أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حافظ ألمان - نوال السعداوي غاليليو العرب














المزيد.....

نوال السعداوي غاليليو العرب


حافظ ألمان

الحوار المتمدن-العدد: 4310 - 2013 / 12 / 19 - 02:23
المحور: الادب والفن
    


ما ذنب الصوت العذب إذا لم يلق آذاناً صافية ؟
هذا ما حدث بالضبط مع المطرب العالمي (غاليليو) صاحب الأغنية الشهيرة (الأرض تدور)، فعندما سمع الجمهور صوته هاج وماج، مطالباً بإيقافه وإنزاله عن المنصة وسجنه كي لا يشوه الذوق العام بصوته النشاذ، تحقق للجمهور ما أراد، فانتشى فرحاً بهذا النصر العظيم .
بعد فترة قصيرة (ثلاثة قرون ونصف فقط) اعترف العالم (الغربي) بذنبه وببشاعة الجريمة التي ارتكبها بحق غاليليو، فاعتذر منه، وأقام له التماثيل ، وجعل من أغنيته "الأرض تدور" أغنية خالدة تُغنى كل يوم .
وهاهو التاريخ يكرر نفسه ثانية مع المطربة المصرية (نوال السعداوي)، كانت تقف بكل بساطة وبراءة الأطفال لتشدو أجمل أغانيها ، غنت للحب وللحرية، ولم تفصل في أغانيها بين حرية المرأة وحرية الوطن. ولكن الجماهير لم تستعذب صوتها، فالرجال كانوا يخافون أن تغويهم حواء ثانية، وأن تنزلهم من الجنة التي وصلوا اليها أخيراً بعد عناء طويل، فقد تعلموا الدرس جيداً، ولن يسمحوا لأي امرأة ،مهما كانت، أن تفرض إرادتها عليهم، وأماالنساء فكن يرين في أغانيها حرية زائدة عما تحتمله آذانهن، فطالب الجميع بإيقافها عن الغناء ومنع ظهورها وإحراق ألبوماتها الغنائية، إلا أنهم كانوا متسامحين معها، فسمحوا لها بالغناء داخل بيتها فقط ، وحذروها تحذيراً شديداً من أن تجهر بصوتها .
نجح الهجوم الى حد ما في تحجيم نوال وحصر انتشارها ، لدرجة أن معجبيها كانوا يسمعون أغانيها خلسة ولا يجرؤن على قول كلمة حق بحقها، بل كانوا يهاجمونها لكي يدفعوا عن أنفسهم تهمة الإعجاب بصوتها.
رغم هذه الضغوط الشديدة التي تعرضت لها نوال، ورغم وقوفها شبه وحيدة أمام هذا الطوفان الجارف، إلا أنها لم تيأس ولم تستسلم، وظلت تغني وأشهر أغانيها كانت "الأرض تدور" بعد أن أدخلت عليها تعديلا في الكلمات واللحن .
جن جنون الجماهير وثارت ثائرتها، فاحتشدت مجدداً، واتهمت نوال بالهرطقة، وبأن أغانيها تثير الفتنة وتحض على الشذوذ، أملاً بقطع لسانها وإسكات صوتها إلى الأبد.
لم يكن أمام نوال سوى أن تطيرمع الطيور المهاجرة إلى حيث الدفء والأمان، وحيث الناس تقدر الصوت العذب، فغنت هناك وأبدعت، وأصبح في رصيدها ما يقارب من خمسين ألبوم غنائي، تردد صدى أغانيها في كثير من بلدان العالم، صفق لها الجمهور طويلاً ورقص على أغانيها.
كان يفرحها ما وصلت إليه من مجد وشهرة، ولكن بنفس الوقت كان يحزنها أن العرب لا يسمعون أغانيها ولا يتفاعلون معها، كانت تعرف أن مهمتها صعبة وشبه مستحيلة، فالعرب كانوا يغطون في نوم عميق في كهفهم يرون ظلال الأشياء ويسمعون صداها، مسخرين كل إمكاناتهم وطاقاتهم ليثبتوا أن الأرض لا تدور، وإن فشلوا في ذلك أحياناً وضعوا أصابعهم في آذانهم كي لا يسمعوا حركتها أثناء دورانها .
رغم هذا الوضع المأساوي عادت نوال ثانية إلى بلدها لتغني من جديد أملاً بأن ترتقي بذوق الجماهير .
إذا كان البعض يرى أن نوال قد أخطأت في اختيار كلمات أو تلحين بعض أغانيها، فهذا لا يلغي على الإطلاق موهبتها وعبقريتها، فهل من مبدع إلا وأخطأ ؟ كما أنها لم تدع بأنها قديسة وبأنها لا تخطئ، ولو إنها ادعت ذلك وأخطأت لكان يحق لنا جميعاً أن نكفر بها. التاريخ سينصف نوال كما أنصف غيرها، وسيأتي يوم نخجل فيه مما اقترفناه بحقها، ونندم على الوقت الذي هدرناه دون الإصاغ إلى صوتها والإستمتاع بعذوبته، وسنقول لها صراحة: سامحينا، فلم تكن آذاننا بمستوى صوتك القادم من المستقبل البعيد الذي نجهله تماما والذي لا نفهم لغته .
سنندم كثيراً ولن يشفع لنا سوى أن نغني معاً أغنيتها المفضلة "الأرض تدور".






#حافظ_ألمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
- ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
- الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال ...
- لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حافظ ألمان - نوال السعداوي غاليليو العرب