أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار عبد سلمان - التفكيكية ستراتيجية الشك والتدمير والإختلاف















المزيد.....


التفكيكية ستراتيجية الشك والتدمير والإختلاف


عمار عبد سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 22:53
المحور: الادب والفن
    


التفكيكيـة Deconstructionهي نتاج الشك ، فلسفة الشك التي تواجه بصرامة يقينيات المناهج والأطاريح الفلسفيـة السابقـة ، تقف بالضد من المنهج البنيوي بل هي ثورة تعمل على تفنيد الحجج التي أرستها البنيوية .
أقترن التفكيك مضموناً بالتعددية في القراءات ، التعددية في تفسير الموجودات ، وكذلك الدالات وما تباين من فكر ، كل ذلك التعدد لأجل أستنتاج أو استكشاف الماهية والدلالة الفكرية الباطنة ، أي تلك الأعماق المتغلغلة في النص . إن التفكيك في " مستواه الدلالي العميق يدل على تفكيك الخطابات والنظم الفكرية وأعادة النظر إليها بحسب عناصرها ، والأستغراق فيها وصولاً الى الألمام بالبــؤر الأساسيـة فيها "(1) .
رائـد التفكيـك في فرنسـا الفيلسـوف ( جـاك دريـدا ) وهـو معمد لجل أفكارها ومقولب ستراتيجيتها بشكل ملفـت للنظـر ومن ثـم وإمتـداداً للمدرسـة الفرنسيـة إنولـدت المـدرسة الأمريكيـة بمفكريهـا ونقادهـا أمثــال : هارتمان – ميللر – دي مان – بلوم من جهة ، * وهي إمتداد لفلسفة ( كانت ) لتأكيد الأخيرة على الشك من جهة ثانية وثمة إمتداد آخر قبلي يتعلق بفلسفة التأويل عند ( هيدجر ) التي ترى مكمن الفهم الحقيقي للعمل / النص ينطوي في إستعادة القارئ للتجربة في كشف المعنى الباطن من جهة ثالثة ، وكذلك الإمتداد المتعالق مع أفكار ( جان بول سارتر ) حيث المشترك القائم في تحرر الذات الأنسانية وفي التأكيد على حرية الفرد من جهة رابعة .
أن بديل الشك في التفكيك موضعه الذات ، وليس يقصد بها الوجود بل يقصد بها – أي تلك الذات – الحرية التي يتمتع بها القارئ ليعمل على إعادة إنتاج النصوص باستمرار وبطريقة تختلف من وقت لآخر ومن قارئ لقارئ . إنها قدرة متواصلة لتدمير القراءات السابقة بقراءات لاحقة دون توقف لأن في أصل كل نص تكمن تواترات وتناقضات وبنى غير مستقرة تسهم في عمليات تقويض ذلك النص لتفجره من الداخل ثم وبعد هدمه تقرر إعادة بنائه من جديد بإعتمادها على أفق القارئ .
ترتكز التفكيكية على مرتكزات تعد هيكلة واضحة لما تقدمه لنا من ستراتيجية أهمها :-
أولاً : الكتابة
في تراتبيتها ، درجت الميتافيزيقا تقديم الكلام على الكتابة ذلك لتعالق الكلام بالمعنى ، بالروح ، بتطابق الهوية ، بينما تعد الكتابة من وجهة نظرها مشتقاً طفيلياً من الكلام . وبدلاً من التمركز حول الكلام يطرح ( جاك دريدا ) التمركز حول الكتابة ، بدلاً من أولوية الروح أو المعنى تحل اولوية الجسد . بل هو يدعو الى اللامركزية وتذويب الدلالة المركزية الأصلية . إنه إذ يقلب التدرج أو التراتب التقليدي إنما هو منح لأولوية الكتابة دون الكلام على أساس : (2)
أ‌- أنها يمكن ان تكرر رغم غياب سياقها .
ب‌- إنها قادرة على أن تحطم سياقها الحقيقي وتقرأ ضمن أنظمة سياقات جديدة بوصفها علامة في
خطابات أخرى .
ج- أنها تكون فضاءً للمعنى بوجهين :-
الوجه الأول : قابليتها على الأنتقال الى سلسلة جديدة من العلامات .
الوجه الثاني : قدرتها على الأنتقال من مرجع حاضر الى آخر .
