أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد الحرماوي - مسؤولية الحماية : تقييم تدخل الناتو العسكري في ليبيا















المزيد.....



مسؤولية الحماية : تقييم تدخل الناتو العسكري في ليبيا


محمد الحرماوي

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 21:00
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لقـد تولى حلف شمال الأطلسي السيطرة على جميع العمليات العسكرية في ليبيا تحت إشراف الأمم المتحدة، بناء على قرارات مجلس الأمن 1970 و 1973، في 31 مارس 2011.
وقـد تضمنت عملية الحامي الموحد التي قام بها الحلف ثلاث عناصر: فرض حظر على الأسلحة بدأ يوم 23 مارس 2011، ومنطقة حظر طيران بدأت يوم 25 مارس 2011، وحماية المدنيين من الهجوم أو التهديد بهجوم يوم 31 مارس 2011.

المطلب الأول: تنفيذ القرار1973
قـام حلف شمال الأطلسي منذ يوم 9 مارس 2011، وقبل صدور القرار 1973، بمراقبة جوية للبحر الأبيض المتوسط، بواسطة طائرات المراقبة الجوية بوينغ Boing E 3 ، وطائرات من نوع مقاتلات رافال القادفة بجراب الاستطلاع، حلقت من حاملة الطائرات شارل دي غول Charles Degaulle (R91). ويوم 19 مارس 2011، بدأت عمليات التحليق الجوي بدورية مكونة من 8 طائرات رافال Rafal ، حيث دامت العملية بالنسبة للمقاتلات التي خرجت من فرنسا 6 ساعات ونصف، نفذت دورية فوق ليبيا مدتها ساعتين ونصف، وبعدها في الحين التحقت أمريكا بطائرات F-18 على متن الحاملة يو أس أس l’USS Entreprise

أولا: تنفيذ الحظر الجوي
يـوم 24 مارس 2011، رصدت طائرة أواكس رادار للتحالف طائرات خرقت الحظر الجوي، بجهة مصراته على بعد 200 كلم شرق طرابلس، فقامت دورية من طائرات ميراج 2000 ورافال بتدمير طائرة مقاتلة غالب سوكو Soko G2 Galeb ، تابعة للقوات الجوية الليبية كانت تحط في مطار مصراتة وفي عين المكان يوم 26 مارس دمر ما لا يقل عن 5 طائرات من نوع غالب 2 و Mi35 .
شكلت المرحلة الأولى من تنفيذ القرار الأممي إزالة الدفاعات الجوية الليبية، من خلال قصفها في الأرض بما فيها من مسارات ورادارات، باستخدام صواريخ مضادة للرادار Messiles Anti Radar، وقنابل موجهة بالليزر .
لقـد صرح الرئيس ساركوزي يوم 19 مارس 2011، بأن الطائرات الفرنسية منعـت هجمات جوية على مدينة بنغازي، وفي نفس اليوم ستلتحق كـل من أمريكا والمملكـة المتحـدة بالعمليات، حيث أن 20 هدف متكونة مـن مراكز للاتصالات الاستراتيجيـة وأنظمـة الدفـاعات ومضـادات الصواريخ ضربـت ب 124 صـاروخ طوماهوك Missiles de croisière BGM-109 Tomahawk، أطلقت منSSGN - SNA ومدمراتClasse Arleigh Burke الامريكية و SNA بريطانية.
وقـد قامت طائرات تورنادو البريطانيةTornado GR4 ، آتية من قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني، القاعدة الجوية Raf Marham ، بقصف مناطق بجهة طرابلس، أما قاذفات القنابل الأمريكية B2 أطلقت حوالي 45 قنبلة JDAM على مطار غردابيا، 15 كلم جنوب سرت .
نفـذ الجيش الفرنسي غارة جوية على مواقع صواريخ مضادة للطائرات تقع على بعد 100 كلم جنوب طرابلس يوم 29 مارس، وفي اليوم الموالي نفذت نفس العملية على بعد 20 كلم جنوب سرت، وحسب التقديرات فإنه بتاريخ 4 أبريل 2011، جميع البطاريات من نوع S-200 Doubna, S-125 Neva, Missiles Sol-Air S-75 dvina و2k12kub قـد دمرت، باستثناء نوع 9K33OSA باعتبارها محمولة على مركبات متنقلة .
يوم 19 مارس قصفت الطائرات الفرنسية دبابات حربية تهدد المدنيين بمدينة بنغازي، بقنابل موجهة من نوع GBU 12 وBombes guidées laser GBU 12 AASM.
واعتبارا من 20 مارس ستشارك الى جانب الطائرات الفرنسية 15 طائرة أمريكية من السلاح الجوي الامريكي باستثناء طائرات B2 التي شاركت في الهجوم على القاعدة الجوية، هذه الطائرات من نوع F15E، وطائرات ويلد ويسلF16GG، 4 طائرات من نوع AV-8B Harrier II لسلاح البحرية الأمريكية، ستدمر مجموعة من السيارات والمركبات المدنية والعسكرية التابعة لنظام القدافي .
يـوم 23 و24 مارس ستطلق عملية جوية 7 صواريخ من نـوع missiles de croisière SCLAP ، من طائرات رافال وميغ 2000، لتدمر مستودعات الذخيرة ومراكز الصيانة وقاعدة جوية بالجفرة، وفي الليلة الموالية ستدمر الطائرات الفرنسية بقنابل GBU12، بطاريات مدفعية بعد تدمير 7 دبابات من نوع T-72 بواسطة طائرات تورنادو GR4 مسلحة بصواريخ مضادة للدبابات وطائرات ميراج 2000. ويوم 29 مارس 2011 قام السلاح الجوي والبحرية الفرنسية بتدمير مركبات مدرعة ومستودعات مهمة للذخيرة في مناطق مصراتة والزنتان .
وما بين يوم الخميس 31 مارس و 7 أبريل 2011، قامت طائرات القوات الجوية والقوات البحرية الفرنسية بما يقارب من 900 ساعة طيران، 120 طلعة جوية لدعم الحظر الجوي، 24 طلعة للاستطرع، 13 للكشف والمراقبة، 22 طلعة لتزويد الوقود، 28 طلعة لتزويد الوقود من نوع خاص، 22 خرجة للدفاع الجوي من الجنوب، وقد قامت الطائرات الفرنسية منذ فاتح أبريل بتدمير دبابة غرب مصراتة وفي اليوم الموالي دمرت 5 مركبات مدرعة في منطقة سرت، وخلال يوم 3 أبريل 2011، دمرت 3 ناقلات للدبابات بمنطقة رأس لانوف، ويوم 5 أبريل دمرت سيارة جنوب البريقة، وفي اليوم الموالي دمر موقعين لاطلاق مضادات الطائرات في جنوب زليطن و100 كلم جنوب سرت، وفي يوم 10 أبريل تدخلت قوات التحالف لانقاد المدنيين بعد قيام دبابات ومركبات تابعة للعقيد القدافي بقصف سكان أجدابيا ودمر 14 من تلك الدبابات والمواكب بضواحي مصراتة .
في يوم 27 أبريل 2011 قامت طائرات ميغ 2000 الفرنسية بقصف العديد من المركبات وخلال فاتح يونيو واليوم الثالث والرابع من نفس الشهر، سيتم قصف طرابلس بشكل مكثف وستقوم طائرات الايلكوبتر الحربية الفرنسية من نوع تيغر والايليكوبتر البريطانية، بتدمير 20 هدف عسكري منها 15 مركبة ومركزين للقيادة، وفي اليوم السابع سيقصف مقر العقيد القدافي وثكنة الحرس الجمهوري ب 60 قنبلة أدت الى 32 قتلى و 150 جرحى .
