أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة معذى الطويل - جنيف 2 .. الساعة الرملية















المزيد.....

جنيف 2 .. الساعة الرملية


أسامة معذى الطويل

الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 18:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ أن طالبت المعارضة السورية في الداخل بعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة السورية تحضره جميع الأطراف المؤثرة فيها، وما تبعه من خطوات جادة ومخلصة ووطنية حقة تعي مدى الأزمة وأبعادها وحدودها ، إلى الاتفاق الروسي الأمريكي على عقد مؤتمر الخلاص المنشود حتى بدأت الآمال ترتسم والخيالات تشطح ، وما أن صدرت أولى التصريحات بقرب انعقاده حتى بدأ التفاؤل يصل في كثير من الأحيان إلى حد السذاجة ، وشيئا فشيئا بدأت أيضا موجة من الغموض والالتباس تلف أروقة القرارات الأوروبية والأميريكية وُصفت من كثيرين بأنها تخبط وتردد وتخوف و”أخطاء” في فهم المنطقة.
إلا أن الحقيقة المرة والتي يعرفها كل من به مجرد بقايا لذاكرة تاريخية حكمت علاقتنا كأمة بالغرب تقول أن ما يقوم به هذا العدو اللدود بزعامة الولايات المتحدة الأميريكية، ليس ترددا ولا تخبطا ولا عبرة من أخطاء الماضي ـ على فرض وجودها فعلا ـ بل إنه مشروع واستراتيجية عمل غاية في الذكاء رسمت لنا منذ عقود ضمن خطة بعيدة الأجل ، فكلما سنحت الفرصة فُعّلت فصولها النائمة ضمن ترتيب يتناسب مع مصالحهم ويتفاعل مع الحقبة إلى درجة كبيرة.
لم يكن القرار الأميريكي بقبول جنيف 2 بعد مرور أكثر من عام على جنيف1 والذي بدوره عقد بعد عام تقريبا على بدء الثورة السورية، أي بعد تروبغيض على مجازر نظام الأسد بحق الشعب السوري ، لم يكن إلا مناورة سياسية تهدف الادارة الأميريكية من ورائها إلى البقاء حاضرة ضمن دائرة الشرق الأوسط حفاظا على مصالحها، وتطمينا لحلفائها على أنها موجودة دائما، علاوة على فرصة المساومة على ورقة لم تكن بيدها في السابق، لكنها اصبحت الآن بفضل المعارضة السورية الخارجية قادرة على أن تحركها للحصول على مكاسب مجانية لها ولحلفائها، مرورا بامكانية استخدامها للضغط على إيران وبرامجها النووية، وعلى روسيا والصين معا لما تمثلة سورية بالنسبة لهما من عمق استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه، فبعد أن كان الصراع يتم بطريقة مباشرة بين الدول الكبرى أصبح في ظل ميزان الرعب النووي يتم بطرق متنوعة وغير مباشرة، خصوصا وأن المصلحة القومية لأي دولة باتت تتحدد من منظار القوة، ورغما عن هذا فإن استخدام القوة العسكرية من أجل تصفية الخلافات لن يكون حاضرا أبدا بسبب امكانية تعرض المصالح المتبادلة بين هذه القوى للخطر.
إذن القرار الأولي للذهاب إلى جنيف 2 بكل ما ساده من غموض كان مقصودا ، ولا يمثل أساسا النية الحسنة لحل الأزمة السورية دون الحصول على ضمانات تكفل المطالب الأميريكية كاملة قبل انعقاد المؤتمر، فالاتفاق على عقد المؤتمر لم يلزم الولايات المتحدة بتوقيت ما لعقده ، بل هو حقيقة يشبه إلى حد بعيد الساعة الرملية التي ما ان فرغ نصفها الأعلى حتى تقلب رأسا على عقب لتبدأ من جديد، وها هي الولايات المتحدة ما ان تقوم بلقاء ما حتى تقلب المواضيع مجددا بحجج مختلفة لكسب الوقت قدر الامكان، من أجل الاسهام في اضعاف الجبهة المضادة واستنزافها إلى أقصى الدرجات، إلى أن يصل الخصم إلى طاولة التفاوض يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، هذا إذا استطاع الوصول أساسا.
وإذا بحثنا عن مدى مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة في ايقاف الصراع في سورية نجدها حقيقة ـ على الأقل في الوقت الراهن ـ معدومة ، إذن فما الدافع للولايات المتحدة فعلا للاسراع بانعقاد جنيف ؟

