|
إشكالية التنمية ومصداقية المنظمات الغير الحكومية
يسير بلهيبة
الحوار المتمدن-العدد: 1210 - 2005 / 5 / 27 - 12:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تقديم : انتقلت دول الجنوب مباشرة بعد حيازتها على الاستقلال الشكلي إلى المطالبة باستقلالها الاقتصادي قصد تأهيلها للانخراط في السوق العالمية ، فانطلقت من خلال حركة عدم الانحياز والمجموعة 77 إلى رص صفوفها وإعداد عدتها قصد التفاوض في شروط مختلة لصالح دول الشمال، مما أفضى إلى نتائج تكرس منطق التبعية والرزوخ تحت نير توصيات المؤسسات المالية . I – المؤسسات المالية وإشكالية التنمية في البلدان العالم الثالثية : 1) – علاقة دول الشمال بالجنوب : تعتبر دول الجنوب في رؤيتها لاستراتيجية البناء التنموي لاقتصادياتها .أن عناصر التأهيل تنطلق من المساعدات الخارجية مستغلة كل أشكالها الديبلوماسية في مخاطبة مراكز الرأسمال (مراهنة على المساعدات على شاكلة إعادة بناء أوروبا من خلال مشروع مارشال الذي دعمته و.م.أ) في حين ترى دول الشمال أن مسؤوليات التنمية تقع على عاتق الحكومات المتتابعة، معتبرة أن جوهر التخلف يكمن في السياسات الداخلية مما ينتج عنه تبعية دائمة (أي أن التبعية نتيجة وليست سبب) كتهريب الأموال من طرف الأثرياء في الدول النامية مما يؤثرعلىانتعاشة الاقتصاد الوطني ويحول الأموال المهربة إلى أموال عائدة من خلال البنوك في شكل قروض تكبل تطور البلدان المستدينة ، إضافة إلى كون هذه البلدان حلفاء تقليديون لا ينبغي فتح المجال لقواها الوطنية أن تتقدم على حساب الاقتصاد العالمي الممركز حيث هنا تكمن المعادلة الصعبة للرأسمالية العالمية : " الحفاظ على التوازنات السياسية في بلدان العالم الثالث، بشكل يبقي عملائها قيد التأثير في القرار دون إسقاطها في أزمات اقتصادية تؤدي إلى ثورات اجتماعية تهدد مصالحها في مناطق نفوذها " ويلحظ من خلال تجارب التفاوض بين الجنوب والشمال أن هناك ثلاثة مراحل قطعتها : المرحلة الأولى : في خضم الحرب الباردة سعى القطبين المتحاربين إلى كسب حلفاء جدد قصد ترميم اقتصادياته ودعم سياساته.مما جعل موازين القوى السياسية تتأرجح بين تهديد الدول العالمثالثية وإغرائها ،فتأسس 1) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED سنة 1964 وهو جهاز ينعقد كل أربعة سنوات يهتم بقضايا السوق وتجارة السلع وتطوير مجال الخدمات وتمويل عناصر التنمية 2) – ثم تأسست المجموعة 77 التي أصبحت منذ 1964 تمثل بشكل رسمي بلدان العالم الثالثعهد اليها الدفاع عن مصالحها من خلال الامم المتحدة(3ثم دول عدم الانحياز التي ركزت في انشطتها المتعددة على الجانب السياسي ثم فيما بعد الجانب الاقتصادي وخصوصا بعد فشل المخطط التنموي الأول 1973 بشكل دفعها إلى تطوير أشكال تنسيقاتهامع المجموعة 77 وإفراز هياكل مشتركة تؤسس للتفاوض مع بلدان الشمال. إن هذه مرحلة الستينات وبدايةالسبعينات لم تعط إلا أمرين 1) اتفاقيات خاصة بين بلدان الجنوب والشمال تخص تطبيق النظام المعمم للمزايا ( أفضلية المنتوجات لدول العالم الثالث وفقا لقواعد الحاجة فيما يخص التعريفات الجمركية 2) إقامة برنامج خاص لمساعدة الدول الأكثر فقرا . المرحلة الثانية (1976-1973) عرفت نزوح دول الشمال إلى التعامل الإيجابي مع دول العالم الثالث وإخضاعها لمراجعة شروط الاقتراض الخاصة مع صندوق النقد الدولي وتحصين أسعار المواد وحمايتها من التدبدب ثم العمل على تسهيل عملية تنقل السلع والمنتجات بين الطرفين بما في ذلك التعريفات الجمركية والحصص الكمية إضافة إلى تشجيع حرية الامتلاك لوسائل التكنولوجيا ثم طرح مسألة المساعدات الانمائية حيز التطبيق وهي نسبة حددتها الأمم المتحدة في %7 من الناتج القومي للدول المتقدمةتخصص للدول الأكثر فقرا، ساهم في هذه المرحلة عوامل أساسية أولهما الانتعاشة التي صاحبت المشروع الاشتراكي وحملة توسعه في بلدان شرق أوروبا وبلدان العالم الثالث ، ثم أزمة النفط التي مثلث عاملا محركا دفع عجلة التفاوض بين الشمال والجنوب إلى مائدة مكتسبات جديدة قصد تحديد السياسات الاستراتيجية " الأوبك" OPEC ثم عامل أخر يتمثل في فترة الكساد التي شهدها الرأسمال الأوروبي وتأثيره على البلدان الثالثة 1975-1974 أفضى إلى خلق صندوق مشتركة يهدف إلى تثبيت أسعار السلع الأساسية. المرحلة الثالثة : منذ 1977 إلى يومنا هذا ففي البداية 1985-1977 ستجهد الدول الصناعية إلى خلق نظام عالمي جديد يتوحد ضد المشروع الاشتراكي اعتمادا على عدة إجراءات وقائية من خلال : الوكالة الدولية للطاقة تكسر سلاح النفط وتتحكم في الأسعار (باستثناء فترتي 1981-1979 حيث شهد ارتفاعا كبيرا لأسعار النفط) وسن سياسات التقويم الهيكلي لاستخلاص الديون فيما بعد ستنهج الدول الصناعية بزعامة و.