لقد قامت مروحيات ما بين يوم 9 و16 يونيو بأكثر من 250 طلعة جوية بزيادة 30 طلعة مقارنة مع الاسبوع الذي سبق، حيث أن 146 منها كانت هجومية على الارض، فدمرت 60 هدف مقسمة على 20 مبنى وأكثر من 40 آلية عسكرية، في منطقة مصراتة، طرابلس والبريقة، ويوم 13 يونيو قامت مروحيات تيغر وغازيل المنطلقة من حاملة المروحيات BPC tonner، بتدمير الدفاعات المضادة للطائرات والآليات العسكرية ومركبات وسفن ليبية في منطقة زليطن .

ثانيا: الحماية من البحر
لقد ساهمت سفن الناتو بالعديد من العمليات العسكرية من بينها، قيام الفرقاطة الفرنسية مونتكلم Montcalm بسواحل البريقة بقصف بطاريات مدفعية تابعة للقدافي في يوم 2 ماي 2011، وفي يوم 7 ماي قامت الفرقاطة الفرنسية كوربيتcourbet بتدمير بطارية إطلاق صواريخ متعددة الرؤوس كانت تقصف مصراتة، وخلال يوم 12 ماي قامت الفرقاطة الكندية MCSM charlottetown (FFH 339) والفرنسية والبريطانية HMS liverpool (D92)، بصد هجوم زورقين سريعين يريدان تفجير ميناء مصراتة، فتم قصفهم برشاش الفرقاطة charlottetown ومروحية من الفرقاطة liverpool وهم تحت غطاء حماية من بطارية إطلاق متعددة، تابعة للقوات الموالية للنظام، وبعد يومين سيتم تدمير 8 بارجات تابعة للقدافي .
لقد انتهت عملية الحامي الموحد التي قام بها الناتو في ليبيا يوم 31 أكتوبر 2011 على الساعة 23.59 بالتوقيت المحلي لليبيا.
وفي آخر إحصائيات للحلف بتاريخ 2 نوفمبر 2011 وصلت المشاركة إلى :
• القوات العسكرية:
أكثر من 260 آلية جوية (طائرات مقاتلة، طائرات المراقبة والاستطلاع، طائرات بدون طيار ومروحيات هجومية، طائرات التزود بالوقود).
21 آلية بحرية (سفن الإمدادات، فرقاطات ومدمرات وغواصات وسفن هجومية برمائية وحاملات الطائرات).
ما يناهز 8.000 جندي.
• العمليات الجوية:
أكثر من 26.500 خرجة، منها 9700 خرجة قصف جوي، بالإضافة إلى خرجات ضرب لتحديد الأهداف ولم يستعمل السلاح في كل مرة.
• الاستهداف:
دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية، وأكثر من 400 مدفعية وقادفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة.
• حظر الأسلحة:
تغطية منطقة المراقبة البحرية لحوالي 61000 ميل بحري مربع، حيث تم رصد أكثر من 3100 سفينة وصعد ما يقارب 300 سفينة وحرم 11 سفينة عابرة من وإلى الموانئ الليبية، لأن حمولتها كانت تشكل خطرا على السكان المدنيين.
• سلامة الأرواح في البحار:
ساعد الناتو على انقاد 600 مهاجر في محنة وسط البحر .

المطلب الثاني: تقييم عمليات الناتو في ليبيا
إن عملية الناتو في ليبيا ارتبطت بمصالحه الاستراتيجية، كما تداخلت بواجب حماية المدنيين، مما يستدعي تقييم هذا التدخل من الناحية الاستراتيجية والقانونية.

أولا: تقييم استراتيجي
منذ أن نشأ الناتو وهو يقوم بعمليات التخطيط الاستراتيجي، لصناعة الأهداف الاستراتيجية، وإذا ما قمنا بتحديد الهدف الاستراتيجية الذي كان بعيد المدى للناتو من العمليات العسكرية على ليبيا، لوجدنا أن الهدف هو السيطرة على مقدرات وموارد ليبيا الإستراتيجية من نفط وغاز ومعادن أخرى، وكذلك جعل ليبيا موطئ قدم للأوربيين في منطقة شمال إفريقيا، للانطلاق إلى إفريقيا في ظل ضعف النفوذ الأوربي الحاصل منذ عقد من الزمان، بفعل التنافس الأمريكي-الصيني على هذه القارة، بالإضافة إلى الموقع الجيو إستراتيجي الليبي وطول الساحل البحري، الذي يؤهل ليبيا لأن تكون محطة أوربية جديدة للنقل البحري من وإلى إفريقيا من خلال بناء الموانئ وتأمين الطرق الجوية الأوربية وكذلك القرب الجغرافي الأوربي الليبي، الأمر الذي شجع الأوربيين للقيام بهذه العملية العسكرية .
المصالح الإستراتيجية لأمريكا في ليبيا تجلت في إراداتها السيطرة على ليبيا من خلال التخلص من نظام القدافي المعادي لها، واستفادت شركاتها من عقود النفط والتجارة، وبغض النظر عن النفط والانتقام، فقد سعت أمريكا من خلال حملة الناتو الى مكافحة الاختراق الصيني في القارة، من خلال إبطائه بالتفوق العسكري والاستراتيجي، كما سعت أمريكا الى تحسين صورتها لدى المجتمع العربي باعتبارها تدعم الشعوب ضد الدكتاتورية، بعدما أصبحت مكروهة لدى الأمم من خلال دعمها للأنظمة القمعية، وقد تجلى هذا خلال الثورات العربية غير أنه سرعان ما قامت بترجيح الكفة للشعوب الثائرة كما جرى في ليبيا من خلال دعم الثوار والاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي والقيام بحملة سياسية من أجل فرض الحظر الجوي .
لقد طبع موقف الدول الأوروبية الالتزام والاحتياط في عملية التدخل، فإيطاليا وألمانيا اللتان ترتبطان بعلاقات اقتصادية وثيقة مع نظام القدافي يعتبرون المستفيدين الرئيسيين من النفط الليبي وسوق لتصدير منتوجاتهم في ليبيا، أما بريطانيا وفرنسا لم تبرم عقود متقدمة مع القدافي، ولا تستفيد من الثروات والأفضلية في التجارة مع ليبيا، ما جعلهما لا تترددان في الالتزام إلى جانب الثوار من خلال التدخل ضد النظام عكس التردد الألماني والايطالي .
تحديد الهدف المرحلي التكتيكي الذي كان شبه معلنا للناتو، هو إسقاط نظام العقيد القدافي، وبالتالي يؤسس هذا الهدف المرحلي الأول، للهدف المرحلي الثاني من خلال تشكيل حكومة ليبية انتقالية جديدة مدعومة كليا من قبل الدول الأوربية، أما الهدف المرحلي الثالث هو استغلال الوضع الانتقالي الليبي وتوقيع اتفاقيات بأفضلية استراتيجية بعيدة المدى بين الأوربيين والحكومة الليبية الجديدة التي شكلت تحت الرعاية الأوربية، ولكن بالعودة إلى الهدف المرحلي الأول لوحظ بأن الناتو قد فشل في الهدف التكتيكي الأول، حيث تجاوز المدة المحددة، فتعرض الهدف إلى التشويه في طريقة الأداء والفعل الاستراتيجي، ما دفع الناتو إلى تغيير تفكيره للخروج من المأزق الليبي .
لقد عملت القوات الجوية الفرنسية، الأمريكية والبريطانية على تدمير نظام الدفاع الجوي والعديد من العربات المدرعة والأسلحة الثقيلة، غير أن غياب الدقة أدى إلى إتلاف العديد من الموارد العسكرية والاعتدة في قصف خاطئ لمواقع لا تشكل أهدافا .
إن طرق العمل العسكرية كانت ملائمة للناتو، فقد اعتمد على المستوى التكتيكي من خلال الدعم المباشر للثوار وعلى المستوى الاستراتيجي القصف المباشر للاماكن التي يشك فيها الناتو بوجود القدافي، كما عمل على تشجيع انشقاق أتباعه لأجل تفكيك النظام .
بعد عدة ضربات نفذها الناتو تبينت محدوديتها وكانت غير حاسمة، لأن قوات النظام تكيفت للحد من تأثير العمليات الجوية وذلك باستعمال ناقلات عسكرية ومركبات يصعب تحديدها من قبل طائرات الاستطلاع بالإضافة إلى إخفاء السلاح ونقله الى ميادين القتال ليلا، كما عملت تلك القوات على الاختفاء في المناطق الحضرية، لتزيد من صعوبة القصف الجوي عند محاولة الناتو تجنب الأضرار العرضية في صفوف المدنيين .
لقد وصف رئيس الأركان الأمريكي الادميرال مايك مولين يوم 25 يوليوز 2011، وبعد 20 أسبوعا على الحملة العسكرية التي شنها الناتو على نظام وقوات القدافي، بأن الناتو في مأزق نتيجة تكيف قوات النظام مع تكتيكات الناتو .
هذا المأزق الذي وقع فيه الناتو، كان ناتجا حسب رأي الدبلوماسي باتريك هايمزده ، عن عدم وجود خطة بديلة، وهذا ما جعلهم يعتمدون على طائرات الإيليكوبتر لتكسر تكتيكات القوات الموالية للقدافي وعلى أن تقلل من الأضرار العرضية، لقد أصبح الناتو محكوم بضرورة الفوز من خلال قتل القدافي أو مواجهة التورط في الأزمة لوقت غير معلوم، لهذا أصبحت الدعاية اليومية لحلف الأطلسي بأن أيام القدافي باتت معدودة .
لقد ارتكب الناتو بعض الاخطاء، حين بالغ في تقدير القدرات العسكرية للثوار، ومقدرتها على الربح خارج أقاليم اصلهم، فقد لقي الثوار مرارا عدم الترحيب بهم في بعض المدن التي كانت قبائلها متحالفة مع القدافي ولا تريد دخول الثوار، كما جرى في طرابلس، سرت وبني وليد، حيث اعتبروا الثوار كمحاربين وليس محررين . كما أن الناتو قلل من الإرادة القوية للقدافي في المقاومة، وبأنه لن يغادر البلاد ويريد القتال إلى حدود أخر جندي وأخر رصاصة عنده . كما أن الناتو لم يعلم بأن الدكتاتورية في ليبيا كانت لها قاعدة شعبية بجهة طرابلس وبعض نواحي فزان،ساهمت في إبقاء القوات الموالية صامدة لمدة طويلة ضد الثوار والناتو الذي مدد مدته بعزيمة قتل القدافي للخروج من ورطة ليبيا .
لقد فشلت العمليات العسكرية جزئيا، لأنها لم تستطع الانتقال من الهدف المرحلي الأولي التكتيكي الى الهدف المرحلي الثاني، ولعل هذا الفشل كان ناتج عن انسحاب المقاتلات الجوية ومعدات الدعم اللوجستي المهمة للولايات المتحدة الأمريكية وتركت الأوربيين بقيادة فرنسا، إيطاليا وبريطانيا، بدعم طفيف من قطر والإمارات، وباقي الدول الأوربية في الحلف ، تحرك الناتو بسرعة لإنجاز مهمة حماية المدنيين، بعدما نقلت قيادة العمليات للحلف، حيث قبلها نفذت فرنسا وبريطانيا عملية إنقاد بنغازي (أسطورة انقاد بنغازي)، لكن في الحقيقة، قوات القدافي كانت أقل من ألف جندي يرافقها كحد أقصى عشرون آلية، ولم يكن ليدها الوسيلة لارتكاب حمام دم في بنغازي التي تبلغ مساحتها أكثر من 30 كلم في الطول وتعداد سكانها 800 ألف نسمة، مع العلم أن جهة برقة كلها محررة، ويتوفرون على السلاح منذ الأيام الأولى للانتفاضة.
فالتحليق الجوي الفرنسي وتدمير دبابات القدافي (4 في الحقيقة)، وفك الحصار على بنغازي وحماية السكان من المجزرة الوشيكة على جهة برقة، ما هي الى دعاية أسست لمبررات الحرب ولم تكن سوى عملية دعاية لفرنسا ونجاج أولي مزيف .
منذ البداية طالبت الدول الأعضاء في الناتو ومعها الدول العربية الصديقة، تدخل الحلف وتوليه القيادة، لضمان التنسيق الفعال مع الدول 18 المشاركة في العمليات، بل إن بعض الدول من خارج الحلف لعبت دورا مهما ، ما يدل على تنسيق الناتو مع جميع الحلفاء لانجاز المهمة في ليبيا، وإذا كان الحلف قد نجح في إدماج دول من خارجه في العمليات فذلك لأنه يتوفر على القيادة العسكرية الوحيدة في العالم ذات الطبيعة المتعددة والهياكل المتنوعة التي تجعل من هذا التنسيق الصعب أمرا ممكنا .
تطلب استمرار التدخل الأطلسي إلى حاجة للقدرات العسكرية العالية لدى الدول الأعضاء، فقد نفذت طائرات الحلف أكثر من 26 ألف طلعة جوية وحوالي 10 آلاف عملية قصف، وفي ما لعبت الولايات المتحدة الدور الريادي في بدايةالعمليات، تراجعت للخلف مفسحة المجال لباقي الدول، ومكتفية بتوفير الدعم اللوجستي من خلال المراقبة الجوية، وفي المجمل لم تشارك الطائرات الأمريكية إلا ب 10% من عدد الطلعات الجوية للحلف، حيث تكلفت الدول المشاركة، لا سيما المملكة المتحدة وفرنسا، بتنفيذ نصف الطلعات الجوية فوق ليبيا، مع مشاركة مهمة من بلدان مثل بلجيكا وكندا، الدنمارك وإيطاليا والنرويج وبعض المساعدة من هولندا وإسبانيا والسويد وتركيا .
نفور الولايات المتحدة لأول مرة في تاريخ العلاقات الأورو-أطلسية من تولي القيادة العسكرية لعمليات الناتو، جاء لعوامل عدة، على رأسها الأزمة المالية الطاحنة، والمزاج القومي الأمريكي الرافض لحروب أخرى ممتدة في منطقتي الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، إضافة إلى تنامي إدراك النخبة السياسية والعسكرية في واشنطن، عدم جدية الحلفاء الأوربيين في المشاركة في تحمل أعباء مثل هذه التدخلات العسكرية .
لقد أثبتت السنة الماضية ثلاث وقائع مهمة للأوروبيين عن وضع الدفاع الأمريكي:
أ- بلغ الإنفاق على الجيش في أمريكا مستويات عالية، حوالي 700 مليار دولار، لدرجة أن مؤيدي تخفيض العجز العام يجدون صعوبة في تجاهله، لذا لا مفر من فرض تخفيضات على الإنفاق العسكري الدفاعي.
ب- أصبحت الولايات المتحدة تتوق أكثر من أي وقت مضى الى تقبل الاضطلاع بدور المتفرج في أي "حرب اختيارية" تندلع في جوار أوروبا. لقد حملت حرب ليبيا دروسا مهمة، فكانت أوروبا هي التي أخذت زمام المبادرة الأولى، من خلال أبرز قوتين عسكريتين، فرنسا وبريطانيا، منذ الحملة السياسية في مجلس
الأمن، وهذا يؤكد انقلاب الأدوار التي كانت تؤديها أوروبا والولايات المتحدة في سماء صربيا وكوسوفو منذ 12 سنة، حيث كانت أمريكا في القيادة.
ج- تتجه مصالح الدفاع الأمريكي نحو آسيا بشكل متزايد في ظل نشاط قوي للصين في محيط المصالح الإستراتيجية الأمريكية، ومن البديهي إذن أن تخفف الولايات المتحدة من حجم التزامها في أوروبا .
الخفض المتتالي في مستويات الانفاق الدفاعي للحلفاء الأوربيين أثر بانعكاساته السلبية على هياكل القوة العسكرية والقدرات العسكرية المتوفرة لدى هؤلاء الحلفاء، من الناحيتين الكمية والنوعية معا، فمنذ عقد مضى كانت الولايات المتحدة مسؤولة على 50% من إجمال الانفاق الدفاعي لدول الناتو، وقد تصاعدت هذه النسبة حاليا لتصبح 75% من إجمالي هذا الانفاق، في الوقت الذي يصل فيه إجمالي الناتج القومي لدول الناتو الأوربية إلى 127% من الناتج القومي الأمريكي، بينما لا تحقق سوى 4 دول فقط من هذه الدول الـ 26 النسبة المقررة للانفاق الدفاعي وهي 2% على الأقل من الناتج القومي، الأمر الذي دفع اللورد جورج روبرتسون وزير الدفاع البريطاني الأسبق وأمين عام الناتو الأسبق إلى القول أن" الناتو أصبح نمرا من ورق في بيئة دولية معقدة وخطيرة لأن بعض الدول تضع مصالحها الوطنية وخصوماتها الساذجة قبل العمل الأمني الجماعي.." ليس لدينا قوات قادرة على الانتشار الخارجي بصورة كافية، ولا موارد بحرية تسمح بإدامة حملة قصف فعالة، ولا عدد الطائرات لقدرات قصف دقيق.. كل ما لدينا بضاعة خاطئة من زمن الحرب الباردة ومع ذلك نزعم أن أوربا مسلحة جيدا فقط لأننا ننفق 300 مليار دولار سنويا على الدفاع."
لقد كشفت السنة الماضية عن ضعف المنظمتين الموجودتين في أوربا، الناتو والاتحاد الأوربي، فمن وجهة نظر حلف الناتو، نشأت نزعتان مقلقلتان، فعل الرغم من الدعم السياسي الذي حصلت عليه عملية "الحامي الموحد"، شارك أقل من ثلث حلفاء منظمة الأطلسي في المهمات العسكرية، وساهم أقل من نصفهم في تقديم الوحدات العسكرية.
لقد التزمت بعض البلدان بعمليات أخرى لحلف الأطلسي على نطاق واسع مثلا في أفغانستان وكوسوفو، لكن قد تظن تلك الأطراف أن المساهمة في مهمة أخرى ستؤدي إلى استنزاف إمكانتها، حيث تفتقر أطراف أخرى إلى الموارد الجوية والبحرية اللازمة التي يمكن استخدامها للتعاون مع عمليات الحلفاء. ومن جهة تراجع الانفاق في المجال الدفاعي يعزى للازمة المالية الحالية التي غيرت منطق العلاقات الدولية وفتحت حقبة تتزايد فيها الخصومات الجيوسياسية الشائكة .
إن التراجع الأمريكي من التدخل بليبيا، بين للأوروبيين أنهم يحتاجون الى الكثير من العمل الشاق والوقت الطويل لكي يلعبوا دورا مستقلا عن الولايات المتحدة، كما تبين لأوربا بأن العمليات العسكرية باهظة الثمن. وأن الولايات المتحدة مستاءة جدا من الأوربيين لأنهم دائما ما كانوا يأتون لكي يتقاسموا الغنائم مع الأمريكيين في الكثير من عملياتها، ويقول مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغينيو برجنسكي، "أن الأوربيين يلزمهم الكثير من العمل والوقت لكي يستطيعوا أن يخططوا لأنفسهم طريقا مستقلا عن الولايات المتحدة" .
فيما يخص الاتحاد الأوربي، فإنه يواجه عائقين أساسيين فهو يفتقر إلى الإمكانات المدنية والعسكرية اللازمة والعائق الثاني يتعلق بالبنية المؤسساتية في الاتحاد الأوربي وطريقة عملها، فالمؤسسات الإدارية المسؤولة عن السياسة الخارجية والأمنية بما فيها هيئة العمل الخارجي الأوربي لا تزال قيد البناء .
لقد كان الدفع الفرنسي البريطاني في اتجاه التدخل بمثابة أحدث مثال للسياسة الخارجية، يضرب بواسطة عدد ضئيل من البلدان الأعضاء البالغة النشاط، والواقع أن التوصل الى اتفاق حول أي شيء أمر بالغ الصعوبة بالنسبة للبلدان الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد الأوربي، فمثلا لم تكن ألمانيا راغبة دوما في المشاركة في التدخل، والواقع أن امتناعها عن التصويت لقرار مجلس الأمن رقم 1973، الذي وضعها في نفس المعسكر مع البرازيل وروسيا والهند والصين، إشارة واضحة على أن سياستها الخارجية تتأثر بالمخاوف الاقتصادية أكثر من تأثرها بالتضامن الأوربي، وقد لاحظ تقييم المجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، أن جهود ألمانيا في التعامل مع الأزمة الاقتصادية لم تترك حيز كبير للشؤون الخارجية، لكن التحفظ الألماني لم يشل أوروبا، وقدر التقييم الانقسام الأوربي باعتباره سببا لإخفاق أوروبا على الساحة العالمية، ولكن الدرس المستفاد من التدخل في ليبيا هو أن الانقسام يمكن تجازوه إذا توافرت الإرادة، رغم أن هذه الانقسامات بين بلدان الاتحاد كانت سبب في التأثير على قدرة الممثلة العليا كاثرين اشتون على التحدث باسم أوروبا فيما يتصل بقضية ليبيا، لكن من المتوقع مع تنامي أزمات دول جنوب المتوسط أن تنشأ سياسة خارجية أوروبية أكثر تماسكا .
بالعودة إلى حلف الأطلسي، نجد بأنه كان يعاني من عدم التنسيق بين الدول في تبادل المعلومات الاستخبارية، وأفتقر إلى المخططين المختصين والمحللين وأعتمد كليا على طائرات الاستطلاع الأمريكية، ورغم المشاركة الضعيفة لأمريكا، كانت لدى الحلف سوى 40% من طائرات اعتراض الاتصالات الالكترونية، كما أن المعلومات الاستخبارية كانت تستقى من قواعد وبينات لدول منفردة، ولا تنقل بشكل سريع لأعضاء الحلف والشركاء، لأسباب ربما تتعلق بالسرية والإجراءات والصحة، كما أن قيادة الحلف في إيطاليا عانت من نقص في المستشارين القانونيين ومخططي الشؤون اللوجيستية والمتخصصين في إختيار الأهداف. هذا الأمر سيدفع الحلف في شهر فبراير من هذه السنة إلى الدعوة من خلال المبادرة الفرنسية بدعم من الإدارة الأمريكية إلى امتلاك أنظمة مراقبة جوية-أرضية متخصصة في تعقب واستهداف القوات البرية المعادية، بالإضافة الى الزيادة في أسطول الحلف من طائرات التزود بالوقود .
رغم ضعف مقدرات الناتو والقوات البرية للثوار ومحدودية عملية الحظر الجوي وبطئه، نجح الناتو في تحقيق بعض الاهميات الجيوسياسية والجيوطاقية، تعود على دول التحالف بالمكاسب، فقد حطم الناتو الترسانة العسكرية الليبية وقضى على أي تطلعات للتسلح النووي أو البيولوجي أو الكيماوي لدى نظام القدافي، وقد نجح في اكتشاف ما خفي من القدرات العسكرية لقوات القدافي وتعرف على العقلية العسكرية المسيطرة على النظام الليبي، وتخلص من القيادة التي كثيرا ما أزعجت أمريكا وأوروبا، كما قامت دول التحالف بتجربة الأسلحة الجديدة المطورة مثل صاروخ توماهوك وتجربة فعالية الطائرات المقاتلة الجديدة .
كما قام الحلف بالحد من التهديدات الأمنية المتوجهة لدول أوروبا، كموجات الهجرة غير الشرعية لأوربا خصوصا لدولة إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وقطع الطريق على المنظمات الإسلامية المتشددة والإرهاب من الحصول على موطئ قدم في البحر المتوسط لكي تسهل عليها تنفيذ عملياتها في أوربا أو استنساخ تجربة القراصنة الصوماليين في منطقة استراتيجية كالمتوسط، اعتبارا من أن تنظيم القاعدة ينشط بشكل كبير في منطقة إفريقيا .

ثانيا: تقييم قانوني
يجري الآن الترويج الى اعتبار النموذج الليبي الأمثل الذي يجب الاحتداء به في "التدخل الإنساني" وتطبيق "مسؤولية الحماية" أثناء الأزمات الدولية الإنسانية، ولكن السؤال المطروح هو ما إذا كان حلف الناتو التزم بالتفويض الممنوح له في القرار رقم 1973 الذي أجاز له التدخل العسكري أم تعداه وتجاوز السلطات الممنوحة له؟.
نعتقد بأن الناتو قد تجاوز ولاية القرار 1973 في ثلاث مواضيع، الأول قصف السكان والمباني التي لا تشكل أهداف عسكرية، الثاني من خلال السعي وراء قتل القدافي، الثالث من خلال توريد وتزويد الثوار بالسلاح.
أ-قتل المدنيين:
ذكرت لجنة التحقيق الدولية المعنية بالتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي المدعى وقوعها في الجماهيرية العربية الليبية في تقريرها ليوم 1 يونيو2011، بأنه فيما يخص الادعاءات المرتبطة بسير منظمة حلف شمال الأطلسي للعمليات القتالية، ليس في استطاعت اللجنة في تلك المرحلة أن تقيم مصداقية المعلومات الواردة بشأن الهجمات العشوائية التي شنت على المدنيين، وأن اللجنة لم تقف على أدلة تعمد استهداف المدنيين أو المواقع المدنية ولا إلى مشاركة هذه القوات في هجمات عشوائية . في تقرير اللجنة لشهر مارس 2012، قالت بأن طائرات الناتو قامت ب 17.939 طلعة جوية مسلحة في ليبيا، واستخدمت ذخيرة دقيقة التوجيه على وجه الحصر. وقد اخبر الناتو اللجنة أنه اتبع معيارا صارما لجعل عدد الضحايا المدنيين "صفرا" سواء من ناحية القتلى أو المصابين. وقد وجدت اللجنة أن الناتو لم يتعمد استهداف المدنيين في ليبيا، أما بالنسبة للأهداف القليلة التي ضربت ضمن المراكز السكنية، فقد اتخذ الناتو احتياطات مكثفة لضمان عدم قتل المدنيين، مع ذلك كان هناك عدد قليل من الضربات الجوية لم يتح الرد الذي قدمه الناتو بشأنها إلى اللجنة، التوصل إلى الأساس المنطقي الذي بنيت عليه، أو ظروفها، وليس بمقدور اللجنة، من دون تفسير إضافي أن تحدد إن كانت هذه الضربات تتماشى مع هدف الناتو في تجنب إصابة المدنيين تماما، أو إن كان الناتو قد اتخذ جميع الاحتياطات الضرورية لتحقيق ذلك.
وتوصيف الناتو لأربعة من الأهداف الخمسة التي وقعت اللجنة فيها على إصابات مدنية بأنها "نقاط تحكم وسيطرة" أو "مناطق تنظيم وتجهيز للقوات"، لا تعكسه الأدلة المتواجدة في تلك المواقع ولا شهادات الشهود. وليس بمقدور اللجنة أن تحدد بسبب الافتقار إلى المعلومات الكافية، ما إذا كانت الضربات قد استندت إلى استخبارات غير صحيحة أو قديمة، وإذا كان الأمر كذلك، فإنها لا تكون منسجمة مع هدف الناتو في اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لتفادي إحداث خسائر في المدنيين تفاديا تاما .
إن التقييم والنتيجة التي توصلت لها اللجنة في تقريرها، هو أن الناتو نفذ حملة شديدة الدقة بعزم واضح على تجنب إصابة المدنيين، وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد، لكن اللجنة تأكدت في بعض الحالات المحدودة من وقوع خسائر بين المدنيين كما وجدت أهدافا لا يوجد دليل على استخدامها لأغراض عسكرية، ولم تتمكن من التوصل الى استنتاجات في مثل هذه الحالات استنادا إلى المعلومات التي قدمها الناتو وهي توصي "بمزيد من التحقيق" .
ومن التوصيات التي خرجت بها اللجنة، دعوة الناتو إلى:
أ-القيام بتحريات في ليبيا لتحديد مستوى الخسائر المدنية، ومراجعة كيفية عمل إجراءاته خلال عملية الحامي الموحد.
ب-"تطبيق التوجيهات غير الملزمة الخاصة بالتعويض في حالة الخسائر المدنية أو الأضرار بالممتلكات المدنية الناجمة عن النزاع (الناتو 20 سبتمبر 2010)"، على الخسائر المدنية في ليبيا الناجمة عن عملية الحامي الموحد، ويفضل أن يكون ذلك بالتعاون مع جهود المجلس الوطني الانتقالي الرامية إلى تعويض أضرار المدنيين في أنحاء البلاد . كما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من اللجنة المزيد من المعلومات بشأن الحوادث الخمسة التي أوردتها اللجنة في تقريرها .
أما حلف الناتو فقد رحب وعبر عن رضاه على لسان المتحدثة باسم الحلف أنا لوغانسكو بنتائج التحقيق وأنه قام بكل ما في وسعه لتفادي خطر سقوط مدنيين، ولكن الطابع المعقد لعملية عسكرية من هذا القبيل لا يمكنه تجنيب سقوط ضحايا بشكل تام. وأعربت عن أسفها الشديد لسقوط ضحايا في صفوف المدنيين قد يكون الحلف تسبب فيها . وقد اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بأن الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي كانت متناسبة مع قرارات مجلس للأمن .
لقد قامت بعض المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، بالتحقيق في غارات الناتو التي تسببت في مقتل المدنيين وتوصلت إلى أن بعض المواقع لا تشكل أهداف عسكرية، ولابد أن يقوم الناتو بالتحقيق وإعطاء الإجابات الواضحة حولها. لقد توصلت منظمة هيومن رايتس ووتش من خلال تحقيقها بمواقع القصف خلال وبعد الصراع إلى أن غارات الناتو الجوية أسفرت عن مقتل 72 مدنيا، ثلثهم من الأطفال تحت سن 18 عاما منهم 20 امرأة و 24 طفلا.
تقرير هيومن رايتس ووتش يعد أكثر التحقيقات شمولا حتى الآن في الضحايا المدنيين من جراء الحملة الجوية، ويقدم تقديرا لعدد القتلى أكبر من وثيقة أعدتها منظمة العفو الدولية في مارس 2012، وثقت مقتل 55 مدنيا من بينهم 16 طفلا و 14 امرأة .
تقرير "قتلى غير معترف بهم: الخسائر البشرية في حملة الناتو الجوية على ليبيا"، يفحص تفصيلا تماني غارات جوية للناتو في ليبيا أسفرت عن مقتل 72 مدنيا.
يقول فريد أبراهامز، استشاري خاص بالمنظمة وكاتب التقرير الأساسي" اتخذ الناتو خطوات هامة من أجل تقليص الخسائر في صفوف المدنيين أثناء الحملة على ليبيا، لكن هناك حاجة لمعلومات وتحقيقات لفحص أسباب وفاة الـ 72 مدنيا، لا يسمح بالهجمات إلا إذا استهدفت أهداف عسكرية، وما زالت هناك أسئلة بلا إجابات في بعض الوقائع عن ما الذي كانت قوات الناتو تسدد ضرباتها إليه تحديدا .. الرعاية التي أولاها الناتو للمدنيين أثناء حملته يقوضها رفضه التحقيق في مقتل عشرات المدنيين.. لابد من تعويض الضحايا على الهجمات التي تمت خطأ، ولا بد من التعلم من الأخطاء وتقليص الخسائر في صفوف المدنيين في أية حروب مستقبلية."
في سبع مواقع موثقة من ثمانية في التقرير، لم تتوصل هيومن رايتس ووتش إلى وجود مؤشرات –أو مؤشرات محتملة فقط- على تواجد القوات الليبية أو أسلحة أو معدات أو أجهزة اتصالات في المكان وقت الهجوم. تثير هذه الملابسات أسئلة جدية حول إن كانت البنيات التي تم ضربها –وهي جميعا سكنية- أهدافا عسكرية مشروعة. في الموقع الثامن، حيث قتلت ثلاث سيدات وطفلة، ربما استهدف الهجوم ضابطا عسكريا ليبيا. ويبقى الحادث الأكثر جسامة الذي يوثقه هذا التقرير، الذي وقع في قرية ماجر على مسافة 160 كلم شرقي طرابلس العاصمة في يوم 8 غشت 2011، عندما ضربت غارات جوية للناتو، مجمعين سكنيين لعائلات، مما أودى بحياة 34 مدنيا وأصاب أكثر من 30 آخرين .
في جميع الحوادث التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، توفر المقابلات المنفصلة مع الضحايا والشهود تفاصيل لملابسات الموقف وقت الضربة الجوية، لكن لم توفر هذه المقابلات أي مؤشر على وجود أنشطة عسكرية في الجوار. صور القمر الصناعي الملتقطة قبل الضربات في خمس مواقع لا يظهر منها أدلة أو بوادر على أي حضور عسكري يجعل ضرب هذه المناطق أهدافا عسكرية مشروعة .
وبالتالي وجب على حلف الناتو أن يحقق في جميع الهجمات التي يحتمل أن تكون غير قانونية، وان يتم إعلام مجلس الأمن – الذي فوض الحلف بالتدخل العسكري في ليبيا- بنتائج هذه التحقيقات وأن يعوض الضحايا المدنيين من الخسائر التي تسببت فيها دول حلف شمال الأطلسي.
ب-مقتل القدافي، نتيجة أم هدف
يرى الكاتب والدبلوماسي السابق في ليبيا، باترك هايمزده بأن الغرض من الحرب والولاية التي حددها القرار 1973 هي حماية المدنيين، غير أن هدف الحرب الذي كان هو رحيل القدافي أو موته ضمنيا أصبح صريحا تدريجيا، حتى أنه يشكل شرطا وضعه الناتو لوقف عملية القصف، فالسعي وراء القدافي يعني توسيع قراءة القرار 1973، أي انتهاك إطار الولاية من وجهة نظر القانون الدولي، ويضيف الكاتب الى أن قصف أماكن مدنية، كان بعيدا عن حماية المدنيين خصوصا في طرابلس .
أما الكاتب جون باتيست جون جين فلمير، يرى بأنه لا ينبغي الخلط بين التدخل الإنساني لدرء خطر محتمل أو وشيك والتدخل الذي يهدف إلى قلب النظام، الكاتب مع النوع الأول من التدخل عندما تتوفر فرص النجاح مثلا في ليبيا وليس سورية، لأن الديمقراطية لا تفرض من الخارج، تغيير النظام قد يكون وسيلة أو نتيجة للتدخل ولكن ليس سببا، وإذا كان هناك من يظن بأن الناتو تجاوز ولاية القرار 1973 يجب أن يجيب على السؤال التالي، هل كان من الممكن حماية المدنيين دون إسقاط القدافي، عندما كان التهديد الرئيسي لهم؟.
لم يكن تغيير النظام في ليبيا هدف للحرب كما في العراق ولكن نتيجة منطقية باعتبارها وسيلة لتنفيذ القرار، لكن باترك هايمزده يخالف هذا الرأي تماما لأن القرار تحدث عن الحماية وليس تغيير النظام . يرى فلمير بأنه إذا كان تغيير النظام نتيجة منطقية، فهذا لا يعني بأنه لا توجد بعض الانتقادات الموجهة للناتو، حيث يطرح السؤال لماذا تم ضرب قافلة القدافي عندما هربت من سرت يوم 20 أكتوبر 2011 والتي مكنت من الإمساك به، في حين أن القافلة لم تكن تهدد حياة أي مجموعات مدنيين .
لقد صرح سابقا وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغي في مؤتمر صحفي بباريس يوم 15 أبريل 2011، بأن إعلان الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساكوزي ورئيس الوزراء البريطاني أنهم لا يتصورون مستقبل ليبيا في وجود معمر القدافي يعني تجاوز قرار مجلس أمن رقم 1973، لأنه لم يتطرق لمستقبل القدافي ولم يتحدث عن إزاحته ، إذا كان أوباما وكاميرون وساكوزي، قد صرحوا بأن مهمتهم بموجب القرار 1973 هي حماية المدنيين، وذلك ما يفعلونه وليس الإطاحة بالقدافي، فإن الأحداث المتتالية في ليبيا تتبث العكس . فقد دعا عضو بالكونغرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي دافيد كوسينيتش، يوم 15 يونيو 2011، المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمة حلف الأطلسي عن انتهاكات القانون الدولي في ليبيا ومحاولة اغتيال الزعيم الليبي معمر القدافي، وهذه الدعوة جاءت على ضوء التصريحات العلنية لمسؤولي الحلف بأن القدافي أصبح هدفا مشروعا لعمليات الحلف في ليبيا . وقد أكد مدير مركز الدراسات الأمنية والسياسية بالجزائر الأستاذ محند برقوق، أن سقوط نظام القدافي كان منتظرا بحكم وجود إرادة دولية منذ 19 مارس 2011 في اجتماع باريس، كما أن الناتو تخطى القرار الاممي وتحولت مهمته من حماية المدنيين الى تغيير النظام السياسي في ليبيا، وهذا خارج إطار القرار 1973 الذي لم ينص على تغيير النظام .
الباحث جيروم سليتر، يرى بأن الغرض من تدخل حلف الأطلسي لم يعد مجرد إنقاد الأرواح، ولكن للتخلص من القدافي ونظامه منذ شهر أبريل 2011 .
