اليسار المصري بين العزلة الجماهيرية والصراعات الداخلية

محمد بركات قبية

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 13:36
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    

عاش اليسار المصري منذ نشأته وظهور التنظيمات الإشتراكية والشيوعية والعمالية في بدايات القرن العشرين بين جدران العزلة الشعبية والجماهيرية وبعيداً كل البعد عن الطبقات الإجتماعية التي يدافع عنها مثل العمال و صغار الفلاحين والطبقات المهمشة في المجتمع متناقضاً مع أدبياته الفكرية التي تنادي دوماً بالإلتحام المباشر والغير المباشر مع تلك الطبقات الإجتماعية ، مما أفقده الظهير الشعبي و الجماهيري وتحول إلي تجمعات نخبوية بين المثقفين و الفنانين و الأدباء بالعاصمة وبعض مدن الوجهة البحري والصعيد .
و هذا لا ينفي بوجود بعض النقاط المضئية في تاريخ حركة اليسار المصري وخاصة في تاريخ الحركة الطلابية المصرية والحركة النقابية و العمالية و الفلاحية و لكن تلك النقاط المضيئة كانت تقوم علي الإمكانيات الفردية و القدرات الحركية لقيادات طبيعية وليس علي منهج علمي من خلال تنظيم سياسي متكامل الأركان .
ونتيجة تلك العزلة كتب علي اليسار المصري أن يلعب دور السنيد في الحياة السياسية المصرية منذ نشأته وظهور التنظيمات الإشتراكية والشيوعية والعمالية في بدايات القرن العشرين وحتي تاريخة بداية من تأييد حزب الوفد قبل الثورة و إنضام بعض اليسارين إلي الطليعة الوفدية مروراً بتأييد ثورة يوليو و المشاركة الفاعلة في إنجاح تلك الثورة – خالد محي الدين و يوسف صديق وغيرهم – و الخروج منها دون أدني مكاسب سياسية أو جماهيرية لليسار المصري .
و في تاريخنا المعاصر أبت قيادات اليسار أن تحيد عن نفس الأخطاء التاريخية بإصرارها علي عدم لعب دور فاعل و مستقل و ذاتي باليسار في الحياة السياسية المصرية ، منهم من فتح قنوات مع نظام مبارك وتاجر ببعبع الفاشية الدينية لتبرير تحالف مع نظام فاسد ديكتاتوري ، ومنهم من رأي أن التيار الليبرالي و الأخوان المسلمون و البرادعي هم أساس للجبهة الوطنية للخلاص من نظام مبارك و ذاب اليسار في تلك التحالفات (الجمعية الوطنية للتغير وغيرها) ولم يقدم اليسار المصري نفسة كتيار سياسي يقدم الرؤية والحلول للمشاكل الإجتماعية و الإقتصادية و أنه قادر علي لعب دوره في قيادة حركة الجماهير في تغير الواقع المصري و كأن اليسار المصري عنده بطحة في رأسة .
و قامت ثورة 25 يناير 2011 و اندهشت قيادات اليسار إلا القليل منها بحركة الشعب المصري وخروجة لمدة 18 يوم و إسقاط نظام مبارك وبدلاً من مراجعة و تحليل الأسباب التي أدت إلي فقد اليسار المصري البوصلة المجتمعية و زيادة العزلة بينه وبين طباقاته الإجتماعية أخذت تلك القيادات التاريخية و الوسطي و الشبابية و لا أستثني أحد علي الإطلاق من تقطيع البقايا المتبقية من اليسار بالتخوين و الإتهامات المتبادلة بالعمالة للداخل والخارج و اتهامات مستحدثة مثل أمنجي و دولتي وحكوكي ونحنوح و تناست تلك القيادات و العناصر دورها الأصلي و الطبيعي في العمل بين الجماهير من العمال و الفلاحين و المهمشين ليكون لليسار ظهير اجتماعي يجعل اليسار رقماً فاعلاً في المعادلة السياسية المصرية و ليس دور السنيد .
إنني أدعوا جميع المخلصين في اليسار المصري للعمل علي وحدة اليسار في الوقت الراهن لأننا علي وشك الإنقراض و أحذر بأن الإنتخابات القادمة ستكون كاشفة و صادمة ونهاية لليسار المصري إن لم يتم لم الشمل .

#محمد_بركات_قبية (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل