولاً، ثم الإيمان باليوم الآخر، ثم الإيمان بالقدر "خيره وشره")، ومن ثم يكون واهماً وخادعاً لنفسه وموبقها من أسقط شيئاً من هذه البنود بإجمالها وتفصيلها إن ظن أن الله سيقبل منه ذلك الإيمان المشروخ المدعى.
5. إذن أي مرجعية لكل المعجزات التي أيد الله تعالى بها رسله قد وثقها وشدد على الإعتراف بل الإيمان بها وقد فصلها تفصيلاً، لذا إن اراد اليهود أو النصارى تأكيد صدق معجزات موسى وعيسى عليهما السلام ليس لهم بد من أن يستشهدوا بالقرآن الكريم "حصراً وتحديداً". فمن أراد أن ينكر أي من هذه المعجزات عليه أن يقبل التحدي ويأتي بسورة من القرآن فإن عجز "وهذا أمر مؤكد ومحسوم" فهذا دليل مادي على صدق كل ما جاء به، فإذا عجز أهل الكتاب في أن يقيموا الدليل المادي على صدق معجزات أنبيائهم فمن باب أولى أن يعجزوا فيما دون ذلك.
6. لقد كانت آخر مهام "الناموس جبريل عليه السلام" في نقل خبر السماء إلى الأرض هو إكتمال نزول القرآن الكريم. وبعد كمال هذه المهمة قد إنقطع عن الأرض إلى غير رجعة بعد أن راجع هذا الكتاب الجامع مع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، مرتين فكانت بعد ذلك زيارته الأخيرة لرسول الله يوم وفاته ليودعه. ولن يعود أبداً لأنه لن يكون بعد ذلك نبي ولا رسول لأهل الأرض من الجنن والإنس على الإطلاق، فَلِمَنْ إذَنْ تأتيَ المعجزاتُ؟؟؟
إنَّ مثل هذه الأمور لدى المسلمين محسومة، ولن تجد مسلماً يصدقها لسبب بسيط لأنه يملك مرجعية واضحة وثابتة وفريدة تشير إليه بالصواب فيتراجع الخطأ وينزوي ويضمحل لعدة أسباب منطقية، منها:
1. لا يمكن تصور نبي أو رسول بعد خاتم الأنبياء والمرسلين إلى أن تقوم الساعة بالأدلة المادية، فمن قال بغير ذلك طالبناه بالدليل المادي على صدق قوله، على أن يكون دليله قادراً على الصمود أمام أدلتنا المادية الكونية القادرة على ضحد كل فرية لا أصل لها ولا برهان.
2. لا يمكن تصور معجزات بدون رسول من الله تؤيده،
3. لا يمكن تصور شنودة وحسني مبارك رسلاً من عند الله،
4. لو سلمنا "جدلاً" أن العذراء قد ظهرت حقيقةً ورآها من رآها،، إذنْ،، كيف تعرفوا عليها وأيقنوا بأنها هي الصديقة البتول أم المسيح عليه السلام؟ هل قالت عن نفسها إنها العذراء؟ أم كان بصحبتها ملك أعلم مشاهديها أن هذه التي أمامهم هي العذراء بشحمها ولحمها،، فإن لم يكن هذا ولا ذاك ولا تلك، فما هي المعايير التي تعرف بها أناس في منتصف العقد الثاني من الألفية الثانية على صِدِّيقَةٍ يفصل بينها وبينهم أكثر من ألفي عام بالتمام والكمال؟؟؟
5. ولو تصورنا أو قبلنا "جدلاً" أن أي من تلك الفرضيات السابقة حدثت أو كلها، فما هي نسبة المصداقية في أن القول صحيح أو المعلومة صحيحة؟
6. وهل هناك ما يمنع القول بتجسد الشيطان في أي صورة قد تساعده في تحقيق أسمى غاياته وأهمها وهي إضلال ولد أدم والسخرية منهم والتشفي فيهم ليجرهم معه إلى حيث إنتهى أمره؟
7. ولو كان ذلك كذلك، ما هي المهمة والغاية والرسالة التي جاءت بها العذراء تحملها للكنيسة؟ وما الذي يترتب على تلك المهمة الخطيرة؟؟؟ وهل هناك رابط ما بين ظهور العذراء وقبلها الحمامة ثم ورقة حسنى مبارك؟؟؟
قبل أن ننتقل من هذه النقطة نود فقط أن نهمس في أذن الكاتب "المفكر الحر" أنه لا يوجد ما يسمى "معجزة دينية"، فإن صح هذا التعبير، فلابد لنا أن نتوقع أصناف عديدة من المعجزات المفتراة، كأن تقول مثلاً (معجزة فنية، و معجزة شرعية، ومعجزة سياسية، ومعجزة حقوق الإنسان، ومعجزة علمانية، ومعجزة إلحادية،،، الخ).