م.أ -وخصوصا بعد تفكيك المعسكر الشرقي نهاية الحرب الباردة- سياسة فرض الإجماع على سياساتها من خلال ارعام البلدان الثالثية على فتح أسواقها في وجه الشركات المتعددة الجنسية وإفراز أدوات جديدة للتنمية الشكلية وإعادة تقسيم الخريطة العالمية وفقا لمصالحها ومتطلبات المنافسة العالمية بينها ، والتحكم في الاقتصاديات الوطنية الملغومة بـ 1,3 تريليون دولار من الديون بشكل ألغى مفهوم السيادة الوطنية والأبعاد القومية ، وإخضاعها لمنطق السوق وحاجياته والتحكم في سياسات الحكومات من خلال المؤسسات المالية (البنك العالمي – البنك الدولي للإنشاء والتعمير – صندوق النقد الدولي – مؤسسات الاتفاقيات العامة للتعريفات الجمركية – مجموعة البلدان السبع – منظمة التجارة العالمية – الكات ..) . 2 – إنشاء ص.ن.د وتكريس واقع التبعية . بعد استقلال الدول الثالثية سياسيا وجدت نفسها أمام خيار إعادة ترميم وتنمية مواردها الاقتصادية مما دفعها إلى طلب التمويل الخارجي في حين كانت الدول الاستعمارية التي كبدتها حروب التحرر الوطني خسائر عسكرية تسعىإلى إعادة إحكام القبضة على البلدان المستعمرة سابقا من خلال فرض التبعية على اقتصادياتها. وفي ما بين فاتح و 22 يوليوز 1944 تقرر إنشاء صندوق النقد الدولي إلى جانب البنك العالمي في مؤتمر انعقد ببلدة بريتون وودز تقع في ولاية نيوهمشر الأمريكية بهدف دعم المبادرات التجارية عن طريق منح القروض القصيرة المدى بشروط تحفيزية مناسبة والعمل على استقرار معدلات الصرف مع تغييب ملحوظ لبلدان العالم الثالث في عملية التأسيس وامتناع علني لدول المعسكر الشرقي عن المصادقة عليه .. وقد لوحظ النشاط الحيوي لصندوق ن.د في سن سياسات البلدان الثالثة مجبرا إياها على تبني سياسات تقويم هيكلي صعبة التخفيف بدت معالمه إثر اتفاق جمع بين صندوق النقد الدولي والدول العشرة سنة 1962 أعلنت فيه استعدادها لدعمه وتمويله بشكل جعله يرزح لتوجيهاتها ، اتضح هذا من خلال : تشجيع الصندوق لصادراتها سنة 1963 وفي 1974 تدخله بالنسبة للفاتورة البترولية بالنسبة للدول النامية المستوردة للبترول ، إلا أنه في سنة 1982 بدأ يعرف الصندوق نوعا من المراجعة لسياساته حيث امتنعت المكسيك عن تسديد ديونها الخارجية مما دفع البنوك الكبرى إلى الامتناع عن تقديم ديون إضافية دون موافقة ص.ن.د هذا الأخير عمل على تطوير استخلاصه للديون بطرق أفضت إلى تقهقر الأوضاع الاجتماعية لشعوب العالم الثالث من خلال توصيات اهمها عشرة نقط أساسية تتمثل في : 1 – الالتزام بتخفيض النفقات العمومية وتشجيع الدولة من الانسحاب المباشر منها 2 – الالتزام بتخفيض عدد الموظفين العموميين وتجميد خلق المناصب القارة للشغل. 3 – الالتزام بتجديد المبادلات وفتح الأسواق الداخلية في وجه الاستثمارات الأجنبية 4 – الالتزام بتشجيع الصادرات. 5 – الالتزام بتخفيض العملة. 6 – الالتزام بإزالة دعم المواد الأساسية والإبقاء على تجميد الأجور. 7 – الالتزام بتطبيق إصلاح ضرائبي يحقق المردودية للخزينة . 8 – الالتزام بإصلاح النظام البنكي. 9 – الالتزام بإصلاح نظام التأمينات. 10 – دمقرطة المؤسسات السياسية والقضاء على البيروقراطية الإدارية وإشراك الفاعلين الاجتماعيين (نقابات ، منظمات غير حكومية …) . إن كل هذه الشروط لم تساهم في خلق تنمية مستدامة حقيقية بقدر ما ساهمت في تفقير الشعوب وإحالة %80 من شعوب العالم إلى هاوية الفقر المدقع وتعميق الفوارق الطبقية وتجييش البطالة وتسريع دائرة العنف والإجرام واستفحال الغلاء المعاشي وإحالة الاستفادة من الخدمات الأساسية (الماء ، الكهرباء) لفائدة ذوي الدخل المتوسط بفعل خوصصيتها كما أنهكت القوى الاقتصادية الوطنية أمام هيمنة وقوة منافسة الشركات العابرة للقارات. 