أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عواد أحمد صالح - الجذور الاجتماعية والسياسية للطائفية















المزيد.....

الجذور الاجتماعية والسياسية للطائفية


عواد أحمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1213 - 2005 / 5 / 30 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد سقوط نظام صدام برزت ظروف جديدة في العراق صعبة ومعقدة منها بروز الطائفية على المسرح السياسي نظرا لوجود تنوع ديني، وطائفي وعرقي في العراق عريض.. ويجب التأكيد بأن الطائفية لم تصل إلى مرحلة التحول إلى (( ظاهرة )) لكنها تقترب من ذلك .. وتتخذ شكلا سياسيا واجتماعيا ، ان نمو النزعة الطائفية لم يكن بمعزل عن الظروف التي مر ويمر بها العراق.. ففي عهد الديكتاتورية كان الحكم السابق يمارس سياسة التمييز الطائفي والعرقي والقومي وحتى المناطقي .. فهو كان يرسم حدودا بين أفراد الشعب العراقي الواحد وكان يميز بين هذا وذاك حتى ضمن المنطقة الواحدة ..وكان يمارس الاضطهاد ضد جميع الطوائف في العراق الشيعة والسنة وغيرهم ..كما اضطهد الكرد وسائر القوميات الصغيرة الأخرى طبعا لصالح سياسة العشيرة الواحدة والمدينة الواحدة والحزب الواحد .
ان سياسة القوة والبطش التي كان يمارسها حكم صدام كانت تهدف إلى تأبيد بقاءه في الحكم فقد جعل مقياس الولاء ليس الوطن والشعب بل لعبادة وتأليه الفرد/ صدام ومن الحقائق المعروفة ان نظام صدام لم يكن نظاما طبقيا بالمعنى الدقيق للكلمة فهو سحق جميع الطبقات الأجتماعية اقتصاديا وفكريا لصالح تكريس نظام الطغمة والفرد وكان نظاما من طبيعة فاشية بونابرتية يرتكز على دولة الأجهزة الأمنية والمخابراتية مارس سياسات الأرهاب ضد المجتمع بكل مكوناته الأجتماعية والطائفية ومارس الجهل والتجهيل وكم الأفواه وحرم كل شرائح المجتمع من العمل السياسي والتفكير الحر مما دفع شرائح اجتماعية متنوعة للجوء نحو الخيارات الطائفية الدينية والى الخرافة والجهل والقدريات وقد ادى ذلك إلى غياب التفكير العقلاني والديمقراطي والوطني والتقدمي وعزز التمسك بالخيار الطائفي للشرائح الدنيا من المجتمع وبعض الفئات المثقفة وقد ساعد على ذلك المناخ الديني السائد في المنطقة العربية والعالم الإسلامي ..
ان بروز النزعة الطائفية هنا وهناك لم يكن سوى رد فعل ونتيجة لما كان يجري في العهد السابق ونتيجة للرواسب التاريخية والأجتماعية .
ان الطائفية المذهبية والدينية ظاهرة رجعية ومتخلفة ومضادة للتطور الأجتماعي والتاريخي لأنها تغرق ابناء الوطن الواحد في مستنقعات المصلحة الضيقة والخلاف والفرقة وفي كثير من الاحيان تفسر الوقائع الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية تفسيرا زائفا ومغرضا ومجافيا للمنطق العلمي وهي في المحصلة ضد المواطنة والوحدة الوطنية لانها تؤدي إلى التمسك بخيارات جزئية على حساب الخيارات الكلية أي بما هو ديني وعشائري على حساب ما هو وطني وسياسي وطبقي .
لقد نشأت الطائفية نتيجة للتخلف الاقتصادي والوعي الاجتماعي البدائي الساذج والموروث عن عهود التسلط والاكراه وفي المراحل التاريخية السابقة البطريركية والاقطاعية العشائرية الما قبل حضارية ، وان(( الأيديولوجيا )) الطائفية التي تلبس لبوسا دينيا لا تقدم حلولا جذرية وشاملة للمسألة الوطنية العراقية الحالية المتمثلة بمرحلة الانتقال واعادة السيادة والاستقلال للشعب العراقي من الاحتلال الامريكي البريطاني بل تصب اهتمامها في معالجة مشاكل الطائفة والمجموعة البشرية التي تمثلها وفي بعض الاحيان على حساب الطوائف والمجموعات الاخرى وهناك حقائق يجب التاكيد عليها في هذا السياق ومنها ان عقدة الشعور بالاضطهاد التي كان يعاني منها الشيعة قد زالت الان بزوال النظام الاستبدادي الذي كان يضطهد كل مكونات الشعب العراقي وقد استعاد الجميع حريتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الانسانية ويجب ان يكون ذلك منطلقا للايمان بالمساواة في الحقوق بين جميع ابناء العراق بمختلف اتجاهاتهم الطائفية والدينية والسياسية ويجب ان يتخلص العراقيون الشيعة والسنة من التفكير الضيق والنزعة الطائفية لصالح وحدة العراق وسيادته ومساواة جميع مواطنيه .
