أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - عبدالحق رحيوي - الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية















المزيد.....

الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية


عبدالحق رحيوي

الحوار المتمدن-العدد: 4301 - 2013 / 12 / 10 - 01:23
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    


الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية

كثر في المغرب وفي الدول العربية والإسلامية عموما، منذ بداية القرن الواحد والعشرين العديد من الخطابات حول الجنس، سواء بالمعنى العلمي أو الأخلاقي أو الديني للمفهوم، ويبدو أن هذا الخطاب بدأ يحتل الساحة الفكرية، الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح موضوع الساعة.
تسعى هذه الخطابات حول الجنس إما للدفاع عن الحرية الجنسية أو ضرورة خنقها ومراقبتها، فإذا ما عدنا الى "تاريخ الجنسانية" كما يرى "فوكو ميشال"، باعتباره أحد أهم الفلاسفة المعاصرين الذين عملوا على نبش الغبار عن هذا المفهوم وعن تاريخه، فيكتشف حقيقة جوهرية، هي أن المجتمعات المعاصرة على عكس ما تظهره فهي أكثر تشددا في ما يتعلق بالجنس والممارسات الجنسانية، فالجنس منذ القدم كان يحظى بنوع من العفوية والتلقائية سواء على مستوى الممارسة، فالأمر لم يكن يحتاج الى كثير من التستر، أو على مستوى الخطاب، فالكلمات ذات الدلالة الجنسية كانت تقال دون تكتم مفرط، لقد كان هناك في الحقيقة تساهلا مع المحظور والمشروع على السواء، وكانت القوانين أقل تسامحا مع المجون والجنس من قوانين القرن الثامن والتاسع عشر.
هذا التسامح مع الجنس سينتهي بمجرد ظهور المؤسسة الزوجية في جميع المجتمعات، بحيث سيتم طرد هذا التبختر والهيجان للجسد وتنظيمه في شكل علاقة انجاب بالدرجة الأولى. والدليل على ذلك هو عندما تفشل المرأة في الإنجاب، فإن مصيرها هو الطلاق، أو امرأة ثانية. وهذا كافي لتفسير أن العملية الجنسية في غطاء الزوجية يبقى رهانها هو الإنجاب. مع ظهور المؤسسة الزوجية لم يعد يعترف للجنس سوى في لحظة واحدة ومكان واحد هو غرفة الأباء. وسيتم إخفاءه وإخفاء حقيقتة عن الأطفال وحرمان الشباب من الممارسة الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية.
فالمؤسسة الزوجية مقترنة تاريخيا بولادة مؤسسة أكبر منها وهي الدولة، فلا يمكن الحديث عن هذه المؤسسة الصغيرة دون حضور المؤسسة الضخمة فكلاهما لهما موقف واحد من الجنس هو قمعه وإخفاء حقيقته. فظهور الدولة في نظر فوكو رافق ظهور الطبقة البرجوازية اذا لم نقل أن الدولة في نظري "ما هي إلا طبقة برجوازية تحقق مصالحها التاريخية بواسطة قوانين مجحفة"، ولكي تحقق طموحها المتمثل أساسا في الرفع من قيمة الإنتاج، وجدت البرجوازية نفسها في القرن الثامن عشر خصوصا مضطرة اكثر من أي وقت مضى لتقنين العملية الجنسية ومراقبتها للحفاظ على طاقة الشباب ودمجها في الإنتاج الرأسمالي، وفي حالة الحفاظ على الجنسانيات غير المشروعة ينبغي ترحيلها الى مكان معروف وبعيد بحيث يمكن مراقبتها وإدراجها ضمن المشاريع المدرة للدخل، هكذا يصبح الحق لكل من البورديل والماخور والعاهرات في تقديم خدمة ممنوعة ولكن في نفس الوقت مرغوب فيها فيمارسان نوعا من "الجنس الربوي" كما يحلو لي أن أسميه،لأن الفتاة تجني فائدة مالية بالإضافة الى متعة جنسية.
ما يقال على مأسسة الجنس في المجتمعات الغربية يقال على المجتمعات العربية والاسلامية، فرغم المرجعيات الثقافية والتاريخية والدينية التي غلفت هذه المجتمعات، وقدرتها على تحريم وقمع كافة أشكال العلاقات الجنسية غير القانونية على مستوى الخطاب، فإنه على المستوى التاريخي يمكن أن نكشف أنها لم تفلح في فرض رقابة على الممارسة الجنسية وعلى كافة أشكال الجنس، فالبورديل والماخور ونساء الحريم ظلت واقعا تعيشه المجتمعات العربية،وهذا إذ دل على شيء فإنه يدل على شيء واحد هو أنه رغم قدرة كل "الرجال" على إدانة الممارسات الجنسية غير القانونية، فإنه كان يسكنهم لاشعور عميق لاشعور جنسي كان يغذي شوقه من غراميات المومسات، وسحر نساء الحريم، بعيدا عن الزوجة التي لا تصلح إلا للإنجاب.