3 – إشكالية التنمية في البلدان التبعية : بغض النظر عن الطبيعية الطبقية للأنظمة الاستبدادية في دول العالم الثالث وحجم الفساد المستشري في بنيتها ، فالملحوظ أن إشكالية التنمية والتحديث لا يمكن حلها إلا بإيقاف نزيف القروض التي تنهك اقتصاديات البلدان السائرة في طريق النمو ، فمع النصف الأخير من عقد التسعينات تجاوزت ديون العالم الثالث سنة 1990 مبلغ 1400 مليار دولار بعدما كانت 140 مليار سنة 1975 وفي 1955 فقط 10 ملايير إلى أن وصلت 1992 مبلغ 1662 مليار دولار ، وفي سنة 1993 حوالي 1812 مليار دولار أي بنسبة % 11 عن السنة التي سبقته ، وفي 1994 بنسبة % 7 ثم وصلت إلى 1945 مليار دولار (1)…في حين وصلت مستحقات الديون لوحدها 226,5 مليار دولار أي بارتفاع نسبة % 7,2 من إجمالي صادرات الدول المدنية بما فيها الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية . جدول مديونية بعض دول العالم الثالث في نهاية عام 1991 الدولة مليار دولار في 1991 الدولة مليار دولار في 1991 البرازيل 117,4 نيجيريا 32,1 المكسيك 91,1 الفيليبين 31,6 الهند 72,0 فنزويلا 31,4 أندونسيا 68,9 التايلند 27,5 الأرجنتين 53,8 الجزائر 27,9 الصين 44,3 ماليزيا 21,3 مصر 40,0 المغرب 21,3 كوريا الجنوبية 33,5 البيرو 19,4 أدت الصعوبات الاقتصادية بفعل الديون المتراكمة إلى بداية امتناع الدول المدينة عن تسديد ديونها بفعل الأزمات الخانقة التي نتجت عنها ، ففي 1982 امتنعت المكسيك عن تسديد ديونها باعتبارها ثاني دولة مستدينة عالميا بعد البرازيل التي ستمتنع هي الأخرى عن الأداء فيما بعد ، ففي مارس 1981 امتنعت بولندا عن تسديد 2,5 مليار ونصف من أعباء خدمة الدين وكان دينها آنذاك يصل إلى 27 مليار ما فرض على ص.ن.د إعادة جدولة ديونه من خلال سياسة التقويم الهيكلي ، الشيء الذي أدى الى تفاقم الديون عدة مرات ، ونحت أسعار المواد الأولية منحى هبوطيا وصلت أحيانا بنسبة 35 %مما أثر على حصيلة صادرات الدولة المستدينة ، كما تحولت أعباء خدمة الديون الخارجية إلى آلاف الملايين من الدولارات منهكة كاهل الدولة ، مع العلم أننا حينما نتحدث عن خدمة الديون فإننا نتحدث أيضا عن المصاريف المصاحبة للدين (نفقات ، تدبير الفرص ، نفقات إعداد المائدة spread والتي تتعلق بمصاريف اللقاءات بين الدول المدينة والأبناك الكبرى الدائنة ، بالإضافة إلى الفائدة التي قد تصل إلى %2 . السنة 1965 1970 1975 1980 1985 1988 إجمالي خدمة الدين في العالم الثالث 3 ملايير 6 ملايير 50 مليارا 90 مليارا 120 مليار 135 مليار إن هذا العجز التام الذي أحدثه نظام الديون أفضى إلى مقترحات دولية تهدف إلى تحويل القروض إلى استثمارات كما اقترح نادي باريس خفض معدلات الفائدة التي تقرر إعادة جدولتها في البلدان العربية ، حيث عرفت 15 بلد عربي (1992-1991) تفاوت ديونها وفق الجدول التالي : الدولة إجمالي الديون بـ (مليون دولار) نسبة خدمة الديون للصادرات % 1991 1992 1991 1992 الجزائر 27919 26349 69,5 71,9 جزر القمر 175 173 6,6 3,1 جيبوتي 197 190 4,3 4,4 مصر 40008 4,431 16,1 15,4 الأردن 8649 7977 21,1 20,1 لبنان 1560 1812 7,0 7,1 موريطانيا 2232 2303 19,4 *** المغرب 21304 21418 25,9 *** عمان 2899 2854 *** *** الصومال 2449 2447 *** *** السودان 15834 16085 4,8 5,4 سوريا 16867 16513 *** *** تونس 8330 8476 22,8 20,4 اليمن 6329 6516 9,1 *** المجموع 154752 153544 جدول الديون يبين مديونية بعض الدول العربية الخارجية 1992-1991 (مليون دولار) وفي سنة 1994 وصل دين البلدان العربية العام إلى 155 مليار دولار قصيرة المدى ، فـ (مصر ، الجزائر ، المغرب ، السودان ، سوريا) بلغت ديونها عام 1993 نحو 133 مليار دولار أما (السودان ، موريطانيا ، الصومال ، اليمن ) فقد بلغت في 1994 إلى 209 مليار دولار مما جعلها تصنف ضمن 35 دولة آسيوية وإفريقيا الأكثر فقرا. الجزائر مثلا : باعتبارها ثاني دولة عربية مستدينة تخصص كمستحقات لخدمة الدين الخارجي 26 مليار دولار،أي أكثر من %75 من قيمة صادراتها بالمقارنة مع جيرانها: المغرب التي تخصص % 30,0 ، وموريطانيا % 27,5 ، وتونس % 20,2 ومصر 15,2 % . عموما يمكن تصنيف إشكالات التنمية الى عاملين : الهيمنة الخارجية للدين الذي يقتص من الميزانيات العامة للحكومات الثالثية الشيء الكثير، وإلى عامل التفسخ الداخلي للأنظمة الحاكمة وسوء تدبير الأزمة ، ويستثنى من أزمة الدين الخارجي .