أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي مجالدي و بوقرة جمال - الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في بحر قزوين ....تحول الصراع من روسيا إلى إيران.















المزيد.....



الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في بحر قزوين ....تحول الصراع من روسيا إلى إيران.


علي مجالدي و بوقرة جمال

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 13:32
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تمهيد
إن التطورات التي أفرزتها نهاية الحرب الباردة و تفكك الاتحاد السوفييتي و استقلال الجمهوريات الإسلامية التابعة له في منطقة بحر قزوين فتح المجال لتنافس عدة قوى إقليمية و أخرى دولية على هذه المنطقة من خلال بلورة خطط و استراتيجيات، لملئ الفراغ التي خلفه الاتحاد السوفيتي بعد تفككه، و الفوز بأكبر نصيب و مزايا و ثروات هذه المنطقة .
و تعد الولايات المتحدة الأمريكية و إيران من بين القوى التي تسعى للعب أدوار رئيسية في بحر قزوين، بحيث عمل كل منهما على بلورة مجموعة من الخطط و الاستراتيجيات التي تساعدها على بلوغ أهدافها و إثبات حضورها في هذه المنطقة، غير أن هذا التنافس الأمريكي الإيراني غير منعزل عن بقية القوى الإقليمية الفاعلة في بحر قزوين خاصة روسيا و الصين و تركيا، التي تبحث لها عن موطئ قدم في هذه المنطقة،و سنتطرق في هذا الدراسة للإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين و أهم محدداتها،و أهدافها خاصة عملية عزل و تطويق الخطر الإيراني المتزايد في المنطقة.
الإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين
مثل تفكك الاتحاد السوفييتي فرصة ذهبية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية للتوجه نحو منطقة بحر قزوين، و هي المنطقة التي لا تقل أهمية في السياسة الخارجية الأمريكية عن المناطق الحيوية الأخرى بالنسبة لها و هذا راجع للاحتياطات النفطية الضخمة المثبة و المحتملة في هذه المنطقة، و سياسة التنويع في مصادر الطاقة التي بدأت تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية لتجنب الأزمات الطارئة و المفاجئة، بالإضافة إلى الموقع الذي تحظى به منطقة بحر قزوين القريب من كل الفاعلين الذين يشكلون تهديد محتمل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.تتحرك الإستراتيجية الأمريكية و تتحدد معالمها في بحر قزوين وفق ما يقتضيه مفهوم المصلحة الوطنية، معتمدة في ذلك على إستراتيجية شاملة من الممكن أن تساعده في تحقيق أهدافها المنشودة، و بناءا عليه سنتطرق إلى أهمية منطقة بحر قزوين بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية،ثم محددات الإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين ثم الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيقها في هذه المنطقة المهمة من العالم.
1- أهمية المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية
كشفت نهاية الحرب الباردة و مما لا يترك مجالا للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت القوة الرائدة عسكريا و سياسيا و اقتصاديا في العالم، وتكرست هذه الهيمنة أكثر بسيطرتها على المنظمات الدولية لخدمة مصالحها،خاصة منظمة الأمم المتحدة حيث قدمت الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2005 لهذه المنظمة مستحقات قدرت ب 607 مليون دولار و هو ما نسبته 84% من مستحقات جميع الأعضاء في الأمم المتحدة( )،و بالتالي فالإستراتيجية الأمريكية بعد الحرب الباردة تركز على الانتشار الشامل و ملئ الفراغ الذي خلفه تفكك الاتحاد السوفيتي خاصة في بلدان آسيا الوسطى و القوقاز التي أصبحت منطقة كوارث طبيعية مع انهيار و تحلل كل استثمارات النظام السوفيتي فيها من صحة و تعليم و بنية تحتية، و يعيش معظم سكان هذه المنطقة في فقر حيث لا يزيد متوسط دخل الفرد في جميع هذه البلدان الجديدة في سنة 1992 عن 700 دولار في السنة، و هذا راجع إلى هيمنة عناصر المافيا المحلية و شركات تهريب المخدرات و البشر على نطاق واسع.بالإضافة إلى الأصولية الإسلامية و القمع المتبادل بينها و بين القلة الحاكمة، و مع ذلك شكلت منطقة بحر قزوين أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي وضعت خطط لتطويرها بعدما ضمنت الشركات النفطية الأمريكية مجموعة كبيرة من الكنوز الهيدروكربونية في هذه المنطقة ذات الاحتياطات الطاقوية الواعدة.( )
لقد تزايدت أهمية بحر قزوين في الإستراتيجية الأمريكية مع مناداة عدد من الشخصيات البارزة ذات النفوذ الكبير بالأهمية الجيوإستراتيجية لهذه المنطقة،ففي أوائل التسعينات قام مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جيمي كارتر"زيغينيو بريجينسكي" Zigino Brzezinski بزيارة مكثفة إلى المنطقة كمستشار لشركة النفط الأمريكية "أموكو"، بحيث حذر البت الأبيض من أن الولايات المتحدة الأمريكية سترتكب خطأ فادح إذا ما تجاهلت مصالحها الحيوية في منطقة بحر قزوين . و يرجع سبب تزايد الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة إلى تنبأ العديد من الخبراء بأن موارده النفطية و إنتاجها قد و صل أو قارب الوصول إلى قمته ليبدأ معه ارتفاع شاهق في الأسعار و انحدار تدريجي في عهد عصر النفط و لعل ما صرح به الرئيس الأمريكي جورش بوش الابن في ماي 2001 كان واضحا و صريحا بان النفط بدأ ينتهي عصره، و من لم ينتبه له الجميع حيث قال في هذا الصدد " يجب على الناس أن تسمع بصوت واضح و قوي بان موارد الولايات المتحدة الأمريكية من الطاقة هي في مرحلة النضوب".و بحسب الدراسة التي أعدتها وزارة الطاقة الأمريكية عام 2005 يتبين أن العالم و الولايات المتحدة الأمريكية سيواجهون تحديات غير مسبوقة عند وصول الإنتاج النفطي إلى ذروته،عند إذن ستبدأ أسعار النفط في الارتفاع و التذبذب الكبير الإمدادات، و بالتالي إذا لم يتم إدخال البدائل بطريقة متزامنة،فإن التكلفة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية ستكون كبيرة في حالة عدم التدخل . و مع انكشاف سر أزمة نضوب النفط و دخول الحقول العالمية مرحلة الذروة في الإنتاج تصبح ممارسات واشنطن في الشرق الأوسط أكثر وضوحا، فالعراق ليس سوى خطوة على طريق الهيمنة العسكرية الأمريكية على سائر ما تبقى من الاحتياطات النفطية في أنحاء العالم .إن فكرة الوصول الأمريكي العسكري إلى مناطق النفط في الشرق الأوسط هي هدف استراتيجي في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى إلى تحقيقه لحماية مصالحها النفطية و الاقتصادية من أي تهديد .فالسياسة النفطية للولايات المتحدة الأمريكية مركزة على الشرق الأوسط بشكل كبير و مترابطة معها بعلاقات اقتصادية ضخمة خاصة في مجال المحروقات فالشركات النفطية الأمريكية تمتلك الريادة في مجال التنقيب و الكشف عن البترول في هذه المناطق و لكن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تنويع إمداداتها و عدم التركيز فقط على منطقة الشرق الأوسط ، وبهذا اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية نحو منطقة بحر قزوين نظرا للاحتياطات النفطية الضخمة بهذه المنطقة و التي كانت عنصرا أساسيا في خطة الطاقة التي أعدها نائب الرئيس "ديك تشيني" في ماي 2001، و طبقا للتقرير الذي أعده بهذا الشأن فإن التوقعات تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستورد 90% من احتياجاتها النفطية من الخارج بحلول عام 2020 الأمر الذي يكسب نفط بحر قزوين أهمية إستراتيجية في تلبية الطلب الأمريكي المتزايد على الطاقة و يقلل في الوقت ذاته من الاعتماد الأمريكي على نفط الشرق الأوسط .