http://nacopticas1.blogspot.com/

لقد أستوقفتني عبارة قالها الكاتب هنا حقيقةً قد أزهلتني، وقد أعدت قراءتها عدة مرات لعلي أجد لها مخرجاً للكتاب من مدلولها. في مطلع هذا المقال المتناقض قال "المفكر الحر" إنه لا يؤمن بالمعجزات نهائياً، ولا حتى بالأديان كلها، وقد وصف معتنقيها بعبارة "بلهاء الله"، وقد أكد ذلك في السياق أكثر من مرة، فإذا بنا نفاجأ بقوله هذا النص: ((... وفي راينا انه ليس من العقل انكار أي شيء أو رفضه رفضا تاما. بل أي شيء مهما كان من الأشياء التي لا يقبلها عقلي. لا أمانع من الاستماع اليه. ومراجعته ...))، إذن فهو يعترف بأنه يأتي بما ليس من العقل بإنكاره حقائق علمية وتاريخية موثقة، فإن لم يكن هذا هو السفه بعينه، فماذا يكون إذن؟ فما دام أن غياب المنهجية يمكن أو يوصله إلى شيء من الإعتدال الفكري ولو في حده الأدنى، فلماذا لا يوظف هذه الصبنات الفكرية "كمفكر معتدل" بدلاً عن أن يكون "مفكراً حراً" التي أوردته المزالق والغوالق. المؤسف حقاً أن كثير من العوام يظنون أن الحرية تكمن في مخالفة الأنظمة والضوابط والقوانين، حتى الحس السليم والمشاعر الإنسانية والشعور بالذنب بل والحياء،،، يعتبره هؤلاء العوام المتعولمون نقصاً لحرياتهم وإنتهاكاً لها، أما العقلاء والمفكرون المعتدلون الأصحاء يرون في إلتزامهم وتقيدهم بهذه الضوابط والقوانين إنما هي سعة ووفرة وبراح في الحرية الشخصية لأنها توفر مجتمعاً حراً كل أفراده يتمتعون بكامل حرياتهم ولا يتعدى بعضهم على حرية بعض.


إن مشكلة البشرية كلها، بل ومشكلة الكون بأكمله هو أن الجهلاء السفهاء، ومرضى النفوس والعقول والقلوب والحاقدين على كل ما هو حق وطهر وإستقامة، قد أصبحت لهم أصوات وضجيج ونقيق يسمعه سفهاء الدنيا وأغبياءها وجهلاءها، كما أصبحت لهم جرأةً على كل ما هو حق وحقيقة فإختلط الحابل بالنابل، وغابت المعايير التي تقاس بها القيم الإنسانية والوجدانية والعقلانية وحَلَّ محِلَّهَا نقيضُها لتتناسب مع التردي الذي بلغه السواد الأعظم من البشر في كل القيم الإنسانية والوجدانية والمعرفية والفكرية، فأصبح بحق وجدارة "أسفل سافلين"، وعلى الرغم من أن هؤلاء الجلاء لم تكن لأمثالهم من قبل أصوات تُسمع أو أعمال تُقْنِع، إلا أنهم أطلقوا على أنفسهم أو أطلق عليهم أمثالهم في الضعة والتردي "علماء ومفكرين"، وهم أبعد الكائنات عن العلم والفكر، مستغلين في ذلك إتساع رقعة الجهل والسفه والضلال، فأصبحوا أئمة لمثل هذه الكائنات، أو القطعان من الدواب التي للأسف الشديد تنسب إلى البشر "إحصاءاً" دون القيم الدالة على ذلك.