ـ فالوضع الحالي في سورية خصوصا بعد تورط حزب الله في الصراع بات مثاليا بالنسبة للكيان الصهيوني.
ـ سوق السلاح الجديدة التي فُتحت أمام الغرب بشكل عام يسهم إلى حد كبير في الحد من الأزمة الإقتصادية المتفاقمة في دوله، ومن مصلحة الجميع استمرار الصراع بما أن دول الخليج العربي السخية قادرة دوما على تمويل حروب الغرب على الأرض العربية ليس نقدا بل سلفا.
ـ الجيش السوري وبالرغم من طول مدة الأزمة إلا أنه إلى هذه اللحظة ما زال محافظا على جزء كبير من قوته، وعليه يجب إطالة أمد الأزمة لاستنزاف سورية بكل طاقاتها إلى أقصى الدرجات، ذراع إيران اليمنى يجب أن تستأصل قبل المواجهة معها وبدون أية تكاليف.
- الضغط على روسيا اولا والصين ثانيا من خلال سورية لكسب مواطيء قدم جديدة وضمانات أمنية أو اتفاقات بخصوص الطاقة في أسيا الوسطى وبحر قزوين الغني بالثروات الطبيعية بعد أن باتت روسيا تمثل خطرا حقيقيا على الاستثمارات الأميريكية فيه ، والعكس صحيح بالنسبة لروسيا والصين.
ـ رفع حالة التوتر في المنطقة برمتها يسهم بتوسيع دائرة استهلاك السلاح خصوصا أن اسرائيل ذاتها باتت تصدر أسلحة على الأقل إلى ستة أقطار عربية ثلاثة منها خليجية.
ـ مسألة أن الغرب يخشى القاعدة أو ارتداد المجاهدين إليه هي أسخف نكتة يصدقها الكثيرون خصوصا من ساسة المعارضة السورية الساذجة، فالغرب لديه أجهزة استخبارات رفيعة وقادرة إلى درجات لا يتخيلها من بدأ تعلم السياسة من سنوات معدودة، بل إن الغرب وحلفاءه الخليجيين هم من يشرفون على القاعدة ولديهم جداول بأسمائهم فردا فردا ، ولو لم يكن الأمر كذلك فكيف نفهم الزخم الذي دخلوا به من تركيا العضو في الناتو مع كامل الدعم والتسهيلات؟ حتى لو افترضنا جدلا أن القاعدة سيطرت في سورية ، ألا يمثل ذلك ذريعة مثلى لهم أو على الأقل لإسرائيل من أجل التدخل عسكريا والتوسع من جديد؟ بل إن ذلك غالبا مدرج سلفا في مخططهم للمنطقة ومستقبلها الذي ينتظرنا.
ـ الخليج العربي يرتعد خوفا من إيران خصوصا بعد تدخلها وحزب الله في الصراع السوري بشكل مباشر، وسيبقى أداة ضغط باتجاه التسليح لانتزاع سورية من الهيمنة الايرانية من جانب، ولافشال الثورة وما يمكن أن ينتج عنها من نظام تعددي وديموقراطية يؤرقهم قبل قيامه من جانب آخر.

مع كل الذي سبق نسمع بعض سياسيي المعارضة السورية يصرح أن الولايات المتحدة باتت تخشى من جبهة النصرة وتنامي القاعدة في الشرق الأوسط وهذا مضر بمصالحها، ونسمع آخرين ينقلون عبارات تطمين عن لسان ديبلوماسيين غربيين أو سفراء ابتهجوا باللقاء معهم فينقلوا ما قيل لهم على أنه آيات ربانية ، بل يؤكدون على ذلك بقولهم ان لا مصلحة لأولئك بالكذب عليهم ، وكأن السياسة العالمية باتت كتابا مفتوحا يقوم على صراحة الأصدقاء أصحاب كلمة الشرف ، أو أن ديبلوماسية العصر أضحت ميثاقا تحترم فيها العهود والحقوق، بل إن هناك من ساسة المعارضة السورية من ذهب أبعد من ذلك ليبني على تلك الأقوال استراتيجية عمل ، أو ليقوم بإنشاء أحلاف وتنظيمات ومغامرات أتفه من أن تصنف ضمن عمل سياسي واع.

الحقيقة المرة أنه لا يوجد أي دافع منطقي يحمل الولايات المتحدة على فرض حل ما في مواجهة روسيا وتعنتها “الواعي” لمصالحها إلى جانب النظام ، وبناء عليه فإن انتظار جنيف 2 وتعليق الآمال عليه حتى وإن كتب له الانعقاد ليس سوى محض أوهام وإن كذب الساسة، جنيف 2 على الأغلب لن يعقد ، وإن عقد سوف يفشل فشلا ذريعا وبطريقة لا يكون للاعبين الكبار فيه أية مسؤولية لأن لديهم من المعارضة السورية “الفذة” ومن ممثلي النظام من هم بقادرين على حفظ ماء وجههم أمام العالم وشعوبهم ، وتجنيبهم مجرد حرج الفشل، جنيف 2 ليس سوى ساعة رملية تقلب بالتناوب بين روسيا والولايات المتحدة في مرحلة تنامي الحرب الباردة الجديدة، أبرز مآسيها سيكون سقوط سورية بل الأمة بأسرها ، إلا أن ذلك لن يكون إلا انتصارات مؤزرة ، وستكون بطبيعة الحال خالدة، لأن من سوف يصنعها قادة ميامين أبرقوا صمودا وتصدي وأرعدوا ممانعة ومقاومة، فلم يمطروا إلى ذلة وخسة ومهانة وعهرا لم يسجله تاريخ ، ولم تعهده أمة حتى لو قيل عنها كذبا أنها خير أمة أخرجت للناس.
نحن بحاجة إلى معجزة في زمن لا تحدث فيه معجزات.



#أسامة_معذى_الطويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسامة معذى الطويل - جنيف 2 .. الساعة الرملية