وتأسيسا على هذه المعطيات فإن منطقة بحر قزوين و التي تشكل جزء من منطقة الشرق الأوسط الكبير، و الممتدة من آسيا الوسطى و بحر قزوين حتى بحر العرب جنوبا، و الأناضول و البحر المتوسط غربا و الصين شرقا و الإتحاد الروسي شمالا، ستشكل أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار انه ما إذا سيطرت عليها سيكون لها القدرة مستقبلا على تسيير دفة الاقتصاد العالمي طبقا لمصالحها الخاصة، و من هنا يمكن فهم سعي الإمبريالية الأمريكية إلى الهيمنة العسكرية المباشرة على هذه المنطقة من العالم ، و بناءا عليه فقد سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على مصادر النفط في الجمهوريات الإسلامية المطلة على بحر قزوين فور انفصال هذه الدول عن السيطرة الروسية، بحيث أكدت خبيرة الطاقة في مجلس الأمن القومي الأمريكي "شيلا هيسلن" عن السياسة الأمريكية في منطقة بحر قزوين قائلة:" إن سياستنا كانت في السيطرة على النمو السريع لطاقة قزوين....قمنا بذلك بشكل محدد عبر المساعدة في استقلال هذه البلدان الغنية بالنفط لكسر سيطرت و احتكار روسيا على نقل النفط من تلك المنطقة، و ذلك بصراحة لتعزيز أمن الطاقة الغربي من خلال تنويع المصادر".
إن المنطق الذي يقوم عليه القرن الواحد و العشرين هو انه من يسيطر على مصادر الطاقة (النفط و الغاز) سيكون سيد المنافسة و المتحكم الرئيسي في توجهات الاقتصاد العالمي، و تظهر خريطة النفط العالمية أن هناك عددا من المناطق الحرة و المفتوحة للمنافسة بعضها هامشي بحكم الإنتاج أو حجم الاحتياطات، و بعضها شديد الأهمية ، ولا شك أن أهم منطقة على الخريطة في القرن الحالي هي منطقة بحر قزوين، فهي من حيث الاحتياطات النفطية و الغازية تأتي في المرتبة الثانية بعد الخليج العربي، رغم أنها مازالت حاليا منطقة هامشية من حيث الإنتاج، و لكنها بما تحتويه من احتياطات ضخمة تعد منطقة المستقبل بالنسبة لأمن الطاقة الأمريكي على المدى المتوسط و البعيد،و لهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى توسيع قوس الهيمنة ليشمل منطقة بحر قزوين و آسيا الوسطى و القوقاز .
لقد تحدث بريجنسكي Brzezinski في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى "Grand Chessboard" عن أهمية هذه المنطقة بالنسبة لأمريكا، حينما رأى أن التأثيرات الجيوإستراتيجية لأمريكا واضحة، فالولايات المتحدة الأمريكية بعيدة جغرافيا جدا لتسيطر على بحر قزوين و التي هي جزء من أوراسيا، و لكن أمريكا قوية بما يكفي للانخراط في هذا المكان من العالم و إن كل الدول في هذه المنطقة تنظر إلى التدخل أو الانخراط الأمريكي باعتباره ضروري لبقائها،فروسيا أصبحت ضعيفة نسبيا و غير قادرة على استعادة سيادتها على المنطقة أو إبعاد الآخرين،لكنها تبقى قوية و قريبة من المنطقة و بالتالي لا يمكن استبعادها أو تجاهلها،و كذلك تركيا و إيران فهما دولتان قويتان بما فيه الكفاية لممارسة النفوذ بالإضافة إلى الصين رغم أنها ليست مخيفة جدا، و لكن دينامكيتها الاقتصادية تسهل عليها التغلغل في المنطقة وبهذا فقد بدأت العديد من التهديدات الإقليمية في الظهور بما فيها الصراعات المحتملة في الدول القزوينية التي كانت خاضعة للاتحاد السوفييتي حيث ستبقى خذه التهديدات مبعث قلق أمريكي رئيسي في المستقبل، و ستظهر هذه التهديدات على الغالب في المناطق التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها، كما أن لأمريك مصالح كبيرة في منطقة بحر قزوين على منع سيطرت أي قوة معادية على هذه المنطقة .
و من هنا فإن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الغالب تقوم على اعتبار بحر قزوين هي امتداد جيوإستراتيجي لمنطقة الخليج العربي، و ستفرض عليها إن أمكن ذلك أوضاعا مشابهة سواء من حيث السيطرة النفطية أو تعهدات الحماية و إذا حدث ذلك فعلا فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستضع نفسها في موقع القيادة العالمية في الجانب الاقتصادي،فثروات الطاقة في بحر قزوين تمثل المخرج المثالي للاقتصاد الأمريكي من عثراته الحالية، فهي منطقة هائلة للاستثمار بما تنطوي عليه من إمكانيات و موارد طبيعية، وبهذا فأمريكا تعي جيدا أن السيطرة على هذه المنطقة يعني السيطرة على منطقة خليج أخرى، لذلك فهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها .
و بعدما تعرضنا لأهمية منطقة بحر قزوين بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية سنتطرق إلى محددات الإستراتيجية الأمريكية في هذه المنطقة و الجهود المبذولة لبلوغ أهدافها.

2- محددات الإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين
لقد شكل انهيار الإتحاد السوفييتي فرصة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية للتواجد في منطقة بحر قزوين و آسيا الوسطى، هذه المنطقة التي لا تقل أهمية عن المناطق الأخرى في العالم و التي تعد مفتاح الحفاظ على الزعامة و الريادة العالمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في مجال السيطرة على المنابع الأساسية للطاقة التي تعد شريان الحياة الاقتصادية بالنسبة للدول الرأسمالية الكبرى، وقد اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية في تكثيف تواجدها في بحر قزوين على إستراتيجية ترتكز أساسا على عدة محددات اقتصادية، سياسية، عسكرية.
