حسين البعيجي
الحوار المتمدن-العدد: 4245 - 2013 / 10 / 14 - 15:12
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
القضاء والقدرأو القدر والقضاء كما جاء في الروايات او كما عبر عنه بعض الباحثين الاسلامين .
ما هو القضاء والقدر ؟
لقد كتبت بحوث كثيرة حول القضاء والقدر واخذ علماء الإسلام جانبا مهما منه لأنه لم يقتصر فقط على البحوث الإسلامية بل حتى الديانة المسيحية قد ابتليت به واشتدت العراكات في فهمه
والمشكلة التي أريد أن أتطرق لها هي إن هذه البحوث تواجه معضلتين :
الأولى : أن هذه البحوث دائما ما تكتب بلغة أهل الاختصاص فيكون من الصعب فهمها وتفسيرها من قبل العامة
ثانيا أن الإيمان بالقضاء والقدر إيمانا مترسخا على فهم قديم وهذا الإيمان من الصعب مواجهته او تفهيمه للعامة حاله كحال الإيمان بالحسد (الإصابة بالعين ) الذي حتى لو ث بت علميا انه غير مؤثر ألا أن النفس والإيمان تجبران الشخص على الاعتراف بوجوده .
نحن في هذه المقالة نريد ان نتطرق الى المفهوم الصحيح للقضاء والقدر الذي ثبت في القران والسنة والفلسفة والذي يعتبر من أهم المواضيع التي لابد من الإيمان بها أيمانا صحيحا كما عبر عنه النبي محمد ص عندما قال لا يؤمن أحدكم حتى يؤمن بالقدر ...
وهذا الإيمان لابد أن يكون على قدر من الوضوح والصحة
عندما نأتي إلى الفهم الذي فهمه الناس من القضاء والقدر تجد انه يتعارض مع حرية الإنسان في اختيار أفعاله او تنظيم حياته فإذا خسر في تجارة يقال له هذا قضاء الله وإذا رسب في الامتحان يقال هذا قدر الله وإذا وقع حادث سير ومات السائق يقال قد جاء اجله وهذا من القضاء والقدر وإذا كان الشخص فقيرا يقال هذا مكتوب عليه هذا قضاء الله وقدره وغيرها من الأمثلة التي نعيشها يوميا والذي وصل ببعض الناس انه إذا افسد في الأرض يقال انه مكتوب عليه أن يكون فاسدا او قضى الله أن يكون هذه الشخص مذنبا لكن بصورة أخرى لكنها تعطي نفس المعنى
نحن نؤمن بان الله عادل ومن عدله لا يحاسب الإنسان على العمل المجبر عليه فلا يحاسبه إذا وقعت عليه مصيبة أذهبت بحياته دون اختياره بل يحاسبه إذا دفع بنفسه الى التهلكة (فالاختيار أساس الحساب )مثلا لا يجوز للقاضي ان يحاسب الشخص لماذا تتنفس لان التنفس خارج عن اختيار ارلانسان
اما اذا ذهب شخص باختياره وقتل شخص آخر فهنا يكون القصاص مطابق للعدل
اذا اتضح هذا المثال نقول كيف يجعل الله الإنسان مجبورا على فعل الأشياء ثم يأمره بالانتهاء عن بعضها فإذا قلنا ان شخصا قتل شخص آخر هل هذا الشخص القاتل مجبر على فعله ؟فإذا قلنا أن الله هو الذي اجبره على القتل فلا يمكن بعدئذ محاسبة القاتل لأنه مجبور على القتل وهذا معنى الإيمان الي يؤمن به كثير من الناس حول فهم القضاء والقدر
أما ما هو المفهوم الصحيح للقضاء والقدر لقد جاءت هاتان الفضتان في القران بمعان كثيرة ولا أريد أن أتطرق لها في هذه العجالة لأنها أشبعت في كتب التفسير
ولكن أريد أن أتطرق الى المعنى اللغوي لهاتين اللفظتين .جاء في المفردات للراغب الأصفهاني (القدر والتقدير تبين كمية الشيء ...)أما القضاء كما جاء في لسان الغرب ((القضاء :الحكم ...واصله القطع والفصل ...وقضاء الشيء أحكامه وإمضاءه والفراغ منه فيكون بمعنى الخلق )
ومن هنا جاءت الروايات والأحاديث التي تتطرق الى هذين الاصطلاحين أعطت نفس المعنى الغوي وهذا المعنى يجعل من السامع أن يفهم المعنى الدارج او المعنى العامي لدى الناس .
فعندما يموت الإنسان بسسب حادث ما يقال انه قدر الله تعالى لأنه قدر له ان يموت بهذا اليوم وقضاءه لأنه حكم عليه بالموت عن طريق هذا الحادث
لكن الواقع ليس كذلك .وكما شهد به أئمة أهل البيت جاء في رواية في كتاب المحاسن عن الإمام الكاظم ع انه قال ليونس مولى علي بن يقطين يا يونس لا تتكلم بالقدر قال إني لا أتكلم بالقدر ولكن أقول لا يكون ألا ما أراد الله وشاء وقضى وقدر فقال ليس هكذا أقول لكن أقول لا يكون ألا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى ثم قال أتدري ما المشية فقال لا فقال همه بالشئ او تدري ما راد قال لا قال إتمامه غلى المشية فقال او تدري ما قدر قال هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء ثم قال أن الله إذا شاء شيئا أراده وإذا أراد قدره وإذا قدره قضاه وإذا قضاه أمضاه ومن هنا نفهم ان الاشياء مترابطة ترابطا سببيا وكأنه سبحانه أبى أن تسير الأشياء الا باسباب فالقدر هو التقدير العام الذي يحكم العالم فلا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وهذا القانون قضاه وأمضاه على ارض الواقع فمن يلامس النار يحترق ومن يصاب بالفايروس يمرض ومن يحافظ على صحته يطول عمره ومن يسعى الى الرزق يكن مرزوقا ومن يتكاسل يكن فقيرا وهكذا فالأمور كلها بيد الإنسان هو الذي يوجدها لكن بحول الله وقوته فلو لا حول الله وقوته وهذا القانون الذي قدره وقضاه وهو قانون الأسباب لم يستطع الانسن فعل شيء أبدا
ومن هنا نرفع الظلامة عن رب العالمين وتبرير شرورنا .فما من عمل عملناه إلا وهو تحت حيز حريتنا التي وهبها الله لنا
فحاشاه تعالى ان يجبر الإنسان على فعل الشر ا وان يعاقبه على فعل مجبور عليه او يضلمه لانه اماته قبل ان يزيد من حسناته او يميته عن طريق الحرق او الغرق او الدهس وغيرها من الأحوال التي ننسبها الى قانون القضاء والقدر خطاءا
فنحن الذي نصنع الحياة ونصنع السعادة عندما نطبق القوانين الإلهية بصورة صحيحة ويكون الكون كله مسخر لنا
#حسين_البعيجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