أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدنان عباس علي - آفاق التعاون بين الاتحاد الأوربي ودول المغرب العربي في مجال الطاقة















المزيد.....

آفاق التعاون بين الاتحاد الأوربي ودول المغرب العربي في مجال الطاقة


عدنان عباس علي

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 17:02
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في المنظور العام، لا يساور أوربا الغربية قلق يذكر بشأن تأمين حصولها على النفط. فهي تحصل على الكثير من بترولها إما من بحر الشمال أو من غرب أفريقيا. وكما هو معروف، يتوجه معظم بترول الخليج العربي - حوالي ثلث البترول المتداول عالمياً – إلى أسواق آسيوية من قبيل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. إن التحدي الأكثر خطورة لأمن الطاقة في أوربا يكمن في اليوم الراهن، بحسب تصورات السياسيين الغربيين، في اعتماد القارة على الغاز الطبيعي المستورد من روسيا بنحو مخصوص. حقاً يوجد الغاز الطبيعي في أسفل بحر الشمال أيضاً، إلا أن أوربا تستورد حوالي 60 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، علماً أن هذه الحاجة في تزايد متواصل. وتكمن قيمة الغاز الطبيعي في أنه أنظف من النفط أو الفحم.

ومعنى هذا كله، هو أن أوربا الغربية مجبرة على تغطية الجزء العظم من حاجتها للنفط والغاز الطبيعي من خلال ما تستورد من العالم. وبعد روسيا، فإن النرويج وهولندا وبريطانيا والدنمارك، أكثر مُوَرِّدي الطاقة أهمية بالنسبة لهذه الدول؛ علماً أن روسيا هي، من بين كل هذه الدول، الدولة الوحيدة التي لديها القدرة على تصدير المزيد من الغاز الطبيعي؛ أما إنتاج النفط، فإنه تخطى الذروة فعلاً في روسيا. من ناحية أخرى، أمسى للاتحاد الأوربي ينظر إلى ارتفاع حصة روسيا في صناعته المتخصصة بإنتاج الطاقة، بشيء من القلق. فالنزاع على الغاز بين روسيا وأوكرانيا في مطلع عام 2009 أثبت أن التبعية لمُوَرِّد واحد يزيد من مخاطر التعرض إلى توقف الإمدادات. من هنا، فإن على هذه الدول الأوربية أن تفتش عن موردين جدد، للتعويض عن التراجع الذي سيطرأ على إنتاج الموردين الحاليين، ولتنويع مصادر التزود بموارد الطاقة.

وغني عن البيان أن أوربا الغربية ليست الإقليم الوحيد، الذي يواجه وضعاً من هذا القبيل. ففي كثير من بلدان العالم يشير الوضع السائد إما إلى اقتراب نضوب الموارد المحلية، أو إلى أن الطلب المتزايد على موارد الطاقة قد أمسى يتفوق على ما ينتجه البلد المعني من هذه الموارد. ومعنى هذا، هو أن عدداً متزايداً من اللاعبين قد أمسى يتنافس على مخزون محدود الحجم. فالدول ذات الطلب السريع النمو - والصين على وجه الخصوص، التي تكاد حاجتها للطاقة لا تشبع أبداً - صارت تؤمن حاجتها للطاقة من خلال إبرام عقود طويلة المدى. وتتركز أنظار هذه الدول على موارد الدول الغنية بالنفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبغض النظر عن هذه التحديات، لا تسعى أوربا إلى تأمين تزودها بالطاقة فقط، بل هي تريد، أيضاً، تقديم مساهمة قوية للحد من تغير المناخ. ويمكن التوصل إلى هذا الهدف من خلال زيادة حصة موارد الطاقة المتجددة. إلا أن إمكانيات أغلب الدول الأوربية على التزود بالطاقة المتجددة محدودة في الأمد الطويل. إن بلدان الجوار، الواقعة جنوب أوربا، هي التي تتوافر على القدرات الأكبر في اكتساب الطاقة الكهربائية من الحرارة الشمسية ومن قوة الرياح.

