احمد وتوت
الحوار المتمدن-العدد: 4275 - 2013 / 11 / 14 - 15:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تبديل الادوار
مرّ البهلول يوماً بمسجدٍ - لم يتم بناؤه بعد - في محلة من محالّ بغداد ليطّلع على بنائه، فلما رأى المسجد لم يكترث لشكل بناءه وزخرفة جدرانه وسقفه وقبّته، وكأنّه كان يخبّئ شيئاً في نفسه، ثم إنه نضر من خارج المسجد إلى لوحة خشبية كبيرة معلّقة على جدار المسجد مكتوب عليها: مسجد الشيخ جمال.
والشيخ جمال هذا، رجل يحب الشهرة ويحب أن يطّلع الناس على أفعال البر التي كان يقوم بها، وكان بهلول يعرف ذلك تماماً.
غرق بهلول في تفكيره بالمسجد ولوحته وإذا به قد أحس بثقل يدٍ على كتفه، فلما التفت إلى خلفه رأى الشيخ جمال وهو مبتسم، وقد حدّق النظر إليه، ابتدره بهلول قائلاً: (( السلام عليكم )).
رفع الشيخ جمال يده عن عاتق البهلول وأجابه بتلك الابتسامة: (( وعليكم السلام )).
قال البهلول: (( إنه مسجد كبير وحسن البناء )).
خطا الشيخ جمال خطوة إلى الأمام وساير بهلولاً، ثم قال: (( أسأل الله القبول )).
قال بهلول - وكأنّ شيئاً قد لفت نظره-: (( أريد أن أسألك عن شيء إلا أني لا أدري أسألك عن ذلك أم لا؟)).
قال الشيخ: (( لا بأس عليك، سل فأني أرجو أن أملك لسؤالك جواباً مقنعاً )).
حرّك بهلول رأسه وقال: (( طبعاً، هو كذلك ))، إلاّ انه بعد ذلك مكث قليلاً ثم قال: (( لمن بنيت هذا المسجد؟ )).
لم يكن الشيخ جمال يتوقع مثل هذا السؤال، ومكث يفكر قليلاً فخطر على ذهنه أن بهلولاً رجل مجنون، ولا ينبغي العجب
من المجنون أن يسأل مثل هذا السؤال، فأجابه قائلاً: (( وهل يكون بناء المسجد لغير الله؟! )).
قال البهلول: (( نعم، نعم الأمر كما تقول، لن يدع الله عملك بلا أجر، إنه لن ينسى أجر ذلك أبداً )).
لم يتكلم الشيخ جمال بعد ذلك بشيء لأنه لا يفهم ماذا يريد البهلول منه بالضبط، لذا أخد يخطو خطوات قصيرة لكن متواصلة حتى ابتعد عن بهلول.
وفي صباح الغد علا صوت الشيخ جمال بالصياح أمام المسجد الذي بناه بحيث يسمعه كلّ من يمرّ بالمسجد، وهو يقول:
((أيها الناس، اشهدوا على ما قام به بهلول، انه يدعي تملك هذا المسجد..... أيها الناس.....)).
وكان الحق في ذلك مع الشيخ جمال، فأن اللوحة الخشبية مكتوب عليها (( مسجد بهلول )) لذا أصاب الشيخ جمال الدوّار في رأسه من شدة الصدمة، وبُحَّ صوته من كثرة الصياح، ذلك انه لم يخطر على باله يوماً أن شخصاً مثل بهلول يأتي ويكتب أسمه على لوحة المسجد الذي بناه الشيخ، فكيف تجرّأ بهلول على مثل هذا العمل؟ لكن مع ذلك، فقد كان الشيخ يخبّئ لهيب غضبه، ويهدئ نفسه بما يخطر على باله بأن بهلولاً رجل مجنون، ولكن سرعان ما يجيب به نفسه، فيقول:
(( إن للجنون حداً، أليس يعلم الناس من بنى المسجد, فقد سمعنا بكل ما يصدر عن المجانين إلا مثل هذا الأعمال, آه يريد أن يكون المسجد باسمه لكني سوف أعطيه درساً لن يجرأ بعده على مثل ذلك أبداً ... سوف أريق ماء وجهه أمام الناس)).
