أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حطيني - ثلاثون قصة قصيرة جدا / الأشجار واغتيال كنفاني















المزيد.....

ثلاثون قصة قصيرة جدا / الأشجار واغتيال كنفاني


يوسف حطيني

الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 15:03
المحور: الادب والفن
    


1 ـ مذبحة


بينما كان الفلاحون عائدين من حقولهم إلى كفر قاسم، أسندهم ضابط قذرٌ إلى جدار، ثمَّ بصق أمام جنوده كلمة واحدة: احصدوهم.
في ذلك المساء أضاءت تسع وأربعون نجمة حمراء سماء فلسطين.



2 ـ ناجي العلي


متأمّلة لوحةً معلّقة فوق الجدار، كانت أمّ الشهيد تعاني نزعها الأخير.
قالت لرجل اللوحة الذي يدير لها ظهره معاتبة: لقد أصبح ابني فدائياً حتى يرى الفلسطينيون وجهك يا حنظلة، وها أنا ذي قاب فجرٍ من الموت، وأنت ما تزال مصرّاً على تجاهلي.
في الصباح حمل أهل المخيم جثة امرأة غرقى بدموع مالحة.




3 _ محمود درويش


وأخيراً تحقق الحلم، وصارا عروسين.
وها هما كما خططا تماماً يذهبان، بالقطار، لقضاء شهر العسل في قرية نائية.
قال العاشق: ما أجمل النهر!
قالت العاشقة: ما أجمل السماء من النافذة!
قال راكب حزين: "أنزلني هنا"، فإني قد "تعبت من السفر".



4 ـ برتقالة


إلى مصطفى لغتيري
منتشياً راح يعرّي بسكّينه برتقالة شهية، فاجأه مذيع نشرة أخبار المساء بخبر عاجل عن أب يذبّ رصاص الموت عن ابنه بيدين عاريتين.
ردّد الأب المفجوع: مات الولد!!
كانت دموع البرتقالة تسيل بين شدقيه، وهو يشتم العرب والمسلمين.
وها هو ذا يمسك بين يديه برتقالة أخرى تكاد تنفجر غيظاً.



5 ـ خنساء


كنت أكتب عنها قصة قصيرة جداً، رَسَمَتْ حروفَها امرأةٌ لم تذرف دموع الوحدة بعد أن استشهد أبناؤها الأربعة. وحين نزف القلم دمعاً ودماً تركْتُهُ جانباً، وأقمْتُ بين السطور لأقبّلَ جبينها، وأعتزل الكتابة.



6 _ انتفاضة مبكّرة


ضمّته إلى صدرها، بحث عن حلمتها المتورّدة بشفتيه الصغيرتين. وعلى الرغم من غيوم سود تملأ سماء المخيّم، كان حليبها معطّراً بالابتهالات ونكهة الميرمية ورائحة حيفا، وصوت فيروز: "سنرجع خبرني العندليب".
قالوا: "كيف نكلّم من كانَ في المهد صبيّا؟؟"
قال: "كانت تسمّى فلسطين.. صارت تسمّى فلسطين".




7 ـ مدينة


جمع الله البحر والبرتقال والدم والتراب والعشق الصوفي، ثم قال: كوني مدينة..
فكانت يافا.



8- شجرة العائلة


سعيدةً كانت تلعب مع أفراد أسرتها، عندما داهمها قصف ألهب شاطئ غزة.
في حصة الرسم طلبت المعلمة من الجميع أن يرسموا شجرة عائلتهم الصغيرة، فرح الطلاب وراحوا يجتهدون في رسمها، ويجترّون ذكرياتها في قلوبهم النزقة.
لم ترسم هدى غالية في ذلك اليوم سوى ورقة يتيمة.



9- دراكولا خائباً


جاءها قاهراً مدججاً بالحقد، أطلق أزيز رصاصه وهدير مدافعه ورذاذ كلماته : لا فائدة من المقاومة، ولكن جنين لم ترفع علماً أبيض.. رفعت دماء أبنائها، فزهّر لوزٌ، واخضلت مروجُ السنابل.



10 ـ صندوق أخضر


ضبطوه متلبّساً بعشق الأرض، فأطلقوا عليه رصاص حقدهم.
مبتسماً كان حين تجمّعوا حوله، فأثار الأمر حيرتهم وريبتهم ورعبهم، بحثوا عن الصندوق الأسود في قلبه، لكشف سرّ ابتسامته، دون جدوى..
لو بحثوا عن الصندوق الأخضر لعرفوا سر تلك الابتسامة، وأدركوا ماذا قالت له الأرض.