التواجد الاقتصادي و التجاري
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى منطقة بحر قزوين من خلال الباب الاقتصادي عبر الوكالة الأمريكية للتنميةthe united states agency for international development (USAID). كما تعمل على إذكاء التنافر العرقي بها و المشكلات الحدودية و الإقليمية مثل مشكلة إقليم ناجورنو جاراباخ بين أذربيجان أرمينيا ، وقد بلغت المساعدات الأمريكية لدول آسيا الوسطى سنة 2008 ما قيمته 102.04 مليون دولار أمريكي و انخفضت قليلا هذه المساعدات سنة 2009 حيث بلغت 98.8 مليون دولار وتحصلت كل من كازاخستان و تركمنستان و هي دول مطلة على بحر قزوين على 19.3 و 8.9 مليون دولار على التوالي في نفس السنة من مجموع المساعدات . أما منطقة القوقاز فقد تحصلت أذربيجان سنة 2009 على 25 مليون دولار من طرف الولايات المتحدة الأمريكية أما أرمينيا فقد تحصلت على 50 مليون دولار سنة 2010، و بعد حرب الخمس أيام بين جورجيا و روسيا سنة 2008 قررت الولايات المتحدة الأمريكية إدخال جورجيا في المساعدات الأمريكية بعد اقتراح من الرئيس الأمريكي جورش بوش الإبن و تمت الموافقة على القرار من طرف الكونغرس و في سبتمبر 2008 تقرر تقديم مليار دولار كمساعدات لجورجيا على مدى عامين و تم ذلك فعلا وهي محاولة الولايات المتحدة الأمريكية من تطويق منطقة القوقاز لأهميتها الكبيرة في نقل بترول و غاز بحر قزوين .و تهدف هذه المساعدات الأمريكية إلى تحقيق الأهداف التالية:
• تحقيق التنمية الاقتصادية في هذه الدول
• إحلال الديمقراطية
• تحقيق الرعاية الصحية و إدارة سلمية للموارد .
شكلت موارد الطاقة في بحر قزوين محل اهتمام بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية و التي تمثل لها مصدرا هاما للطاقة الرخيصة مما يوفر لها عنصرا هاما للتقدم و الازدهار، و على الجانب الآخر نجده يمثل ضغطا أمريكا يوجه تجاه المنظمات الدولية المؤثرة في سعر الطاقة العالمية مثل منظمة أوبك و يقلل الاعتماد تدريجيا على نفط الخليج العربي .و من أجل هذا الغرض تعمل واشنطن على تطبيق إستراتيجية للطاقة و البترول و الغاز تقوم على عدة أبعاد تتمثل في :
• عدم الإعتماد على بترول الخليج العربي العربي بصفة دائمة.
• العمل على ضمان تعدد مصادر الطاقة (احتياطات بحر قزوين تقدر ب 200 مليار).
• تعدد خطوط النقل وخطوط الإمداد.
• تعدد المسارات لتقليل المخاطر التي قد تتعرض لها أنابيب البترول .
وقد ذكرت تقارير وكالة الطاقة الدولية كيف تطورت مراحل سيطرت الشركات الامريكية على موارد الغاز الطبيعية في بحر قزوين و التي تمت كالآتي:
• في 14/8/1994 قام الرئيس الأذربيجاني بزيارة واشنطن واتفق على توقيع ثلاث عقود مع كل من الشركات الأمريكية "Mobial – Chevron –Exxon" تصل قيمتها إلى عشرة مليار دولار، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية تعاون مع شركة "Amoco" الأمريكية هذه الاتفاقية تتيح للشركة الحق الاستثنائي في إجراء مباحثات حول حقل"Inam" .
• في 2/ 12/ 1996م بدأت شركة Caspian International Petroleum Company CIPE))عملها في أذربيجان حيث قامت بعمليات الاستكشاف في حقل كاراباخ وهى شركة أميركية مشتركة
• وفى 2/12/1996م تأسست شركة بترول بحر قزوين المحدودة Amoco في باكو والتي تعمل لصالح USA National Thanksgiving.
• وفى الفترة من 6-9 من شهر أفريل 1997عقد مؤتمر في دالاس في الولايات المتحدة الامريكية حول منطقة بحر قزوين عرضت فيه شركة هوستن Houston أكبر مجموعه من التقارير والخرائط وقواعد البيانات حول منطقة بحر قزوين.
• وفى 4/6/1998م وضعت شركة سوكار Socar تقريرا حول كميات الغاز الطبيعي القابلة للاستخراج وقدرتها بحوالي 15 مليار متر مكعب .
• في 20/5/1998م قدمت شركة First Exchange Crop عدة مشاريع استثمارية في بحر قزوين وخاصة في كل من كازاخستان وأذربيجان وتركمانستان.
• وفي يومي 25و26/6/1998 م عقد مؤتمر دولي في مركز التجارة العالمي في نيويورك من أجل بحث مشاكل النفط والغاز الطبيعي وخطوط أنابيب نقل الغاز الطبيعي في منطقة بحر قزوين .
• وفى 13/11/1998 م وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على تمويل مشروعات البنية التحتية اللازمة لصناعة النفط والغاز الطبيعي في تركمانستان والتي تبلغ تكلفتها الاستثمارية عشره ملايين دولار بما في ذلك خط الأنابيب.
• وفى تاريخ 11/10/1999م بدأت شركة شيفرون Chevron الأمريكية بالتفاوض مع حكومة كازاخستان على شراء 25% من استثمارات حقل تنجيز Tengiz .
• وفى 29/2/2000م وقعت شركة كونكو Conoco عقدا لعمل استكشاف في عمق بحر قزوين مع شركتي Exxon Mobil، وفى نفس التاريخ وقعت شركة Shell الأمريكية اتفاقية لاستثمار الغاز الطبيعي في تركمانستان.
• و في سنة 2011 أصبحت شركة socar الأمريكية تسيطر على ثلاثة من بين أهم 10 حقول في بحر قزوين.حيث تسيطر هذه الشركة على حقول شونشلي و نيلتياني كامني و بحار و تقدر الاحتياطات في هذه الحقول الثلاث ب 4 مليار برميل من النفط .
أما من حيث تعزيز و دفع عمليات الإصلاح و الانتقال الاقتصادي في منطقة بحر قزوين، فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1993 بتقديم حوالي 379 مليون دولار لدول آسيا الوسطى و بحر قزوين في شكل معونات إنسانية، باستثناء 64 مليون دولار مقدمة للإسراع في برنامج التحول الاقتصادي بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات ثنائية مع بعض دول المنطقة لتوفير الحماية القانونية للمستثمرين الأمريكيين،كما تم توقيع عدة اتفاقيات بين هذه الدول مع بعض المؤسسات الأمريكية مثل شركة الاستثمار الخاص لما وراء البحار،و تشجيع البنوك لتقديم القروض التي تضمنها الحكومة الأمريكية للشركات لتنشيط دورها في آسيا الوسطى و بحر قزوين. و قد وضعت واشنطن أربعة خيارات إستراتيجية لتطورات الصراع في المستقبل المنظورحول الموارد النفطية في بحر قزوين هي:
الخيار الأول: وهو الخيار الذي أيدته شركات النفط الأمريكية العملاقة التى استهدفت السيطرة على موارد بحر قزوين من خلال ضخها إلى الأسواق العالمية عبر الأراضي الإيرانية إلى المحيط الهندي، مرورا بخليج عمان، أو إلى البحر المتوسط عبر تركيا، إلا أن هذا الخيار بات مرفوضا وفقا للقانون الأمريكي الذي يفرض حظرا على زيادة الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة الإيراني على 40 مليون دولار سنويا، وهو مبلغ ضئيل إذا ما قورن باحتياجات إنشاء هذا الخط المزعوم.وتم استبداله بخط باكو- تبليسي- جيهان الذي دخل الخدمة سنة 2006.