البلدان الخليجية المصدرة للبترول، نظرا لاعتمادها في تسديد ديونها ،على عنصر الطاقة التي تدر عليها أرباحا خيالية. فالأدوات المادية لإمكانية خلق مناورات سياسية واقتصادية قصد تطهير بعض المؤسسات من الفساد الداخلي لا تزال مرهونة بعقلية نفوذ السلطة وتغلغل بنية القرابة العائلية للأنظمة الحاكمة والرأسمالية في الأجهزة الإدارية ، إضافة إلى أن الأدوات المالية الداخلية : من قروض عامة داخلية ، وضرائب ورسوم مختلفة لا تحسن مردودية التمويل الداخلي ، كما لا تزال الأجور الخيالية للطبقات المهيمنة تعرف مختلف ضروب البذخ والتبذير ، كما أن الاقتطاعات والتهرب الضريبي يعد الأبرز في البلدان التابعة ، الشيء الذي يؤدي إلى إجهاز شبه كلي على الثروات المحلية وتبذير كل عناصر التنمية المحلية ، ويعرقل الأداة الجبائية في تحويل الديون المرتفعة إلى إدخار عام ، ينضاف إلى هذه اللائحة أشكال صرف المبالغ الطائلة حول مشاريع وهمية أو شكلية أو غير ذي منفعة ، كما أن التهرب الضريبي يشكل %20 في العالم الثالث ، مما يفسر الهبوط المفاجئ والمتنامي لأسعار المواد الأولية ، فمنذ عقد الثمانينات بدأت الصادرات تنخفض بحوالي 40 مليار دولار عن كل سنة ، أثرت بشكل ملحوظ في الاحتياجات الغذائية للبلدان ، وادا ما قارنا وثيرة النمو السكاني الذي تتطور بنسبة %2 نجد ان نمو الإنتاج ارتفع بنسبة ضعيفة % 3 ، ويظهر من خلال التقرير الذي أعده البنك الدولي عن التنمية سنة 1981 المقارنة التالية : فإذا كان إنتاج الدول المصنعة سنة 1984 قد شكل إنتاجها للقمح بنوعيه الصلب والطري % 65 من الإنتاج العالمي ، ومن الشعير % 75,5 ، والذرة % 60 ، ومن الفول والصويا % 70 ، فإن دول العالم الثالث لم يتأرجح إنتاجها العالمي بين5% و % 40 مما يجعلها تداوم على استعطاف المساعدات الخارجية، مستوردة 20 مليون طن في 1961 ، لترتفع الحصة إلى 50 مليون طن في 1970 و 80 مليون طن 1979 ثم 215 مليون طن 1990 مما يبقي على ميزان عجزها الغذائي إلى ما لانهاية حسب الجدول التالي : العام الزراعي () 1978-1977 1997-1978 1980-1997 1981-1980 الإنتاج 233 244 238 247 الاستهلاك 277 292 297 313 الاستيراد 65 70 75 85 رصيد حسب الميزان الحبوبي 44 - 48 - 39 - 66 - المصدر: كينا جينسكايا نمو السكان والمشكلة الغدائية في البلدان النامية دار التقدم موسكو 1983ص49 الشيء الذي دفع معهد الأبحاث الخاصة بالسياسة الغذائية الدولية في واشنطن أن يعلن من خلال تقرير خاص أن 19 دولة إفريقية وآسيوية ستعاني في نهاية القرن العشرين من عجز غذائي يتجاوز 31 مليون طن في السنة .وختاما يمكن تلخيص أهم المشاكل الكبرى للتنمية في العالم العربي : العالم العربي 1990 العالم العربي 2000/1994 غياب سوق قطرية موحدة نتيجة الاختلافات والانقسامات العربية.مشكلة التخلف الاقتصادي – الاجتماعي .الهيمنة الأجنبية .التفاوت الطبقي وتكريس واقع المعانات الاقتصادية .عدم الممارسة الديمقراطية وسن الرقابة على حرية التعبير الفكري والسياسي. تزايد التوتر بين الدول العربية وتناقض مصالحها.تزايد حدة الضغوط الداخلية.استمرار الصراعات العربية حول التكتلات والتحالف مع دول المركز.مشكلات جديدة حول الاستثمار الديمقراطية والحريات الفردية.تصاعد أعمال العنف.توطد التبعية من خلال الدين الخارجي
بتاريخ 16/12/2003 : مناضلون مستتتقلون مناهضون للعولمة
المنظمات الغير الحكومية وإشكالية التنمية
عرف عقد الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي نشاطا ملحوظا للمنظمات الغير الحكومية ، فكانت بذلك إحدى التعبيرات المظهرية لعجز الأحزاب السياسية عن بلورة مشروع اجتماعي تغييري للأزمة الاجتماعية ، وقبل الانخراط الفكري في تدقيق ملامح انشغالاتها وتصوراتها ، تجدر الإشارة إلى أن تم هناك تصورين أساسيين يؤسس فلسفلة الحركات الاجتماعية الجديدة من خلال المنظمات الغير الحكومية : النمودج أ – تصور يدعو إلى الانخراط العملي في إعادة بناء المجتمعات الثالثية على أساس المساهمة إلى جانب الحكومات في إعادة تنمية الموارد الاقتصادية للدولة ، مشجعة إياها على تفريغ إملاءات المؤسسات المالية الكبرى وعلى رأسها ص.ن.د (جمعية التويزة ، التضامن والتنمية ..) . النمودج ب – تصور يدعو إلى الانخراط الواعي والنقدي في إعادة بناء المجتمعات الثالثية على أساس المساهمة النقدية ومحاولة الإحلال مكان الأحزاب المؤسساتيةوالدعوة إلى خوض حملات تضامنية ضد سياسة التدمير الممنهج للثروات المحلية من طرف المؤسسات المالية الكبرى (أطاك ، جميعة و .ح .ش.م. ، الجمعيات الحقوقية …) . كما تجدر الإشارة إلى أن دراسة محلية مستقلة عن التصور الشمولي لمسيرة المنظمات الغير الحكومية في مستواها العالمي والتصورات المؤطرة لها يفضي إلى نتائج ضبابية ، فضفاضة ، تفتقد للموضوعية ومنهج التحليل العلمي. 