علي العواد
الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 07:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم ما حمله مروجو الأفكار المذهبية والطائفية والقومية في الشرق الأوسط عقب خروج آخر محتلي بلدانه والتي لاقت صدى كثيراً عند شريحة جماهيرية معنية بهذه الطروح، أثبتت هذه الأفكار فشلها على مدار كل العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، حيث ظهرت بعدها ملامح الأوطان الجديدة والتي سعت الدول المحتلة لها قبل الخروج منها إلى جعلها موطن للتوترات والصراعات عبر تجميع الشعوب لا على أساس إرادتها الحرة بل على أساس الحاق قومية وأرضها ببلد آخر مما يمكنها في أي وقت من التحكم في هذه الشعوب وجعلها تابعة لها.
بالنظر إلى واقع عديد من دول الشرق الأوسط كالعراق ولبنان وتركيا وسوريا وإيران، نجد أن هذه الدول مليئة بصراعات طائفية وقومية لا نهاية لها، وكلفت أبناء هذه الشعوب مئات الآلاف من الضحايا، دون أي إمكانية لإيجاد حل ،ويعود السبب في ذلك لعاملين، الأول :إن لا حلول عن طريق الحروب، وثانياً :إنه لا يمكن إلغاء شعب بالحرب مهما كان الطرف القوي يملك من قوة .
إزاء كل هذه الحروب التي مر بها الشرق الأوسط والتي ماوجدت حلاً لها لأنها من نتاجات موقدي الحروب بعد استنفاذ قوتهم- وهم أنفسهم الذين يعودون للحرب بعد تجميع قوتهم - يمكن النظر إلى مشروع سلمي أصيل طرحه القائد والفيلسوف الكردي عبدالله أوجلان، والذي دعا فيه إلى الكونفدرالية الديمقراطية لهذا الشرق الأوسط المبتلي بحروب لم ولن تخمد نيرانها، وفي سياق مشروع الكونفدرالية للزعيم الكردي أوجلان يقول الكاتب صالح برو عبر مقال له في موقع الحوار المتمدن :" مع الأسف أن الطبيعة البشرية لا تكتشف الحقائق إلا لاحقاً بعد ضريبة باهظة الثمن كما حدث ذلك مراراً (الحرب العالمية الأولى والثانية) ولهذا يجب على كل الأطراف المتنازعة الإسراع بالحوار وتطبيق مشروع أوجلان قبيل الوصول إلى نتائج كهذه فالندم لا يجدي نفعاً حينها...ومن هذا المنطلق يمكننا القول : أن حرية أوجلان تعني حرية العالم بأسره".
إننا اليوم ومع المنعطف السوري مقبلون على تغيرات كبيرة في خارطة الشرق الأوسط وكما حمل المكون الكردي في العراق معه مفتاح السلام للعراقيين في أكثر من مرحلة يحمل المكون نفسه مشروع السلام لكل الدول التي يقطنها الكرد .
إن مشروع أوجلان الكونفدرالي، والذي يحمل معه السلام للدول التي يقطنها الكرد يحمل معه السلام لشعوب الشرق الوسط الأخرى كونها هي أيضاً تعاني منذ عقود من حروب لا تنتهي رحاها ولا تتوقف ، هذا المشروع يمكن له أن يكون متواجداً في الشرق الأوسط بشكل عام كونه مشروع يتعدى القومية ويدعوا للعتايش بين الشعوب على أساس الاحترام المتبادل وحرية كل شعب .
عودنا منطقنا البشري دائماً أن نجنح إلى لغة العقل بعد أن تخور قوانا ، أن نعمد إلى التفاهم مع الآخر بعد أن نستنفذ قوتنا، ويكون حينها كل منا قد نال نصيبه من حكمة الغريزة الطائشة ، عودنا المنطق نفسه في الخلافات العشائرية أن تقتل كل عشيرة من الأخرى خيرة أبنائها ثم تقبل بوساطة تحقن الدماء دون أن نفكر في البداية إلى اللجوء للسلم والحوار لحقن هذه الدماء قبل أن تهدر، ومذاكر في كل ما سبق من أمثلة يعكس مايجري في بلدان الشرق الأوسط الذي يصر حكامه على زج الآلاف في حروب لا طائل منها ولن تكون لها نهاية إلا بسلام وتآخي بين هذه الشعوب، ومايدعوا إلى التساؤل كيف يمكن لإنسان الشرق الأوسط أن يجعل من نفسه مادة للحرب لا للحياة بكل هذه البساطة وألا يتخلى عن طائفيته ومذهبيته وقوميته الضيقة بالنظر إلى طائفة و ومذهب و قومية الآخر الذي يشاركه الجغرافيا ويحترمها.
الزعيم الكردي أوجلان الذي يناضل اليوم لأجل قضية 50 مليون كردي لايزالون تحت نير المستعمرين يطرح هذا التعايش و يدعوا له، فلماذا لا يمكن لمن عاشوا تجربة (التحرر) التي نجمت عنها مئات الحروب ألا تتقبل هذا الطرح ؟
مفتاح السلام في الشرق الأوسط اليوم هو في جزيرة إيمرالي التركية التي يسجن فيها الزعيم الكردي عبدالله أوجلان ووحده من يستطيع حينما يخرج من سجنه أن يعمل على هذه الفكرة ويطبقها ومن الواجب علينا أن يشارك كل منا من زاويته في إطلاق سراحه الآن وقبل أي وقت، للتمكن من دفع عملية السلام في هذه المنطقة من المعمورة عبر إقامة الكونفدرالية الديمقراطية لشعوب الشرق الأوسط والتي من خلالها يمكن أن تضع الحروب التي لم تنته أوزارها ويمكن أبنائه من العيش بسلام وإخاء ضمن وطنهم الجديد وهو كونفدرالية أوجلان.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