وهكذا، تهتم أوربا الغربية كثيراً بالحصول على موارد الطاقة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، علماً بأن الأمر لا يدور هنا حول الحصول على موارد الطاقة الأحفورية فقط، بل وحول الحصول على موارد الطاقة المتجددة (الطاقة الكهربائية المكتسبة من الحرارة الشمسية) أيضاً. علاوة على هذا، يحظى الإقليم باهتمام أوربا، وذلك لأنه ينطوي على سوق واعدة وسريعة النمو بالنسبة لتصريف البضائع والخدمات المنتجة في أوربا الغربية، وبالنسبة لمصانع الطاقة الأوربية ولما لدى أوربا من تكنولوجيا متقدمة في مجال الطاقة. من ناحية أخرى، ليس ثمة شك في أن مشكلة المناخ، العالمية الأبعاد، لا يمكن حلها ما لم يتوقف، في هذا الإقليم أيضاً، الارتفاع السريع في انبعاث الغازات الملوثة للبيئة.

وتهتم أوربا بتنويع مصادر ما تستورد من موارد الطاقة الأحفورية. وحالياً، تستورد ألمانيا 14 بالمائة من مجمل ما تستورد من نفط من شمال أفريقيا و6 بالمائة فقط من الشرق الأوسط. أما الغاز، فإن ألمانيا لا تستورده من الإقليم مدار البحث أصلاً. من هنا، فإن ارتفاع استيراد موارد الطاقة من الدول المعنية هنا، يؤدي، بلا شك، إلى تنويع مصادر الواردات الألمانية. بهذا المعنى، يمكن لبلدان شمال أفريقيا أن تكون شريكاً مناسباً لألمانيا، لقربها الجغرافي، ولأن 4 بالمائة من احتياطي العالم من النفط و5 بالمائة من احتياطي العالم من الغاز موجود في شمال أفريقيا. وانطلاقاً من هذه الأرقام، لا ريب في أن من مصلحة دول الاتحاد الأوربي الانتفاع بهذه الاحتياطيات المهمة.

بيد إن مصالح أوربا عامة، ومصالح ألمانيا بنحو مخصوص، في دول المشرق والمغرب العربي، لا تدور حول الموارد الهيدروكربونية فقط. فعلى خلفية التقدم التكنولوجي في مجال الطاقة الكهربائية المكتسبة من الموارد المتجددة، أمست الأنظار تتركز، أيضاً، على ما في الإقليم من إمكانيات كبيرة لاكتساب الطاقة الكهربائية من الحرارة الشمسية ومن قوة الرياح. فعلى مستوى العام الواحد، فإن إشعاع الشمس يولد في أغلب هذه البلدان ما يعادل برميلاً أو برميلين من النفط لكل متر مربع. وبهذا المعنى، تتيح الشمس لبلد كالجزائر أن يحصل، من مساحة تبلغ 700 ألف كيلومتر مربع، على كمية من الطاقة تساوي مجمل كمية النفط الذي تنتجه الجزائر في كل عام. وتوصل المركز الألماني للطيران والفضاء إلى أن 0.3 بالمائة من مساحة الصحراء في دول المشرق والمغرب العربي تكفي، عند استخدام الخلايا الشمسية، لتزويد مجمل الإقليم، وأوربا أيضاً، بالتيار الكهربائي وبالمياه العذبة بنحو مستديم.

ومن خلال تكنولوجيا نقل الطاقة الكهربائية باستخدام الجهد العالي والتيار المستمر صارت أوربا تتوافر على تكنولوجيا تسمح بنقل كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية بكفاءة عالية وعبر مسافات طويلة. وكما هو معروف فإن نسبة معينة من كمية هذه الطاقة ستضيع عند نقلها من شمال أفريقيا إلى أوربا. وبحسب تقديرات الخبراء تتراوح هذه النسبة بين 10 إلى 15 بالمائة. من هنا، فإن من الأفضل نقل إنتاج الطاقة الكهربائية من أوربا دول المغرب العربي؛ فمن حيث إشعاعات الشمس تتفوق دول المغرب العربي تفوقاً عظيماً حتى على البلدان الأوربية الغنية بإشعاعات الشمس، أي أسبانيا وباقي البلدان الواقعة في جنوب أوربا. وبهذا المعنى، ففي المدى الطويل، فإن من مصلحة ألمانيا وأوربا الاستعانة، بإمكانيات دول المعرب العربي، للتزود بالطاقة بنحو مستديم. أضف إلى هذا، أن مشروعاً من هذه القبيل يساهم، في ذات الوقت، في خلق آفاق جديدة لاقتصاديات دول المغرب العربي.