الملاحظ في هذا "المفكر الحر" كما يقول عن نفسه، أنه يسعى إلى إثارة الفتن ليجد متنفساً لأحقاده ومجاهل نفسه المظلمة على علم قد حرمه الله منه وأوصد الباب دونه لإختياره لنفسه طريق الظلام فأدخله الله فيه. يتحدث عن الإسلام والقرآن وهو لا يقرأ فيه آية واحدة، وإن إدعى أنه قرأها فلن يستطيع الإدعاء بأنه قد فهمها إبتداءاً، لسبب وبسط هو أن الله تعالى قد صرف كل مداركه عنها جزاءاً وفاقاً. ليس هذا تجنياً منا عليه أو محاولة للرد على تطاولاته على صفوة الخلق كله، ولكن ما نقوله عنه له أسانيده وأدلته القطعية، ونقول له أنه إن كان قد عرف شيئاً عن الإسلام لعلم يقينا أن كل الذي يقوله عنه إنما هو على النقيض من الحق والحقيقة. فالإسلام ليس نسباً أو قبيلة أو عرقاً، وإنما هو قيم ومبادي محددة ومفصلة ودقيقة، من وجدت فيه إستحق بأن يقال عنه مسلماً، ومن لم تتوفر فيه "كلها" كان مدعياً الإسلام، وبالتالي لن يقبل الله تعالى منه إدعاءه "إلا أن يشاء"، مهما إدعى أو جاء بوثائق أو هوية أو تأكيدات، فمثلاً، الذي يقرأ القرآن ويفهمه تماماً يعرف أن الكثير من المدعين الإسلام ليسوا بمسلمين في حقيقة الأمر، بل هم ألد أعداء للإسلام ولله تعالى وعصاة سينالهم عقابه إن لم يرجعوا عن ذلك ويتوبوا إليه:
1. فكل من حاول بأي وسيلة من الوسائل "تغيير دين شخص أو عقيدته" سواءً بخداعه، أو إجباره أو قهره "مادياً أو معنويا"، أو مساومته بإستغلال ظروف أو مواقف ضعف هو فيها لهذه الغاية، أو إحتقار دينه أو سَبِّهِ،، حتى إن كان ذلك الشخص يعبد حجراً أو بقراً أو غير ذلك أو كان مشركاً أو ملحداً، فهو حر في نظر ومراد الشرع ووفق مباديء الإسلام الأساسية، لذا من قام بذلك يكون معتدياً ظالماً مخالفاً لشرع الله ورسوله، بل وعاصياً لله تعالى ومخالفاً لأمره وبالتالي يكون قد إنتهك شرع الله تعالى وحَكَّمَ هواه بجهل وإعتداء سافر، لأن كل المطلوب منه هو الدعوة والنصح دون إكراه ولا إلحاح، ليس هذا كلامنا أو إجتهاد منا، وإنما هو القرآن الذي تجهله أنت والكثير من المدعين الإسلام وحمايته وهم في الواقع من أساء إليه بقصد كان أم بغير قصد. القرآن الذي يقول منزله حتى لرسوله الكريم محدداً له مهمته ومقيدها بالتذكرة فقط فمثلاً، فيقول له في سورة الغاشية ("فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ 21)، لا أقل ولا أكثر، ( لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ 22)، فلا سلطان لك عليهم وليس المطلوب منك إكراههم على الإيمان، (إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ-;---;-----;--- وَكَفَرَ 23) بإختياره فهذا شأنه وأمره عند ربه وليس عندك أنت، (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ 24)، لأنه عائد إلى ربه وكادح إليه كدحاً فملاقيه، (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 25) وليس إليك أنت يا محمد، (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم 26)، فإذا كان النبي لا سلطان له على البشر حتى إن إختاروا لأنفسهم الكفر والإلحاد، فكيف يعقل أن يكون لغيره هذا الحق؟
2. الإسلام لا يكون بشهادات الميلاد أو بالنسب، بمعنى آخر ليس كل العرب أنصاراً للإسلام، بل في الواقع أن ألدَّ وأعتى أعداء الإسلام هم من العرب والأعراب، وقد قال الله تعالى عنهم في سورة التوبة دون غيرهم (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ-;---;-----;--- رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 97)، ثم قوله تعالى (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 98)، ثم يستثني بعضاً منهم فيقول (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 99)، كما أن كل الأعاجم من غير العرب ليسوا هم أعداءً للإسلام، بل أكثر المنتمين الحقيقيين للإسلام وأصدقهم توجها وعقيدةً وإلتزاماً، وأكثرهم عدداً هم من غير العرب. بل هم من أوغندا، وبنين، وبوركينا فاسو، وتشاد، والغابون، وغامبيا، وغينيا، وغينيا بيساو، والكاميرون، ومالي، وموزمبيق، والنيجر، ونيجيريا، وأذربيجان، وأوزبكستان، أفغانستان، وإندونيسيا، وإيران، وباكستان، وبنغلاديش، وتركيا، وتركمانستان، وطاجكستان، وقرغيزستان، وكزاخستان، والمالديف، وماليزيا، سورينام وغويانا، وألبانيا وغيرها من البلدان والأمم غير العربية، فالإسلام دين عالمي لكل ولد أدم وللجن معاً. وهناك من الآيات ما يصعب حصره هنا في هذه العجالة،
