أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد أبوزيد - الإرهاب الدينى و الدولة الرأسمالية














المزيد.....

الإرهاب الدينى و الدولة الرأسمالية


أحمد أبوزيد

الحوار المتمدن-العدد: 4252 - 2013 / 10 / 21 - 21:41
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إن معركة دولة ضد إرهاب يستند الى أفكار رجعية عنصرية، هى معركة خاضعة بالأساس لعقيدة تلك الدولة السياسية، وانحيازاتها الاجتماعية، و الاقتصادية ، قبل أن تكون خاضعة لطبيعة قوى الارهاب، ومدى قدرته على نشر الرعب والفوضى فى المجتمع. فانحياز الدولة السياسى والاجتماعى وبكلمة واحدة "الطبقى" هو ما يشكل طبيعة الصراع ورد الفعل ضد أية مهددات للمجتمع، فإذا كانت الدولة تشكل بإنحيازاتها الاجتماعية ظلما وتهميشا لطبقة ما فى المجتمع، هى الغالبية العظمى منه، وفى المقابل توجد أقلية تتمتع بكافة الامتيازات، بل تصيغ وتتحكم فى سياسات هذه الدولة، فهى بذلك قد خلقت لها خصما تعلم جيدا أنها لن تستطيع الصمود تجاه انتفاضاته بدون العمل على إرباكه، و إضعاف أية قدرات محتملة له سواء فى الحاضر أو فى المستقبل، وبالتالى فهى تستمر فى قمع وإهمال خصمها الاجتماعى بكل الوسائل الممكنة. تلك الوسائل ليست بالضرورة التى تشمل الاعتقالات السياسية و قمع المظاهرات و فقط، ولكنها تعمل بنهج فعال، على رعاية الجهل، و تزييف وعى الجماهير تجاه حلول القضايا المجتمعية الملحة، كالحق فى المساواة، و الصحة، و التعليم، و المسكن، و باقى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالأساس، هذا التزييف ليس بالضرورة موجها لخصمها الاجتماعى من الجماهير وفقط، ولكنه موجه الى جميع الطبقات الاجتماعية، خوفا من تعاطف وتأييد البعض لمثل هذه الحقوق، حتى وإن كانوا ممن يحصلون عليها بطبيعة الحال دون أى عناء.

إن أزمات الفقر، والبطالة، و البحث عن مسكن آدمى، وغيرها من أزمات تلك الدولة المنحازة لأقليه على حساب أغلبية، هى محاور الصراع اليومى للجماهير ضد سلطة الدولة السياسية، و لا تستطيع الدولة المواجهة، أو الاستمرار فى هذا الصراع، بدون تحييد الجانب الأكبر من الجماهير الممتعضة من بؤس الظروف الإجتماعية أو توجيهها الى عدو وهمى. الدين، و الأمية، و الجهل بالحقوق، والخوف من الأسوأ، و تقسيم حركة الجماهير المنتفضة، هم أسلحة يتفاوت استخدامها فى الصراع، وفقا لطبيعة كل مجتمع، ومعطيات هذا الصراع، ففى مجتمعاتنا العربية، يشكل الدين أهم عوامل إرباك الانتفاضة، بين أوساط كثيرة فى المجتمع، وعلى جانب آخر نرى استفزاز الدولة للمشاعر الوطنية لدى شريحة كبرى من الجماهير، عامل آخر يأتى بالسلب على تلك الانتفاضة، و من خلال هذه العملية ، يمكن للعاملين معا أن يدفعا باستقطاب آخر فى المجتمع، فيذهب كل طرف لينحاز ضد الآخر، مبتعدين عن طبيعة الصراع، و عدوهم الحقيقى، و المصلحة المشتركة التى تجمعهم.

تأتى ظاهرة الإرهاب الدينى، نتيجة طبيعية لمحاولات إرباك الإنتفاضة التى يقوم بها نظام الدولة القائم، فالجهل ، والفقر، والظلم الاجتماعى المستمر، والاحباط، يدفعون بالبعض الى الاحتماء بالدين، و ما يبشرهم به شيوخه، وتلعب التنظيمات والأحزاب الدينية تحت أنظار "الدولة" دورا أساسيا فى تحفيز وتنشيط هذا الاتجاه، وليس بالضرورة أن توجد هذه الظاهرة بمبادرة بعض الجماهير من تلقاء نفسها، ولكن من الممكن أن تساعد الدولة نفسها فى نموها، بل التحكم والتسويق لها أيضا، و بهذا يتم إنهاك المجتمع فى خوض حروبه ضد الرجعية و التمييز الدينى، وقضايا تؤجل و تضعف صراع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للجماهير، ولكنها باتت مفروضة عليها بطبيعة الحال بكونها أصبحت جزءا من الصراع، لذلك فالدولة ونظامها السياسى، ومؤسساتها المتهربة باستمرار من خوض الصراع على أساس طبقى اجتماعى، هى المستفيد الأكبر من تلك الظاهرة، فهى من صنعتها بطريقة أو بأخرى، وهى تحيا على وقود هذه الحرب، ففى خضامها يزداد احتياج الجماهير للأمان، والعنف المسلح الذى تحتكره الدولة بطبيعة الحال، ويتم التسويق لخطاب اعلامى يعمل على استفزاز مشاعر الوطنية لدى الجماهير، بل و حشدها أحيانا للتصدى الى خطر الارهاب الذى يهدد المجتمع، و حثها على الحفاظ على المجتمع و "الدولة" وتماسكهما، وبذلك يتم تحييد جانب كبير ممن شاركوا فى انتفاضات اجتماعية سابقة، أو ممن يحتمل أن يشارك فى انتفاضات مستقبلية، يتم تحييدهم نظرا للظروف الجديدة و الحرب المدبرة التى اوقعت بهم وأضعفت انتفاضتهم الاجتماعية ضد الدولة الى حين.

إن سياسات دولة فى ظل نظام اقتصادى ينحاز دائما الى أقلية تحتكر كافة الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية ، تخلق على النقيض منها طبقة مفقرة، و مجهلة، تشكل الأغلبية، سياسات تجعل من هذه الدولة كيانا راعيا لأية وسيلة تعمل على تشتيت و إرباك انتفاضة هذه الطبقة المفقرة ضد سياسات تلك الدولة ، و الطبقة التى تصيغ تلك السياسات. إن القضاء على الارهاب الدينى لا يستدعى خطابات مزيفة عن الوطنية، أو ربما اتهامات متبادلة بالتواطؤ، أو إرهاب مقابل "للجميع" من قبل الدولة وأجهزتها الأمنية ، بقدر ما يستدعى انحيازا اجتماعيا واضحا لأغلبية المجتمع من المفقرين والمجهلين، و سياسات واضحة و محددة، ينتج عنها توفير مسكن، و فرص عمل، و تعليم جيد، وضمان اجتماعى، و علاج ملائم للجميع، دون تفرقة، مساواة فى الفرص، و رعاية للظروف الاجتماعية والاقتصادية للجميع، وحدها العدالة والمساواة فى الحقوق، هى من تقضى على الفقر، و الجهل، وما ينتج عنهما من ظواهر، تعيق تطور المجتمع، وتلهيه عن تحدياته الأساسية والتاريخية.



#أحمد_أبوزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد أبوزيد - الإرهاب الدينى و الدولة الرأسمالية