أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أيوب أمغار - التحرر الفكري للإنسان العربي














المزيد.....

التحرر الفكري للإنسان العربي


أيوب أمغار

الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 21:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من الصعوبة حقاًّ الحديث عن التمثلات التي تختلج في ذهن المواطن العربي خاصة مع التطورات المتضاربة التي تشهدها المجتمعات العربية، بدءاً بالطفرة العلمية التي شهدتها العلوم الاجتماعية في الوطن العربي، وانتهاءاً بالثورات الاجتماعية أو ما يصطلح عليه في وسائل الإعلام بـ "الربيع العربي". إن كل هذه التحولات كان لها عميق الأثر في المسار المعيشي للأفراد في كل بقعة من بقاع الوطن العربي، ومما لاشكّ فيه أن ضعف المسألة الفكرية وما يحيط بها من أمور زاد من تعميق أزمة العقل العربي بصفة عامة؛ كما أدى إلى اضطرابات نفسية تباينت مظاهرها في ذات الفرد نفسه بصفة خاصة. هنا نتساءل: ما علاقة تطور العلوم الاجتماعية بظهور الإنسان الليبرالي في الوطن العربي؟ وإلى أي حدٍّ شكلت الانتفاضات الشعبية أرضية مناسبة لرفع مستوى التحرر في ذهنية الفرد؟

تطور العلوم الاجتماعية ونمو الفكر الليبرالي:

يدلّ مصطلح الليبرالية على المذهب الذي ينادي بالحرية الكاملة في ميادين الحياة المختلفة، لاتقيدها لا أحكام الدين ولا أحكام الثقافة. والليبرالية كغيرها من المذاهب السياسية والاجتماعية تعدّ نمطاً فكرياً عاماً، ومنظومة متشابكة من المعتقدات والقيم، تشكلت عبر قرون عدة، منذ القرن السابع عشرعلى يد مفكرين من أمثال: جون لوك، جون جاك روسو وغيرهما.أما الحديث عن الليبرالية في المجتمعات العربية، فهو حديث قديم وفي نفس الوقت جديد، ويرجع إلى الصلات التي ربطتها مصر مثلاً بأوروبا في عهد محمد علي، إذ اعتمد في تجربته الرائدة في بناء دولة مصرية حديثة على عدد من الخبراء الأجانب من الإيطاليين والفرنسيين، كما اعتمد سياسة إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا، فكانت هذه البعثات من العوامل الهامة في الانفتاح على الغرب وثقافته. وهنا بالذات حصل الفارق مع عودة البعثات الطلابية إلى مصر، حيث عملوا في حقول التعليم والتربية والتكوين والجيش والترجمة. وكان دورهم واضحاً في تشكيل البيئة المناسبة لغرس أفكار التحديث الأوروبية في عقول الناشئة. وينطبق هذا على مجمل الدول العربية.
ومع مرور الوقت بدأت الجامعات ليس في مصر فقط، بل في عموم ربوع الوطن العربي، تفرز أفرداً بعقليات جديدة بل وغريبة عن محيطها الاجتماعي والثقافي والديني- في نظر العامة-، ويتعلق الأمر بالخصوص بهؤلاء المنتسبين لشعب العلوم الانسانية والاجتماعية، والذين استفادوا كثيراً من الحركة الواسعة للترجمة، فترجمت كتب من قبيل "روح الاجتماع" لجوستاف لوبون"، وكتاب روسو "العقد الاجتماعي"، ومؤلفات أخرى تدخل غالبيتها في دائرة العلوم الاجتماعية. وقد تواصلت حركة الترجمة لتشكل نافذة يطل منها العالم العربي على الغرب وثقافته وتياراته الفكرية على تنوعها، واتخذت مكانة هامة في نظر دعاة الليبرالية كمرحلة لابد منها لخلق بيئة ثقافية وفكرية مناسبة تمهد لولوج مرحلة التأليف تالياً. وعلى نفس المنوال استمر الوضع، فتطورت العلوم الاجتماعية وتطور معها الزخم الليبرالي في الوطن العربي.