1 – مصادر التمويل وإملاءات التوجيه العالمي : في 22 شتنبر 2000 استقبل رئيس البنك العالمي جيمس ولنفنسن ما يسمى بممثلي " المجتمع المدني" حيث اتفقا الطرفين على إصدار وثيقة تحت عنوان " البنك العالمي والمجتمع المدني" تتضمن تقريرا مدلل بالإحصائيات حول مصادر التمويل وأشكاله ، ويتلخص في الفقرة الآتية من الوثيقة : " أكثر من %70 من المشاريع المدعمة من طرف البنك العالمي في السنة الماضية منحت تدخلا واسعا لصالح المنظمات الغير الحكومية والمجتمع المدني بشكل أو بآخر حيث سجل أن التدخل يسير بشكل تصاعدي في العقدين الأخيرين ، إن عمل البنك العالمي بتعاون مع مجموعات المجتمع المدني وصل إلى مرحلة جديدة حيث أن الاستشارة مع هذه المجموعات تعتبر ربحا كبيرا في تنمية استراتيجية البنك من أجل مساعدة الدول،خاصة في مجال المخططات ذات الأمد القصير في البلدان المستدينة ، ففي السنة الماضية، %100 من هذه المخططات كانت باستشارة مع المجتمع المدني ، إن الحكومات المستدينة هي الشريك الأساسي للبنك في التنمية ، غير أن المنظمات الغير الحكومية هي المعنية غير المباشرة بالقروض البنكية والديون الممنوحة للحكومات ، وبالفعل جزء مهم من مشاريع المساعدة المقدمة من طرف البنك لسبعة بلدان كانت محطة دراسته (900 مليون دولار) صودق عليها من أجل دعم أنشطة تتدخل فيها (م.غ.ح) ومنظمات محلية ما بين 1985 و 1997 ، كما أن (م.غ.ح) يمكنها الحصول على مساعدات عن طريق التمويل المشترك لمشاريع من مصادر أخرى ثنائية أو متعددة الأطراف أو العالمية ، كما أن (م.غ.ح) يمكن تعيينها من طرف (ب.ع) بشكل مباشر من أجل القيام بمهمة محددة كالمساعدة في إعداد تصور مشاريع وإنجازها وتتبعها. وفي سنة 1999 كانت الإعانات المالية المقدمة لـ (م.غ.ح) تبلغ 1,8 مليون دولار أي ضعف ما قدم في سنة 1998 ، إن الـ (م.غ.ح) أو مجموعات أخرى من المجتمع المدني يمكن أن تطلب إعانات تتراوح ما بين 1000 أو 15000 دولار للقيام بأنشطة من قبيل ندوات ، وأيام دراسية ومصاريف وإصدارات…". إن التزايد الكمي الذي حققته المنظمات م.غ.ح بمختلف أنواعها وانشطتها وتصوراتها دفع المؤسسات المالية إلى لجم سيرورة. خوفا من تقدمها وتجذرها وسط الحقل الجماهيري وتحرير رسالتها التاريخية ، مستغلة إياها في تفعيل توصياتها العشرة الأساسية …فالملحوظ وفقا لما تضمنه الجزء الأول من البحث صعوبة تطبيق الإملاءات في بلدان لا يزال يثقل كاهلها الديون الخيالية التي تقتص من أنشطتها الاقتصادية ثلث منجزاتها، مما اقتضى وجود وسيط ذو شعبية تؤهله لتحرير مختلف التوصيات المذكورة ، الشيء الذي سهل مأمورية الدولة في التخلص من النفقات العمومية (التغذية ، سكن ، شغل ، تعليم ، نقل ، بنية تحتية ) مشجعة الدولة على خصخصة قطاعاتها الحيوية دون أن نغفل أن م.غ.ح لم تلعب دائما دور المقدم للمساعدات السكانية (بناء الطرقات ، بئر ، تجهيزات منزلية ، صناعة تقليدية ..) بل لعب في أحيان كثيرة على مستوى الخريطة الوطنية دور القطاع الخاص أي الاستثمار المقاولاتي باسم المردودية للم.غ.ح ، ويعرف البنك العالمي ما يسمى بـ " المجتمع المدني " مجموعة المنظمات التي تشكل (مؤسسات Fondation ، وفيدراليات ، ومنظمات دينة ، نقابات وجمعيات موظفي منظمات أرباب العمل ، منظمات غير حكومية تعمل على مستوى دولي ، مجموعات محلية منظمة من أجل استثمارات وتنفيذ المشاريع ، منظمات سكان الأصليين ) . وفي دراسة قامت بها OCDE يظهر إلحاحية المؤسسات المالية على استمرارية م.غ.ح بالرغم من بداية تجدر وعي طبقي رافض لدى الفئات المهمشة ، وعزوف النخب المحلية عن مسايرة مشاريعها الشكلية التي لا تهدف إلى التنمية الحقيقية بقدر ما تؤسس لامتصاص الثروات المحلية ، دون أن ننسى أن المساعدات التي يقدمها سواء ص.ن.د والاتحاد الأوروبي تتحول إلى اقتطاعات تدمج في إطار المديونية الخارجية وتسديدها يعتبر الزاميا وليس كهبة كما يعتقد البعض: " النسبة المئوية لمجموع المساعدات المالية المقدمة من طرف بلدان OCDE إلى الحركة الإنسانية عن طريق م.غ.ح بلغ % 7 سنة 1915 إلى % 3,6 سنة 1985 وأكثر من % 5 سنة 1995 (بما يقابل أكثر من 2,3 مليار دولار) كأدنى تقدير لأن هذا المبلغ لا يضم تمويل الم .غ.ح من طرف الحكومة الأمريكية ، وهذا ما يمثل أكثر من نصف مجموع المساعدات لكل السنوات الماضية " . 2 –النمودج أ): القطاع العام ودعم المنظمات غ.