من هنا تأتي الأحتمالات المتعددة في أفق القارئ لأجل التفسير اللانهائي للمعنى وهو ما يؤدي الى مفهوم الأنتشار والتعدد أو التشتت أو أساءة القراءة عند ( جاك دريدا ) .

ثانياً : الأثر
إنه أي هذا المصطلح يخص العلامة بوصفها غير المكتمل ذلك لكونها تظهر شيئاً وتخفي ما ورائها شيئاً آخر . اذ لا وجود لعلامة أزلية مطلقة مكتفية بذاتها ، أنما الوجود فقط للأثر بوصفه اصلاً ولأنه محمول على التعارض فيما يظهر وفيما يخفي يؤكد القارئ عملية الإظهار تلك والمحو لفكرة العلامة فيأخذ بنسبيتها وعدم إطلاقيتها . فالأثر مزدوج المعنى ، يخفي بقدر ويظهر بقدر في سلسلة متناوبة يشكل المتلقي فيها كيفما يشاء . عليه " يكون الأثر الميتافيزيقي مجرد أثر له وناتج عنه ومستقر في ذاته وحضوره هو ما يسميه دريدا – الأثر الأصل – وهو أدنى متطلبات البنية لأي إختلاف وأول المحددات بين المفردات " (3) .

ثالثاً : الإختلاف
أفاد ( جاك دريدا ) من ( سوسير ) في طرحه بأن العلامة ، كل علامة ليس لها وجود إلا بإختلافها مع علامة أخرى . أي إن مفهوم هذا الإختلاف إرتبط بمفهوم الإحالة الى مركز خارجي ثابت عند ( دريدا ) . ومن هنا يأتي التأجيل المستمر في المعنى حيث يعني تأجيل الإشارة الى شيء آخر أو الى مدلول آخر ووظيفته هي تحقيق الدلالة بما يسمى باللعب الحر واللانهائية في المعنى . ومقصد ذلك أن كل دلالة تشير الى مدلول وهذا يشير الى مدلول ثان فيتحول المدلول الأول الى دال وهذا يطلق عليه التأجيل المستمر للمعنى . بذلك يكون النص عبارة عن مجموعة دوال تختلف فيما بينها " ولكي تعبر أية دالة في نتاج ما عن المعنى يجب أن تختلف عن الدالات الأخرى ، وكذلك بالنسبة للمدول فأن كل مدلول في نسق ما يجب أن يختلف مهما كان حجم التضاد – عن كل المدلولات الأخرى " (4).
إذن كل عنصر حتى يتشكل في علاقة مع عناصر أخرى في نسق ما لابد أن يتوافر إختلافه مع تلك العناصر ، وهذا يعني أن العلامة ليست هي المكون الدلالي القائم من ( الدال والمدلول ) إنما هي الإختلاف والإرجاء . فالمعنى هنا جزء من نظام أو نسق يتخطى اللحظة الحاضرة اذ ليس هناك معرفة يقينية ثابتة . لذلك إن العناصر مرتبطة بالإختلاف وهي غير مرتبطة – بأي شكل – بمركز خارجي حاضر وثابت .
ومن هنا يشير الإختلاف " الى فعلين : أن يختلف أي لا يكون متشابها يرجيء ويؤجل . فالأول مكاني والثاني زماني ، فإن كل علامة تؤدي هذه الوظيفة المزدوجة ، وأن بنية العلامات هي الإختلاف الذي يعني أن العلامة شيء لا يشبه علامة أخرى وشيء غير موجود في العلامة على الأطلاق " (5).
إن لعبة الإختلاف تتضمن لعبة الإحالة ، فالعلامة ليست هي العلامة المتمثلة في الواقع لكونها تخفي أشياء ومعان أخرى يمكن إكتشافها عبر سلسلة من القراءات المتعددة ، وهو الأمــر الـذي يـدل على أن " الإختلاف هو بذاته ليس شيئاً مادياً يقبل الإدراك وهو فراغ أو صدع لكنه يبقى أساس الفصل الذي يميـز الأشيـاء عن بعضهـا فتتـم معرفتهـا ويتـم إدراكها لكن الإختلاف نفسه يستعصي على الفهم والأدراك " (6).
وهنا منشأ الحضور والغياب الكامن من خلال الطبيعة المنقسمة للإشارة اذ أنها تفرض عملية التأجيل اللانهائي للحضور " فليس هناك حضور مادي للعلامة إنها لعبة الإختلاف فقط الذي يحتاج العلامة محولاً عملياتها الى أثر وليس حضوراً ذاتياً لها ، ومن سمة الكلمات الإختلاف كلاً من الأخرى مما يؤدي الى غياب الكلمات أو المغيب في اللغة . فإن كل معنى مؤجل بشكل لانهائي " (7).
