أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية حمزاوي - قراءة في رواية - سأقذف نفسي أمامك - ل ديهيا لويز














المزيد.....

قراءة في رواية - سأقذف نفسي أمامك - ل ديهيا لويز


زهية حمزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


" سأقذف بنفسي أمامك غير مقهورة أيها الموت و لن أستسلم " . هي عبارة لفرجينيا وولف ، تذكرتها مريم عندما فرت من حقيقة لاذعة كانت قد كشفتها لها أمها للتو .
هو هروب معلن لمريم الفتاة المتعبة و التي نال منها الشقاء بما يكفي. هروب نحو أقرب طريق مأهول بالسيارات و الشاحنات ، لعلّه يأخذها إلى الحياة الأخرى.
لم تكن مريم المرأة إلا أنموذجا صادقا لذاكرة مرهقة ، أبدع القدر باللعب و القفز على دقات قلبها المراوحة بين خيبات العائلة و خيبات الوطن.

بأسلوب بسيط و مباشر تبني الكاتبة روايتها على تقنية الفلاش باك ، أو تقنية الاسترجاع ( الذاكرة ) ذلك أن الزمن فيها ارتبط شعوريا بالذاكرة الموجوعة.سواء تذكر أحداث أو أشخاص أو أحاسيس .
تغوص مريم في بوح طويل تجبر ذاكرتها الشقية على تجشؤ ما حملته طيلة عشرية من الأوجاع ، إلا أنها تصطدم في كل مرة بمكر و خيانة الأقدار الموبوءة بمفاجآت قاسية و غريبة.
لم تكن سوى فتاة قروية بسيطة اختارتها الحياة أن تحمل الألم و تعيشه بكل تفاصيله . الفتاة ذات التاسعة عشر من العمر قادمة من دنيا بشعة لم يسبق أن حدث تعارف بينهما .

كان يوما ممطرا ، كانت غارقة في أنوثتها ، حينما دخل عليها والدها السكير لينهال على جسدها المغري بقبلة طبعها بالقوة على شفاهها ،ليتمادى قبح الأب المزعوم محاولا اغتصابها ، يتدخل الأخ ذي الثماني سنوات ليدافع عن أخته ، لكن الوحش البشري يدفعه بكل قوة ليصدم رأس الصبي على الطاولة ، و يحدث نزيفا أدى به إلى الوفاة .بعد أن هرب الأب إلى وجهة مجهولة تاركا مريم في مواجهة مع الموت و مواجهة مع أمها بعد ذلك (الغائبة عند الحادث) ، و التي حملتها مسؤولية ما حدث، فتدخل معها في قطيعة غير مبررة غلفها صمت قاس .لتقرر الأم في النهاية الخروج من عزلتها و التوجه إلى أوكار الرذيلة ،في الوقت الذي تحاول مريم تجاوز حالتها في الاندماج في الحياة الدراسية و المشاركة في المظاهرات للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية ، تتعرف هناك على عمر الشاب الوسيم المناضل الوطني ، الذي تعلن عليه الحب ليتزوجا بعدها.
عمر هذا الذي حمل هم الدفاع عن هويته في قلبه و وجدانه لم يكن يعرف أن نهايته قريبة بسبب جرأته التي أزعجت الحكومة ليغتال في النهاية برصاصة يقال أنها طائشة أصابته في رأسة.لتدخل مريم مرة أخرى في مواجهة مع الموت ، فبالرغم من قساوته صممت على الصمود من أجل طفلها الذي كانت تحمله في أحشائها ليكون سلواها و عزاءها في حياة ظالمة ، و يحمل اسم والده الذي لن يراه أبدا.
تتحمل مريم بعد ذلك أوجاعا إضافية بعد أن تكتشف أنها ابنة غير شرعية لثمرة حب جمعت أمها بشاعر مشهور، هو بدوره قد مات للتو .

تواصل مريم بوح أوجاعها عبر الكتابة التي وجدت فيها المنفذ السحري و المتنفس الوحيد للتخفيف من الورطة الغريبة التي أوقعها فيها القدر عبر السيلان الرهيب لذاكرة حية تتشبث بزوايا عمرها و كأنها خلقت للألم فقط.
يبدو للقارئ لأول وهلة أن الموضوع الذي تعالجه الكاتبة ينتمي لطابو " زنا المحارم " الذي طالما اجتهد المجتمع على التستر و الكتمان على هذه الظاهرة التي تنخر أسرار البيوت ، إلا أن التوغل في الرواية ينبئ بأن الموضوع الرئيسي الذي تتحدث عنه الكاتبة يتعدى القضية الاجتماعية إلى القضية الوطنية .

تعود بنا الكاتبة لأحداث الربيع الأمازيغي الأسود عام 2001 ، أين تضعنا قبالة وطن يستعد لسرقة آمال و طموح شبابه في العيش الكريم . أين تتلبد قلوب الساسة في هذه الفترة بإعطاء أوامر لإجهاض الحلم الكبير في جزائر عادلة و قوية ، لتعطي بذلك الإشارة في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المطالبين برفع التهميش عن منطقتهم ( منطقة القبائل ) للحصول على حقوقهم الاجتماعية ، و الاعتراف بالهوية و اللغة الأمازيغية التي طالما تجاهلها الحكام المتعاقبين على هذا الوطن الذي تشهد جباله الشامخة على أصالة الأمازيغ في صنعه.
تفضح الكاتبة بعد ذلك نفسية بعض المتظاهرين حينما انحرف بعضهم عن قضيتهم الجوهرية و الاستثمار في مصالح ضيقة ، الأمر الذي استغلته المافيا السياسية في إسكات المتظاهرين و المتاجرة بمطالبهم .

نجحت ديهيا لويز في روايتها هذه في كشف الغطاء عن صراع ذاكرة الوطن ،الذي ما يكاد يتصالح مع نفسه إلا و يعود و في جيبه رصاصة .

زهيــــــة حمــزاوي / الجزائر



#زهية_حمزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية حمزاوي - قراءة في رواية - سأقذف نفسي أمامك - ل ديهيا لويز