3. إننا نؤكد على أن الذين يعتدون على غيرهم أو يظلمونهم أو يتطاولون عليهم وينهبون ممتلكاتهم أو حتى يروعونهم ليس لهم علاقة بالإسلام على الإطلاق، بل هم أعداء له وقد فرض الله تعالى الجهاد أساساً لمحاربة أمثال هؤلاء المعتدين على غيرهم ومحاولة مصادرة حريتهم في الإختيار التي منحها لهم ربهم، حتى يرفعوا أيديهم وبأسهم عن الناس وصيانة وإحترام معتقداتهم وخصوصياتهم، حتى لو كانت شركاً أو إلحاداً ما دام ذلك هو إختيارهم الحر ولكن من حقهم على المسلمين أن يبينوا وينصحونهم لهم حتى يكون إختيارهم عن علم وقناعة، وبذلك يخلي المسلم مسئوليته أمام ربه الذي كلفه بالتبليغ، وهذا الإختيار في المعتقد هو مراد الله تعالى.
4. إن جريمة الإعتداء على دور العبادة ومقدسات الناس قد بشع بها الإسلام وغلظ في النهي عنها وحذر منها وإعتبرها من عظائم الشرور وأساس الفجور، وهناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تنهى وتحذر من ذلك التطاول والإعتداء السافر، ويكفي في ذلك على سبيل المثال قوله تعالى في سورة الحج (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 40). وقوله تعالى في سورة الممتحنة (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 7)، (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 8)، (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ-;---;-----;--- إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰ-;---;-----;---ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 9)، لاحظ أنه مع كل هذا الإعتداءات الكبيرة لم يأمرهم الله بقتلهم أو الرد عليهم بالمثل، بل إكتفى بعدم تويلهم.
5. اما اهل الكتاب بصفة عامة فقد أكد الله تعالى صدق دينهم في الأصل، ومَجَّدَ أنبياءهم ورسلهم تمجيداً، وجعل الإيمان بهم وحبهم والإعتراف بفضلهم هو من أساسيات الإيمان بالله تعالى وصلاح العقيدة، ولكنه قد أشار إلى ما طرأ على أصل هذين الكتابين المقدسين من تحريف من بعض الأيدي الآثمة مما جعلهما موضع شك كمراجع للعقيدة الصحيحة التي جاء بها موسى وعيسى عليهما السلام. وقد أمرنا النبي الكريم محمد رسول الله الخاتم عدم تصديق أهل الكتاب وعدم تكذيبهم لأننا قد نصدقهم في شيء يكون قد بلغه التحريف، أو أن نكذبهم في شيء يكون قد أمن من ذلك التحريف فنكذب بآيات الله أو نصدق بما ليس هو آية من عنده، وقد أمرنا الله تعالى بأن نتحاور معهم ونجادلهم (جدالاً) وليس جدلاً، بالتي هي أحسن للتحاور الذي يرمي إلى إظهار الحق الواجب إتباعه ونبذ الهوى الشخصي والتعصب بغير علم لذا قال تعالى في سورة العنكبون (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰ-;---;-----;---هُنَا وَإِلَٰ-;---;-----;---هُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 46)، وقال تعالى لنبيه الكريم في سورة النحل (ادْعُ إِلَىٰ-;---;-----;--- سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ 125)، وهناك المزيد من الآيات والأحاديث في هذا الصدد. وهناك حقيقة غائبة عن الكثيرين وهي أن الأقباط لهم نسب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أم المؤمنين زوجة النبي (مارية القبطية) وأم سيدنا إبراهيم إبن سيدنا ونبينا محمد هو من مارية القبطية هذه.