الانتفاضات الشعبية ورفع مستوى التحرر:

إن رياح تونس التي لازالت تروح وتجول في البلدان العربية، لم يكن غليانها مقتصراً على الشارع والاحتجاج وكل ما هو عفوي حركي فقط؛ إنما كانت هناك "حركة فكرية" مواكبة وموازية لهذا الحراك. وتتمثل أساساً في ذاك الوعي الذي ترسخ في عقلية المواطن العربي بوجود قدر معين من الحرية؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى يؤدي هذا الوعي بشكل آلي إلى ما يمكن أن نطلق عليه بـ"الرغبة في محاكاة الديمقراطية"، وهنا نستحضر الخصوصية العربية تجاه مفهوم الديمقراطية نفسه وصعوبة تحقيق مبادئ هذا المفهوم على أرض الواقع ككيان وكمؤسسات وكبنيات لها من القدرة ما يمكنها من ضبط المجتمع والتحكم فيه بشكل عقلاني ومعقلن، يتجاوز النظرة الصراعية القاصرة. إن فرص تحقق المسار الديمقراطي يصطدم بمسار "بدوقراطي" مترسخ ومتجسد في سلوك المواطن العربي، بحكم الطبيعة القبلية التي تتحكم في وصفات القرار لديه؛ وكثيراً ما أشار علماء الاجتماع السياسيون العرب إلى هذه النقطة بالذات، تعبيراً عن رفضهم لأطروحات المستشرقين الأجانب، التي كثيراً ما تخطئ في حقِّ ديانات الشعوب التي تدرسها.
ولكي لا ننزاح عن إطار موضوعنا، كنا قد أكدنا بأن مسألة "اليقضة العربية" - كمفهوم إسلامولوجي -، كانت مرهونة بالرغبة في تأمل الذات لدى الإنسان العربي؛ ومن ثمة محاولة رصد مكامن خللها في مجال علاقتها مع مؤسسات الدولة أو بالأحرى "النظام" كطرف في الصراع. هذه الوقفة مع الذات لمحاسبتها تدفع الفرد إلى تغييب كل البنيات الأخرى المكونة لمحيطه، وهنا لانقصد الطرف الدولتي؛ إنما نقصد ذاك "المقدس" الذي يفقد حمولته الرمزية الشمولية، ليصبح مجرد سلوك تعبيري احتجاجي؛ كثيرا ما نلمسه في الشعارات وبعض الطقوس التعبدية اليومية من قبيل عبارات التكبير والصلوات... إلخ.
انطلاقا من هذا التنقيص غير المقصود من قيمة المقدس، سواءً في استمرارية الحدث الاحتجاجي أو في مجرد التخطيط لــه، هنا بالذات تقف دافعية الفرد فوق كل شيء؛ إذ يترسخ لديه اعتقاد بضرورة تجسيد سيرورة تمثلاته الذهنية، والتي ترمي إلى هدف واحد وهو: الوصول إلى أكبر درجة من "الإشباع العقلي بتحقيق المستحيل"؛ مثلاً الاحتجاج في العربية السعودية؛ كمكتسب لم يكن ممكناً حتى الماضي القريب. هذا "الإشباع العقلي" هو ما يمثل في نظرنا "قمة التحرر"، مع الأخذ بعين الاعتبار تلك الإكراهات الثقافية التي تتمظهر في العادات والمقدسات.
ومنتهى القول أن الفكر الليبرالي الذي جاء مع تطور العلوم الاجتماعية، وما ميّزهُ من امتداد جغرافي واجتماعي وسمته مقولة التحرر والديمقراطية؛ كان على وشك لفظ أنفاسه الأخيرة مع تنامي الانحطاط والتخلف العربيين، لولا الحراك الاجتماعي الذي شهدته البلدان العربية، ودوره في ضخِّ دماء جديدة في مسلسل التحرر الذي يقوده الانسان العربي هذه المرّة كذات، قبل أن يكون عضواً في المجتمع.



#أيوب_أمغار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أيوب أمغار - التحرر الفكري للإنسان العربي