الخيار الثاني: يستهدف ربط تركمنستان وكازاخستان بالمحيط الهندي عبر باكستان وأفغانستان، إلا أن هناك جملة من الأسباب التي تعوق إنشاء مثل هذا الخط، يأتي في مقدمتها أفغانستان التي أهلكتها الحرب وانهارت معها كل عوامل البنية التحتية، أما باكستان فهي ذات مصالح متعددة مع قوى إقليمية أخرى يؤثر عليها عدد من المصالح السياسية المختلفة.
الخيار الثالث: فيؤيد استخدام الأراضي الروسية لنقل أنابيب البترول عبر كازاخستان وآسيا الوسطى إلى الأسواق العالمية،ولكن هذا قد يوفر لروسيا ورقة ضغط جيواستراتيجية.
الخيار الرابع: يعمل هذا الخيار على المزج بين الخيارين الأول والثالث ليتم إنشاء خط أنابيب في قاع بحر قزوين انطلاقا من كازاخستان وتركمنستان ليرتبط بأذربيجان وينتهي على شواطئ البحر الأسود في جورجيا، وإنشاء فرع منه عبر أرمينيا وأذربيجان حتى تركيا على البحر المتوسط كل ذلك في إطار إستراتيجيتين أمريكيتين، الأولى تعمل على منع اشتراك إيران في أي مشروع نفطي، والثانية تقويض الدور الروسي المتزايد اقتصاديا وسياسيا في المنطقة، وهو ما يعكس ازدياد معدلات اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية بمنطقة قزوين والقوقاز في الآونة الأخيرة . و يتضح من خلال الخيارات السابقة أن واشنطن لا تريد السيطرة على منابع النفط فقط في بحر قزوين بل على خطوط نقل هذه الطاقة إلى الأسواق العالمية .
و الجدول رقم (06) يوضح تواجد الشركات الأمريكية في أهم الحقول النفطية في كل من أذربيجان و كازاخستان، وحصص كل شركة في تلك الحقول، و الاحتياطات التقديرية لتلك الحقول.
الجدول رقم 01



تواجد الشركات الأمريكية في أهم الحقول الغنية بالنفط في بحر قزوين:
أذربيجان الاحتياطات التقديرية النسبة المؤوية اسم الشركة تاريخ التوقيع الحقل
6,5 مليار برميل 10 شيفرون 1994 شيراج
10 سوكار
8 إكسون موبيل
2,5 مليار برميل 10 سوكار 1996 شاه دنيز
700 مليون برميل 25 سوكار 1997 لانكاران
750 مليون برميل 20 سوكار 1997 يالاما د-222
858 مليون برميل 30 شيفرون 1997 أبشيرون
290 مليون برميل 50 سوكار
750 مليون برميل 50 إكسون موبيل 1997 ناخشيفان
50 سوكار
2,2 مليار برميل 50 سوكار 1998 إينام
600 مليون دولار 50 سوكار 1999 آتاش غان
كازاخستان 9-13 مليار برميل 16,66 إكسون موبيل و لا يوجد كاجشاغان
شل
1,75 مليار برميل 20 شيفرون 2007 كاراجاغاناك
9 مليار برميل 25 إكسون موبايل 2005 تنجيز
50 شيفرون

Source : Gawdat Bahgat, Energy Security: An Interdisciplinary Approach,(united (kinkdome :wely published,2011),pp 135-144. نقلا عن : http://www.eia.gov
يتضح من الجدول أعلاه أن الشركات النفطية الأمريكية تسيطر على حوالي 12.11مليار برميل من الاحتياطات الموجودة في بحر قزوين و الدول المشاطئة في كازاخستان و أذربيجان و قد تزايد الوجود الأمريكي بشكل كبير منذ سنة 1996 حتى سنة 2012 حيث تمتلك شركة اكسون موبايل و شل الأمريكية ما نسبته 16.66 %من حقل كاجشاغان و هو خامس اكبر حقل نفطي في العالم،و بالتالي فالإستراتيجية الأمريكية في هذه المنطقة تركز كثيرا على العامل الاقتصادي خاصة في مجال الطاقة.بالإضافة إلى هذه العامل تركز الإستراتيجية الأمريكية على التواجد السياسي و الدبلوماسي في منطقة بحر قزوين .
التواجد السياسي و الدبلوماسي:
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام و رقة السياسة و الدبلوماسية لبناء التحالفات مع الدول الثلاثة الجديدة التي ظهرت على شواطئ بحر قزوين (أذربيجان –تركمنستان-كازاخستان)،بحيث استفادت على هذا الصعيد من رغبة هذه الدول في الخلاص من السيطرة الروسية من جهة،و خلافاتها مع الجار الإيراني من جهة أخرى ، هذه العوامل ساعدت واشنطن على إجراء اتصالات مع رؤساء كل من أذربيجان و تركمانستان و كازاخستان الهدف منها عقد الاتفاقيات اللازمة لخدمة الاستثمارات الأجنبية في بحر قزوين، بالإضافة إلى مساعدة هذه الدول في تدعيم استقلالها السياسي و دعم الديمقراطية و تشجيعها على إقامة علاقات سلمية مع جيرانها، كما قامت بإرسال عدة معلومات لجمع المعلومات عن دول المنطقة بهدف تحديد مصالحها هناك ، فكانت من أهم هذه البعثات بعثة مؤسسة راندRAND و معهد الولايات المتحدة للسلام ثم زيارة وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر في ذلك الوقت لمنطقة آسيا الوسطى و بحر قزوين في 1992، و من خلال هذه البعثات تم التأكيد على أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة متواضعة و هامشية و ذات تأثير سلبي إلا أنها في نفس الوقت أكدت على وجود مصالح حيوية أخرى يجب حمايتها، و بشكل عام ركزت التقارير الصادرة عن هذه البعثات على مجموعة من الأبعاد التي مثلت مخاوف من أن يؤدي استغلال هذه الدول من الدول المجاورة الإقليمية إلى عدم استقرار في المنطقة، و بناءا على هذه التقارير سعت الولايات المتحدة الامريكية إلى تحقيق عدة أهداف شملت نزع السلاح النووي من كازاخستان و منع السيطرة الروسية على دول آسيا الوسطى و منع الهيمنة الإيرانية على المنطقة من جهة أخرى، فقد أشارت الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن النموذج الرأسمالي التركي هو الأفضل لدول بحر قزوين لتحقيق أهدافها نحو التحول الديمقراطي،و اتسم السلوك الأمريكي في الجانب السياسي إلى استخدام الدبلوماسية الهادئة التي تهدف إلى إحداث تعددية سياسية، و إحباط أي محاولات لإعاقة التقدم في المنطقة من قبل النظم أو الجماعات الراديكالية .
وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في الخلاف الدائر بين إيران و أذربيجان ارض خصبة لتعزيز نفوذها في بحر قزوين على حساب تقليص نفوذ و طموحات إيران في المنطقة ،فعلى النقيض من النهج الإيراني المعادي للغرب دأبت السلطات في أذربيجان منذ أيام الاستقلال الأولى على التقارب مع القوى الغربية، وقد تبنت أذربيجان نظام التفضيل في المعاملة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية و دول الإتحاد الأوروبي بحيث في عام 2001 حصلت على العضوية في مجلس أوروبا كما وضعت واشنطن اذربيجان حليفه الإسلامي في المنطقة .
