أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الرضي - حينما ذهب – من وحي الخياطة














المزيد.....

حينما ذهب – من وحي الخياطة


نضال الرضي

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 15:54
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حينما ذهب – من وحي الخياطة

ثلاثة ُ أعوام مرت مُنذ أن فارق زوجها الحياة، ترك لها طفلين و أمه و ذهب. كم كان صوتُه ُ يملأ البيت و هو يُجلجل ضاحكا ً حين يُمازح ُ أطفاله، لكن العمر انتهى، هكذا قالت أمه و هي تنتحب قبل أن تنكمش هي الأخرى على نفسها و على حزنها تباعا ً مع الأيام و الشهور.

لم تكن تملك بين يديها شهادة ً سوى دورة سكريتارية، و هذه الأخيرة لم تؤهلها لعمل ٍ يفي بحاجات طفليها و جدتهم و تستطيع منه أن تدفع إيجار البيت و الفواتير و مواصلاتها التي تحتاجها للذهاب إلى عملها و العودة منه. أحد أصحاب العمل عرض عليها مبلغا ً محترما ً جدا ً لوظيفة إدارية، إلا أن الأسبوع الأول من العمل كان كفيلا ً بتوضيح حقيقة عملها "الإداري" المطلوب، فاختارت أن تبقى كما تعرف نفسها و كما عرفها زوجها فاستقالت غير آسفة.

قبلت بعدها بوظيفة سكرتيرة في شركة ٍ صغيرة، وظيفة ٌ محترمة دخلها قليل، لكن أعمال الخياطة التي كانت تمارسها بعد العمل أمّنت دخلا ً إضافيا ً مدّهم بمردود ٍ لا بأس به يُعين على النفقات و يُتيح لها أن تبقى مع أطفالها في الفترة المسائية. كانت حماتها تساهم هي الأخرى بشرائها الملوخية و السبانخ ثم تجهيزها للطبخ و وضعها في أكياس ثم بيعها من أمام مخبز ٍ في منظر ٍ كان يثير المارين فيشترون منها ربما لحاجتهم لمحتوى الأكياس لكن أكثر منه صدقة ً و شفقة.

كانت تقوم بتقصير بنطلون لأحد أبناء إحدى زبوناتها حين شكَّـت إصبعها، لم تتألم لكن نزف َالإصبع قطرة ً صغيرة ً جدا ً من الدم فوجدت نفسها تبكي بحرقة و أخذت تشهق ُ مخنوقة ً، و كأن الوخزة الصغيرة كانت في قلبها لا في إصبعها، و فعلت فيه كمطرقة ٍ هدت جدار الكبت الذي نصبته أمام الألم، فانهمر الفيضان ُ طاغيا ً بدون توقف.

كانت و هي تبكي تذكر أباها قبل سنوات ٍ طويلة و هو يحاور أمها في حديث ٍ هو أقرب إلى إلقاء بيان عسكري، قال وقتها "لا نستطيع أن نصرف على إثنين في الجامعة، أخوها أحق بالدراسة فهو سيتزوج و سيكون رب أسرة، أما هي فيمكن أن تدرس دورة سكرتاريا و سيكون زوجها مسؤلا ً عنها"، احتجت أمها وقتها و قالت "لكنها متفوقة في الدراسة و حرام أن يضيع تعبها، ثم إنها قد تخرجت من المدرسة بالفعل بينما أخوها سيتخرج بعد سنتين، و فيهما يخلق الله ما لا تعلمون".

لم يكن الاحتجاج ذا أثر ٍ على الإطلاق. دخلت دورة السكرتارية، و أخوها بعد عامين دخل جامعة ً خاصة كلفت الأب عرق السنين و عانت العائلة كلها من سياسة ربط الحزام حتى كاد الحزام أن يشنق الخواصر، لكنه تخرج في النهاية و هنأته هي و زوجها.

تذكرت أباها و أخاها و زوجها و هي تبكي، كان شئ ٌ فيها يتوقع منهم المزيد، فهم القوامون و هم الأعلى و الأقدر، داهمها شعور ٌ بالخوف لم تستطع تحديد سببه بالضبط، فمسحت دموعها و تعوذت من الشيطان ثم بسملت باسم الله الرحمن الرحيم و هي تهم بإكمال عملها.

علا صوت ابنتها و هي تشكو من أخيها الذي يضايقها، فنهرته بصوت ٍ أقرب إلى الرجاء "أترك أختك" ثم نظرت إليها و قالت لها بحنان: "شو بدك في أخوكي تعالي جنبي تعلمي خياطة".

و أكملت البنطلون



#نضال_الرضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الرضي - حينما ذهب – من وحي الخياطة