أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة بن محمود - مع الروائي التونسي خيرالدين جمعة















المزيد.....

مع الروائي التونسي خيرالدين جمعة


فاطمة بن محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


حوار مع الروائي التونسي خير الدين بن جمعة
( الحوار أجرته الأديبة فاطمة بن محمود )


= خير الدين بن جمعة .. روائي و قاص تونسي ماذا يمكن ان يعرف عنك القراء ايضا ؟
اشتغلت بالتدريس و أنا مقيم في ابوظبي منذ سبعة عشر عاما ..

= في هذه الرواية انتصرت الى موضوع مهمل في الادبيات التونسية وهي الاحداث الطلابية لسنوات الجمر
لماذا هذا الموضوع بالذات ؟
في البداية اود ان أشير إلى أن لي نظرة للأدب تتمثل في أن الإبداع السردي بشكل عام لابد أن يتعرض إلى لحظات الوجع و الحزن والمرارة في تاريخ الأفراد والشعوب طبعا دون أن يسقط في الواقعية التسجيلية كما هو الحال حين نلقي نظرة على المواضيع التي تعرّض لها كبار الكتاب الروس وكذلك أدباء أمريكا اللاتينية ، الحال يختلف في تونس مع وجود استثناءات لبعض الكتاب فالمتون السردية كانت في أغلبها تهادن السلطة إن لم تتكلم باسمها ، و تعرضي إلى موضوع الأحداث الطلابية يعود إلى أن السلطة و إلى الان تنظر إليها بعين الاستهجان ففي العهد البورقيبي كانت القولة الرائجة في تلك الفترة هي أن الطلاب يصطادون في الماء العكر في حين أن تلك المرحلة كانت ثرية على كل المستويات لأن الجامعة في ذلك الوقت لم تكن تصنع متعلمين وإنما تصنع مثقفين و رجال سياسة و الدليل على ذلك أن الكثير من الساسة الذين نراهم اليوم يتجادلون اغلبهم عاش تلك الفترة وتشرب أوجاعها بقطع النظر عن انتمائهم السياسي ..تلك السنوات الملتهبة مثلت لحظة مهمة في تاريخ تونس ربما ما نعيشه اليوم ما هو إلا ارتداد لها ، من هنا جاءت أهمية الوقوف عند تلك الفترة دون السقوط في التأريخ السطحي او الترويج لخط سياسي بعينه .

= في روايتك ادانة للمثقف الذي يبدو غير ناضج و انفعالي و حالم من خلال الشخصية الاساسية زهير الذي تقاذفته الظروف و الصدف و كان على امتداد الرواية يعيش حالة هروب و يصطدم بخيبات متواصلة ..
هل تعتبر ان المثقف قد تخلى الان عن دوره الحقيقي؟
إن مقاربتي البسيطة لما عاشه البطل في رواية صفحات المهزلة كمثقف تؤكد على فكرة مركزية و هي أنه على هامش الأحداث و أنه ليس له أدوات التحليل التي تخول له قراءة حقيقية لما يدور حوله و قد اكتشف ذلك في تونس حين انتبه إلى التضارب العنيف بين ما يؤمن به ايديولوجيا و ما يعيشه يوميا في الواقع فهو قد تأكد من غياب الديموقراطية داخل تنظيم سياسي ينادي بالديوقراطية ،إضافة إلى أنه يعيش يوطوبيا ايديولوجية تجعله مفارقا للواقع فحتى في بيروت نجده تائها لا يفهم ما يدور حوله ويتعامل مع الحدث بشكل عاطفي و كأنه غير مستوعب لأهمية الحدث التاريخي الذي يعيشه وهو اجتياح الكيان الصهيوني لبيروت و إزماعه احتلال عاصمة عربية كانت تمثل الحرية والثقافة ، إنها لحظة بداية نهاية المقاومة الفلسطينية فتعاطفه مع الفلسطينيين لم يشفع له جهله بما يحيط به ودفعه ثمن ذلك غاليا ...