ولطالمـا كـان المعنى غير موجود في العلامة فإنه أي المعنى يتموضع في إختلافها عن العلامات الأخر . معنى ذلك أن معنى العلامة غائب وهو منتشر عبر كل سلسلة من الإشارات وليس من السهل تثبيته . إنه بشكل ما حالة من الوجود والغياب المستمرين . وهكذا ينتج الإختلاف .
في ستراتيجية التفكيك مهام ووظائف متعددة للإختلاف والتأجيل يحددها ( دريدا ) على نحو :
1- يدل على الحركة ( الأيجابية والسلبية ) التي تتألف من التأجيل وينطوي الإختلاف على معان عدة منها : التأخير والإحالة والإرجاع ..
2- إن حركة الإختلاف تنتج أشياءً مختلفة بوصفها حركة التباين والتمايز هي الجذر المألوف للمفاهيم المضادة كلها والتي تتصف بها اللغات عامة فإن الإختلاف هنا يتحدد على أنه توزيع مكاني يمكنه فصل المتضادات .
3- إن الإختلاف هو عملية توليد الإختلافات التي تتميز بها الإختلافات نفسها .
4- الإختلاف هو غمكانية تسمية وإدراك الإختلاف العيني ( الطبيعي ) فهو سابق على أي وجود طبيعي وخارج عنه ، حتى يختلف الوجود عن الموجودات .
5- لا يفضل الإختلاف ( التناقض ) كمبدأ أو صيغة هيمنة على كل الإختلافات فلا بد له من إختلاف أقدم يهيء له إمكانية الهيمنة هذه (8) .
إضافة الى المرتكزات التي توافرت في المعادلة : الكتابة – الأثر – الإختلاف بوصفهـا معـادلاً متوازيـاً مع : الصوت – العلامة – الكتابة بما يفرض هذا التعادل بين مشروعين إشتركا معاً في شفرة وتقابلا وجهاً لوجه أمام مشروع ثالث هو ذلك التعادل بين الميتافيزيقا والحداثة من جهة وبين ما بعد الحداثة من جهة ثانية . تكمن الإضافة في المرتكزات الأخرى لأنها التمفصلات التي إستوعبتها ستراتيجية التفكيك في إطارها التعريفي ومنجزها الفكري .
تعددية المعنى
لطالما كانت الدلالة متحررة لفضها من أي وجود متمحور ثابت ترتكز عليه ، بوصف أن ستراتيجية التفكيك قدمت الشك أصلاً وأساً فاعلاً وهدفاً مهماً لأنها ترفض المعرفة المؤطرة بيقينيات صلبة ، لطالما كان هذا نفياً للتفسيرات الموثقة أو المرتكزة الثابتة . وهذا يعني أن التفكيك ينطوي على اللانهائيات في إنتاج الدلالات وإنتاج التفسيرات وتأكيد التعددية في المعنى .
تشكل لعبة إنتاج المعنى نقطة هامة . نقطة تتوازى والهدف الأساس الذي قامت عليه ستراتيجية التفكيك . لكن هذا المعنى مشروط بالتعدد لا بالأحادية ، مشـروط بجـدليـة مثلما يؤكد ذلك تبريراً ، كـل مـن ( رولان بارت ) أو ( ستانلي فيش ) اذ يسعى ( بارت ) " الى كشف الفرضيات والعمليات المرتبطة بالشفرة والأفكار المتأصلة في الأدب أو النتاج الفني والتي تكرر فيها أو تهدمها . بيد أن ( فيش ) يتخطى إختلاف الذات في المعنى من خلال وحدة الإعتقاد ، في الوقت الذي يزيد ( بارت ) من خطورة هذا الفرق كي يثير هدم الثقة بالذات " (9) .
نلحظ اذ نلحظ في تلك التبريرات ما يلي :
1- التأكيد على الهدم والتعددية في مسألة إنتاج المعنى . إنها الوسيلة التي من شأنها إيقاف مشغل التأريخ ومحمولاته الفكرية الموروثة .
2- التجـاوز الملحـوظ للمبـادئ العامة بالوقت ذاته تقدم تفسيرات أخرى من حيث تعدد القراءات والتأملات ، وفي ذلك نفي للقولبة والتحديد أو الإنغلاق على قراءة واحدة مفردة .
