أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان أ. فريح - نكسة الشطرنج














المزيد.....

نكسة الشطرنج


مروان أ. فريح

الحوار المتمدن-العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 18:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان صوت الشاب غليظا كحذائه جافيا كثيابه، قد ملأت المسامير وجهه أو فيما يبدو من جسمه.. لم يدرك أن استبداد الموروث أكثر ألوان الاستبداد استبداداً.
يبحث عن الهالة الجليلة، كما لو كان البؤس في ذاته كرامة من الكرامات.. كاستبداد الأعراف في المجتمع الأمي.. ركوده منطق اختزال وتجسيد لمقدس قديم.
يتكئ على الوصايا التي تسوّغ أيديولوجيا الفرق، كتلميذ تعلم ما يلزم من السلوك، كـأن ينقاد في أموره ولا يخرج عن رأي جماعته وتدبيرهم، فيتحرى رضاهم فيما يعتمده، ويبالغ في حرمته، ويعلم أنّ ذله لهم عز، وخضوعه فخر وتواضعه رفعة.. إلى حد يشبه التقديس كمثل خطأ منهم أنفع من صوابه في نفسه.

يقول ماركس مستعيراً هيجل: "إننا ولدنا قابلين لأن نكون كاملين، لكننا لن نكون كاملين أبداً.."
فوق الانهيار الفكري انهيار معنوي يتمثل في شك الشباب بأنفسهم وفي قابليتهم كأمة، في اتهاماتهم لكل قائد وزعيم.. هذا الانتكاس المعنوي الروحي وتسرب اليأس إلى صدورهم لأهم من الخسارة المادية مهما عظمت.. لأن الشباب إذا تفتت عزمه وخسر ثقته بنفسه، فقد أضاع خير ما يملك وعجز عن أن ينهض بعد كبوة، أو أن ينفض عن نفسه غبار الخذلان.
يستطيع الواحد منهم أن يتكلم ساعتين ولا يفهم أحد عنه شيئاً ولا يفهم هو عن نفسه شيئاً.. كنصف الجمهور الذي لا يعرف القراءة.
لن تحقق ثورة إلا إذا شاعت ثقافة الحرية ثم تمكنت من النفوس بحيث يتكوّن على أرضها: الإنسان .. الفرد .. الحر ..

يقول غرامشي: " ليست الاتجاهات متعددة فحسب، بل يمكن أن نلاحظ حركات تراجع في الاتجاهات الأكثر تقدماً.."
تراجع فادح، لتطورات هشّة في ميلادها، وأكثر هشاشة في تطورها.. ولهذا عاد المثقف الشاب الحديث مثقفاً دنيوياً بامتياز.. وبهذا يهرب المثقف الحقيقي من الأشخاص إلى الأفكار التي ترفض الشخصنة، كصنم كلما بزغ غابت الفكرة.
يطالب بإصلاح السياسة والمجتمع كمستبد يستحقر كلما وقعت عينه على من هو أرقى منه علماً، يدور دائماً في حلقة مفرغة لا يستطيع الخروج منها.
واجب المفكر أن يعد للغد عدته، أن يتعلم النظر البعيد والترتيب المحكم. مجابهة الواقع كما هو خير من التشاؤم المطبق واليأس الشالّ الذي تثيره الهزيمة الآنية. فهذه هي الطريقة التي رسمها التاريخ للظفر في الحروب، وتكوين الأمم.
توزّعُ الآراء وتفرق النزعات في الأفراد والجماعات هو شر ما تُحدثه هذه المحن، يأخذون حيناً بهذا الرأي، وحيناً بذاك، ويتبعون أي دليل يدعي القيادة، إلى طريق الخلاص. بلبلة واتهامات مختلفة تكال حيناً لهذا وحيناً لذاك. نكسة حلت بجمهور الشباب، بل بقادة رأيه ومثقفيه، أقل ما يقال فيها إنها نذير شر أعظم إذا لم تُبدد ويحل محلها تفكير صاف وعزم موحد.
أولوية المعطى السياسي والاجتماعي على الاجتهاد الفكري وأولوية المعرفة المتغيرة على النص الموروث، صراع بين المثقف وبين التقليدي دون التعامل مع الإنسان اليومي في حاجاته العملية.
الروح تحتاج إلى أن ترى ما خارجها ذلك أن المشخص هو الذي يسوّغ طرح الأسئلة، ويعين، لاحقاً، في تصويب إجاباتها.
شباب صبغوا لحاهم بالحناء، يفرطون في الأناقة والابتسامات ورائحة العطر. كالعصافير حين تعبث بالهواء الرطب.
تساؤل وتألم ينقلب شراً وسوءًا، حيرة وضياع، يأس قتّال وسلبية هدامة، لسان مكسور يجلس في الطين الفارغ دون الفكر النير الواعي، الذي يفرق بين الأسباب والنتائج، ليلقي ضوءاً على الوضع المتخبط، فيظهره على حقيقته.
الحرب بالمنظار هيّنة: مفكر غير مسؤول، لا يزنها بالميزان الصحيح العادل، لا تتصل جذوره بالواقع. يتخبط في شتى الآراء والاتجاهات، يتطلع حيناً إلى هنا، وحينا إلى هناك، ويدور فكره في الأكثر على نفسه، فلا يؤدي إلى نتيجة إيجابية أو أثر محسوس.
وتبرز هذه البلبلة، بصفة خاصة، في صفوف الشباب الواعي، المتحفز للعمل، المساهم في حمل أعباء أمته.
يقول آمشل ماير باورر: " دعنا نتولَّ النقد في أمة من الأمم والإشراف عليه، ولا يهمنا بعد ذلك من الذي يسنّ القوانين لهذه الأمة.."
يد تتولى بث الشلل في الجسم، ويد بالخنجر تهوي بالضربة القاتلة. ويتولى الفساد تسهيل العملية وتمهيد الطريق لها. طاقات دعائية وتشهيرية، تتولد من تلقاء ذاتها.
حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية، فاملأ رئتيك من الهواء الطلق، واملأ عقلك من العلم الطلق، وبعدها دع الإصلاح يقرّ في نفسك أولاً ، ومن ثم تفكّر.
المخلص والجمهور، فلسفة لا تحتاج إلى قوى شبابية واعية لدورها، وإنما تحتاج إلى أتباع ومريدين، كهيئة بيروقراطية مغلقة.
وعي سياسي لا وعي أيديولوجي، يعرف ما يريد ولا يعرف سبل الوصول إليه. دياليكتيك المحروم والمخلص. تناقض يرى الهدف البعيد ولا يتأمل وضع الإنسان الذي يسير إلى الهدف. ينظر إلى الحرية دون أن يطمئن إلى إمكانية المجتمع في الحاضر، ومدى ارتقائه وحدود وعيه ومستوى "إمكانياته".

