أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بروين زين العابدين - رواية (القرية ) تجسيد لمكانة المرأة الكوردية















المزيد.....

رواية (القرية ) تجسيد لمكانة المرأة الكوردية


بروين زين العابدين

الحوار المتمدن-العدد: 4289 - 2013 / 11 / 28 - 00:40
المحور: الادب والفن
    



مما لاشك فی-;-ه إن الكتاب هو الشی-;-ء المهم والحی-;-وی-;- بالنسبة للكثير من الناس الذين يدركون الكثير من القيم ومعاني الحياة وأسرارها من خلال الكتاب ومع مسيرة البحث والتقصي في منعطفات ليست سهلة ومتيسرة دائماً ، وهناك من الكتب ما تبقى راسخة في فكر القاريء وذهنه لفترة ليست بالقصيرة ، ومن الكتب التي تمتعت بقرائتها وفي الفترة الأخيرة من رحلتي مع الكتاب وترك الكثير من الصور الحية في ذهني هو الترجمة العربية لرواية القرية ( كوند ) للروائي الكوردي المبدع محمد سليم سواري والمترجمة من قبل الكاتب والمترجم سامي الحاج ، احداث الرواية وشخصياتها حقيقية تاريخية وقعت في قرية سوار، ولا أدعي بأنها من أمتع وأفضل الروايات التي وقعت تحت يدي ، ولكن هذه الرواية كانت الأقرب إلى نفسي وذلك لسبب بسيط ، وهو أن رواية القرية كانت الأقرب إلى كل مفردات حياة مجتمعنا الكوردي البسيط والبريء والمسالم الذي يجسد كل معاني الوفاء والإخلاص والكرم والشجاعة والسعي من أجل لقمة العيش ولكي يكون له وجود مادي ومعنوي تحت قرص الشمس وبين كل شعوب العالم .
رواية القرية بكل معانيها والسلوك اليومي لأبطالها قريبة من فكر كل شخص يجد في سلوك الزعيم ( ريبه ر ) و( شيرو ) قدوة له ليتمنى من أعماق نفسه أن يوفقه الله ليواصل مشوار حياته كما هما ريبر وشيرو في تجسيد الشجاعة وإحترام الكلمة وحسم الأمور بالموقف المطلوب بالصبر والحكمة وتحمل المسؤولية الملقاة على العاتق عند الصعاب والشدائد ، وعندما تتطلع الأُم على فصول الرواية ستأخذ من والدة شيرو ( عيشي ) قدوة لها في تربية أولادها ليكونوا رجالاً أقويا يتحملون عند المواقف الصعبة والشديدة لتكون لكلمتهم الصدى السحري عندما يقولون نعم أو عندما يقولون لا ،
، وعندما تسرح القارئة بفكرها في الصور الفنية الجميلة للحب والعشق في الرواية فإنها ستتمنى من كل قلبها أن تكون لها شخصية ( حلي ) و ( بلقيس ) حيث الوفاء والبراءة الممزوجة بالإصرار وعدم الخضوع لليأس ، أما عالم عزو فهي أُمنية كل الشباب حيث الدلال والوصول إلى آماله العريضة والعيش بأجنحة من الحرير في أُفق السعادة والفرح .
بهذا الصدد والقول أنا متأكدة بأنني سوف لن آتي بشيء جديد عن الرواية أو أضيف شيئاً آخرَ إلى كل ما كُتب عن القرية التي لاقت الكثير من الإهتمام لدي الكثيرين من السادة في كتابة البحوث والدراسات والمقالات النقدية والتعريفية وكتابة أكثر من بحث تخرج ورسالة ماجستير من طلاب جامعة مرموقة كجامعة دهوك ، ولكن مما شجعني على هذه الكتابة بالذات هو أن الموضوع الذي إخترته هو محور لم يتطرق إليه زميل آخر أو زميلة أُخرى وهو ما يخص ويتعلق بوجود المرأة ومكانتها في أحداث الرواية برمتها ، لقد أخذت المرأة مساحة واسعة من خارطة مجمل أحداث الرواية بل وإحتكرت بإستحقاق عالي وإمتياز فريد المساحة الواسعة لكل ما جاءت بها الرواية وهذا دليل آخر على دور المرأة في حياة المجتمع الكوردي وإحترام المجتمع لهذا الدور منذ أحداث الرواية في الأربعينات من القرن الماضي وإلى دورها الرائد في كل الثورات والإنتفاضات الكوردية الاخرى ، حيث كانت شعلة النضال ضد العدوان والطغيان ، فالمرأة الكوردية في القرية الكوردية وفي أحدث ثورة للشعب الكوردي كانت تَحرم وتقطع اللقمة من أفواه أولادها لتكون سانحة للبيشمركه الكورد وفي هذا الصدد علينا أن نشيد بقرار صُدر لدى الجهات المعنية في كوردستان وذلك بتخصيص رواتب للنساء اللائي كانت لهن الدور في رعاية البيشمركه وفي مرحلة النضال والمقاومة ولهذا الإجراء بعده المعنوي أكثر من بعده المادي بإعتباره قرار يُكرم المرأة .