11 ـ قرب الجدار


متقمّصاً ظلّ محرقة مزيفة وقف أمام الناس، اعتمر قبعة صغيرة فوق رأسه، وراح يبكي قرب جداري، ذرفَ دموعاً غزيرة.
كان يخفي خلف ظهره سكّيناً.



12 ـ بلفور


في ليلة داكنة السواد، دخل اللصُّ بيتي، قتل أبي وجدي، وسرق قمصاني وأشجاري ومواويلي العاشقة.
وفي ليلة داكنة أخرى أهدى حزني وقصائدي وترابي إلى لصّ آخر، من شذاذ الآفاق.
ها أنا ذا أبحث، بين ليالٍ سود، عن فجر جديد..



13 ـ وجهاً لوجه


جلسنا متقابلين تحت ضوء الشمس، كان عيناه تشبهان عيني ذئب، وهو يتكئ على بندقيته التي يلتمع نصلها. بينما اتكأتُ على زوادة من قمح وذكريات وموالٍ حزين..
كنتُ أشعر باطمئنان لا حدّ له، أما هو فقد كان يخفي خلف ملامحه القاسية قلباً مذعوراً.


14 ـ غيمة


حمل جدي أعوامه السبعين على كتفيه، وهو ينقّل بصره بين حقله المتعطش لقطرة ماء، وغيمة شاردة في سماء فسيحة.
مرّت الغيمة فوق مستوطنات متعددة، ثم وقفت فوق حقله تماماً، وراحت تذرف دموعاً سخيّة.



15 ـ أحمد ياسين


داهمه صاروخ مبكّر، باغتَ المؤذن والمصلين والشيخ الجليل. انتفض كرسيُّه مثلما انتفضت فلسطين، ها هو ذا يطلّ على نهار غزة محمولاً على الأكتاف، يمشي فوق الغيم، ويوزع بسمته الخضراء من النهر إلى البحر.
الصواريخ المبكرة تهطل كالمطر بين وقت وآخر، تباغت أطفالاً ونساءً وشيوخاً.. ولكنّ كراسيَ أخرى كثيرة لم تنتفض مثلما انتفضت فلسطين.



16 ـ صبرا وشاتيلا


حاصر الأعداء مخيمي صبرا وشاتيلا، أربعة آلاف روح ذرفَها المخيمان في ثلاثة أيام.
كانت الأرواح تشق عنان السماء، وهي تطلب الثأر، بينما تصرخ الهامات في ألمٍ:
"اسقوني.. اسقوني".
جاءت هامات أخرى من بلد الشيخ والعباسية والشيخ بريك ويازور والطنطورة والرملة والمجدل ووادي شوباش ورفح وكفر قاسم ودير ياسين وجنين وغزة، صرخت معترضة:
بالدور يا شباب، فنحن ننتظر قبلكم.,,..



17 ـ العلم نور


قال المعلم: أهلاً بكم في العام الجديد.
قال الجنود: تغلق المدرسة حتى إشعار آخر.!



18 ـ إصرار


البنت الصغيرة لا تعرف اليأس، حملت عكازها، ذكرى قدمها الراحلة، وانطلقت تلعب مع الأطفال.



19 ـ دموع مؤجلة


حين جاؤوا لاعتقاله لم تذرف دمعة واحدة.
في الليل: عانقت طفلهما والوسادة المبللة!



20 ـ حرية


حين أخذوه إلى السجن، قال لأمه العجوز أخرجي العصفور من القفص.



21- الثورة


وضع خوذته الكبيرة فوق صدر المدينة، اختنق الناس والعصافير والأزهار..
وردة صغيرة حمراء استطاعت أن تصنع ماءها وهواءها.. أن تكبر.. وتقلب الخوذة رأساً على عقب.
كان الجنرال منـزعجاً جداً حين شهد، رغم أنفه، تحول الخوذة إلى عش للعصافير الملونة.


22 - تجاوز


حفاظاً على الأمن في المخيمات، أصدر قانوناً يمنع زراعة الأزهار، ذات ليلة أفاق مذعوراً حين رأى ياسمينة بيضاء تتسلق أحلامه.



23 ـ انتحار


كان ناجحاً جداً في عمله السرّي، سرى بين المناضلين مثل سمّ الأفعى، فقدّم للمحتلّين قوائم بأسماء الخلايا والقادة وأماكن الاجتماعات..
سال بسببه دم كثير، وانتظرت نساء عودة أبنائهن وأزواجهن دون جدوى.
خطر له بعد هذا النجاح المبهر أن ينظر في المرآة..



