أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لشڭر معاذ - ما بعد الحداثة















المزيد.....

ما بعد الحداثة


لشڭر معاذ

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 22:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد ساهمت التحولات السوسيولوجية و التاريخية التي عاش المجتمع الغربي في ظلها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، أي منذ منتصف القرن الماضي، في بروز أسلوب جديد في العيش قوامه الاستهلاك و التبذير، و هو ما دفع البعض إلى القول بأن الاستهلاك هو محرك المجتمع، الذي سعى التوجه ما بعد الحداثي فقد دفع الإنسان لاقتصاد يلخلقه، إلى الاستهلاك.

و اذا كانت الحداثة تعرف بصفتها تطبيقا عقلانيا للعلم على الطبيعة ، فان ماء بعد الحداثة تعتبر نتيجة من النتائج الثقافية للتكنولوجيا الثقافية الجديدة . ولهذا فان الحداثة و ماء بعد الحداثة يمثلان فترتيين زمنيتيين او ظرفين اجتماعيين و سياسيين و ثقافيين ومن علائمهما الاساسية هو الايمان بالعلم وبالتخطيط وبالتقدم وبالعلمانية.

إلى جانب ذلك تنامت الأزمات و تفاقمت، و تسارعت حركات التجديد مما أفضى إلى قواعد موضة جديدة قائمة على الخلط، فهي "مزيج من الأذواق و الموائد و الأطعمة العالمية، و خليط من الألبسة التي تندغم فيها الخياطة الراقية بالفولكلور، و خليط من الموجات الغنائية (روك، جاز، بوب، بونك...)".

ظهر ميل إلى إلغاء الذات الموحدة و اعتبرت " حكاية خرافية " لا أساس لها من الصحة، فالذات ما بعد الحداثية ذات حرة و استهلاكية و مبعثرة و فصامية.

يكمل التيار ما بعد الحداثي النقد المحطم للنموذج العقلاني الذي بدأه فلاسفة و علماء من أمثال ماركس، نيتشه و فرويد. فلا جدوى من الرجوع إلى الإنسان كفاعل و محور، اعتقادا بأنه منفذ مباشر إلى حقيقة الأشياء و رمز لليقين و الحقيقة المطابقة. ينبغي إذن تقويض العقل، و . عدو الإنسان " 5 " ،(Rولاند Bارتهيس) تكسير النظام لأن النظام، على حد تعبير رولون بارت شكلت جملة من المفاهيم، التي كانت بمثابة مسلمات أفرزتها مختلف أطوار الفكر الإنساني بما في ذلك طور الحداثة، مجال رفض مفكري طور ما بعد الحداثة، فتحدثوا عن " التشتت " مقابل " الوحدة " ، وعن " التعدد " و " الاختلاف " مقابل " الهوية "، و عن " اللامركز " مقابل " المركز "، و عن " السطح " مقابل " العمق "، و عن " المحلية " مقابل " الكونية " و عن " الأقلية " مقابل " الكلية ".


ان مفهوم ما بعد الحداثة ظهر لاول مرة عند المؤرخ البريطاني توين بي (1959)، الذي جعل المفهوم ليدل على ثلاث امارات ميزت الفكر والمجتمع الغربيين بعد منتصف هذا القرن، وهي اللاعقلانية والفوضوية والتشوش. ان هذا المفهوم نقل ايظا الى مجالات عديدة اخرى منها المجال الادبي في الستينات على يد الناقد الاديب ليسلي فيلدر Lيسليي Fييلدير والناقد المصري الامريكي ايهاب حسن – وهو من ابرز المختصين في ابحاث ما بعد الحداثة و صاحب الفكرة التي تقول باستحالة التحديد ، فاكتسب المصطلح تداولا خلال السبعينات وشمل العمارة اولا، ثم اكتسح بالتدريج مجالات الرقص والمسرح والتصوير والسينما والموسيقى. لكن ذلك كله ترك السؤال حول عصر ظهور ما بعدء الحداثة واماراتها متعلقا، حيث هناك من عارض القول بمجيء عصر ما بعدء الحداثة منهم الفيلسوف والناقد الاجتماعي هابرماس حيث يعد التنظير لعصر ما بعدء الحداثة ردة فعل محافظة ويائسة ضد التنوير، و هناك من قال بتحققه على مسرح التاريخ المعاصر منهم جون فرنسوا ليوتار الذي اعتبر هذا العصر نهاية لـ "الحكايات الكبرى" ، اي موت المذاهب الكبرى التي حاولت تفسير الواقع تفسيرا شموليا. فهذا عالم الاقتصاد هيرمان كاهن حيرمان خاهن الذي يصف عصر ما بعدء الحداثة بانه عصر " مجتمع ما بعدء الاقتصاد"، وهذا عالم الاجتماع الامريكي دانييل بل ضانييل Bيلل يصفه بانه العصر " ما بعدء الصناعي"، وهذا الناقد الفني أميتاي اتزيوني إميتاي ىتزيوني يصفه بعصر "ما بعدء الحديث" و هناك من اوصفه بعصر " ما بعد عهدء التكنولوجيا والالكترونيك" و تعددت الاوصاف.