عملت مجموعة من وكالات الطاقة الأمريكية على الاهتمام بالمنطقة من خلال عقد الاجتماعات الدورية برئاسة مجلس الأمن القومي لمناقشة السياسة الأمريكية تجاه منطقة بحر قزوين ، والتي تم فيها اقتراح عديد من المقترحات التالية والتي تهدف إلى تقدم المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل حيوي:
1 - اتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية اللازمة لتدعيم وجود الشركات الأمريكية للعمل هناك.
2 - العمل على تشجيع الزيارات من والى المنطقة.
3 –العمل على إدماج دول المنطقة في منظومة المجتمع الدولي .
4 - ضرورة استمرار الدعم الأمريكي وتنشيط الجهود الدولية والإقليمية لإنجاز التسوية السياسية المتوازنة والدائمة للنزاعات في كل من إقليم ناجورنو كاراباخ وأبخازيا وباقي مناطق النزاع الأخرى هناك.
5 - على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون مستعدة لتوفير الدعم المالي للعمل على إعادة بناء المناطق التي مزقتها النزاعات والحروب هناك.
6 - العمل على إتاحة موارد مادية لدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في أفغانستان .
7 – إتباع سياسة تقديم المساعدات الاقتصادية ذات الأهداف المتعلقة بالمصالح السياسية والاقتصادية والإيديولوجية أي المصالح المرتبطة بتوسيع الدعاية السياسية والأيدلوجية الوطنية داخل هذه الدول من خلال تدعيم وسائل التبادل الثقافي والعلمي الذي يساهم في بلوغ هذه الأهداف.
التواجد العسكري و الأمني:
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تكثيف تواجدها في منطقة بحر قزوين بشكل مباشر، حيث أقامت تحت عنوان مكافحة الإرهاب قواعد عسكرية في المنطقة الممتدة ما بين البحر الأسود مرورا ببحر قزوين و وصولا إلى حدود الصين،و ذكر تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية صدر في مارس 2011 أن واشنطن تدخل بحر قزوين في قائمة أولويات سياستها، و تستمر في مساعدة دول المنطقة على تامين بحر قزوين من خلال تقوية جيوشها، و على الأخص أذربيجان، كازاخستان و تركمنستان.أما التقرير الإستراتيجي لمجلس الأمن القومي الأمريكي لعام 2011 فقد أكد على ضرورة الاهتمام بأذربيجان كنقطة انتشار للقواعد و القوات العسكرية الأمريكية في البحر و على اليابس، نظرا لموقعها بين إيران و روسيا و يربط التقريرين بحر قزوين في الشمال و الخليج في الجنوب كنقطتي حصار لإيران . ففي أثناء إدارة كلينتون الثانية في النصف الثاني من التسعينات دعا الرئيس الأمريكي كل من رؤساء أذربيجان و كازاخستان و تركمنستان لزيارة البيت الأبيض في محاولة لإقناعهم بالموافقة على إنشاء خط سكة حديدية يربط بحر قزوين بتركيا مقابل وعود بتقديم مساعدات عسكرية. كانت جهود البنتاغون في هذه الفترة مركزة على النفاذ إلى منطقة آسيا الوسطى و بحر قزوين لإقامة تواجد عسكري أمريكي، وقد تم التمهيد لذلك بإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع جيوش دول المنطقة و تقديم مساعدات عسكرية في شكل أسلحة و معدات، وقد بلغ حجم المعونات العسكرية الأمريكية لهذه الدول في الفترة ما بين 1998- 2000 بحوالي 16 مليار دولار، كما نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في دفع كازاخستان إلى التخلي عن أسلحتها النووية التي كانت تملكها مقابل مساعدات عسكرية أبرزها عدد من الزوارق المسلحة للقيام بدوريات بحرية نشيطة في بحر قزوين وبالإضافة إلى ذلك، فإن للولايات المتحدة شراكات وثيقة عسكرية مع جورجيا وأذربيجان في منطقة القوقاز، حيث تشارك القوات الأميركية في مهمات تدريبية، تستخدم فيها المرافق المحلية في نقل الإمدادات عبر بحر قزوين نحو أفغانستان .قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستغلال هجمات 11 من سبتمبر 2001 من اجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية في منطقة بحر قزوين، إذ تصر على دعم التواجد العسكري الدائم في المنطقة بدعوى القضاء على الإرهاب و المتطرفين، و زادت هذه الهجمات من قوة الولايات المتحدة الأمريكية في معظم المجالات العسكرية و الإستراتيجية و القانونية، وجعلت منها أكثر قوة مما كانت عليه من قبل، بحيث قامت بتوسيع قواعدها العسكرية لمواجهة أي تهديدات جديدة كما زادت هذه الهجمات من نشاط السياسة الخارجية و جعلت منها أكثر تدخلا في شؤون الدول الأخرى مما كانت عليه من قبل .حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء أولى القواعد العسكرية لها في آسيا الوسطى في كل من أوزباكستان و قرغيزستان بحجة تدعيم العمليات العسكرية في أفغانستان.وتوجد هذه القواعد في مدينة كارشي خان أباد في جنوب أوزباكستان حيث وقعت الحكومة الأوزباكية في 7 أكتوبر 2001 على اتفاقية مع واشنطن تسمح بوجود 1500 من المشاة الخفيفة و القوات الخاصة الأمريكية على أراضيها و هذه القاعدة التي تقع على بعد 145 كلم عن الحدود الأفغانية و في سنة 2002 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية ما قيمته 120 مليون دولار أجهزة عسكرية للجيش الأوزبكي و 15 مليون دولار نفقات كراء القاعدة ، أما قاعدة ماناس في قرغيزستان فتوجد قرب العاصمة القرغيزية بشكيك و تم توقيع الاتفاقية بشأنها بين حكومة البلدين في ديسمبر 2001 مقابل 120 مليون دولار نفقات تأجير القاعدة لاستخدامها في العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان ،وكانت هذه القواعد في بادئ الأمر صغيرة نسبيا و غير دائمة حسب تصريحات المسئولين الأمريكيين، حيث كان هناك ترحيب من دول آسيا الوسطى بالتواجد الأمريكي في المنطقة و لكن مع حلول صيف 2005 بدأت تتغير المواقف في كل من قرغيزستان و أوزباكستان .فبعد الحملة الأوزباكية على الإسلاميين المتشددين في مدينة أنديجان في ماي 2005 تدهورت العلاقات الأمريكية الاوزباكية بعد مساندة واشنطن للعقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي على أوزباكستان و كانت هناك مطالب بإنهاء التواجد الأمريكي في أوزباكستان في نهاية العام 2005 و الذي تم فعلا، وهذا التواجد الذي سبب قلق كبير لكل من موسكو و بكين و طهران ،بالإضافة على هذه القواعد تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قواعد في أفغانستان نفسها حيث شرعت إدارة بوش الابن في بناء هذه القواعد ابتداء من عام 2004 في العديد من الولايات الأفغانية (كابل-هرات-بلخ-بكتيكا-خوسات-كندهار-كونر-زابل و القاعدة الجوية باجرام) ،وبعد إغلاق القاعدة الأمريكية في أوزباكستان لم يتبقى للولايات المتحدة الأمريكية إلا قاعدة ماناس في قرغيزستان حيث نجحت إدارة أوباما سنة 2009 إلى تمديد سحب القوات الأمريكية من هذه القاعدة إلى سنة 2014 و هو كذلك نفس موعد سحب القوات من أفغانستان، وللحفاظ على هذه القاعدة قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع قيمة تأجير القاعدة، فحسب تصريحات السفارة الأمريكية في بشكيك فقد ارتفعت حقوق تأجير قاعدة ماناس من 108 مليون دولار سنة 2009 إلى 142.1 سنة 2012. 57 بالإضافة إلى التواجد الميداني في دول آسيا الوسطى في كل من قرغيزستان و أوزباكستان فقد ركزت واشنطن على بقية الدول المطلة على بحر قزوين خاصة كازاخستان حيث أشادت واشنطن في قمة الأمن النووي في سيول (كوريا الجنوبية) بالدور الذي تلعبه كازاخستان في المنطقة بعد تخلصها من أسلحتها النووية فواشنطن تخشى أن تنتقل هذه التكنولوجيا إلى دول الجوار خاصة إيران. فالقواعد العسكرية الأميركية أصبحت تشكل طوّقاً إستراتيجياً على إيران، على الرغم من أن الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية عام 2011 قد غيّر نوعاً ما في التوازن الإقليمي لصالح إيران.