ح لأشكال انسحابه يصطدم الرأسمال المدول في عملية تدويل منتوجاته بكلفة اليد العاملة وترسانة " مدونة الشغل" التي حقق مكتسباتها نضالات العمال السابقة ، كما يصطدم أيضا بهيمنة الدولة على القطاع العام مما يجعله يعزف على خوض تجربة الاستثمار داخل مجموعة من القطاعات .. أمام هذه المعيقات ، عملت المؤسسات المالية على سن قوانين وتوصيات تفرض على الحكومات المستدينة-راجع التوصيات المدكورة-:(تحرير المبادلات التجارية ، تحرير القطاع العام من احتكار الدولة ، التحكم في الأسعار ، تفكيك التكتلات الشعبية المقاومة لانسحاب الدولة ، إعادة هيكلة الدولة على مقاس تحديثي بشكل يمتص نقمة الشعوب على عملائها الحاكمين ..) ، كل هذا من خلال جدولة الديون بالنسبة لبلدان العالم الثالث –بما فيها المغرب- وإعادة صياغة أشكال التحالفات بكل من أوروبا (الاتحاد الأوروبي ) وأمريكا (الهيمنة العسكرية) والبلدان الآسيوية (تكثيف الاستغلال للقوة البشرية) ، وتهدف هذه الإجراءات إلى إفراغ خزينة الدولة لصالح تسديد الديون ومراكمة الثروات الدولية الصناعية بمستحقات وفوائد خيالية في حين تفوض شؤون الشعوب إلى القطاع الخاص وجمعيات المساعدات الهامشية ، أي تفويتها لصالح شراسة التنافسية الرأسمالية بما يعني فرز (تعليم تجاري ، شغل موسمي ، بطالة جماهيرية دائمة ، فقر مدقع ، وفوران التفاوت الاجتماعي ، صحة لصالح ذوي المدخول المرتفع وانهيار صحي للفئات الشعبة بفعل الخوصصة ، تغذية هزيلة بفعل تدني الأجور وارتفاع الأسعار ..) . كل هذه الإجراءات تسننها البهرجات البرلمانية التي تختلف مكوناتها في القالب الذي ينظم عملية الانسحاب ، وليس في رفضه المطلق، باحثتا عن شركاء طموحين للسلطة ،وللاقتصاص من الثروات الوطنية على حساب المجاعات الكارثية للساكنة ، وهنا تظهر حيوية وفعالية م.غ.ح ، فالنقابات التي تنخرط في السلم الاجتماعي وتفتح للباطرونا حرية استغلال اليد العاملة وضرب استقرار سوق الشغل هي طرف في تسهيل مأمورية انسحاب الدولة ، كذلك الجمعيات التنموية التي تعمل على سن مشاريع مؤقتة شكلية تستغل اليد العاملة الرخيصة (النسيج ، الصناعة التقليدية مثل الطرز ، الخزف ، الخياطة )(التعليم الخاص من بناءمدارس خاصة بالساعات الإضافية ، محاربة الأمية ) ( أوراش النظافة ، الشراكات الشكلية مع الجماعات المحلية ، البيئة ، عناصر التشجير ) ( الإضاءة ، الماء ، قنوات الري ) كل هذا يقسم المجال في استغلال يد مؤقتة غير مؤمنة ، معفاة من حمايتها اجتماعيا ، إجراءات تهدف إلى الإبقاء على حالات الفقر دون محاربته جدريا ( وليس من خلال الحملات الشكلية لمحاربة الفقر عبر توزيع الدقيق ، السكر ، الحساء ،الادوية..) بشكل موسمي بالمقابل إلغاء مؤسسة دعم الأسعار والمواد الغذائية الأساسية …. تدخل سيرورة الإجراءات في تدويل مجموعة من المصطلحات بما فيها (المجتمع الحداثي ، مجتمع الفاعلين الاجتماعيين ، المواطنة ، النقابة المقاولة …) وكلها مصطلحات مرجعها الإيديولوجي يكمن في المفاهيم التي تسطرها المؤسسات الممولة ، فلقد لوحظ في سنة 1995 استماتة رئيس البنك العالمي جيمس ونفسن في الدفاع عن المنظمات التي اصطلح عليها المنظمات (المدنية المواطنة ) التي تتلخص معالمها في توقفها عن نصب العداء للرأسمالية وإحلال لغة السلم الاجتماعي والتواصل الحضاري بين الثقافات .. بكل ما تحمله هذه الاصطلاحات من سموم ايديولوجية تعمق الفوارق الطبقية وتفتح الشعوب الفقيرة لدوامة المجاعات وارتفاع نسبة الأمية والعنف والإجرام والبطالة… يطرح ميكال كرسيوبال "مناضل أممي مناهض لعولمة الفقر " السؤال التالي : " لماذا هذا التحول ؟ أي أن دور هذه الجمعيات وما ينتظر منها هو " إعطاء السكان " إمكانية المشاركة في قروض التقويم الهيكلي ". في 28 شتنبر 1999توجه جيمس ونقنسن إلى أعلى هيئات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي قائلا : " في العالم السائر في طريق النمو خارج الصين ، هناك 100 مليون فقير ، أكثر مما كان قبل عشر سنوات في عشرة بلدان إفريقية على الأقل تخلصت آفة السيدا من نسبة الأمل في الحياة بسبعة عشرة نسبة يوجد في العالم أكثر من 33 مليون حالة سيدا منها 22 مليون في إفريقيا ، 1,5 مليار كائن إنساني محروم من الماء الصالح للشرب ، 2,4 مليون طفل يموتون كل سنة ، 1,8 مليون فرد يموتون بسبب تلوث البيئة (الهواء) في المساكن. عالم حيث التفاوت في الحصول على المعلومات تسير بشكل تصاعدي ، عالم حيث الغابات تندثر بمعدل هكتارين كل خمس ثوان (..) الأزمة لم تنته ، التحدي بدأ ، ففي الشهر القادم سيبلغ عدد سكان المعمور 6 ملايير ، وحسب الاتجاهات الحالية لن يصل إلى التنمية الدولية المتعلقة بخفض الفقر إلى النصف في حدود 2015. نفس الشيء يقال في ضمان التعليم الابتدائي للجميع في حدود 2015 ، ويبدو كذلك أنه لن نصل إلى التنمية الدولية فيما يتعلق بصلب التوجه الحالي إلى التخريب البيئي على المستويين الوطني والعالمي من هذا إلى سنة 2015 في 25 سنة فقط سيتحول عدد سكان الكواكب إلى 8 مليار نسمة ، من 6 مليار الحالية و 3 مليار يملكون أقل من 2 دولار لليوم و1,3 