اجتمع عمّال بناء المسجد حول الشيخ جمال ليستمعوا ما يقول, وإذا صاح فجأة بصوتٍ عالٍ وغضب: (( هلموا ها بنا لنبحث عن بهلول كي نعطيه درساً لا يتجاسر بعده على حقوق الآخرين)).
ذهب هو مسرعا و تبعه بعض العمال البناء الذين كانوا يتحيّنون الفرص للهروب من العمل, قائلين للشيخ: ((نحن نأتي معك يا شيخ للبحث عن بهلول)).
توجه كلّ منهم إلى جهة, فلم يستغرق البحث عن بهلول أكثر من ساعة حتى عثروا عليه, فجاؤا به إلى مسجد, وكان يسبقهم في ذلك الشيخ جمال الذي استولى عليه الغضب, فلما واجه الشيخ بهلولاً وجهً لوجه- وقد كادت عيناه تخرجان من الغضب من الحدقتين- صاح بصوتٍ عالٍ: (( أيها المجنون, ما حملك على ما فعلت؟)).
نظر بهلول إلى من حوله, وقال بسكينة: ((وما فعلت؟)).
حدّق الشيخ جمال بوجه بهلولاً, و قال: ((إنك لن تجرأ على الاعتراف بذنبك أمام الملأ, أليس كذلك؟)).
أجابه بهلول و كأنه لا بعلم شيئاً: ((وهل أذنبت؟ و ما هو ذنبي؟)).
تضاحك الشيخ جمال و الغضب قد استولى عليه, فأشار إلى لوحه المسجد, وقال: (( وهل يجرأ غيرك أن يكتب اسمه على لوحة مسجد بناه غيرك؟)).
ألقى بهلول ببصره إلى لوحة المسجد ثم صرف بصره وكأنه لم ير شيئا ذي بال, وقال بهدوء: (( إن كنت تريد بذلك هذا- و أشار إلى اللوحة- فاني فعلتها)).
أخد الغضب الشيخ يزداد لحظه بعد أخرى حتى صاح ببهلول: ((هل أنت بنيت هذا المسجد لتكتب اسمك عليه؟)).
رفع بهلول رأسه - مرة أخرى - إلى لوحة المسجد و أجاب: (( أني لم ابنِ هذا المسجد, لكني كتبت اسمي عليه)).
أمسك الشيخ بهلولاً من تلابيبه و التفت إلى الحاضرين, و قال: ((انظروا انه يعترف بذنبه, إنّه اعترف)).
ارتفع صوت الحاضرين بالكلام, فكل منهم تراه يقول شيئا, لكن بهلولا لم يرعوي لكلامهم, و أشار إليهم بيده أن اسكتوا, فسكتوا و سكت الشيخ جمال, و تجددت لبهلول الجرأة على رد الشيخ و قال: (( أيها الشيخ, أسألك عن شيء أحب أن تصدقني فيه)).
قال الشيخ: (( و لماذا الكذب )).
قال بهلول: (( بالأمس التقيت بك في هذا المكان و تكلمنا قليلاً, ثم سألتك: لمن بنيت هذا المسجد؟ قلت أريد به وجه الله تعالى)).
وقال الشيخ جمال: (( واضح وجه من أريد ببنائه, فقد قلت بالأمس و اليوم اكرر و أقول: إني أردت بذلك وجه الله)).
تبسّم بهلول وقال بصوتٍ عالٍ: ((تقول لله! فهل الله يعلم بأنك أردت وجهه أم لا؟)).
أجابه الشيخ بغضب: (( مع أني لا أرغب في إطالة الكلام معك, أقول: نعم, إن الله يعلم بذلك, كي لا تكون لك حجة عليّ عند القاضي)).
سكت بهلول هنيئة ليلفت بذلك الأنظار إليه, ثم قال: (( أيها الشيخ, إن كنت قد بنيت هذا المسجد لله فلا ضير عليك أن يكون باسمك أو باسم غيرك, لكن اعلم أنك قد أردت بذلك وجه غير الله, نعم أردت به الشهرة, فقد أحبطت بذلك أجرك)).
