أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبران صالح علي حرمل - (قصه قصيرة ) انقطاع الكهرباء ..!!















المزيد.....

(قصه قصيرة ) انقطاع الكهرباء ..!!


جبران صالح علي حرمل

الحوار المتمدن-العدد: 4292 - 2013 / 12 / 1 - 23:35
المحور: الادب والفن
    


(قـصــه قـصــيرة )
انقطاع الكــهـرباء ..!!


جبران صالح على حرمل:-

طفّي .. لصّي ... ولصا .. طفا .... هذه ما تردده الأفواه في دور ومنازل هذا الجزء الصغير من الكرة الأرضية في القرن الواحد والعشرين ... وبعد حوالي مائة وأربعه وثلاثين عام من اختراع اديسون المصباح الكهربائي 1879-2013 ـ
وإليكم القصة:
من دون مقدمات وباستمرار كل يوم كل خمس دقائق وفي كل دقيقه مرات ومرات تضرب المنازل ودور المدينة كضرب السكاكين البطيخ حتى أصابت قناديلها بالعماء وتلك التي تحتضن الطعام والشراب بالتلف، وأصابت من يروي نشرة الأخبار والفن والطرب بالخرس ، وأراحت من لا تشبع المفتوحة الشهية كجهنم تردد هل من مزيد من التهام الملابس وشرب الماء عن الدوران بالتوقف .
تذهب بصراخ وهتافات من في الدور والحارات باللعن والشتم، وتعود كذلك بصراخ وهتافات الفرح والحمد والثناء !!.
وكلام طفو... لصو ، كعروس تخرج من دارها بزغرودة وتعود كذلك حتى انتهاء مراسيم زفافها لفارسها .
وتسمع الضجيج والصراخ أثناء هذه العملية احدهم يصرخ قائلاً: أين الشموع !؟ وثاني هات أعواد الكبريت ... وثالث يقول لصبيه اذهب وشغل الماطور motor...- أن كان موجود - ويعود بثياب واكف متسخة من الزيوت . أرهقت الأسرة من تنظيفها وأعيت شتى المنظفات من إزالة ما أصابها من بقع ، علاوة على الإسعافات شبه يومية للماطور لورش التصليح .
أما من يشتغل على حاسوبه فسيلعن هذه الظاهرة – انقطاع التيار الكهربائي – التي تقطن بسماء مجتمعه والتي بسببها فقد بياناته وإصابته حاسوبه بالشلل .
ومن يسهر لتحضير الدروس والمذاكرة فسيشك في قول :" من طلب العلا سهر الليالي" أما من لم يذاكر سابقاً وموعد الاختبار في اليوم التالي أو كان بحاجه للمراجعة بعد فترة من الانقطاع عن الاستذكار فإن الإجابة هي الجزء الأخير من المثل القائل " عند الامتحان يكرم المرء أو يهان " ما لم تتدخل قدرة قادر. كما لا يفلت الطالب اللي يؤجل حل واجباته المدرسية إلى الليل من عصا أستاذة والذي لا تفارق يداه كسيف لا يفارق يد حامله حتى نهاية المعركة شاهراً لها مُنذ طابور الصباح حتى آخر الدوام تتوعد كل من لم يحفظ ويقوم بالواجبات المدرسية بالعقاب والفلقة ، حتى ولو كان الكهرباء مقطوعة فهذا ليس مبرر كافي لديه حيث يقول هذا مشكلة مسئولي البلاد ومسيري الشأن العام .
وفي مثل هذا الجو الظلام الدامس يذهب بك الحال لأن تتذكر أبو فراس الحمداني ومعه تردد :
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ ‍
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ


وهنا الكهرباء والتي بدونها لا تستطيع ان ترى من حولك ، ومن المضحك بل من نوادر الحياة في هذا الجزء من الكرة الأرضية مثلها مثل ليلة القدر يشمر فيها المشمرون فهي تأتي لمرة واحدة وفضلها عظيم لمن أحياها فالمعتكفون للطاعة والقائمين هذه الليلة هم ما بين راكع وساجد وتالي لآيات الذكر الحكيم ومسبح ومستغفر عسى ان تمر عليهم هذه الساعة التي هي خير من ألف شهر .
ومن علامات هذه الليلة المضيئة والتي لا تحتاج إلى أي عراف وتنجيم وضرب بالرمل والحصى أسداس في أخماس فهي متجلية حتى أدركها الأطفال في مراحلهم المبكرة فالنور قبل التوقف ينقطع فجأة ويعود في لمح البصر وأحيانا كل دقيقه حتى يتوقف من العودة والذهاب ومعاكسه العيون والتي لم تستقر جفنيهما مع هذه المعاكسة المتفجرة الحالمة مع كل عودة تعود فيها كعودة فلذات الأكباد إلى الأمهات ، كذا أفواههم تردد كما يردد الحجيج دون انقطاع وهم - طفو... لصو... لصو .. طفو – حتى الضياء لمدة نصف ساعة تتحقق فيها الأماني... و الأمنيات في هذا الجزء من الكرة الأرضية تتنوع مابين شحن الهاتف ، كوي الثياب ، إلقاء نظرة على شاشة التلفاز ، دغدغة بطارية جهاز اللابتوب بشحنه كهربائية تعين صاحبه على نسخ أوراقه إلى فلاشه او قرص مدمج ، تشغيل دينمو لرفع الماء – إن كان موجود فهو مقطوع كذلك / أو مخزون بخزانة أرضية - لملأ خزانة المياه في أعلى سطوح المنازل.
أفراد الأسرة في حالة استنفار قصوى والطامة الكبرى أن تسمع وتكتشف خلال هذه النصف الساعة من الطوارئ الصراخ والهتاف متداخل أصداءه تموج من كل ناحية من الدار أباه حينا .. وحينا أماه .. وثالث يا أمراه ورابعة هي تقول يا حج (...) تردد مع اختلاف نغماتها واتجاهاتها سيمفونية وقصه حزينة :
الثلاجة عطلت ، التلفزيون في حاله عزاء لبس السواد ، القناديل ومصابيح الإضاءة كذلك غادرة منها الابتسامة، السخان فقد حرارته ، الغسالة شبعت لم يتحرك لها ترس فقد فقدت شهيتها فجأة يبدو التهمت كبسولة سدة شهيتها أوفي فترة تخسيس ورجيم صحي ... يا الله أشياء كثيرة أرهقت رب البيت من أصلاحها وشراء الجديد منها .
في هذا الجزء من الكرة الأرضية تظل الأمنيات أن يمر يوم واحد دون انقطاع للتيار الكهربائي وان مرت عليك ليلة مضيئة توقع انقطاع تلوها .
وفي هذا الجزء من الكرة الأرضية يعبس المساء على سواده سواد بقطع الكهرباء ، ظلمات بعضها فوق بعض، ومن المفارقات تنادي بالدولة المدنية وتنسى بأن لب ومتركز الدولية المدنية وعصب الحياة هي الكهرباء التي لم تستطع ان تحافظ عليها وتصنعها بشكل ملائم.
في ظل هذا الحال انقطاع التيار الكهربائي وما رافقه وخلقه من معاناة مادية ومعنوية متكررة تضرب عصب الحياة في هذا الجزء من العالم في مدنها وأريافها تلك المحضوضة بشبكه حكومية للكهرباء ، اجتمع الأهالي وقرروا جمع ما خلفته الكهرباء وأفسدته في منازلهم من قناديل ، وتلفزيونات ، وغسالات ، وثلاجات ... الخ وتحميلها على ظهر عربات نقل ، ووضع عليها لافتات وميكرفونات يطوفون العاصمة وهم يصرخون بمعاناتهم بدء من الوزارة المختصة مرورا بقبة التشريع – البرلمان – ومقر الحاكم ورئيس البلاد مطالبين بالتعويض لما أصابهم من أضرار وحل مشكله الكهرباء إلى أن وصلوا إلى مقر رئيس الحكومة فقرروا نصب خيمة لهم أمامه وخيام أخرى مشكلين معرض لعرض خردواتهم التالفة بمختلف أنواعها ومسمياتها.
ومع الأيام غدا هذا المعرض معرض دائم وقبله للزائرين من داخل البلاد وخارجها عرب وأجانب، ومادة للصحافة وبرامج لشاشات التلفزيون ومرصد لعدسات المصورين ، والذي رأت الحكومة بأن أقامه مثل هذا النوع من المعارض والمقام من دون ترخيص فيه تشويه لسمعة الدولة بين نظيراتها في الأسرة الدولية فقرروا التضييق على أصحابها لكنهم انكسروا أمام إصرارهم ، وكلما عادوا أفزعهم هتاف أبو القاسم الشابي والذي غدا شعارهم وصرختهم :
إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ ‍
فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي ‍
وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
وهم منتظرين في خيامهم وبجوار خردواتهم التالفة للفرج وتحقيق الوعود المتكررة من الحكومة بحل القضية !!
***
ختاماً : نقول لزائر اليمن عليك ان تعتاد على الظلام فأنت في صنعاء وصنعاء على خلاف دول العالم وعواصمها فهي ثانية كما قالت المغنية شمعه اليهودية ( صنعاء اليمن ثانية) !!









#جبران_صالح_علي_حرمل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : زواج القاصرات
- رسائل وتوصيات لمؤتمر الحوار الوطني (من أجل يمن سعيد..ومستق ...
- ثورات الربيع العربي .. رؤية تحليلية في ضوء فروض نظرية الثورا ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبران صالح علي حرمل - (قصه قصيرة ) انقطاع الكهرباء ..!!