مليار أقل من دولار وأن هذه الأرقام المذهلة تهدد بالوصول تتابعا إلى 4 ملايير و1,8 مليار(..) عدد النزاعات المحتمل أن يصبح أكبر ، نوعية بيئتنا ستتفاقم والفروقات (التباينات) بين الأغنياء والفقراء ستتسع أكثر " ويضيف " ما نحاول القيام به بشكل غير مباشر هو إقناع الحكومات أنها لا يمكن أن تفرض (التنمية ) على قطاعات واسعة من السكان بل يجب عليها استثماراتها حتى يكون المسلسل أت من عندهم ولا يحسوا بأننا نخطط في واشنطن ولكن مشروعنا هو مشــروعهم ". ولعل خلاصات ميكال كريستوبال يعززها التقرير الذي رفعه البنك العالمي حول التنمية لسنة 2001/2000 حيث يطرح : " يتعلق الأمر بتفاوتات اجتماعية يمكن أن نخففها لجعل الأطراف المعارضة حاضرة في إطار منتديات منظمة وغير منظمة وتوجيه المجهودات والطاقات عبر مسارات سياسته بدل جعل المواجهة كمنفد وحيد " وكل هذا يدخل حسب وثيقة نشرتها OCDE في إمكانية التحقق السياسي للتقويم الهيكلي من خلال إشراك الساكنة في اغتيال مستقبلهم ومن الخطأ اعتبار جدولة الديون من خلال صندوق النقد الدولي كما يروج لذلك الليبراليون المغاربة تحمل في طياتها بوادر التحديث والقطيعة مع الماضي .. فهي سيف ذو حدين ، فمن جهة تفتح للرأسمال العالمي إمكانية النهب والمراكمة السريعة للثروات مقابل ضرب مفهوم السيادة الوطنية والاقتصاد الوطني ، ومن جهة أخرى تسد منفذ الهواء الذي ينعش بعض الشيء رئتي الساكنة من خلال حث الحكومات على الانسحاب من دعم القطاع العام. 2 –النمودج ب) المنظمات غير الحكومية واستراتيجية المقاومة: إذا كان التصور الأول قد دافع بشراسة على سياسة الحكومات التبعية ، فإن التصور الثاني لشق واسع من م.غ.ح ادانت النظام الرأسمالي وإجراءاته التأديبية للبلدان الثالثية مطالبة بعالم آخر ممكن من خلال منتداها العالمي بورتو اليغري، كما اعتبر سياسة التقويم الهيكلي سياسة استعمارية تستهدف ثروات الشعوب وسيادتها مطالبة بإلغاء ديونها والامتناع عن تسديدها ، بل والمطالبة بفرض ضريبة " توبين" علىتنقل الرساميل من بلد الى بلد وتخصيص الفائدة من دعم التعليم والصحة والشغل في دول الجنوب ، منطلقة من كون الديون قد سددت أضعاف أضعاف ما خصص لمشروع المارشال قصد إعادة بناء أوروبا المنهارة بعد الحرب ، لقد تم تسديدها من خلال الحملات الاستعمارية الكولونيالية ، الفوائد المتراكمة للديون التي ضاعفت الدين الأصلي.. المنظمات الجديدة أخذت تنحو منحى إيديولوجيا متحررا من الاسقاطات الارتودوكسية الجامدة (ماركسية ، اشتراكية ديمقراطية ، ليبرالية ) متوحدة نحو مطالب معنية واضحة (مناهضة للبطالة والفقر ، البيئة ، السلم ضد الحرب حقوق الأرض…). شكل المؤتمر العالمي لبورتو اليغري باعتبارها نموذجا للتجارب الحية للتنمية ومساهمة المنظمات غير الحكومية في إدارة الشأن المحلي تجربة نموذجية أعطت المصداقية العملية للطروحات النظرية للحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجديدة بالرغم من بعض المآخدات حولها: تقع بورتو اليغري في ولاية " ربوغانداسول" الجنوبية وهي الولاية الخامسة من بين الولايات السبع والعشرين ، ويحكمها منذ 1989 تحالف يساري بقيادة حزب العمال البرازيلي ، وبقيادته تعتبر تجربة الإدارة المحلية اللامركزية عبر المشاركة الشعبية في التسيير نمودجا ل "الديمقراطية التشاركية " من خلال تحديد سياسات النفقات الاجتماعية العامة لمجالسه البلدية عبر المشاركة الشعبية الجماعية. اللقاء العالمي لأكبر تجمع عالمي للمناضلين وجيوب المقاومة بشتى تنوعاته خرج من خلال بيبان مؤتمره العام للمحكمة الدولية للشعوب حول الديون التي نظمتها الشبكة الدوية ليوبيل الجنوب : أكثر من 250 مليون طفل يضطر للعمل قصد البقاء قيد الحياة بفعل سياسة التقويم الهيكلي.أكثر من 100 مليون شخص في العالم أغلبهم فتيات غير متمدرسين في الجنوب .أكثر من 900 مليون شخص في العالم يعيشون الأمية.مطالبا : - إلغاء الديون الخارجية وإحلال محلها منطق التعويضات. - فرض رسوم جمركية ضريبية (توبين) على أنشطة المضاربات. - الحق في الإعلام وحق النساء في التمتع بحياة كريمة ضد الفقر والعنف. - التعليم والصحة والشغل المجانيين للجميع. - إلغاء الطابع الإجباري للخدمة العسكرية. - حق الشعوب في تقرير مصيرها. شكلت المظاهرات الصاخبة وأشكال الفضح الإعلامي التي نظمتها الم.غ.ح سواء على الصعيد العالمي أو المحلي إحدى الأوراق الضاغطة على الهمجية النيوليبرالية ، كما حدث في سياتل 1999 وفضح الحرب الممنهجة والمدمرة على الشعبين العراقي والفلسطيني أو كما طبع السمة المحلية من خلال فضح ملفات الاختطافات ونزع القناع عن الديمقراطية الشكلية ( الحركات المناوئة ،حركات المعطلين بالمغرب ؛المنظمات الحقوقية..) 