كان كلام بهلول يحمل في طيّاته حقيقة مرة أيقظت الشيخ جمال من نومه الغفلة, فماذا عليه بعد ذلك أن يقول؟
لقد ألجم الشيخ بذلك فأسكته, و استحسن الحاضرون جواب البهلول, ولم يتكلم أحد بعده بشيء.
و قال البهلول - وهو يمشي مشياً تقاربت خطاه - للشيخ جمال: (( أريد أن أرفع اللوحة التي تحمل اسمي من على المسجد)).
أراد الشيخ أن يقول شيئا لكن الكلمات تلكّأت على شفتيه فسكت.
خطا البهلول خطوات نحو اللوحة لكنه رجع و التفت إلى الحاضرين قائلاّ: ((أردت بذلك الكشف عن حقيقة، وهي أن تعلموا أن العمل إن كان لوجه الله تعالى فلا يضرّكم ما يكون رأي الناس فيه ما دام الله هو المطّلع على حقائق الأمور)) ثم انصرف ليرفع اللوحة التي كتبها باسمه.
ان انعدام الثقة بالنفس وتبديل الأقنعة للسياسيين في السلطة ولد فراق وانعدام ثقة ما بين المواطن والسياسي وجل الفارق الطبقي الذي صنعه الاحتلال الخارجي والنقص الداخلي في بعض النفوس، ان كل المعطيات من قصة البهلول واضحة جدا للقارئ الكريم لكن المعضلة في العمل لم يتجرأ العراقيون في العمل كما عمل البهلول. يطل علينا السياسيين بين الحين والاخر يتهمون الشعب بالعمالة؟! هذا ما يطلب مني الوقوف اذا الشعب عميل؟ 30 مليون ! وانت سوى وفرد واحد فهل انت العراقي الوحيد!!!.... لا نجد صحافة نزيه ايضا ولا اعلام حقيقي في العراق سوى الصراع من اجل المادة والامتيازات فصراع الجوع من زمن الحصار والحرمان وانفتاح السوق ولد فينا صراع داخلي وانسى البعض القيم التي تربى عليها مما اباح السرقة بشكل رسمي حيث يقول ان حكومتنا فاسدة وسارقة فما الضير من ابني مستقبلي متناسيا اننا بشر متساوون امام الله وان لم تكونوا تعترفوا بالله فأمام حقوق الانسان القانون الوضعي وان لم تحترموا انسانيتكم فكونوا اعرابا لكن نجد جواب واحد لتساؤلاتي كلها ان ما نحاول ان نجد له حل متفرع على ثلاث اشياء المصلحة الشخصية تتغلب بكل الطرق ولديها ابواب عديدة فمن جانب نجد انه ان وجد باب قانوني فقال القانون يسمح لنا مثلما يحصل مع رواتب البرلمانين العراقيين والرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة، وان لم يجد باب قانوني فنجد يقول انه الحكومة ليست شرعية وذلك لأسباب عديدة منها انها من تأسيس المحتل ومنها انه وصلت بالتزوير...ألخ. ويحل لك ان تعطي الثلث مما تسرق الى الولي الشرعي فتصبح نسبتك حلالا، ومنها من يقول انا لا اعترف بالحكومة لأنني عشائري ولدينا احكامنا الخاصة وهذه قوانينا التي تبرر لنا حصتنا من العراق.
صراع لا يخفى على الناظر انه ما بين الانسان الواحد يتجه الى القانون ان كان في مصلحته وان لم يكن يتجه نحو العشيرة او القومية وان لم يصب في مصلحته يتجه نحو الدين وطائفيته.
فشعاري الاخير انه لا يصح الا الصحيح مهما طال غياب العقل وغيب الصحيح سياتي يوما ليتحرر وينطق ويطبق الصحيح فما ان تلغوا كل ما جب من مخالفات واضحة كوضوح الشمس من سرقات ونفاق او انكم ستلغون بكل سهولة فان التاريخ يكتب والله يسجل وهناك يوما للحساب مهما طال الزمن فصدام ليس بالزمن البعيد. ما وصلت اليكم لو دامت له.
#احمد_وتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