3- رفع القولبة مؤداه الكشف عن جملة النقائض المخبؤة في الرموز أو العلامات .
ولإن التفكيك قد أنطوى على مسألة التعدد فإن لعبة مزدوجة مترادفة سيحمل سنامها أو مشعلها الدال ليقدم نفسه بديلاً عن المدلول مرة وكذلك بديلاً على نفسه مرة ثانية في سلسلة تترادف في القراءة والفترة اذ يكون القارئ مختلفاً عن غيره في لعبة الإنتاج مثلما تتغاير لحظة القراءة من مستوى في الثقافة والتأثير الى مستوى آخر له ميزاته الخاصة .
وخلاصة اللعبة تكمن في إستمرارية الحركة التي يتفانى في تحقيقها الدال ، ليس لشيء إلا لأنه مقدر على الظهور بنسبة تتقابل مع الإختفاء بنسبة . وهذه الإزدواجية ستضفي تناسلاً مستمراً دافقاً في الإنتقال من موضعة في النص الى موضعة أخرى ومن نتاج الى آخر بحفر المزيد من الطبقات والبحث عن المزيد من الثغرات أو الفلتات الكامنة في أي نص أو عرض أو كتابة ..
الأنتشار أو التشتيت وأساءة القراءة
كل ما تطلبه ستراتيجية التفكيك يتموضع غائياً في تعدد المعنى ، وهذا التعدد يرتبط إنتاجه من حيث إنتاج ( اللعب الحر ) الذي يتسبب بتكثير المعنى عبر تجسيرات العلاقة من قارئ الى آخر ، وذلك يكون من خلال " البحث عن البنية غير المستقرة في القراءة التفكيكية وتحركها حتى ينهار البنيان من أساسه ويعاد تركيبه من جديد ، وفي كل عملية هدم وبناء يتغير مركز النص وتكتسب العناصر أهمية جديدة يحددها أفق القارئ الجديد "(10) وعدم الإستقرار يكشف عدم توافر دلالة كاملة وهذا الإنعدام النهائي بالنسبة للدلالة المتكاملة الراكزة من شأنه أن يقنع كل قراءة بخصوصية ثقافية وأفق فهم القارئ ذاته . وأن طبيعة الإختلاف الواقعة بين قارئ وآخر ستفرض تغايراً في التأملات والقراءات .
إن طي صفحات كل قراءة سابقة ، وإن كانت صائبة ، تفرض إنتاج قراءة ثانية ولأن الإختلاف متوافر بين قارئ وآخر وبين زمن وآخر فإن الإيتاء بقراءة جديدة على ركام قراءة سابقة يعني ( إساءة قراءة ) ** وهكذا ستتكرر العملية بإستمرار وتجدد الى ما لانهاية وبذلك نرى تشتتاً للمعنى ، إنتشاراً له بعدد إختلاف القراء من جهة وبعدد إختلاف أزمنة القراءة من جهة ثانية .
ولما القارئ يتجول بحرية مطلقة من نص الى آخر ومن علامة نحو أخرى فحريته تلك تجعله ينتقي لبنية ما بعفوية . وهذا الإنتقاء هو زاوية نظر المتلقي نفسه التي من خلالها " يتحرك من نقطة الى أخرى بعفوية وليس بالافضلية ليقدم تفسيراً آخر . والنتيجة لا يوجد شرح صحيح ولا حقيقي للنص وإنما مجموعة تفسيرات كل منها صحيح بصفة مؤقتة وهي جميعاً . إساءة قراءة " (11) .
نلتمس هنا أن الدال في قدراته المزدوجة من إظهار وإخفاء سيلعب على تضمين إنفتاحات القارئ وإنغلاقاته من أية زاوية القارئ يتلقفها القارئ صدفة أو بعفوية . وفي الإخفاء تكمن لعبة إبعاد المدلولات الحقيقية عن الصدراة أو الإنكشاف . آنذاك يكون القارئ حراً في المتجه الذي به يستنطق المعنى . وهذا يدل أن ليس هناك إتجاه معين نحدد به صحة أو خطأ القراءة .