ويمكن لنا أن نستنتج أن لألمانيا مصلحة أخرى في دول المشرق والمغرب العربي. فألمانيا متخصصة، أيضاً، بتطوير وإنتاج الآلات الضرورية للحصول على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة في هذا المجال. وبالتالي، فلو نجحت ألمانيا وأوربا في إقناع الدول العربية بضرورة الاعتماد، بنحو أكثر، على الموارد المتجددة في إنتاج الطاقة الكهربائية وفي بناء شبكة متكاملة لنقل الطاقة الكهربائية وفي العمل على تحقيق كفاءة أعلى في إنتاج واستهلاك الطاقة، فلا مراء في أن المشاريع الألمانية والأوربية ستحقق نفعاً كبيراً من هذه التوجهات.

واهتدت السياسة الأوربية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين إلى ما في شمال أفريقيا والشرق الأوسط من إمكانيات عظيمة لإنتاج موارد الطاقة المتجددة. وكانت فرنسا وألمانيا قد أعلنتا، على هامش الاحتفال بإنشاء "الاتحاد من أجل المتوسط" في تموز/يوليو 2008 عن رغبتهم في تنفيذ خطة ترمي إلى نقل الطاقة الكهربائية المكتسبة من الحرارة الشمسية من شمال أفريقيا إلى أوربا.

ومن بين المشاريع العملاقة لتوفير الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية، هناك مشروع "دزرتيك" أي "تقنية الصحراء" (desertech)، الذي تبلغ تكلفته حوالي 400 مليار يورو، ويستغرق العمل فيه ما بين 20 إلى 40 سنة. وهو عبارة عن مشروع ضخم لاستيراد الكهرباء من المناطق الصحراوية. وتهدف أوروبا من خلال هذا المشروع إلى خفض الانبعاث الحراري بالاعتماد على الطاقة الشمسية المستوردة من الصحارى العربية بالذات، إضافة إلى تنويع مصادر الطاقة المستقبلية لأوروبا، من خلال تشييد محطات شمسية ضخمة في الصحاري جنوب البحر المتوسط لتوليد نحو 550 غيغاوات كهرباء في أوروبا بحلول عام 2050، وهي كمية يمكن أن تلبي نحو 15 في المائة من الطلب على الكهرباء في أوروبا بحلول منتصف القرن.

ويشمل المشروع في مراحله الأولى تشييد محطات للطاقة الشمسية في الصحراء عبر دول شمال أفريقيا (من مصر إلى موريتانيا)، ويُخطَّط لتوسيعه لاحقاً إلى صحارى دول المشرق والجزيرة العربية، إضافة إلى مدّ نحو سبعة خطوط لنقل التيار الكهربائي عبر البحر المتوسط، وخط أرضي عبر الأراضي التركية. وتقدر الكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 550 مليار دولار. وتقدر شركات متخصصة قيمة العائد المالي للدول العربية التي ستصدر الكهرباء من خلال هذا المشروع بنحو 90 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050.
ووقع على مذكرة التفاهم الخاصة بالمشروع كونسورتيوم يتكون من نحو 12 مؤسسة عالمية ذات شهرة في مجال الطاقة والتمويل، منها من ألمانيا سيمنز و ميونيخ لإعادة التأمين ودويتشه بنك، ومن سويسرا أي بي بي، ومن إسبانيا أبيجونا للطاقة الشمسية، ومن الجزائر سيفتال.

ويرى مدير المشروع، الفيزيائي الألماني، غيرهارد كنيز (Gerhard Knies)، أن الصحاري العربية هي المصدر الوحيد الذي يمكنه تزويد الاتحاد الأوربي بالطاقة بنحو مستديم. فهذه الصحاري تستقبل، حسبما يوضح غيرهارد كنيز، خلال 6 ساعات طاقة تفوق ما يستهلكه الإنسان في عام كامل، مشيراً إلى أن مساحة 1 في المائة فقط من الصحراء الكبرى يكفي لتزويد العالم بالطاقة المتجددة، أي أن تغطية مساحة تقدر بحوالي 350 كيلو متراً مربعاً من الصحراء بالألواح المستقبلة للطاقة الشمسية، يكفي لتزويد كل العالم بالطاقة الكهربائية.

من ناحية أخرى يؤكد خبراء شركة سيمنس أن تغطية ثلاثمائة كيلومتر مربع من صحراء شمال أفريقيا بمرايا تجميع الطاقة الشمسية يمكن أن تنتج طاقة كهربائية تكفي احتياجات الكوكب الأرضي.