إن الظروف التي رافقت نشأة و بروز تيار ما بعد الحداثة متعددة و متشعبة، فجاءت كمحصلة للتحول التاريخي الذي شهده الغرب، و الذي أفرز مجتمعا " ما بعد صناعي " قوامه النزعة الاستهلاكية و صناعة الثقافة و تسليعها، و صناعة الخدمات و المعلومات التي حلت محل المصنع التقليدي.
إنه مجتمع تواق إلى عالم جديد، عالم سريع التبدد و الزوال، بعيد عن التمركز. مجتمع فقد الثقة في الحداثة، و أيقن بإفلاس الإيديولوجيات الكلاسيكية. مجتمع رفضإقامة فروق وظيفية بين مجالات الحياة الاجتماعية بمختلف مظاهرها، فلا سبيل للفصل بين الفنو السياسة و الاقتصاد، أي لا حدود فاصلة بين الثقافة العليا و ثقافة الجماهير، أو بالأحرى بينالثقافة الرفيعة والثقافة الشعبية.


ما بعد الحداثة تعني حرفيا بعد الحداثة و تعبر عن مرحلة جديدة في تاريخ الحضارة الغربية تتميز بالشعور بالإحباط من الحداثة ومحاولة نقد هذه المرحلة والبحث عن خيارات جديدة وكان لهذه المرحلة أثر في العديد من المجالات.

وصف الفيلسوف والناقد الأدبي "فريدريك جيمسون" ما بعد الحداثة بأنها "المنطق الثقافي المهيمن للرأسمالية المتأخرة"و يمكن أن ننظر إلى هيمنة فترةِ ما بعد الحداثة على أنها بدأت في وقتٍ مبكرٍ من الحرب الباردة واستمرت حتى الوقت الحاضر.

يمكن فهم ما بعد الحداثة أيضا على أنها ثورة على الحداثة. في أعقاب الدمار الذي لحق بالفاشية، والحرب العالمية الثانية، والمحرقة، أصبح العديد من المثقفين والفنانين في أوروبا لا يثقون في الحداثة السياسية والاقتصادية.


على مدى السنين العشرين الماضية أو نحوها، يتداول كثيرون كلمة "ما بعد الحداثة" داخل الجامعات وخارجها. ويشير المصطلح لدى هؤلاء الذين يثبتون توجهاً فلسفياً الى الطرق الجديدة التي تُستخدم في دراسة الكثير من الموضوعات ابتداء من تحديد طريقة عمل العلوم الاجتماعية وحتى طبيعة الصراعات السياسية والاجتماعية. ويدل مصطلح ما بعد الحداثة لدى هؤلاء المهتمين بدينامية المجتمع المعاصر وثقافته على ظهور سلوكيات وأنماط ومنتجات ثقافية جديدة، تغيّر إذا اجتمعت حياة الأفراد في المجتمعات الغربية بطريقة جذرية. ولذلك يبدو أن فكر ما بعد الحداثة يشير الى وضع جديد تكون فيه الأمور مختلفة عن ذي قبل. فمن حيث التطورات الاجتماعية والثقافية وردود فعل الأفراد إزاءها، ينظرالى فكر ما بعد الحداثة على أنه يعني الانفصال عن الماضي والتوجه نحو مستقبل لم نشهد له مثيلاً من قبل.