4 – ATTAQ نموذج للنضال الشعب ضد التهميش والإقصاء : تأسست جمعية أطاك بفرنسا في يوليوز 1998 وبعد سنتين ونصف بلغ عدد أعضائها 28 ألف فرد و180 لجنة محلية تناضل من أجل سن قيمة إضافية ضريبية على تنقل الأموال وفرض سياسات اجتماعية ضد اقتصاد السوق وسياسة الخوصصة. المغرب عرف نشأة فروع ATTAQ انطلاقا من 1999 حيث اتهمت الجمعيات التنموية بتمويه حقيقة الصراع وتكريس مجتمع متخلف يشجع خوصصة قطاعاته العمومية على حساب الفقر المدقع لـ % 90 من الشعب المغربي ، كما اتهمت الدولة بالتواطؤ مع القطاعات الخاصة –ليراك- التي أصدرت فواتير كهربائية حي اليعقوب بالرباط بمبالغ خيالية مما دفع السكان للاحتجاج ليجدوا أنفسهم أمام هراوات الحكومة التي رفعت شعار :" الدفع وعلى المتضرر اللجوء للقضاء " . إن مجمل تخوفات القطاعات المناضلة من م.غ.ح تتخوف في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغرب بالرغم من كونه ثالث مصدر عالمي للفوسفاط من أن تتحول خوصصته لمجمل القطاعات إلى الوقوع في نفس الأزمة التي وقعت فيها الأرجنتين نتيجة خوصصتها لقطاعاتها العمومية ، مما دفع الجماهير إلى فعل الانتفاض على أوضاع الجوع والفقر المدقع وغلاء أسعار المواد الغذائية. 5 – التنمية في المغرب وإشكالية العمل : تشتغل الجمعيات التنموية في المغرب غالبا في العالم القروي باعتباره المصدر الأول لهجرة اليد العاملة ، ثم لإمكانية ضمان تلقي المساعدات المالية من المؤسسات الكبرى .. فبدعوى هجرة الشباب اتجاه المدينة ، تنهج الدولة إلى جانب المنظمات غير الحكومية سياسة إعادة تأهيل الشباب القروي قصد إدماجه في الشغل عن طريق تبني سياسة تنموية في المجال القروي (بناء مراكز للتأهيل المهني – التعاونيات…). يتميز المغرب دونا عن بلدان العالم الثالث بتبنيه استراتيجية البناء القائم على الفلاحة بعد الاستقلال من خلال " سياسة السدود" و"الإصلاح الزراعي " دون الإقدام على مراجعة جريئة للأوضاع القانونية للعقارات ، ولتوزيع الاراضي التي احتكرها المستعمر، حيث وزعت مئات آلاف من الهكتار لخواص المخزن وأتباعه ، ليخلص المتتبع لسيرورة التنمية بالمغرب أن هذا المفهوم الذي أضحى تجارة رخيصة متداولة في الشارع العام ، مفهوم يقصد به تنمية موارد الطبقة الحاكمة (فضائح ، اختلاسات ،القرض الفلاحي والعقاري والسياحي والضمان الاجتماعي …) . ففي الوقت الذي ترتفع فيه البطالة الجماهيرية إلى نسبة % 23 من اليد النشيطة بالمغرب ، ترتفع أجور الموظفين السامين وأجور البرلمانيين والوزراء وينخفض من عدد مناصب الشغل إلى 2500 منصف فقط (القار والموسمي) ، ويحذف المكتب الوطني للشاي والسكر الذي كان يخفف شيء ما من وطأة ارتفاع الأسعار ..وفي الوقت الذي يعفىفيه المتورطون في الاختلاسات المالية الكبرىعبر تهريب الاموال وتبييضها من المحاسبة، يعيش أكثر من 7 ملايين من الأشخاص بأقل من 16 درهم في اليوم.كما ان جزءا كبيرا من الساكنة لا تتوفر على البنيات التحتية الضرورية (ماء للشرب ، كهرباء ، نقل ، تمدرس) و % 93 مغيبون عن الحماية الصحية. إن دراسة مبسطة عن أشكال البذخ والتبذير بالمغرب تضع سؤالا منهجياعن المدخل الأساسي للتنمية ، هل الامتثال للانسحاب الكلي للدولة من النفقات العمومية عبر إشراك المجتمع المدني ، أم تأمين الأموال المهربة وعقلنة التدبير المالي قصد توزيع عادل للثروات ؟!!.
مناضلون مناهضون للعولمة
#يسير_بلهيبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهامنا وادوات نضالنا في خدمة جماهيرية النضال الحقوقي
المزيد.....
-
مسؤول عمليات السلام الأممية: قوات اليونيفيل في لبنان -معرضة
...
-
نيبينزيا يتهم الولايات المتحدة بالتغاضي عن الجرائم الإسرائيل
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 31 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
صفارات الإنذار تدوّي في 9 مقاطعات أوكرانية
-
واشنطن: إسرائيل ستهاجم إيران قريبا ونخشى من التصعيد إلى حرب
...
-
تشييع طبيب يمني وعائلته قتلوا في غارة إسرائيلية على دمشق
-
استهداف قادة حزب الله.. نهج إسرائيلي
-
السعودية.. ضبط كميات كبيرة من نبات القات المخدر بجازان
-
فوز كبير لفرنسا على إسرائيل وتعادل إيطاليا مع بلجيكا في دوري
...
-
نجاة قيادي بارز في حزب الله من غارة إسرائيلية على بيروت
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|