في لحظة صفاء تفكّرت فكتبت: قادة الفكر، هم أصل السياسة والشعب. وستبقى لعبة الشطرنج العالمية أبسط وسيلة لفهم ما يجري في عالمنا الحاضر. ولو درسنا أحداث التاريخ لوجدناه نقلات في لعبة الشطرنج. استعملوا الملوك والملكات والفرسان والرهبان، تماما كما أحجار الشطرنج. وجماهير الناس بيادق اللعبة. وتستمر ولادة أحجار جديدة فيها الشباب نكسة لعبة الشطرنج العالمية.
وفي النهاية يقول سبينوزا: "ومن الأكيد، في الواقع، أن العصيان أو الحروب أو الأحقاد أو انتهاك الشرعية، يجب أن تنسب إلى النظام السيّئ للدولة، أكثر مما تنسب إلى رداءة الاتباع، فالناس في الواقع، لا يولدون أهلاً للحياة في المجتمع، بل يصبحون كذلك.."

فأتذكر أول درس في الفلسفة: إن اختلاف المضامين لا يعني اختلاف البنى التي تحملها.. علماً أن المتأمرك متطرف في تأمركه.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -انتصارٌ للديمقراطية-.. شاهد ترامب من شرفة البيت الأبيض يُشي ...
- بين مطالب حماس وإسرائيل وأبرز العقبات.. إليكم ما نعرفه عن مق ...
- متعاقد أمني سابق في مؤسسة غزة الإنسانية: زملائي فتحوا النار ...
- عاشوراء: لماذا يحيي الشيعة ذكرى مقتل الحسين وكيف تُقام طقوسه ...
- في خان يونس.. -منظمة غزة الإنسانية- تؤكد إصابة موظفَين أميرك ...
- -ندعم وحدة أراضيها-.. أردوغان: لن نقبل بأي خطة لتشريع التنظي ...
- بيانات تكشف ما -أخفته- تل أبيب: خمس قواعد إسرائيلية تحت القص ...
- إسرائيل تتّبع سياسة تدمير جباليا بالكامل
- رئيس الغابون يطلق حزبا سياسيا جديدا تحضيرا للانتخابات البرلم ...
- شاهد.. نيفيز وكانسيلو ثنائي الهلال يبكيان جوتا ويشاركان في ت ...


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان أ. فريح - نكسة الشطرنج