و يوفر هذا التواجد العسكري الأمريكي في آسيا الوسطى المزايا التالية:
• إمكانية محاصرة إيران في المستقبل بالوجود العسكري الميداني في حدودها الشرقية و الشمالية
• .خنق روسيا و الصين و منع امتداد نفوذها إلى دول بحر قزوين.
• منع الانتشار النووي في المنطقة خاصة بعد تخلي كازاخستان عن ترسانتها النووية
تركز الولايات المتحدة الأمريكية على تنويع إستراتيجيتها في بحر قزوين بالموازنة بين الجوانب السياسية و الاقتصادية و العسكرية من اجل تحقيق أهدافها في هذه المنطقة، المتعلقة بالسيطرة على مصادر الطاقة في بحر قزوين بالإضافة غلى عزل إيران و محاصرتها.
3- أهداف الإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين
بعد انهيار الإتحاد السوفييتي وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مجبرة على ملئ الفراغ الحاصل في منطقة بحر قزوين للحفاظ على مركز الصدارة في العالم،وتكريس المزيد من الهيمنة على باقي دول العالم. على هذا الأساس كثفت واشنطن جهودها في المنطقة من خلال تبني إستراتيجية شاملة بالتركيز على جميع المستويات الاقتصادية و السياسية و العسكرية. و تسعى الولايات المتحدة الأمريكية
إلى تحقيق جملة من الأهداف في منطقة بحر قزوين و تتمثل فيما يلي:
• ضمان أمن الطاقة من خلال جلب إمدادات طاقة حوض بحر قزوين إلى الأسواق العالمية بما يناسب برنامج الولايات المتحدة الخاص بأمن الطاقة، فموارد بحر قزوين تمثل مصدرًا جديدًا كبيرًا لإمدادات النفط والغاز وحركة النفط الرئيسية في العقد القادم، فالطاقة الجديدة في مناطق جديدة تساعد في الحد من جعل المستهلكين فريسة التعطيل ، ثم إن اللاعبين الجدد يستطيعون أن يجعلوا أسواق الطاقة أكثر تنافسية
وشفافية، وأكثر استجابة لأوضاع السوق.
• تعزيز التقارب الأمريكي الأذربيجاني، و الذي من شأنه أن يساهم في تطوير العلاقات التركية من جهة و الإسرائيلية من جهة أخرى، و اللتين تعتمد عليهما الولايات المتحدة الأمريكية لتقويض أي تحالف محتمل بين إيران روسيا بالإضافة إلى الاعتماد على حكومة أذربيجان في إمداد كل من تركيا و إسرائيل بالغاز و النفط لمواجهة التقارب الإيراني الروسي ،و من أجل إخضاع و احتواء المنافسين المحتملين تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة فرق تسد و يقول بريجنسكي في هذا الصدد:"من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن تدعم التعددية الجغرافية في أوراسيا في الأجل القصير".و هذا يؤكد على أهمية دور المناورات من أجل الحيلولة دون ظهور تحالف يتحدى بدوره السلطة الأمريكية، ناهيك عن احتمال ظهور دولة تقوم بنفس التحدي.
• من الناحية الجغرافية والإستراتيجية، للولايات المتحدة مصالح إستراتيجية في دعم استقلال،وسيادة، وازدهار دول منطقة بحر قزوين المستقلة حديثًا، إذ تسعى لجعل هذه الدول ديمقراطية تتمتع بالقدرة على الوصول إلى الأسواق العالمية دون ضغوط أو نفوذ قوى إقليمية، وبالتالي فتطوير موارد الطاقة في بحر قزوين هو العنصر الأساسي لازدهار المنطقة و إحلال السلم فيها.
• استبدال النفوذ الروسي الإيراني في المنطقة بنفوذ أمريكي، ومواجهة تحديات نمو النفوذ الصيني و تمدد علاقاته النفطية مع الجمهوريات الإسلامية،بالإضافة إلى إحكام السيطرة على قواعد اللعبة الدائرة بين الشركات المتعددة الجنسيات في مجال النفط و الغاز و التي تنتمي إلى عدة دول غربية و صينية و روسية بالأساس.
• إزالة الأسلحة و المواد النووية من بلدان آسيا الوسطى و بحر قزوين، و إيقاف تجارة المخدرات و تجارة الأسلحة عبر الحدود، وخصوصا بعدما تردد حول إمكانية حصول جماعات مسلحة على رؤوس نووية أو مواد نووية من جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق.
• عزل إيران في المنطقة و اعتبارها دولة ترعى و تدرب و تمول الإرهاب و تسعى إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل .
الدبلوماسية الأمريكية لعزل و تطويق إيران في بحر قزوين
لقد مرت سياسة العزل و التطويق الأمريكي لإيران بثلاث مراحل أساسية:
1. مرحلة السياسة المعادية لإيران:1991-1993:
خلال هذه الفترة حاولت أمريكا إفشال أي نوع من التمركز السلمي لإيران في العالم لتعمل على عزلتها. والدليل على ذلك هو المحاولات الأمريكية لإفشال التحرك الدبلوماسي الإيراني لحل أزمة قرة باغ كما حذر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر عام 1992 دول منطقة بحر قزوين مما أسماه بالنفوذ الإيراني وتدخل إيران في شئون هذه الدول، بالإضافة إلى نشر الادعاء القائل بأن إيران تسعى لصنع القنبلة النووية لفرض سيطرتها، ويتعين على دول منطقة بحر قزوين مواجهة الخطر الإيراني و أن تختار لنفسها نوعا من الاتحاد المناسب حتى تستقر توازنات المنطقة.