تؤكد أفكار ما بعد الحداثة خرقها ورفضها للحدود المرسومة والشك في أي محاولات لتحديد ماهية الأشياء نهائياً وعلى نحو حاسم. ولهذا فمن التناقض أن نحاول وضع تعريف واحد وثابت لنظرية ما بعد الحداثة وفكره وزمنه وثقافته. فهذا يناقض أهداف فكر ما بعد الحداثة الي ينصبّ على الهروب من طرق الفلسفة الجوهرية في التفكير. فضلاً عن ذلك، تبنّى كثيرون من الكتّاب الذين يعملون في التخصصات الأكاديمية المختلفة هذا الفكر، ولكل منهم رأيه الخاص حول ماهية ما بعد الحداثة أو ما يمكن أن يكون عليه. إن الخاصية الرئيسة التي تشكل فكر ما بعد الحداثة في الحقل الأكاديمي هي مبالغته إن لم يكن ارتباكه في الأفكار والسلوكيات المختلفة. ومع ذلك فإن هذا الارتباك وهذا الغموض هما بالتحديد ما يؤيده كتّاب ما بعد الحداثة بالمقارنة مع ما يعتبرونه تقييدات مفرطة يتسم بها أساساً عدوهم اللدود الحداثة. وتمتاز الحداثة لدى معظم مفكري ما بعد الحداثة بالرغبة العلمية في خلق مقولات ثابتة تدعي أنها صحيحة تماماً وموضوعية. وبالمقابل فإن المبدأ الرئيس لما بعد الحداثة هو أن الادعاء بمعرفة لا شيء بموضوعية وشمولية ضرب من ضروب الخيال. ومن هذا المنطلق، فإن الأشياء ومعانيها فوضوية، وترفض أسرها بعبارات مفرطة في البساطة، كما تفعل الحداثة بخاصة في شكلها المعروف بالشكل "العلمي".


سيوضح لنا هذا الوضع بعض الأمور المهمة التي تتعلق بما بعد الحداثة. فعلى الرغم من تعددية المؤلفين والآراء نجد أن هناك تركيزاً وأفكاراً مشتركة وسط الفوضى الواضحة. وتتمحور هذه الأفكار المشتركة حول رفض أفكار الحداثة المعتاد عليها، التي تتعلّق بالمعرفة واليقين والنظام. كما نجد تأييداً وتركيزاً على المبادئ المعاكسة، أي على الفهم غير الموضوعي والتشكيك والفوضى. ومع أن فكر ما بعد الحداثة حذِر من الثنائية لأنها مقيدة ومفرطة في بساطتها، إلا أن الاختلافات بين الحداثة وما بعد الحداثة تتمثل في التناقض بين القيم التالية: الركود والحركة، والتخطيط والحظ، والحتمية واللاحتمية، واليقين والشك. ولا يضع هذا مفكري ما بعد الحداثة في موقف معارض لفكر الحداثة فحسب، بل للمجتمع الذي يعتقدون بأنه يجسده. وعادة ما يُعتبر هذا نظاماً اجتماعياً قائماً على نموذج بيروقراطي قمعي للعقلانية. إذ يشكل مجتمع فوضوي وغير عقلاني، ومن ثم مرن متحرر، أساساً لرغبات كثيرين من مفكري ما بعد الحداثة السياسية.


فحقبة "الراسمالية المتاخرة"، أو ما بعد الحداثة، تاتي متوافقة مع المجتمع المعلوماتي والتي يمكن ان نطلق عليها الحقبة المدفوعية بالمعلوماتية ىنفورماتيوناليزاتيون اي المدفوعة بالتقانة العليا و بالبنى الثقافية الهجينة (المتحركة) والعمل اللامادي Lوبور ىمماتيريال الذي ينتج خدمات والذي يتعامل مع الرموز (الاوامر بواسطة اللغة كما في استعمال الحاسبات) و الترقيم ضيعيتيزاتيون الذي يولد اوهاما واقعية Vيرتواليتييس .


ومع ان حقبة المعلوماتية شملت العالم كله من دون تمييز، فان هناك اعادة للنظر في النماذج التنموية المعتادة تحت ضغوط العولمة: فهناك المعلوماتية المتطرفة كما في حالة الولايات التحدة، وهناك المعلوماتية التي تعمل بالتنسيق مع قطاع الصناعة كما في حالة اليابان والمانيا. وهناك ايضا المعلوماتية التي تختلط بالاقتصاد الصناعي وقطاع واسع في الزراعة غير المصنعة في دول العالم الثالث. فالمعلوماتية تخترق تدريجيا جميع قطاعات العمل والعملية الانتاجية، لتصبح القطاع المهيمن في الاقتصاد وفي الحياة الاجتماعية اليومية.




#لشڭر_معاذ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لشڭر معاذ - ما بعد الحداثة