= البطل في رحلة هروبه من تونس الى سورية الى لبنان الى اروبا .. هو دائما في حالة تنقل دون ارادته فكأنه يعيش في حلقة مفرغة في رحلة حياة عبثية
هل تعتبر ان الحياة فعلا عبثية ؟
حياة الإنسان صراع بين الإرادة والقدر فنحن لا نختار مصيرنا والبطل في الرواية عاش صراعا مريرا بين ما يريد أن يحققه وما انتهى إليه و لكن العبث لم يكن الغرض منه التأكيد على الجانب الوجودي العبثي الذي صوره البير كامو ولكن الغرض من العبث هو البحث عن الأسباب التي حدت بالبطل أن يكون ألعوبة في يد غيره ، يمكن الحديث هنا عن عبث وجودي مشوب بمسحة سياسية إن شئنا وهو عبث مرتبط بتجارب وقيم إنسانية أخرى مثل قيمة الحب فالبطل مثلا كما كانت أفكاره السياسية شبه مستحيلة كان حبه لنيتشه أيضا مستحيلا و كأن هناك فكرة تتخلل النص الروائي تؤكد على أن الحب كالسياسة إذا انحدر إلى الواقع تهشّم . كما أن العبث يتجلى في سؤال جوهري وهو هل يمكن للإنسان صاحب المبدأ أن يبيع مبادئه من أجل المال ويتحول من مروّج للحقيقة إلى مزيف لها و خائن لنفسه والآخرين ؟ هذا السؤال جوهري لأننا نتذكره حين نتأمل جيدا المشهد السياسي التونسي و نرى وجوها طالما شنفت آذاننا يوما ما في الجامعة و هذا ما يجعل رواية صفحات المهزلة لامتناهية !

= السارد هو الشخصية الرئيسية في الرواية بمعنى انك كنت كلاسيكي في تمحور الرواية حول بطل اساسي و لكنه يبدو بطلا من ورق ..
هل تعمدت ان تجعله الشخصية الرئيسية تبدو مهزوزة ام انه تمرد عليك و انتهى الى ذلك ؟
في جانب معين كانت الرواية كلاسيكية في اعتماد بطل اساسي تدور حوله الأحداث ولكنه كان بطلا من ورق وليس بطلا حقيقيا لأنه لم يكن ساردا عليما يدرك كل شيء بل كان في اللحظات المهمة في الرواية مثل الخروج من تونس أو الهروب من بيروت إنما يعلم الأحداث من الاخرين بل إنه كان لا يعلم شيئا مما يدور حوله أصلا فهو لم يكن فاعلا بل متلقيا و من هنا جاءت هزيمته المريرة و الحقيقة أنه لم يكن يملك التماسك الفني الكافي حتى يتمرد عليّ بل كان _حسب رايي _ يجب أن يكون كذلك ليمثل مرحلة التشتت و الخذلان فرديا و سياسيا في تونس وعربيا قوميا في بيروت لأنه لم يكن لأحد أن يتصور أنّ الصراعات السياسية في تونس ستصل ذلك الحد من العنف المتلبّس بالرغبة في إلغاء الآخر المختلف فكريا ، كذلك الشأن عربيا فالكثير من الحكومات لم تكن تتصور ان الصلف الإسرائيلي سيصل حد احتلال عاصمة عربية .
= في روايتك تعلن ضمنيا من خلال الشخوص عن مشروع قومي ( زهير التونسي مجد الفلسطينية جيزال العراقية ميلود الجزائري الخ ) و لكن هذه الشخوص لم تكن متناسقة في مابينها فكانت شخصيات متنافرة في اغلب الاوقات متوجسة من بعضها فهل يعني هذا أنك ترى فشل المشروع القومي ؟
أولا من بين الأسباب التي جعلتني أتعرض لهذا الفكر في روايتي هو أن هذا التيار السياسي كان دائما مهمَّشا في الأعمال السردية و الفنية التونسية و كأنه فكر مستهجن ، يعني يمكن أن نجد أعمالا فنية تتحدث عن التجربة السياسية الماركسية أو الإسلامية ولكن لا حديث عن دور القوميين في الجامعة وخارجها فدائما نجد حضورهم باهتا في حين أنهم قد كان لهم حضور مهم في الساحة السياسية التونسية و لكني لم أشأ أن أتعرض إلى ذلك بمنظور تاريخي أو تمجيدي ، فهذا الفكر كان دائما يعاني مشاكل مزمنة مازلنا نراها في الساحة السياسية التونسية ، هو فكر عانى التشرذم والتبعية لأنظمة و أشخاص و اصيب بنكسات كثيرة وهو حقا مثير للشفقة و في الرواية كان النقد الموجه إليهم لاذعا خاصة على لسان شخصية نيتشه أما في الشرق فإن تلك الشخصيات العربية كلها ( زهير – جيزال – ميلود – ابو يزيد – مجد ) كانت مأزومة ومتلاعب ( بفتح العين ) بها فكانت إما ضحية أنظمة عربية أو العوبة المخابرات الأجنبية ..المشروع القومي حلم رائع ولكنه يصطدم بالواقع المخزي و الفكر القومي ليس بحاجة إلى مُنظرين بل بحاجة إلى مراجعة و قراءة حقيقية للواقع و هو ما غاب عن كل تلك الشخصيات المترددة و المتباعدة ....