عندما ندخل في صلب موضوعنا عن المرأة ، ونماذج المرأة ، ودور المرأة ، وشخصية المرأة وسلوك المرأة ومكانة المرأة مما جاءت في الرواية فإن أول ما يشدنا بقوة ويدهشنا هو شخصية ( عيشي ) في الرواية التي تأثرت بها أيما تأثير ، تلك الشخصية المحورية الفذة والقوية ، ولا أعتقد أن هنالك إمراة وُجدت في شجاعتها وجرئتها وحنانها وقوة شخصيتها وفي الشرق الأوسط كلها على حد علمنا وإطلاعنا للكثير من نماذج الشخصيات النسوية ، ( عيشي ) تلك الأُم التي فقدت زوجها في صراع مع الإقطاع ولكنها لم تستسلم لهذا القدر بل ربت بهمة عالية صغارها وأصبحت لهم الأُم والأب في آن واحد ووقفت مع ولدها الكبير شيرو لكي يبقي قوياً ويصارع ظلم الأغوات والإقطاع بدون كلل وملل، وكانت تخفف عنه همومه وهي تمسد على شعره في الليالي الحالكات وتشد من عضده في الملمات وتغذيه من شحنات المحبة والصبر والحكمة عند المعاناة ، كانت تدخل في النزاعات التي تحدث في القرية والعشيرة ، وتقوم بإستقبال الضيوف في مضيف العائلة ( كوجك ) عند عدم تواجد إبنها شيرو ، والشيء الأكثر أهمية والذي جذب إنتباهي ، مواقفها الفريدة والمدهشة مثلاً ، عندما أُغتيل غدراً وداخل مسجد القرية زوجها ، كان موقفها بطولاً وجريئاً ويفوق موقف الكثير من الرجال ، وبعد مراسيم دفن زوجها ومراسيم مَن يُقتل في القرية الكوردية أكثر هيبة وجللاً من مراسيم الموت الاخرى تحزمت هذه الأُم والزوجة البطلة بحزام زوجها من الإطلاقات ( شه قه به ندي ) وأمسكت بندقية ( الكچكچاب) العائدة لزوجها في يدها وإرتقت إلى سطح القصر ونادت على أهل القرية بأعلى صوتها ( يا أهل سواري.. أنا أعلم جيداً من قتل زوجي وبتحريض من قتل ؟ ولو لم يتواطأ أحد من أهل القرية لما قتل زوجي بهذه السهولة ، أنه لمن الموسف أن يتواطأ البعض مع الغرباء لقتل واحد من أهل قريتهم كالحاج حسين ، لكنكم تعلمون أن للحاج أولاداً وأبناء عمومة ومن اليوم وإلى مائة عام فإن دمه لن يذهب هدراً ، سننتقم له ومقابل كل أصبع للحاج .. ) ، ولم تكتفي بهذه الشجاعة والجرأة والشخصية القوية بل أرسلت في طلب وجهاء وكبار العائلة وأقارب الحاج وبعد ان حضر الكل إلى غرفتها عقدت معهم إجتماعاً مغلقاً وقالت لهم بالحرف الواحد : ( انظرو لي وإستمعوا جيداً لما أقوله ، لن نُقيم أية مراسيم عزاء وحداد للحاج فعزاء المقتول فقط في الإنتقام له.. زوجي قتل من أجلكم فهو لم يسرق ولم ينهب ولم يخطف زوجة أحد ، أنتم تعلمون جيداً بأن الأغوات كانوا يريدون الإستيلاء على مناجم حجارة المطاحن التي تعملون فيها ، لكي يقطعوا رزق عيالكم ، لكن الحاج لم يرض وتصدى لهم فعملوا على قتله ، منًذ الآن وحتى تنتهي عدتي إن إنتقمتم لزوجي وأرحتم قلبي فخير على خير ، وإن لم تثأروا لدمه فلا تلومنني إن ذهبت وتزوجت بالذي عمل على قتل الحاج ، إعلموا هذا جيداً وعلقوه حلقاً في آذانكم جميعاً ) . وشيء آخر يدل على حكمتها وعدالة ضميرها ، عندما أراد إبنها محمد الإنفصال عن العائلة بعد زواجه أحضرت الشيخ ( عبدالله ) لتوزيع الأملاك على أولادها دون إستثناء ولم تهضم حقوق بناتها من الميراث حيث أمرت لكل أخت حصة في الأملاك تشترك مع أخ لها ، عيشي الأُم المثالية الصبورة القوية والتي كانت تصارع الظلام وتذل كل الصعاب وتطير النوم من عينيها والملذات من كيانها للإلتزام بمسؤولية الأُم وواجباتها الحقيقية ، وهناك العشرات من الأحداث والأمثلة حول عظمة هذا المرأة ومكانتها وكفاحها .
