أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساري سمير الحسنات - أرتدي حكمة أمسي لأمر إلى غدي














المزيد.....

أرتدي حكمة أمسي لأمر إلى غدي


ساري سمير الحسنات

الحوار المتمدن-العدد: 4298 - 2013 / 12 / 7 - 11:54
المحور: الادب والفن
    



لولبية ممرات العمر مررت بها متوكأً على أمنيتي المهترئة

مررت في شارع العشاق
سمعت رجلاً يبلغ الستين من عمره
يقول لأمرأته قلبي يغرق في مستنقعات الشيخوخة
عانقيني أني أحتضر
ووجنتاي تعاني من الجفاف
أنقديها ولو بقبلة واحدة

رأيت بائع ورد ممدداً على رصيف الأمنيات

وحل الهذيان يلتصق بشفتيه
أدركت بعد حين أن قلبه على شفا حفرة من الحب

لم يهمني ذلك سوى وردة حمراء خيلاء
كانت تقطن في يده راودتني عن نفسها

وأعارتني ربيعها أي عمرها القصير
ليس فقط لأحمي نفسي من طعنات الخريف الزائفة

بل لأرتكب معها فكرة حاملها
أنحنت أمام قدمي
وقالت
أعوذ بك من ضجري...!
(الحب أنكسار الذات لذات تهوى الانكسار)



دخلت كنيسة رأيت راهبة ناشئة تنتحب أمام صورة يسوع
وتقول يا ألهي أن الغجري فض بكارة قلبي بحبه العنفواني
سامحني سامحني
ينطلق صوت صاحب من مسمات الصورة

يخبرها:
يا أبنتي أن الحب هوية الأرض
أشعلي الشموع... وأبتسمي
وبددي ما يسكن روحك من عناء

دخلت جامعاً رأيت مصلون يرفعون أيدهم إلى الأعلى
ويضعون أدعيتهم في بريد الملائكة ليقايضهم الله قوت الرحمة

(الدعاء والرحمة سر المقايضة بين الإله والعبد)

دخلت بيت الشعر
فأستنشقت رائحة حريق
لقصائد حزن أحترقت
من دموع قارئيها

شاهدت شاعراً مصاب
بلفحة جنون من وهج الفكرة
في عقله
(الشعر الجنون الأبدي للشاعر والحزن المؤقت للقارىء)

رأيت سجناء ينظرون من قضبان
السجن ويفعلون عادتي العلنية
يغنون... ويرقصون
لحسناء يحلموا في كل دقيقة
أن يتذوقوا طعم جسدها
هي مهنتهم اليومية
مغازلة الحرية

(الحرية هي الحسناء الوحيدة التى يتحد في مغازلتها جميع البشر)

(الحرية زوجة السجان والسجين والشاعر والمغني)



رأيت قط ليلي رمادي يتوسد غيمة راكضة يجلد بسوط السخرية
جسد السماء التي كانت تشعر بالخجل من قمرها
الذي ذهب يضاجع الغياب ويغفو في حضنه

لم تقف السماء صامتة حيال ذلك فأمطرته بلعاب العتاب
وقالت بعدئذ أرحمني لماذا توجه لي عبارات اللوم على خطيئة لم أرتكبها

(القسوة الفتاكة أن تعاب على خطيئة لم ترتكبها)

رأيت عربة أموات يمضون إلى نهايتهم
فيقول ميت للمشيع أنا أمضي إلى حيت
لا أشاء فلا تحزن عليّ سأزور ذاكرتك يوماً ما
بكل حكاياتي ومشاهدي الجميلة
متمنياً أن لا أسقط في فجوة النسيان

(النسيان فجوة كبيرة في أرض الذاكرة تفصل الزمان عن المكان ويسقط المشهد الدنيوي بها منتحراً)

رأيت طفلاً أسود نحيل يرتدي بزة جندي وعلى كتفه بندقية
وأمامه حمامة بيضاء تجلس على ذراع الصليب
تكنس بريشها الناعم هواجس الحرب من مخيلته
وترضعه من نهدها اليافع حليب السلام
وتهديه من كنوز فمها أجمل هديلة

(السلام فكرة المحارب)


رأيت يائسون على الجهة الأخرى
يحقنون أحلامهم بجرعات الأمل

وينتظرون بلهفة
بائعي الحظ

(الأمل دم الحلم والحظ غاية الحالم)


مضيت وأرهقني مشواري
فأخذت قسط من الراحة تحت شجرة
تغور جذعها أصبحت قبوراً
لعصافير وهبت أكاليل زغاريدها لأمير
هكذا ضحت بما تملك في سبيل
حفنة قمح

(التضحية في سبيل الحاكم مهانة للنفس وعزاء طويل)


قمت لكي لا أغفو وأنسى
وجع أمسي بداخلي
ومضيت
حاملاً على أكتافي كل حكمات الأمس
غنيت أغنيتي الوحيدة
أمام باب الفجر
ففتح الفجر لي بابه
فمررت إلى غدي
رقصت لي الشمس
فأبتسمت

ذهبت إلى حكيمي الأعمى لأشتري منه
بعض من حكمات يومي الذي أعيشه

فرأيته
يرقد على باب كهف
فسألني قبل أن أسأله
قال كيف شكل الحياة
يا ولدي

ليست أجمل مما ترى عيناك يا حكيمي

وما الحكمة التى خرجت بها

صمت قليلاً وقلت

إنا للحب وإنا له وافون
إنا للوجع وإنا له مستسلمون

وأختبئت من عالمي الملون
بالحكايا
في
قبو العزلة.

sari elhassanat



#ساري_سمير_الحسنات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحد من الارهاب


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساري سمير الحسنات - أرتدي حكمة أمسي لأمر إلى غدي