= هناك من يرى اننا نكتب ذواتنا .. فهل هناك ظلال لسيرة ذاتية في هذه الرواية ؟
الرواية ليست سيرة ذاتية وإنما هي ظلال لها ، فانا عايشت فترة الصراعات السياسية في الجامعة و رأيت قمع السلطة ومداهماتها الليلية لمبيتات الطلاب و نفيها للكثير منهم إلى رجيم معتوق إضافة إلى مظاهر التسلط المتنوعة التي كانت تمارس و قد تعرضت للاعتقال انا أيضا و شعرت في تلك الفترة القصيرة بمعاناة المعتقل و خوفه المرعب من النفي . فشخصياتي نبتت في تلك الأجواء و أكثرها تشرب تلك الأزمات.. أنا لا أهتم إن كانت تلك الشخصيات قد تعرفت إليها بقدر ما أرى أنها كانت نماذج عايشها الكثير من الذي درسوا في تلك الفترة .

=انتهيت من الرواية سنة 2001 و لكنها نشرت سنة 2012 .. فهل تطلب رواية كل هذا الوقت لترى النور ؟
الحقيقة أنني لم أكن أنوي أن أكتب رواية ربما كنت أميل إلى كتابة القصة القصيرة و لكن صفحات المهزلة كانت مجرد جملة مهزلة ثم أخذت تكبر شيئا فشيئا رايتها تنمو بين يدي قرأت معها " باب الحب مع المطاولة" كما يقول ابن حزم الأندلسي ، عاشرت شخوصها ورأيتهم يتخاصمون ويتحابون ويتقاتلون ، مع صفحات المهزلة عرفت حب مولودك الأول ، صفحات المهزلة لم تكن مولودي الروائي الأول كانت حبيبتي التي عاشت معي معاناة الكتابة و رهبة الولادة ، إنها روعة اللقاء و مرارة الفراق لنص قد اكتمل فتركك وحيدا تتعثر في الكلمات !

= يبدو انك كتبت روايتك بذكاء كبير على مستوى تركيبة الشخوص و بناء الاحداث و تقنية الكتابة و دقة المعلومات ( خاصة في تفاصيل الحرب الاهلية اللبنانية )
فكيف استعديت لهذه الرواية ؟
أهدي روايتي لأصدقائي الفلسطينيين واللبنانيين و الأردنيين الذين قدموا لي شهادات حية لمعاناة التهجيرالفلسطيني والحرب الأهلية اللبنانية ، هذه الشهادات تمتد من مذبحة تل الزعتر إلى سنة الاجتياح الاسرائيلي و ما ساعدني اكثرربما علاقاتي الوطيدة للكثير من العرب في المشرق و قد حاولت ان أحافظ على تلك الشهادات حتى تبرز البعد التاريخي لمعاناة الفلسطينيين من خلال اذكرالكثير من الأسماء والأماكن كما وصلتني و لكن كل ذلك لم يخل من مسحة تخييلية في بعض الأحيان .

= تبدو روايتك الاولى هذه " صفحات المهزلة " جيّدة.. بما يعني انك قد انطلقت ببداية ناجحة الا تعتقد ان هذا يجعل الامور اصعب بالنسبة اليك و اقصد ان عملك الروائي الموالي سيتعرض الى مقارنة شديدة ؟
بمعنى الم يكن من الافضل لك ان تبدأ بعمل متواضع و تتطور على ان تبدأ بعمل ناجح و يصعب المحافظة على النجاح ؟
نعم تبدو المسؤولية صعبة حين نحقق شيئا من النجاح في كتاباتنا الأولى ولكن إيماننا بدورنا في الرفع بمستوى الخلق الفني السردي التونسي وتغيير الفكر السائد في النظر إلى الإبداع ربما يجعلنا نسعى إلى تحقيق الأفضل لأن هناك الكثير من اللحظات التاريخية التي عاشتها تونس والتي هي بحاجة إلى الفضح ، أعود إلى ما بدأت به حديثي فالنموذج الذي أسير عليه هو بعض الكتاب العالميين ، فكيف لكاتب مثل غابرييل غارسيا ماركيز أن يؤرخ بشكل فانتازي لشعب امريكا اللاتينية من خلال الحديث عن قرية مغمورة ويكون أدبه متقبَّلا و منتشرا في العالم أجمع ، نحن ككتاب تونسيين مطالبون أن نُعمل سكين الإبداع السردي في تاريخنا المثخن بالجراح و الأكاذيب لابد من النظر إلى أنفسنا في مرآة مقعّرة ومهشّمة تكشف عوراتنا المتورمة القميئة ، هذا هو دور المثقف الحقيقي .

= كلمة الختام / ما هي مشاريعك الادبية القادمة ؟
لدي رواية بعنوان " أناشيد البنك فلويد " سترى نور النشر خلال السنة القادمة .



#فاطمة_بن_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة بن محمود - مع الروائي التونسي خيرالدين جمعة