2. مرحلة الحصار المنتظم والمتوازن على إيران 1993 – 1996:
منذ مطلع عام 1993 وحتى عام 1996 تم الكشف عن منابع كثيرة للطاقة في بحر قزوين خاصة ومع ذيوع أخبار ظهور الطاقة حتى أصبحت إيران من الناحية الواقعية بوابة هامة لهذه المنطقة، ومن ثم احتلت موقعا متميزا، ولذا سعت أمريكا أكثر من ذي قبل للتصدي للنفوذ الجيوبوليتيكي الإيراني، وتوصل الأمريكيون لنتيجةٍ مفادها تحجيم إيران بصورة دقيقة ،لذلك وافقت إدارة الرئيس الأمريكي بن كلينتون على سياسة الاحتواء المزدوج التي اقترحت من طرف مارتن انديك بداية سنة 1994 و التي تعتمد أساسا على:
1- احتواء الدول المارقة من خلال عزلها عن المجموعة الدولية.
2- الضغط الدبلوماسي و الاقتصادي باستعمال طرق كعقوبات الأمم المتحدة أو المقاطعة الدولية.
3- تفكيك و تدمير ترسانتها العسكرية و التقنية.
و في سنة 1995 حولت أمريكا سياستها المعادية لإيران في شكل قانون صدر بعد تصديق كل من مجلس النواب والرئيس الأمريكي باسم داماتو ويهدف إلى حرمان إيران من المشاركة مشروعات نقل الطاقة والحيلولة دون عبور خطوط نقل النفط و الغاز عبر إيران.
فضلا عن ذلك، عملت أمريكا على الضغط على الدول المتحالفة مع إيران لإلغاء علاقاتها ومشاريعها الخاصة بصناعة الصواريخ مع إيران، وفي النهاية نجحت هذه الضغوط مع بعض الدول إما بشكل مباشر مثل أوكرانيا أو بشكل غير مباشر ودفعتها للقبول بعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع إيران
3. مرحلة التحجيم الفعال:
بدأت هذه المرحلة منذ انتخاب خاتمي لرئاسة الجمهورية منذ ماي 1997 و تبنيه لسياسات معارضة لأمريكا ، وفي هذه المرحلة قامت الولايات المتحدة الأمريكية بعزل و تطويق إيران عبر ثلاث بوابات رئيسية:
البوابة الأولى: و هي أذربيجان بالإضافة إلى تركيا و هي عضو في حلف الناتو(حلف شمال الأطلسي)،حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحديث البحرية الأذربيجانية و تأسيس حرس السواحل و بناء رادارين على الحدود مع إيران كون أذربيجان قريبة من شمال إيران و هي تعد وسيلة لزعزعة استقرار النظام الإيراني،إذ لاقت اهتمام عند عدد من المحافظين الجدد الأمريكيين المناصرين للإطاحة بالنظام الإيراني، و ليس من محض الصدفة أن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قام بثلاث زيارات إلى أذربيجان في سنة واحدة بين عامي 2004-2005 .من جهة أخرى عارضت حكومة الولايات المتحدة مد خط للأنابيب عبر إيران، فتطوير صناعة إيران من النفط والغاز وخطوط الأنابيب الممتدة من حوض بحر قزوين جنوبًا عبر إيران، سيضر ضررًا كبيرًا بتنمية البنية التحتية من الشرق إلى الغرب ويعطي إيران وسيلة ضغط كبيرة على اقتصاديات دول القوقاز وأواسط آسيا إضافة إلى ذلك من وجهة نظر أمن الطاقة، ليس هنالك من منطق في نقل المزيد من موارد الطاقة عبر الخليج الفارسي وهو نقطة ساخنة محتملة أو نقطة اختناق ممكنة خاصة أن إيران تطل مباشرة على مضيق هرمز ،كما ان العداء بين إيران و أذربيجان و الذي ولد تقارب أمريكي أذربيجاني و بالتالي وصول الحصار الأمريكي إلى الحدود الشمالية لإيران، يضاف إلى ذلك الدعم الأمريكي لتركيا في المنطقة و الذي مكن طائرات التجسس الإسرائيلية من التحليق فوق المناطق الحدودية الإيرانية .
البوابة الثانية: الحرب على أفغانستان (أمننة قضية الإرهاب)
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن كل من أفغانستان و إيران تدرج في مجال واحد على أساس أن لغة الباشتو ( ( pachtoو التي تكتب بالأبجدية العربية و تعتبر اللغة الرسمية في البلاد تعد الفرع الهندي الأوروبي للمجموعة اللغوية الإيرانية، بالإضافة إلى كون أفغانستان في جزء منها خضعت في جزء منها عقب النهضة التيمورية في القرن الخامس العشر لإيران الصفوية ثم إن أول مرة تدخل فيها أفغانستان التاريخ كانت من خلال الإمبراطورية الفارسية. و كل هذا يعني أن التأثير الأجنبي على إحدى البلدين المشكلين لهذا المجال لجغرافي العرقي اللغوي يعطي مفعوله بصفة مباشرة على البلد الثاني .وإذا جئنا على خلفيات الحرب الأمريكية على أفغانستان فإننا نسجل في البداية أنه منذ سقوط نظام الشاه في إيران 1979 الذي كان مواليا لأمريكا ظلت هذه الأخيرة مغيبة عن المجال الإيراني المشكل من الدولتين الأفغانية و الإيرانية ، كما أن ضرورة التعجيل بالحضور و النفوذ الأمريكي في المنطقة أملته معطيات جديدة بهذه المنطقة من بينها التقارب الروسي –الإيراني و ما يترتب عليه من إخلال بموازين القوى لغير صالح الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها و خصوصا أن لإيران وزنها و حضورها في الصراع العربي الإسرائيلي ،و بهذا استغلت الولايات المتحدة الأمريكية أحداث 11 سبتمبر 2001 للتواجد في منطقة آسيا الوسطى و بحر قزوين بغرض القرب و التأثير على مجرى العلاقات الإيرانية الروسية و يتضح ذلك من خلال:
• التداخل في النزاعات بين إيران و دل المنطقة بهدف خلق سوء التفاهم بين الأطراف المتنازعة.
• القيام بتشويه صورة النظام السياسي الإيراني بإلصاق تهم تصدير الإرهاب و رعايته.
• الحيلولة دون مرور خطوط أنابيب النفط عبر إيران.
هذا و نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إقناع دول آسيا الوسطى و بحر قزوين بضرورة التعاون الإستراتيجي معه بما يوفر لهذه الدول تحقيق التعاون على الجانب الاقتصادي، لدرجة أن هذه الدول أهملت أن الهدف الحقيقي لواشنطن هو محاصرة هذه الدول و السيطرة على إيران التي تضر بمصالحها في المنطقة. و بغزو الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان مباشرة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 يكون الحصار الأمريكي قد وصل إلى الحدود الشرقية لإيران.
البوابة الثالثة:إحتلال العراق (إكتمال قوس الحصار)
بعد أن أحكمت الولايات المتحدة الأمريكية قبضتها على البوابة الأولى أذربيجان و على البوابة الثانية أفغانستان اللتين شرعت الاستثمارات و الشركات النفطية الأمريكية و الغربية بالوصول عبرهما إلى أحواض النفط و الغاز في بحر قزوين، اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية نحو البوابة الثالثة و المتمثلة في اجتياح العراق و إسقاط نظام الحكم،إن شمال العراق لا يبعد على مدينة تبريز الإيرانية إلا 200 كلم و عن الشاطئ الجنوبي لبحر قزوين سوى 150 كلم. و بناءا عليه شكل احتلال العراق منطلقا لمحاصرة المراكز الإقليمية في إيران بما يضمن إجهاض تحالفاتها السياسية و الاقتصادية و الإقليمية و الدولية .