لذا نقول لهذا "المفكر الحر"، أنك كالعادة خلطت الأوراق وتكلمت فيما لا تعلم، لذا جاء فكرك كله مجافياً للواقع والحق والحقيقة لأنه بإختصار مبني على جهل بالإسلام وتوجهاته وعلى وجد وعداء مبيت منك على كل الأديان. لعل الذي سقناه فيما سبق لا يعنيك في شيء أو يحرك فيك إنصافاً، لموقفك من الإديان كل الأديان الرافض لها والمعادي لأسبابك الخاصة بك ولكن الواقع أبعد من تصورك وأسمى من إعتقادك.
لا أنكر أن هناك منتمين للإسلام ويدعون أنهم مسلمون وهم في الواقع خصوم له وللأسف يحسبهم أعداء الإسلام المعادون له بغير حق ويعملون جاهدين على تشويه صورة الإسلام كيداً وتآمراً عن علم وقد ينسبون سلوك هؤلاء المدعين على أنه نابع من الإسلام وتوجيهاته، فيضللون به الكثير من الجهلاء والبلهاء والمتربصين حتى يصرفوا الناس عن الإسلام ولكن نقول لهؤلاء أنهم لن يستطيعوا ذلك لأن الإسلام ثوابت مؤكدة بالآيات الكونية التي لا ينكرها إلا من سفه نفسه.

إن الذين يضربون الأبرياء من المسيحيين ويقتلونهم ويحرقون بيوتهم وينهبون محلاتهم وممتلكاتهم هؤلاء عند الإسلام مجرمون من العيار الثقيل، وقد توعدهم بالقصاص في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة، هم في الواقع ليسوا بمسلمين بل خصوم أوجبت إعتداءاتهم تلك على كل المسلمين مناهضتهم والقصاص منهم وإعادة حقوق المسيحيين منهم والقرآن الكريم واضح وحاسم في هذا الأمر ولن ينفعهم إسلامهم المدون في شهادات الميلاد بل الذي سيواجههم هو سلوكهم وتجاوزاتهم لا غير.
وكما ترى، فأنت مثلاً أسمك يدل على أنك من هؤلاء الذي قد أظلمت الدنيا وكاد أن يظلم الكون من وجودهم فيها، فها أنت تجاهد مستميناً في صب الزيت على النار لتشعل الفتنة الطائفية والدينية وتحرك الأحقاد بين الناس لترضي نفسك المتعطشة للفساد والإفساد وتحاول أن تسطنع واقعاً تقنع به نفسك أنك على حق في عدوانك ومناهضتك للأديان وليست المسألة فقط مجرد إنكار المعجزات وغيرها،، ولكن هيهات، فإن عقلاء وعلماء المسيحيين يعلمون يقيناً أن الإسلام منصفاً لهم وليس العكس كما يحاول أن يتوهم ويوهم البعض الآخرين ليجد متنفساً لسواد نفسه وضآلة فكره وعلمه.
هناك كثير من أهل الكتاب قد أشاد القرآن بأمانتهم فقال تعالى في سورة آل عمران (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَٰ-;---;-----;---لِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). وقال تعالى في سورة المائدة (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ-;---;-----;--- ذَٰ-;---;-----;---لِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ 82)، (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ-;---;-----;--- أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 83).