هذه هي حقيقة الجنس في المجتمعات العربية إدانة على مستوى الخطاب، وحب عميق يسكن كل فرد ورغبة جامحة في نساء غير نساء المؤسسة الزوجية، لذلك ينبغي أن نعترف بحقيقة أولية، هي أن المجتمعات العربية والإسلامية، كانت أكثر تساهلا مع الجنس وأشكال المجون والفسق.ففي الماضي كان المجتمع اكثر تساهلا مع الجنس واليوم أكثر تشددا كيف نشأ هذا التحول في الثقافة العربية؟ .
هذا التحول نشأ عندما أصبح الجنس واقعة يومية في الشوارع، على الشواطئ، وفي الحافلات المكتظة...، أصبح الجنس في كل مكان فأصبح الحديث عنه كذلك في كل مكان، وأصبح لساننا لا يقول سوى كلمات ذات دلالة جنسية ومبتذلة أحيانا، لا تصور المرأة إلا وهي عارية من لباسها أو شيطانا مغريا لا يقاوم، فأصبح الجنس يسكن مضمون خطابتنا.
فتاريخيا قدر للجنس أن يرتبط بمفهوم الخطيئة والخطيئة بالعقاب ولا عقاب بدون مراقبة فالشرطة الأخلاقية اليوم أصبحت وظيفتها الأساسية هي مطاردة العشاق، بالإضافة الى ذلك تسعى الى تنظيم الجنس بواسطة خطابات نافعة وعمومية، ويمكن القول أن هذا التشدد في الثقافة العربية اليوم، لا لشيء سوى لطمس الحقيقة التاريخية لكي لا يكتشف الوجه الحقيقي للمجتمع العربي، بكونه مجتمعا منافقا. فموقفه من الجنس على مستوى الخطاب هو نفاق أصيل وموروث، إذ سرعان ما يظهر الواقع عكس ذلك تماما، وأن الجنس مطلبا حيويا وضروريا، فحتى بعض الفقهاء اليوم أصبحت الفضائح الجنسية تطاردهم وأن كل ما يقولونه ويحرصون على ضرورة التمسك به، هو في الحقيقة مجرد خطاب تاريخي وينبغي أن يقال.
إن الإدانة القانونية لأصحاب " القبلة الناضورية" و "قبل البرلمان" في المتجمع المغربي لا لكونها قبلة، وإنما قبلة مسروقة أمام الجميع، قبلة غير مؤسسة من جهة، وغير مدرة للدخل من جهة اخرى، أي لا تدخل في إطار المخطط إنتاج الرأسمالي، كما أن العلاقة الجنسية منذ القدم في المجتمعات العربية والشرقية عموما كان مضمونها هو المتعة لكن هذه المتعة لا يمكن أن تحافظ على شبقيتها وطابعها الإيروسي، إلا إذا استطاعت أن تخفي نفسها. فمجرد ما تنكشف العلاقة الجنسية حتى تصبح شيئا مبتذلا ربما هذه الفكرة العميقة في الثقافة العربية لها دور كبير في تحريم القبل أمام البرلمان وإدانة أصحابها.
إن الجنس ضرورة بيولوجية وشكل ثقافي وتعبير عن حضارة، فالجنس ليس قضية محرمة على مستوى الخطاب كما يتصورها البعض، وليس قنبلة لكي يخاف منها البعض الآخر. فالثقافة العربية في حاجة الى تأصيل هذا المفهوم، حتى يكتسي طابعا شرعيا وقانونيا وتربويا كذلك، لكي يطبع المواطن المغربي مع التصور العلمي لهذا المفهوم حتى يصبح من الممكن الحديث عن قانون التحرش الجنسي الذي تقدمت به السيدة "بسيمة الحقاوي"، ففي المغرب وبحكم المرحلة الانتقالية التي يعيشها والتطبيع مع الثقافة الغربية في اللباس واللغة والتحفظ الذي يسكن عقلية المواطن العربي عموما، تجعل من الحديث عن قانون التحرش الجنسي سابق لأوانه، لأنه يصعب تحديد من هو المتحرش بالآخر هل صاحبة السروال الضيق، والصدر المكشوف، أو صاحب الكلمات الجنسية، أو الرومانسية. فنحن نعرف أن الإنسان كائن واعي ولكن في نفس الوقت كائن راغب بامتياز، لذلك غالبا ما تسبق رغبته وعيه، وخصوصا عندما تجد نفسها أمام موضوع جنسي تعكس عليه رغبتها.
ليس الهدف من هذا المقال هو أن أضفي المشروعية على أي عملية جنسية أو على أصحاب القبل اليومية، وإنما ما أسعى الى فهمه لماذا المجتمعات المحرمة للجنس هي الأكثر هوسا به كما يقول فوكو؟ فالجنس أصبح واقعة مرئية اليوم وحقيقة تاريخية محتفظ بها الأمس،لماذا نضيع وقت كبيرا في التجسس على الناس في البحث عن الجنس ليس باعتباره لحظة ايروسية وانما حقيقة وخطابا؟ لماذا نستمتع بالخطابات والأغاني ذات الدلالة الجنسية ؟ ألم يأتي الوقت لكي نعترف على أن الجنس يسكن مخيلة ولاشعور كل إنسان؟ ولماذا كل المجتمعات العربية استطاعت التطبيع مع الصهيونية ومع الفساد السياسي والإقتصادي إلا مع "القبلة" باعتبارها واقعة تستحق العقاب ؟
عبدالحق رحيوي مدرس مادة الفلسفة



#عبدالحق_رحيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي / حسقيل قوجمان
- ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية / صالح الطائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - عبدالحق رحيوي - الجنس والجنسانية من وجهة نظر تاريخية