التكرارية
من المرتكزات التي يؤكدها ( دريدا ) في ستراتيجيته . مرتكز ( قابلية التكرار ) ، وهي إن للدال قابلية على التكرار اذ يجد ( دريدا ) أن الدال لا يحقق ذاته إلا من حيث تحقق هذه القابلية . اذ يجوز إعادة الدال في غياب الشيء الذي يشير إليه . كذلك يقدم ( دريدا ) دمجاً لهذه القابلية التي يتمتع بها الدال مع الحدث ذلك المحتمل أو المتوقع . إنه الحالة السابقة التي ينبغي لنا إدراكها عبر قابلية التكرار .
يؤدي التكرار خمس وظائف هي :
1- التكرارية كأساس أو أصل التكرار والإعادة .
يصبح التكرار ممكناً فقط اذا كانت هناك وحدة أو حالة متشابهة ومختلفة في آن واحد حتى تحتل مكان وحدة أخرى وتملأ فراغاً أو نقصاً نشأ نتيجة غيابها .
2- التكرارية كأساس أو أصل المثالية والهوية .
اذ لا يمكن أن يتم تحديد ومعرفة الشيء نفسه ما لم يحتفظ لنفسه ببقية تشبهه من الآخر الذي يرتبط معه في بنية ضدية .
3- التكرارية كأساس أو أصل التغيير
نتيجة للأختلاف الموجود في كل وحدة مثالية والذي يؤسس احتمالية التكرار ، فأنه يعني الأنتقال مكانياً وزمانياً .
4- التكرارية كمضاعفة وأستنساخ .
بما أن التكرارية هي الوحدة الصغرى لهوية ما هو مكرر وهو شيء صدعته إحتمالية التكرار ، فإن التكرارية غذن ، هي إمكانية المضاعفة الذاتية وإحتمالية الإزدواج المتكرر ، والتحول المبدئي ، فالتكرارية هي التضاعف المكرر الذي يضاعف اللحظة الأولى قبل أن تكون ليتسنى لها أن تكون تكراراً لنفسها ومشابهة لذاتها ومختلفة . أنها مزدوجة في ذاتها .
5- التكرارية كأمكانية محو الأثر .
أن إنمحاء الأصل هو سمة جوهرية من سمات الأثر وإن مثل هذا الإنمحاء هو أيضاً علامة أساسية من علامات التكرارية .(12)

التناص أو البينصية
تحت هذا العنوان لن يكون ثمة إنغلاق في أي نص . بل سيتحلى كل نص بمزيد من الإنفتاحات ، وهذه الإستزادة ستحَمل النص سلسلة من آثار النصوص أو نتاجات أخرى سابقة في ثقافتها ، وتحرك فيه الإثارة والتأثير . ومن جانب آخر نجد إن المتلقي ذاته يشترك في المدار أيضاً ، مدار التوافر ، التلاقح والتغلغل والإمتداد عبر فكره الذي يحمل توقعـات وتأمــلات معبأة عنده من نتاجات أو نصوص قد تشرَب بها من قبل . هذا يؤكد أن لا وجود لنص مكتف بذاته . إنه ( البين – النص ) *** ، ذلك " المراوغ الذي ينتجه الحوار بين المنتج الأول والقارئ وبهذا يصبح التناص الأساس الأول للانهائية المعنى . إن النص الحاضر مفتـوح تماماً أمام تأثيرات النصوص الأخرى السابقة في إستخدام اللغة والمجاز والثيمات والأصداء " . إذن ، لا وجود للمعنى من غير ما وجود التناص أو البينصية .
تعد البينصية تأكيداً للتفسيرات المتعددة واللانهائية والتي يجد التفكيك فيها ملاذاً لتحقيق ستراتيجيته بوصفها عنواناً من عنواناتها المهمة . وتبدو مسألة تحديد البينصية مسألة مركبة فهي تتحدد في وعي القارئ وذهنه من جهة اذ يرتبط بين النص أو العرض المسرحي وكذلك بين الحياة أو الثقافة بعموميتها من جهة ثانية .
وبالوقت الذي يسميها ( بارت ) بالكتاب الأكبر نجد تسميتها عند ( فوكو ) بالأرشيف . ومؤدى ذلك أن ثمة قواعد أو قوانين تحكم العصر المعرفي أو الثقافي الذي توالد أو أنتج فيه النص ، مما يؤدي الى تشابك أو تجسير المفردات التأريخية والأرشيفية تتمثلها حياة المجتمع وثقافته في فترة معينة ، ونسب أو حجوم التجسير أو التشابك أو التداخل في الأفكار المتمثلة في المجتمع وفلسفته وتأريخه .