ان التجليات والنزعات الطائفية- من أي طرف جاءت- مدانة ومرفوضة لانها تقسم المجتمع إلى طوائف متعارضة ومتصارعة في الاهداف والمصالح وان تشكيل منظمات دينية او سياسية ذات طابع طائفي لن يحقق حرية ووحدة الشعب العراقي ..بل العكس سيسهم في في تجزأة المجتمع وفق عقائد وافكار متعصبة ومغلقة يدعي كل طرف فيها انة يمتلك الحقيقة والتاريخ ويقوم بتخطئة الأخرين ومصادرة وجودهم وحريتهم ... وفي هذا الصدد فان مختلف الهيئات والتنظيمات التي تدعي تمثيل السنة مثل (هيئة علماء المسلمين أو مجلس شورى السنة وغيرها) من المنظمات سواء المعتدلة او المتطرفة لا تشكل خيارا سياسيا وطنيا صحيحا للطائفة السنية لأنها تكرس التقسيم الطائفي من جهة وتحرض الطرف الأخر على التمسك بالخيار الطائفي من جهة اخرى .. لذا فأن احزاب الأسلام السياسي لكلا الطائفتين الشيعة والسنة هي في الحقيقة احزاب خيارات جزئية وهي بعيدة عن الخيار الوطني والإنساني الشامل .. ان الخيار الحقيقي للسنة يجب ان بكون خيارا سياسيا وطنيا وديمقراطيا وطبقيا ..يتجسد من خلال إسهام أبناء السنة الفاعل والواعي في الحركات والاحزاب السياسية الوطنية والديمقراطية غير الطائفية ومن اجل بناء عراق حضاري متمدن ديمقراطي ومتوازن وتعددي مبني على سلطة الشعب وسيادة القانون ودولة المؤسسات الدستورية والحقوق المتساوية للجميع دون تمييز .
واذا كان التمثيل في مجلس الحكم السابق وفي الحكومة المؤقتة وفي المؤسسات الحكومية قد وصف بانه تمثيل طائفي فهو في الواقع كان تمثيلا سياسيا بقدر اكبر مما هو تمثيل طائفي ..لآن التقسيمات الطائفية تمثل الوجه الآخر لعدد كبير من القوى السياسية للشعب العراقي ومع ذلك فانه لاينبغي ان تكون التقسيمات الطائفية ذريعة للتعصب والانغلاق من قبل هذا الطرف او ذاك ، او اعتبارها حقائق ثابتة ونهائية .
إن العملية السياسية الجارية في العراق من اجل استعادة الاستقلال والسيادة الكاملة وكتابة دستور عصري وحضاري .. يجب أن يطغى فيها الخيار الوطني والديمقراطي وخيار جعل المواطنة سابقة على الانتماء الطائفي والديني والعرقي وهو الخيار الأمثل الذي ينبغي ان تتبناه جميع الأحزاب والقوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية بعيدا عن أجواء المزايدات الدينية والطائفية .
ان النزعة الطائفية والظاهرة الطائفية هي نتاج لعصور التخلف الاقتصادي والاجتماعي والانحطاط السياسي وقد كرستها حقب الاستعمار والاستبداد والاضطهاد القومي والطبقي .. وهذه الظاهرة لن تزول كليا او تفقد تأثيراتها السلبية الا بزوال (( الأساس المادي )) لوجودها ولن يتم ذلك الا من خلال انجاز تطور اقتصادي واجتماعي وثقافي وتوعية سياسية فعالة وبناء مجتمع ديمقراطي متوازن ومتساوي .. وذلك سيؤدي لاحقا وبالتدريج إلى إزالة تأثير وتجليات هذه النزعة وآثارها الضارة والرجعية .



#عواد_أحمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل السياسي والطبقي لنظام صدام


المزيد.....




- تناول 700 حبة بأقل من 30 دقيقة.. براعة رجل في تناول كرات الج ...
- -كأنك تسبح بالسماء-.. عُماني يمشي على جسر معلق بين قمتين جبل ...
- روسيا غير مدعوة لمؤتمر -السلام- وسويسرا تؤكد ضرورة وجودها -ل ...
- شاهد: موسكو تستهدف ميناء أوديسا بصاروخ باليستي وحريق هائل يص ...
- روسيا تنفي اتهام أمريكا لها باستخدام أسلحة كيماوية في أوكران ...
- بولندا تقترح إنشاء -لواء ثقيل- لأوروبا دون مشاركة الولايات ا ...
- عقيد أمريكي سابق يكشف ماذا سيحدث للولايات المتحدة في حالة ال ...
- سيئول تنوي مضاعفة عدد الطائرات المسيرة بحلول عام 2026
- جورج بوش الابن يتفرغ للرسم.. وجوه من خط في لوحاته؟
- من بيروت.. رئيسة المفوضية الأوروبية تعلن عن دعم بمليار يورو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عواد أحمد صالح - الجذور الاجتماعية والسياسية للطائفية