24 ـ الأشجار واغتيال كنفاني


حمل فلسطين على كتفيه، وضعها أيقونة في قلبه، ثم امتشق قلمه في كل ميدان، بينما كانت تترصده عيون الغدر.
في ظهيرة يوم قائظ أدار مفتاح سيارته، فطارت أشلاؤه فوق أغصان الأشجار في الحازمية.
لم ينتبه رجال الموساد إلى أغصان جديدة كتب عليها: (أم سعد وسرير رقم ١-;-٢-;- وعائد إلى حيفا) راحت تنمو بسرعة مكان صورة الدم، وتضيء ليل المشهد.




25 ـ البيت


(أصبحنا عجوزين).. قال عبد الرحمن مبتسماً لزوجته صفية.. حين ننتهي من بناء الغرفة الجديدة سنزوج عدنان.
ابتسمت صفية، قبل أن تداهم فرحتها جرافة إسرائيلية جاءت لتهدم الغرفة والبيت معاً.. استعاد العجوزان شبابهما، معتصمين بخيمة جديدة، وراحا يرشقان، مع عدنان، جنودَ الاحتلال بالحجارة التي كانت بيتاً دافئاً قبل ساعتين.



26 ـ لسان الضاد


قال معلّم اللغة العربية: لسان الضاد يجمعنا، هات فعلاً يحوي حرف الضاد.
قال طفل صغير: ضربَ.
نظر المعلم نحو الطفل بحقد، وألقى في وجهه ابتسامة مغتصبة.
:استخدموا الفعل ضربَ في جملة.
: ضربَ زيدٌ عَمْراً.
: ضرب عَمْرو زيداً.
: أحسنتم جميعاً.
قال الصغير:
ضرب الطفل جنود الاحتلال بالحجارة.
كالصاعقة انقضّ المعلم على الباب يغلقه، ثم على فم الطفل يغلقه أيضاً،حتى لا يُتَّهَم بإعاقة عملية السلام.



27 _ من يوميات أبي عبد الله الصغي


حين دخل إلى الأرض المحتلة فرح الجميع بعودته الميمونة.
بعد أيام أو أشهر أو سنوات اكتشفوا أنه لم يكن يحمل معه خبزاً أو آساً أو حلماً..
وعندما سألوه عن حيفا وطبريا وعكا بكى..
جاءه صوت الأرض من عمق خمسة قرون ماضية:
ابكِ مثلَ النّساء مُلكاً مضاعاً.... لم تحافظ عليه مثل الرجالِ



28 ـ العدوّ من أمامكم


أحب الشعب قائده كثيراً، حمله على الأكتاف عقوداً، خاض انتفاضة تلو أخرى، وكان اسم القائد يتردد مثل بطل أسطوري.
لم ييئس الشعب من قائده، ولا من الكفاح، فحمله على الأكتاف هذه المرة إلى ساحة المواجهة، وهناك أُحرقت المراكب، وقال الشعب ما قاله طارق بن زياد، وعندما أدرك القائد أنه محاصر من جميع الجهات لم يفعل ما فعله طارق، ولكنه وقّع معاهدة للصلح.



29 ـ ميرمية


- هل تعرف اسم هذه النبتة؟ إنها تنبت في فلسطين.
أجاب موشيه ساخراً: لست عالماً بالنبات، ولكن ما علاقة هذا بموضوعنا مستر أبو ناصر؟
ثم أضاف: نحن أصحاب الأرض الحقيقيين.
قال أبو ناصر: ولكن عشرة ملايين فلسطيني يعرفونها.
قال أبو العبد الذي كان يشاهد المناظرة في صقيع منفاه القسري:
"قومي يا مَرَة اعملي لنا كاسة شاي بالميرمية."




30- سرايا



حكيتُ لابني حكاية سمعتها من أبي الذي سمعها من جدي عن "سرايا" التي خطفها الغول، وأنقذها ابن عمها، بعد أن دس سمّاً في شراب الغول، وقتله، وعادا معاً إلى القرية.
فرح ابني بالحكاية مثل كل الأطفال، ولكنه كبر الآن، ووعدني أن يحكيها لابنه الذي سيحكيها لحفيده.... إلخ، إلخ، ..إلخ.



#يوسف_حطيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (جَمَل المَحَامِل) 100 قصة فلسطينية قصيرة جدّا
- القصة القصيرة جداً في الإمارات
- أحمر صاخب لعماد أبو حطب : لقطات إنسانية في حُلّة حكائية قشيب ...


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حطيني - ثلاثون قصة قصيرة جدا / الأشجار واغتيال كنفاني