هكذا يكون كل نتاج شكل من أشكال الترسبات الثقافية ، اذ ما تؤديه القراءات المتعددة هو " عملية تقليـب للنـص حتى يتحـرك ما في القــاع وتطفــو الترسبـات الثقافيـة المختلفـة الى السطـح ، أستنـاداً لقـول ( دريدا ) بأن التناص متمثل في إستخدام النص الحالي لكل كلمة سبق إستخدامها في نـص آخـر سابـق له ، واذا وصلنا بفكرته عن ( الأقتطاف ) **** الى منتهاها فإنها تلتقي بالنظرية الأوسع عن التناص " فيكون هناك وعي لطبيعة أو نمط النتاجات ، نصاً، عرضاً، كتابة، يتشارك في تكوينه من نتاجات أخرى بتوافر إستخدام أطلقه النقاد والكتاب " بصورة منتظمة وجدية لتنحي الجنس الأدبي وطرح صيغة النص المتعدد والذي يتوالد في الآن عينه من نصوص عديدة سابقة عليه " .
المصادر
(1) عبد الله إبراهيم وآخرون ، معرفة الآخر ( بيروت : المركز الثقافي العربي ، 1990 ) ، ص 114 .
*مثلما هنـاك إمتــدادات لهـا لاحقــة مثلمـا هنـاك إمتـدادات جذرية سابقة فنجدها أي التفكيكية قد أخذت من ( هيدجر ) و ( فوكو ) وكذلك من قبل ( نيتشه ) .
(2) ينظر المصدر السابق نفسه ، ص 136 .
(3) ميجـان الرويلي وسعد البازغي ، دليل الناقد الأدبي ( بيروت : المركز الثقافي العربي ، 2000 ) ، ص 58-61 .
(4) عبد العزيز حمودة ، المرايا المحدبة ، ( الكويت : سلسلة عالم المعرفة ، 1998 ) ، ص 374 .
(5) س . رافينـدران ، البنيـوية والتفكيـك ، تر: خالـدة حامـد ( بغــداد : دار الشــؤون الثقافيـة 2002 ) ، ص 150 .
(6) ميجان الرويلي ، وسعد البازغي ، مصدر سابق ، ص 58 .
(7) إبراهيم عبد الله وآخرون ، مصدر سابق ، ص 117-120 .
(8) ينظر : ميجان الرويلي وسعد البازغي ، مصدر سابق ، ص 63-66 .
(9) وليم راي ، مصدر سابق ، ص 191-192 .
(10) عبد العزيز حمودة ، مصدر سابق ، ص 389 .
**إساءة قراءة : يقصد بها ( د ي مان ) : إن النص ينتج نصاً آخر يمكن عدَه أيضاً مثيراً للإهتمام فهو يولد نصوص أخرى ويرى آخر : إن إساءة القراءة ليست قراءة مناطئة بل عملية الخروج عن المألوف لكل قراءة . ينظر : عبد العزيز حمودة ، مصدر سابق ص 396 .
(11) عبد العزيز حمودة ، مصدر سابق ، ص 395-396 .
(12) ينظر : ميجان الرويلي وسعد البازغي ، دليل الناقد الأدبي ، مصدر سابق ، ص 67-70 .
***البيـن – نـص ، وهــو البينصية كما يجزأه نقاد الحداثة الى بين ونص ، وهو يختلف عن النصية . ينظر : عبد العزيز حمودة ، مصدر سابق ، ص 361 .
(13) عبد العزيز حمودة ، المرايا المحدبة ، مصدر سابق ، ص 369 .
****الإقتطاف : تعني إنه كلمة سبق إستخدامها في نص آخر سابق له . فيصف النص بأنه شبكة غير مكتمـلة من المقتطفــات الواعيــة وغير الواعية المستعارة فكل نص هو بينص . ينظر : عبـد العزيز حمودة ، مصدر سابق ، 340 .
(14) عبد العزيز حمودة ، مصدر سابق ، ص 373 .
(15) تزفتان تودوروف ورولان بارت وآخرون ، في أصـول الخطـاب النقـدي الجديـد ، تر: أحمـد المديني ( بغداد ، دار الشؤون الثقافية العامة ، 1987 ) ، ص 99 .



#عمار_عبد_سلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورشة تابوري واستوديو البانتومايم
- المسرح المفتوح


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار عبد سلمان - التفكيكية ستراتيجية الشك والتدمير والإختلاف