وحتى اليوم الحاضر، لا تزال هذه الخطة تصوراً سياسياً لا غير، وتنتظر أن تتحول إلى حقيقة واقعة من خلال خطوات وتدابير أخرى كثيرة. وفيما أخذ "المركز الألماني للطيران والفضاء" يدرس عن كثب المنافع المادية التي يتيحها هذا المشروع والشروط التقنية الضرورية لتنفيذه، لا يزال صناع القرار يجهلون، إلى حد بعيد، ماهية التدابير السياسية والإجراءات الاقتصادية، الضرورية لتنفيذ المشروع المعني. وهكذا، لابد من تبني استراتيجية شاملة، متكاملة.

إن الخيارات المتاحة للسياسة الألمانية الرامية إلى تحقيق ما لألمانيا من مصالح تتعلق بموارد الطاقة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط أبعد مدى مقارنة بالاستراتيجيات التي تم تنفيذها بنجاح في السابق. فالمشاريع العملاقة والاتفاقيات المبرمة مع العالم الخارجي بأمس الحاجة لمساعدة الحكومة الألمانية. وتبقى هذه الحقيقة قائمة سواء تعلق الأمر بالنفط أو بالغاز الطبيعي أو بالطاقة الكهربائية المكتسبة من الحرارة الشمسية. وتزداد هذه الحقيقة أهمية حين يكون المرء مجبراً على التعامل مع دول تمارس فيها الحكومات تأثيراً قوياً على اقتصاد الطاقة.

وتأسيساً على هذا كله، لا مندوحة من أن تقوم أعلى المستويات السياسية بزيارة الدول المعنية بصورة متكررة وأن تُجري، في ذات الوقت، حواراً مع اقتصاد الطاقة حول حجم وشروط الصفقات المراد الاتفاق عليها. وغني عن البيان أن الشرط الأساسي لهذا التدخل الحكومي يكمن في مدى رغبة ممثلي اقتصاد الطاقة في الحصول على المساعدة الحكومية. ففي نهاية المطاف، فإن اقتصاد الطاقة يجازف برأسماله الخاص وهو الذي يتحمل نتائج ما يبرم من اتفاقيات.

وبالنسبة لتحقيق خطة الطاقة الكهربائية المكتسبة من الحرارة الشمسية، لا بد، أولاً، من وضع إستراتيجية تحدد ماهية الخطوات السياسية التالية، وماهية الطرف الذي ينبغي أن يتولى تنسيق جهود الاتحاد الأوربي. ومن ثم، ينبغي مصادقة كافة الدول المعنية على الخطة؛ بحضور أعلى المستويات السياسية، وذلك لأن هذا الحضور يمكن أن يكون عاملاً سياسياً مهماً في إضفاء السرعة على عملية التنفيذ. إن أفضل فرصة لتحويل الخطة إلى واقع ملموس، ومشروع قائم فعلاً، تكمن في التزام الدول المعنية بتنفيذ إجراءات متوالية يتسق بعضها مع البعض الآخر. ففي بادئ الأمر، ينبغي إقناع دول المغرب العربي بأن الخطة بحاجة ماسة إلى مساندة سياسية أكثر فاعلية وقوة. علاوة على هذا، لابد من تحسين الشروط السياسية المتحكمة باكتساب الطاقة الكهربائية من الحرارة الشمسية في الجزائر وفي المغرب على وجه الخصوص.

على صعيد آخر، لا بد من تتفق دول الاتحاد الأوربي، نفسها، على قواعد الحصول من شمال أفريقيا على كمية الطاقة الكهربائية - المكتسبة من الحرارة الشمسية - الضرورية لتحقيق الأهداف المقرة في الاتحاد الأوربي؛ كالهدف القاضي بضرورة تغطية 20 بالمائة من كمية الطاقة المستهلكة من خلال موارد الطاقة المتجددة. وحتى وإن تأكد نجاح المشروع من الناحية التقنية، يظل من الضروري مناقشة العديد من المسائل المتعلقة بتخزين الحرارة ونقل الطاقة الكهربائية باستخدام شبكة الجهد العالي والتيار المستمر. وبالإضافة إلى هذا وذاك، ينبغي إجراء حوار مكثف ليس مع الدول المحتمل مشاركتها بالمشروع، بل، أيضاً، مع منتجي الطاقة الكهربائية المكتسبة من الحرارة الشمسية ومع شركات تصريف هذه الطاقة ومع الشركات التي تدير شبكات نقل الطاقة الكهربائية في البلدان المختلفة.