ويساند الكاتب باسكال بونيفاس طرح جيروم، حيث اتجهت العمليات في ليبيا الى تغيير النظام، وقد كان الأشخاص الذين يفضلون " التدخل " على " مسؤولية الحماية " يشرون الى أن روسيا والصين ستشكلان دائما عائقا أمام الاستناد إليها في مجلس الأمن، غير أن القرار 1973 جاء ليفند هذه المزاعم، حيث لم تكن الصين و روسيا ترغبان في أن تتحملا المسؤولية عن مجزرة كانت تبدو مؤكدة، من خلال تصويتهما ضد القرار. غير أن الانتقال من "مسؤولية الحماية" إلى "التدخل الكلاسيكي" يعني نزع الشرعية عن الأولى، وسيكون من الصعب جدا في المستقبل الاستناد عليها إذا بدت كحيلة من أجل حمل الآخرين على قبول ما كانوا يرفضونه، أي تغيير نظام ما عن طريق الحرب، وعلاوة على ذلك، فإن شكوك البلدان المترددة في التصويت لصالح تدخل عسكري من أجل حماية مدنيين مهددين ستزداد وتتعزز ، لذلك لا
يجب أن تنتظر سورية قرار شبيه بقرار 1973 لأن الفيثو الروسي والصيني لن يحيد أبدا. لأنه في نظرهم أخطؤوا عندما امتنعوا عن التصويت على القرار 1973 الذي تم خرقه وتحول لعملية قتل القذافي.
في كتاب "الحرب اللاشرعية على ليبيا" الذي حررته الكاتبة سانتيا مكني والذي صدر ضمن مشروع كرامة المتخصص في البحوث المعادية للحروب، أورد على أن حرب الناتو على ليبيا جريمة ترقى الى مستوى جرائم الحرب، لأنه خلف فضائع من جراء قصف المدن، خصوصا في طرابلس العاصمة، وألحق أضرارا بالمنشآت المدنية والاقتصادية، إضافة الى قتل المدنيين، كما أن هدف حرب الناتو على ليبيا لم تكن حماية المدنيين بقدر ما كانت تحريض للثوار على نظام معمر القدافي، فالحرب لم تكن أبدا تهدف إلى إنقاذ الشعب الليبي بقدر ما كانت فرصة للقضاء على القدافي والإزعاج الذي يشكله للدول الغربية في إفريقيا.
لقد كان هناك تنسيق إجماع لتغيير النظام، من خلال الإعلام الدولي المتحكم به وتوظيف منظمات حقوق الإنسان من أجل شرعنة الحرب على القدافي، الكتاب ينظر إلي مسألة إسقاط القدافي من منظور السعي الإمبريالي للهيمنة على العالم، وهنا تنبعث رائحة النفط كما في الحربين علي العراق من قبل، فالناتو والغرب تجاوزوا القرار1973 لإسقاط القدافي ناهيك عن تواجد قوات برية على الأرض، وأسر الرئيس وتفاصيل قتله والتمثيل بجثمانه.
فهدف إسقاط النظام جاء في إطار هيمنة إمبريالية على إفريقيا على نحو خاص ومصادر الطاقة في العالم ضمن مشروع القرن الأمريكي الذي يهدف إلى التخلص من سبعة أنظمة "مارقة" هي ليبيا، اليمن، السودان، لبنان، سوريا، العراق، إيران .
لقد انتقد رئيس الوزراء الروسي فلاديمر بوتن الديمقراطية التي تسمح بأن تعرض للعالم صور قتل الزعيم الليبي معمر القدافي، مشيرا إلى أن طائرات أجنبية من دون طيار، بينها طائرة أمريكية قضت عليه من خلال قصف القافلة ومن ثم جرى باللاسلكي وبمساعدة القوات الخاصة الأجنبية التي ما كان يجب أن يكون لها وجود في المنطقة، استدعوا أفراد المعارضة والمسلحين وأعدم القدافي من دون التحقيق أو محاكمة .
ردا على بوتن، قال وزير الدفاع الأمريكي، ليون بنيتا بأن تصريحات بوتين لا أساس لها من الصحة، لكن نجد أن محمود جبريل رئيس الحكومة الليبية المؤقتة سابقا، قد ألمح إلى ذلك عندما قال في تصريح صحفي إن "مقتل القدافي قد يكون استجابة لأوامر جهات أجنبية"، وفي تصريح لسيف الاسلام القدافي، أسبوعا قبل تصريح بوتن، قال بأنه اتصل ساعات قليلة قبل مقتل والده، مؤكدا أن أمريكا وافقت على نقله الى جنوب البلاد بشكل أمن لكنهم اغتالوه .
على الرغم من وجود فقرة خاصة في تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ليبيا، تطرقت لمقتل معمر القدافي وولده المعتصم، إلا أن استنتاجات القانونيين بدت غريبة، فقد أكدت اللجنة على الرغم من تكرار الطلب لم تحصل على نتائج التشريح بل فقط صور الجثة وهو الامر الذي لا يسمح بتحديد سبب الوفاة، هذا الامر جعل اللجنة تقرر بأنه "لا يمكن وصف وفاة معمر القدافي كجريمة حرب" . لكن هل قتل الأسرى لا يعتبر جريمة حرب ؟، مع العلم أن اللجنة تضم أعضاء من القانونيين المشهود لهم كالقاضي فليب كريش وشريف بسيوني.
ج-خرق حظر الأسلحة وتواجد قوات برية أجنبية
• حظر الأسلحة:
لقد قامت السلطات الفرنسية بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء بتزويد الثوار الليبيين بالأسلحة وفقا لقوائم بهذه الأسلحة بحثها الليبيون مع الرئيس ساركوزي. فالفيلسوف والمفكر الفرنسي برنار ليفي أورد في كتابه "حرب غير مرغوب فيها" والذي تحدث فيه عن كيفية إقناعه لساركوزي بالمشاركة في النزاع الليبي على المستوى الدبلوماسي أولا ثم على المستوى العسكري ، بأن فرنسا قدمت المساعدة العسكرية الملموسة للبيين، ففي أواخر مارس 2011، ابلغ ليفي ساركوزي بأنه أقنع رئيس اللجنة التنفيدية في المجلس الانتقالي محمود جبريل، لتزويده السريع بالاسلحة الفرنسية والمدربين الفرنسيين، كما تم الحديث عن المساعدة العسكرية أيضا خلال زيارة سرية قام بها عبد الفتاح يونس القائد الأعلى لقوات المجلس الإنتقالي الذي قتل يوم28 يوليو2011 .
وقد صرح ليفي نقلا عن الرئيس الفرنسي، بأن الثوار الذين كانوا يحاربون القوات الحكومية في منطقة جبال نفوسا، قد تسلموا كميات كبيرة من الأسلحة، وذلك عن طريق دول صديقة لهم، ولم تمر أسابيع حتى أوصل ليفي إلى قصر الاليزيه مجموعة من العسكريين من مصراتة المسيطر عليها من قبل الثوار، وتلقى هؤلاء أيضا تعهدات على مستوى توريد أسلحة إليهم. واعترفت الأركان العامة الفرنسية رسميا في نهاية يونيو أنها قامت بتزويد الثوار الليبيين بالرشاشات وقادفات القنابل، لكنها أنكرت توريد صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقد أعلن وزير الدفاع الفرنسي مطلع يليوز2011، بأن فرنسا لا ترى أي داع لإسقاط الأسلحة من الجو للثوار، إذا أن المناطق التي سيطر عليها الثوار تصبح مستقلة لشراء الأسلحة في بلدان أخرى .