هنا أيضاً نجد الكاتب "المفكر الحر" يعود مرة أخرى إلى التخبط والخطرفة وعدم معرفة المفردات ومعانيها والقدرة على إختيار الصحيح منها الذي قد يضفي شيئاً من المصداقية والإقناع على طرحه ولكن للأسف لا نرى سوى إسطوانة مشروخة تلف وتدور ولا يخرج منها سوى النشاز بتكرار مبتذل ممل. أقول ذلك لأنه في الواقع لا يوجد شيء إسمه "إسلاميون، أو إسلاميون متشددون أو إسلاميون متعصبون أو إسلام سياسي، أو أخونة،،، الخ" كل هذه عبارات مزورة قصد منها تفتيت المسلمين إلى كيانات مختلفة يسهل إبتلاعها وهضمها وتأليب بعضها على بعض عبر الجهلاء والمتربصين المندسين بين صفوفهم، إنما هناك "إسلام" جامع، وله أتباع هم "المسلمون"، وما دون ذلك فكله كلام مرسل لا سند له ولا برهان. ثانياً: ترى أحدنا يشعر بالمرارة حين يرى هذا الخلط في كل شيء، حتى ليعجز من يسمون أنفسهم "مفكرين أحرار" ويتراجع فكرهم عن التفريق ما بين الأخ والشقيق، أما الأخوة، فالمسلمون يعرفون حق هذه الأخوة مع المسيحيين وغيرهم، ويحترمونها، ويعطونها حقها. وقد كان رسول الإسلام الخاتم يتعامل تجارياً و"إجتماعياً" مع أهل الكتاب من يهود ونصارى، فتزوج صفية بنت حيي ألد أعداء الإسلام، هذا بالإضافة إلى مارية القبطية أم إبراهيم إبن رسول الله محمد عليه السلام. فإن كانت هذه سنته، فكيف يزهد فيها المسلمون. وعلى أية حال، لقد وقف المسلمون الحقيقيون في وجه تلك الشرزمة التي إعتدت على إخوانهم وجيرانهم ومواطنيهم الأقباط بصلابة دفاعاً عنهم وعن أي مظلوم بغض النظر عن دينه ومعتقده، ولكن يظهر أنك لا ترى إلَّا ما يخدم مسعاك وأجندتك المعادية للمقدسات أينما وجدت.
في الحقيقة قد تناولنا سمتين من شخصيتك المكتظة بالسمات التي تحتاج إلى مجلدات لتفنيدها وإلقاء الضوء نحوها دون إصاءتها، أولاهما سمة الخلط بجدارة، والثانية سمة الوجد وبث الكراهية والحقد بين الإخوان، وقد سبق أن أوجزنا في سمة الخلط الظاهرة في شخصكم، أما الكراهية والحقد، إنما هي الإنحراف المخل من الموضوع الرئيسي الذي سلكته، وهو في الأساس: حمامة شنودة وورقة مبارك وتجلي عذاء النصارى وجهلاء المسلمين، ثم جعلها فرصة لنفث السموم وبث الأحقاد والفتن والكراهية بين أبناء الشعب الواحد والفرقة بين المواطنين. والتطاول على المقدسات بهذا القدر من السفه وسوء الطوية وبشاعة الطرح.
والغريب أن "المفكر الحر" يتحدث عن الغوغائية بقوله "غوغائية الإسلاميين"، فإن كان يقصد بذلك المسلمين "تحديداً"، فلن نندهش من ذلك لأنه يدخل في إطار سمتي مفكرنا الحر، هما الخلط وقلب الحقائق من جهة، وسوء الفهم وقلة الإدراك والعلم من جهة أخرى، وذلك لأن الغوغائية تطلق على البهائم والحيوانات لأنه ليس لها منهج بضبط حركتها وخياراتها، وهذا ينطبق على من لا منهج له ولا دين يضبط حركته بمعايير محددة، وهم أولئك اللا دينيين والملحدين الذي يتحركون وفق أهوائهم ومن وحي خواطرهم فلا غرابة أن يصدر منهم التخبط والتناقض والغرائب، وهم الذي وصفهم خالقهم بقوله في سورة الفرقان (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا 44)، أما المسلمين فهم أهل منهج وأتباع منهجية واضحة ومفصلة، فلا مجال للأهواء والتخبط فيما بينهم، فلا يعقل أن ينطبق عليه وصف الغوغائية. كما أنَّ الجرائم في الواقع لا توصف بأنها "متوحشة" كما يقول "المفكر الحر" وإنما توصف بأنها "وحشيَّةً"، هكذا يصفها أهل الفكر والمعرفة، هذه واحدة، والثانية هي أنك قد إعترفت بأن هناك علاقة أخوة بين المسلمين والمسيحيين الأقباط. فأنت في الواقع لم تعترف بها فحسب، بل قد رفعت من قدرها فوصفتهم معاً بالأشقاء،،، فما دام الأمر كذلك فما الصفة أو الداعي الذي أدخلك بين الأشقاء وأنت تكفر بهم جميعاً وبربهم وبأنبيائهم ورسلهم وبمقدساتهم وتستهجن وترفض معجزاتهم التي هي أساس عقائدهم،، كل هذه المعطيات تقود إلى حقيقة واحدة هي الفتنة النائمة "لعن الله من أيقظها"، فهل من أراد الفتنة بين الأشقاء وسعى لها وحرك شيطانها هو الذي أفسد الكون وفأل شؤم عليه ويفسدون ولا يصلحون، أم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله؟؟؟

هذه الآن وقفة لنا أمام سمة ثالثة من مواهب "مفكرنا الحر"، تعكس قمة الجهلة الجهالة والتجهل، ليس فقط بضياع الهوية البشرية الأساسية وهي معرفة النفس والمصير، بل حتى الجهل بأبجديات المعرفة ومواكبة الأحداث وفهمها والتكيف معها،،، الجهل الكامل بالماضي وبالحاضر وبالمستقبل، مع غياب كامل عن كل شيء في الوجود له تاريخ وواقع ومستقبل، فهلا أطل علينا "المفكر الحر" بما يعرفه عن "معتقد الشيعة" و "معتقد أهل السنة"، وأين تكمن نقاط الخلاف بينهم؟ وهل هذا الإختلاف متجذر في أصل الدين أم أنه الإستحداث فيه من الجهلاء والسفهاء الذين لا هم لهم إلَّا الخوض فيما ليس لهم به علم، والتعصب والتشيع؟ فمثلاً "مفكرنا الحر"، كما هو واضح من إسمه أنَّ أسلافه لعلهم كانوا مسلمين موحدين، ولكنه خرج من مدارهم إلى نفق الإلحاد ليس عقيدةً وإنما قاعدة لينطلق منها لمحاربة كل من له صلة بالله من قريب أم من بعييد، إذن فهو يسعى لتبرير ذلك الإلحاد الحالك ليقنع نفسه أنه على حق وغيره على باطل، إذن في رأيه أن كل الأديان هي منبع الشر والجرائم فالعبرانيون الإسرائيليون في رأيه وقناعته أنهم مجرمون، لأنهم يرتكبون كافة الجرائم المتوحشة "يقصد الوحشية" وأبناء عمهم العرب الفلسطينيون، والنصارى طبعاً مجرمون "متوحشون" لأنهم طوائف متناحرة ومنقسمة ومختلفة، والمسلمون أيضاً مجرمون لأنهم يرتكبون الجرائم "المتوحشة" التي يرتكبها العراقيون المسلمون – السنة والشيعة – الأشقاء ضد بعضهم البعض. كل هذه الخطرفات المضحكة المبكية وهذا الجهل بل الغباء النادر ليصل إلى الخيبة نفسها ويقول بأن كل هذا بسبب (محمد وإبن عمه علي).
نحن هنا لن نرد عليه ولكننا فقط نسوق إليه بعضاً من رد رب محمد عليه بقوله في سورة الأعراف (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ 175)، (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰ-;---;-----;---كِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّٰ-;---;-----;---لِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 176)، (سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ 177)، (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰ-;---;-----;---ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 178)، (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰ-;---;-----;---ئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰ-;---;-----;---ئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ 179)، ونذكر "المفكر الحر" بأنه ليس بينه وبين هذا الوعيد إلا ما بقي له من عمر إن طال أكثر فسيكون شقاءً عليه وآلاماً مبرحة، هي واقع الشيخوخة التي هو فيها الآن في أواخر عقده السابع ومقبل على العقد الثامن إن أشقاه الله بطول العمر وهو ما نتربص له به إن لم يعد إلى رشده ويستغفر ربه لعله يقبله بعد كل هذا فهو غفور رحيم.



#امين_صادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امين صادق - تعليق على موضوع المعجزات الدينية التي أصدقها