مثال آخر للمرأة الأُم في الرواية ( أُم سربست ) التي كانت جل إهتمامها وأمنيتها أن ترى إبنها الكسيح وقد وقف على رجليه قوياً ليكون له في الحياة شأن ، عندما تأتي وتضع ولدها على الطريق عند دخول ( ريبه ر) القرية .
النموذج الآخر للمرأة هي ( حلي ) حبيبة ( عزو ) الشخصية القوية في دفاعها عن حبها وتمسكها بحبيبها عزو ، كيف كانا يتبادلان الهدايا والتذكارات وكيف كانت تتباهي بهدايا عزو لها وتقول مازحة لصديقتيها المخلصتين ( فاتي ) و (خاني ) : ( أليس من الحيف أن يكون حبيبي عزو مثل حبيبكما ، انظرو كيف يمكن أن أغيب عن بال عزو وهذه الهدايا جلبها لي من الموصل ) ، ثم تستدير لكي تريهما الإكسسوارات ، وشيء آخر جلب إنتباهي وهو شخصية حلي الكاريزمية القوية والمعارك الكلامية والملاسنات التي كانت تدور بينها وبين عزو كانت تعلن الحرب على عزو ، حرب جميلة ، حرب كلمات وأُمنيات وأهداف وأحلام ، والدفاع عن حبها وحبيبها عندما تقول له ، إبتعد عني لقد شبعت من أحاديثك وأكاذيبك ، ويتفرس عزو في وجه حلي متعجباً وهو يراها هكذا منزعجة والشر يتطاير من عينيها كلما إقترب منها ، كانت تقول له لو كنتُ رجلاً ، سأعرف ماذا أفعل ، أي تقول له أخطبني من أهلي ، تقول لعزو لو جرت العادة أن تَخطبن النساء الرجال لأرسلت أهلي عشرات المرات لخطبتك ولكن هذا لن ولم يحدث أبداً ، ولم يفعلها أحد قبلي ، تقول له بصريح العبارة أنتَ رجل ولا تكون إلا رجلاً ، وكان لذكائها الدور الكبير ليصبح ريبه ر على علم بمعاناة الحبيبين ويكون النهاية السعيدة بمباركة منه عندما تمنى من شيرو بتلبية رغبة شقيقه عزو في الزواج .
النموذج والشخصية الرابعة في الرواية هي العاشقة بلقيس التي تكسر وتحطم قيود بالية وتقاليد ظالمة وتضحي بكل شيء عزيز على نفسها وتهرب مع عشيقها وتنتهي بنهاية مأساوية بسبب الأعراف والتقاليد العشائرية ، حيث يلحقهما أهلها ويقتل عشيقها وهي تهرب منهم عند إنشغالهم بقتل حبيبها لتسرح في العالم وتواصل مشوارها مع المعاناة والآلام بإرادة لا تلين .
وهناك الكثير مما يمكن قوله عن دور المرأة وشخصيها وحنكتها وجرأتها ومسؤوليتها مما جاءت به أحداث رواية القرية في عصر كانت المرأة لا تعني شيئاً عند الآخرين من بعض الشعوب ، والرواية بحد ذاتها تكريم عظيم وتقدير كبير للمرأة الكوردية بصورة خاصة والمرأة بصورة عامة .
في الختام نتمنى أن يكون هناك الإهتمام اللازم والرعاية المطلوبة بالقرية الكوردية التي دمرت وإبيدت ضمن السياسية العنصرية والشوفينية للنظام السابق بتدمير ومسح كل صور الحياة في كوردستان وأن يكون هناك برنامج عمل متواصل لبناء وإعمار كل تلك القرى ليكون لكوردستان رونقها وجمال الحياة فيها، ولن تكتمل جمال كوردستان إلا بإعادة الحياة لكل قرية وهو بحد ذاته إعاة الإعتبار إلى رمز إعتزاز الإنسان الكوردي بأرضه ووطنه ، ولنا دعوة صادقة إلى كل الجهات المعنية وإلى كل المعنين في حكومة كوردستان بالعمل لنقل هذا العمل الروائي الكبير إلى عمل سينمائي ليعيد المكانة المميزة للمرأة وللقرية الكوردية ونضال شعبها الأصيل ..



#بروين_زين_العابدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رياضة اليوغا والاءرتقاء بالاءنسان
- المراءة في لوحة سريالية!!
- وحدة الصف الكوردي .....الخيار الوحيد
- العراق بين دزامة الفوضى والحل الامثل


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بروين زين العابدين - رواية (القرية ) تجسيد لمكانة المرأة الكوردية