بدورها اعترفت المعارضة بالمساعدة الفرنسية وقالت إن السلاح الذي قدمته، أسهم في دعمهم في المنطقة. وتم إرسال بيان شكر من عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي للرئيس نيكولا ساركوزي، بناء على دعمهم
بالسلاح . وقال المتحدث باسم رئاسة الأركان في الجيش الفرنسي العقيد تيري بوركهارد بأن فرنسا ألقت أسلحة تسمح للثوار بالدفاع عن النفس من خلال إلقاء الأسلحة عبر أجواء ليبيا، هذا الاعتراف جاء عقب ما نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية حين ذكرت بأن الأسلحة لم تكن خفيفة، ولكن تمثلت أساسا في قذائف صاروخية وأسلحة رشاشة الى جانب صواريخ مضادة للدبابات على عكس ما صرح به رئيس أركان الجيش الفرنسي. ومن بين ما كشفت عنه الصحيفة بأن فرنسا قامت بتمرير وتسريب أسلحة عبر منافذ برية من خلال دولة جارة لليبيا، في إشارة الى تونس بحكم قربها من موقع إنزال الأسلحة .
أكد وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه أن فرنسا قدمت أسلحة للثوار وأبلغت حلف الناتو ومجلس الأمن بتسليمها تلك الأسلحة، وعلى إثر الانتقادات الروسية، قال جوبيه بأن فرنسا لم تخرج عن إطار قرار مجلس للأمن، لأن بعض السكان تعرضوا لهجمات من قبل قوات القدافي وكانوا في وضع حرج ولهذا السبب ألقينا إليهم الأدوية والغداء والأسلحة للدفاع الذاتي بالمضلات، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انتقد فرنسا منددا بالتفسيرات المختلفة لقرار الأمم المتحدة، قائلا " هناك موقف حرج جدا حاليا، إذ يمكن تفسير القرارات بشأن ليبيا كيفما كان"، وجواب جوبيه كان هو أنه في القرار 1973، المادة الرابعة منه تسمح لأي طرف بأن يفعل ما يريد ولأي سبب، غير أن مندوب روسيا لدى حلف الناتو ديمتري روغوزين اعتبره انتهاك خطير لقرار مجلس للأمن رقم 1970 الذي ينص على حظر توريد الأسلحة الى هذا البلد .
وعلى العكس اعتبر السفير الفرنسي جيرار أرو في الأمم المتحدة، أن تزويد فرنسا الثوار بالسلاح يندرج في إطار احترام قرارات مجلس الأمن لا سيما المادة 4 من القرار 1973 الذي يجيز بتجاهل حظر الأسلحة المذكور في الفقرة 9 من القرار 1970، ما يعني أن فرنسا تستطيع في ظروف استثنائية عدم تطبيق الفقرة 9 عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين .
وقد اتفقت الولايات المتحدة مع الموقف الفرنسي حين قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر بأن قراري مجلس الأمن 1970 و 1973 لا يتحدثان ولا يحظران تسليم معدات دفاعية إلى المعارضة الليبية، وأن أمريكا تختلف باحترام مع المطالب الروسية، فرغم تسليح المعارضة يعتبر قانوني فإنه ليس خيار الولايات المتحدة .أما حلف الناتو فقد تحفظ عن التعليق، إذ قال الاميرال جيامباولو دي باولا رئيس اللجنة العسكرية في الحلف بأن الحلف غير مشاركين في مثل ذلك النشاط، رغم أنه من المعلوم جيدا أن هناك دولا تفعل ذلك .
لقد اعترف رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بعد اجتماع الدوحة يوم 16 أبريل 2011، عن إمكانية تسليح المعارضة الليبية ، وفي تصريح قدمه الشيخ حمد لـ س.أن.أن، أكد بأن قطر زودت الثوار بالأسلحة، وهذه القضية قسمت صفوف التحالف الدولي آنذاك، حيث عارضت الولايات المتحدة الفكرة خوفا من أن تقع في يد جماعات إرهابية، وأعربت فرنسا عن ترددها في تزويد المعارضة بالأسلحة في حين أكدت السلطات البريطانية استعدادها لتزويد المناوئين للقدافي بأجهزة اتصالات. وقد أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل أن الثوار حصلوا على أسلحة إما بشرائها بأموال ليبية وإما هبة من بعض الاصدقاء ، كما أن الثوار أكدوا حصولهم على الأسلحة من دولة قطر، حين كانت دولة قطر ترسل طائرات عسكرية من طراز سي 17 محملة بالسلاح الى بنغازي يوميا تقريبا كما كانت تصل لجبل نفوسة عبر تونس من بنغازي .
كنتيجة لإخفاق هجمات الناتو الجوية وافتقار المعارضين للقوة النارية، قامت لندن وباريس باستخدام الدوحة بوابة لتسليح ثوار ليبيا مند شهر ماي 2011 .
قطر لم تكن السباقة فقط بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي فحسب، بل سلحت الثوار ودعمتهم ماليا ب 400 مليون دولار، كما قامت بمساعدتهم على بيع النفط بالإضافة إلى دعمهم إعلاميا من خلال قناة الجزيرة .
لقد قررت اللجنة التي شكلتها الأمم المتحدة العام الماضي لمراقبة الحظر الدولي على توريد السلاح إلى ليبيا، فتح تحقيق في اتهامات بأن فرنسا وقطر زودتا الثوار الليبيون بالسلاح، ولم تتخذ اللجنة أي قرار يدين بخرق الحظر وليس معروف إن كانت ستتخذ مثل هذا القرار لاحقا، لا سيما وأن فرنسا ودولا حليفة أخرى في مجلس الأمن تستطيع أن تمارس تأثيرا بالغا عن اللجنة .
اعتبرت هيلاري كلينتون، كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية، أنه بحسب تفسيرها قرار مجلس الأمن 1973 يعدل ويتجاوز الحظر المطلق على الأسلحة وتقديمها للثوار كما أنه يجيز من خلال اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، تزويد الثوار بالسلاح.
يقول خبير القانون الدولي فيليب ساندز، سيكون حقا من الغريب أن يعزز مجلس الأمن حظر السلاح مع السماح في الوقت نفسه بتسليم أسلحة بهدف حماية المدنيين، كما أن أفضل تفسير للقرار 1973 هو أنه لا يسمح بتقديم السلاح لأي طرف مشارك في النزاع، مشيرا إلى أنه يتوجب من ثم على كل من يريد أن يكون قادرا على تقديم السلاح للثوار أن يعود إلى مجلس الأمن أو إلى لجنة العقوبات التابعة لهذا المجلس للحصول على تصريح واضح.
وقد أكد فيليب مورو ديفارج، خبير القانون الدولي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن القرار 1973 لا يسمح بتزويد الثوار الليبيين بالأسلحة .
• تواجد قوات برية أجنبية:
لقد كان أفراد من حلف الناتو متواجدين على الأرض في ليبيا يوفرون الدعم اللوجستي ويقومون بالتنسيق للهجمات الجوية التي كان يشنها الناتو حيث كان يتواجد مستشار واحد من الناتو في كل جهة تقيربا، وقد قام البعض من تلك الأفراد بتوفير التدريب والعمل كموجهين عسكريين .
لقد كشف رئيس أركان القوات القطرية اللواء علي العطية عن دور قطر المتمثل في إدارة عملية التنظيم والتدريب والاتصالات مع الثوار في ليبيا واختيار المواقع الصحيحة، وأشار إلى أن أعداد القطريين الذين قاتلوا على الأرض إلى جانب الليبيين، يضم مئات من الجنود، وقد صرح كذلك ملك الأردن عبد الله الثاني بأن بلاده ظلت تقدم المساعدة بما فيها مشاركة قواته في الثورة . وبناء على ما سبق فان تواجد القوات الأجنبية على اليابسة يشكل تجاوزا للقرار 1973 ، رغم ان الأدلة ضعيفة في هذا الشأن لسريتها.



#محمد_الحرماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد الحرماوي - مسؤولية الحماية : تقييم تدخل الناتو العسكري في ليبيا