على صعيد آخر، يمكن، لمشروع اكتساب الطاقة الكهربائية من الحرارة الشمسية أن يكون وسيلة ناجعة لخفض انبعاث الغازات الملوثة للبيئة في الإقليم. ومعنى هذا، هو أنه سيتعين على معامل إنتاج الطاقة الكهربائية في الإقليم أن تتخلى عن استخدام الموارد الأحفورية وتتحول صوب استخدام الحرارة الشمسية. وحتى وإن افترضنا أن الدول الغنية بالنفط ستواصل استخدام الطاقة المكتسبة من الموارد الأحفورية، إلا أن افتراضنا هذا لا يجوز أن يحجب عن ناظرينا أن استخدام الطاقة بنحو أمثل في الأمد الطويل، يشكل، أيضاً، تدبيراً مهماً للمحافظة على سلامة البيئة.

وتنسحب هذه الحقيقة على إنتاج واستهلاك الطاقة سواء بسواء. وكما هو معروف، فإن ألمانيا، على وجه الخصوص، تستطيع تقديم خدمات جليلة في هذا المجال. فنقل التكنولوجيات والمعارف الخاصة بالاستخدام الأمثل للطاقة يمكن لألمانيا أن تلعب دوراً رئيسياً فيه. إن النموذج الألماني القائم على الاستعانة بوكالات الطاقة لتعزيز معرفة المواطنين والاقتصاد بأهمية ومتطلبات الاستخدام الأمثل للطاقة، يستحق أن يُصدَّر إلى دول الإقليم. ومن خلال المساهمة بتدريب قوى العمل وتقديم المشورة في المسائل التخطيطية، تستطيع ألمانيا، بكل تأكيد، المساهمة في توسيع دائرة معارف هذه البلدان. على صعيد آخر، ليس ثمة شك في أن هذه المساهمة ستعبد الطريق أمام الشركات الألمانية لتصريف البضائع المهمة في تحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة.

إن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هما الإقليم، الذي فيه أكبر احتياطي، في العالم، من الموارد الأحفورية وموارد الطاقة المتجددة. من هنا، فإن ألمانيا مطالبة بتحسين وتوسيع علاقاتها بهذا الإقليم. وينبغي، هنا، المراهنة على ما لدى ألمانيا من قدرات متميزة في مجال الطاقة.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أشار في أحد تقاريره إلى أنه يدعم المشاريع الرامية إلى تحويل أشعة الشمس المتوفرة بكثرة في منطقة الصحراء الكبرى، إلى طاقة كهربائية موضحاً أن الطاقة الشمسية ستأخذ مكانها المهم بين الطاقات المستغلة دولياً.

على صعيد أخر، ليس من المتوقع أن تنافس هذه الطاقة، الطاقة البترولية. فما خلا المحطات القديمة، فإن معظم المحطات الكهربائية في العالم إن لم يكن كلها، تعتمد حالياً إما على الغاز أو الفحم أو الطاقة النووية أو الطاقات البديلة المستدامة والصديقة للبيئة من الشمس والرياح، وليس على الوقود النفطي. بمعنى آخر، لن يقلص استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء سوق النفط في شكل ملحوظ. فالسوق الرئيسية للنفط اليوم تتمثّل في قطاع المواصلات وليس في توليد الكهرباء.

ويمكن، طبعاً، اعتبار سوق الطاقة الشمسية سوقاً وفرصة جديدة للمنطقة العربية لولوج أسواق وصناعات جديدة، بفضل الاهتمام المتزايد بتحسين البيئة وتقليص النفقات.

كما تنطوي هذه التقنية الجديدة على فرص عمل جديدة للفنيين والعمال العرب وعلى إمكانيات مهمة لمعالجة العجز الفادح في إنتاج الطاقة الكهربائية. فمن متطلبات الساعة أن يتم التوسع في إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو يناسب الاستهلاك المحلي ويسد الفجوة الناشئة عن التلكؤ في تشييد المحطات الكهربائية اللازمة لتغطية الطلب المحلي، فالتيار الكهربائي يصل إلى الكثير من المدن والعواصم العربية بنحو متقطع ولبضعة ساعات في اليوم في الوقت الراهن.



#عدنان_عباس_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصناديق السيادية - وأهميتها في النظام المالي الدولي
- النشاط الاقتصادي الصيني في أفريقيا: أهو استعمار جديد أم منهج ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدنان عباس علي - آفاق التعاون بين الاتحاد الأوربي ودول المغرب العربي في مجال الطاقة