أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلبست يوسف - مدينة تسكنني مدينة لا أسكنها














المزيد.....

مدينة تسكنني مدينة لا أسكنها


هلبست يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4253 - 2013 / 10 / 22 - 23:42
المحور: الادب والفن
    


مدينة تسكنني
مدينة لا أسكنها

هلبست يوسف


إلى قامشلوكي
سنة، سنة بالتحديد، مرت اليوم22-10-2013، على اليوم الأخيرالذي غادرت فيه مدينة قامشلو، متوجهة للحاق بالأسرة التي كانت موزعة وقتها على أربع جهات، كنت حريصة أن أترك كل شيء على حاله: الكتب وملابس الشتاء التي لاتلزم وذكريات طويلة من لحظة الولادة وحتى لحظة السفروالدموع الحارة التي أودع بها: الأهل-الجيران- صديقات الطفولة، بيتنا، شارعنا"شارع الحرية الذي ولدت فيه" الحي الغربي، قامشلو، وجوه الناس-أصوات الباعة المتجولين- مظاهرات أيام الجمعة التي أعتزأني كنت وجدت التحضيرات الأولى لها من أحد عناوينها عندما صارت المدينة كلها عناوين لها بين مشارك ومتابع، ولايزال صوتها في أذني" يللا ارحل يابشار".

لم يخطرببالي لحظة واحدة أن سفرتي هذه وهي الأولى خارج سوريا ستستغرق كل هذه المدة، فقد تركت كل شيء كما هو، طالما عودتي إلى مدينتي مؤكدة، فأنا أفضلها على كل مدن العالم، اسمها محبب إلى قلبي" ق –ا-م- ش- ل-و، و هي مركز الكون بنظري، وأنا لازلت أعتقدأن كل من لم يزرهذه المدينة ثقافته ناقصة، وإنه لم يكتشف العالم كله، وكل من لم يحب قامشلوحبه ناقص..
لم أغادرهذه المدينة إلا مرات قليلة عندما سجلت في الجامعة، وعندما حاولت تقديم امتحانات مواد الفصل الدراسي الأول، وسط حالة الرعب، وكنت أشعربين تقديم مادة امتحانية وأخرى أن خيوطاً خفية تجرني من قلبي إلى مسقط رأسي، كنت أسمع اسمها في أذني مختلطاً بصوت أمي وأهلي وصديقاتي وجيراني، ولهذا سرعان ماعدت إليها، وأنا أفكر" كيف سأمضي فترات امتحان الجامعة بعيداً عن قامشلو"، وإن كنت لا أستطيع العودة ثانية إلى جامعتي، جامعتي التي خسرتها، نتيجة أوضاع دمشق، وارتفاع منسوب الخوف فيها على أيدي قوات و شبيحة النظام الذين كانوا يدققون في الوجوه، يتابعون الطلبة والطالبات حتى إلى مراكز الامتحانات، بالرغم من أن الثورة السورية كانت سلمية في أشهرها الأولى.

وصلت إلى المكان الجديد، المكان الجديد حياة أخرى، قرأت عنه عبربعض المقالات المكتوبة في الإنترنت، كنت أعرف أنه يشبه أوربا، بالفعل كل شيء في المكان كان هكذا، ولكن كان السؤال الذي يؤرقني"أين قامشلو؟"، كل شيء هنا أقارنه بمدينتي: الشوارع- المباني- آرمات المحلات، صحيح أن هناك مفارقة كبيرة، بين هذه المدينة الجديدة ومدينتي نتيجة الظروف التي نعرفها كلنا، لكن قامشلوالتي تصل إلى دورمكانة الأم، لا تعوض عنها كل مدن العالم، وكل قارات العالم،لا نكهة طيبة لأي شيء خارج قامشلو.
وقامشلوأصطحبتها معي، ذكريات واسماً ورائحة، هي محوركل شيء عندي، لا أستطيع أن أنظرإلى ماحولي إلا من خلالها، هي بيتي الأكبر، وهي نواة القصة التي أكتبها، وهي نواة القصيدة التي أكتبها، أقف أمامها أحاورها، أستيقظ على صورها وصوت أهلها الذين أحملهم معي، وأجدد الموعد في كل مرة على أن أرجع، وإن كنت أفشل في مواعيدي هذه، لكني ومع كل فشل أحدد موعداً آخر، كان الموعد الأول شهراً، لم أتصورأني سأبتعد عن قامشلوأكثرمنها، وها هي سنة كاملة تمر، وأنا دون قامشلو.
المسافات بيني وبين قامشلو بعيدة، الزمان الذي مردون قامشلو طويل جداً، ومع أني أستطيع اختصارهما في كل لحظة، ومع أن قامشلو تخرج من القصيدة، وتخرج من القصة، وتقف معي، أحملها، إلا أنها لاتغيب عن عيني، لاتغيب عن كياني، لاتغيب عن روحي لأنها تعلم أن كل فرحة لي ناقصة إن أكن بعيدة عنها، قامشلو تسكنني، تسكن مساماتي، وإن كنت أجدأني ماأزال بعيدة عنها، بانتظارالعودة إلى حضنها الدافىء.

22-10-2013



#هلبست_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلبست يوسف - مدينة تسكنني مدينة لا أسكنها