نشرت القوات الأمريكية عناصر منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الحكم في إيران في الإقليم الغربي من إقليم بلوشستان الباكستانية المتاخمة للحدود الشرقية لإيران تحسبا لتنفيذ عمليات تخريبية داخلها.لقد قدر عدد القوات الأمريكية في منطقة آسيا الوسطى و بحر قزوين و جنوب آسيا و العراق ب 25 ألف جندي قبل الحرب ضد الإرهاب،لتصبح 80 ألف جندي، وبذلك فهي تشكل قوس حصار أمريكي على الشرق الأوسط يمتد من تركيا للسعودية و الكويت و البحرين و قطر و العراق،من باكستان إلى أفغانستان بلدان آسيا الوسطى المتاخمة لبحر قزوين و سيكون هذا الخط هو نفسه خط المواجهة الأمامي للحرب الأمريكية المحتملة ضد إيران .
و بهذا يكتمل الحصار الأمريكي لإيران في منطقة الشرق الأوسط و بحر قزوين فتقريبا 90 % من البلدان المجاورة لإيران بها قواعد عسكرية أمريكية أو حكوماتها موالية للولايات المتحدة الأمريكية، أضف إلى ذلك العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران حول برنامجها النووي، ورغم كل هذه المجهود من طرف واشنطن لإنجاح الإستراتيجية الأمريكية في احتواء و عزل إيران عن منطقة بحر قزوين فهي تواجه مجموعة من التحديات .
4- تحديات الإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين
على الرغم من تغلغل الولايات المتحدة الأمريكية داخل منطقة بحر قزوين، إلا أنه هناك جملة من التحديات التي من شأنها أن تعيق واشنطن في تحقيق أهدافها المنشودة في المنطقة ومن أبرزها هذه التحديات:
1. في إطار وقف التعاون العسكري بين موسكو وطهران بهدف إفساح المجال أمام تدعيم نفوذها الاقتصادي والعسكري في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، إقامة منطقة عازلة أمام الحضور الروسي والإيراني ، وإرساء مبدأ جديد للتفاهم الاقتصادي حول تقاسم ثروات بحر قزوين، فقد لجأت واشنطن إلى سياسة الحصار وفرض العقوبات ضد روسيا والدول التي تتورط في عمليات تصدير أسلحة أو تكنولوجيا عسكرية متقدمة لإيران، حيث قامت بفرض عقوبات على أكثر من 17 معهداً وجامعة عسكرية وعلمية روسية تتعاون مع إيران في المجالات العسكرية والتكنولوجيا الخاصة بصناعة الأسلحة والمعدات الحربية، كما صدق مجلس الشيوخ الأمريكي في 2001 بأغلبية 98 صوتا على مشروع قانون يهدف إلى فرض عقوبات على روسيا أو أية دولة أخرى تساعد إيران على تطوير أو تصنيع أسلحة الدمار الشامل، من قبله، وكان مجلس النواب قد وافق بأغلبية ساحقة أيضاً على مشروع قانون مماثل. وعلى عكس ما توقع الكثيرين، فقد رفضت كل من موسكو وطهران تلك السياسة العقابية الأمريكية، ولم ترضخا للضغوط الأمريكية، وفي هذا السياق، جاء نص البيان المشترك الذي أصدرتاه حكومتا البلدين إبان زيارة مسئول الأمن القومي الإيراني لموسكو في أوائل العام 2002، والذي أكد على أن البلدين سوف ينفذان كل التزاماتهما المتبادلة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والنووي، فضلا عن الاتفاقات الموقعة بين عام 1989، و1990 في هذا الصدد أيضاً، وأنهما لن يقبلا بأي تدخل من أية دولة ثالثة في هذا الخصوص.
2. تصنف العديد من الجهات الرسمية الأمريكية الإسلام السياسي باعتباره من التحديات المحتملة التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد سقوط الإيديولوجية الشيوعية، و مع التصاعد الملحوظ في ظاهرة الإسلام السياسي في العديد من الدول الإسلامية بحيث يعد انتشار هذه الظاهرة خطر على المصالح الأمريكية و الغربية و التي عرفت تزايدا كبيرا بعد استقلال الجمهوريات الإسلامية في منطقة بحر قزوين خاصة في تركمانستان و طاجاكستان، وتزايد النشاط الإيراني الأصولي سواء في العالم العربي أو في هذه الجمهوريات ، خصوصا و أن لإيران الحجم و الموقع المركزي و عدد السكان و التقاليد التاريخية و الموارد النفطية و المستوى المتوسط من الدخل الاقتصادي الذي يمكن من أن يؤهلها لتمارس نفوذها على هذه الجمهوريات الإسلامية و أن تكون دولة إسلامية مركزية، كما لها القدرة الكافية على رعاية المنظمات و تمويل الجماعات الإسلامية و دعم المقاتلين و المجاهدين في أفغانستان و التودد للشعوب الإسلامية في منطقة بحر قزوين .
3. على الرغم من وضوح الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في حرب أفغانستان، إلا أن نجاح عملية تحقيقها لا تزال تلقي صعوبات عديدة تواجه واشنطن، بداية تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العسكري إلى حلفاء فعليين مستعدين للتضحية في العمل معها، و هو الأمر الذي يلقي استفهاما خصوصا بعد الدرس الذي تلقاه السوفييت في أفغانستان، من جهة أخرى بدأت واشنطن تواجه صعوبة في دفع نفقات هذه الحرب حيث طالب الرئيس أوباما مبلغ 79.4 مليار دولار للعمليات الحربية الخارجية في أفغانستان للسنة المالية 2014 التي تبدأ في أكتوبر القادم.بالإضافة إلى التنازلات المالية التي قدمتها لباكستان و التي امتدت إلى الهند و روسيا و دول آسيا الوسطى و بحر قزوين و القوقاز من أجل إقناعها بالبقاء ضمن التحالف الواسع المناهض للإرهاب .خصوصا و أن الأزمة الاقتصادية التي تم تجنبها مؤقتا من خلال مسارات الغزو الكبير (لأفغانستان و العراق)، الذي ساهم في تغذية صناديق و خزائن الشركات العابرة للقارات و المتعلقة بالصناعة الحربية و زيادة الإنفاق الحكومي، تفاقمت بشكل كبير مع انفجار فقاعة قطاع العقار في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي بدأت طلائعه مع بداية العام 2007 .
4. بالرغم من السعي الأمريكي المتواصل لمواجهة المحاولات الإيرانية في امتلاك التكنولوجيا النووية النووية و القوة العسكرية، إلا أنها لا تستطيع فرض النظام العالمي الجديد الذي تريده بإنفرادها و سيطرتها على العالم،نظرا لأن الدولار و أزمة النفط معا يشكلان في هذه الأيام مصدر تهديد قاتل و قادم،ينذر بإدخال الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة عاصفة من المشاكل المالية و الاقتصادية لم تعرفها منذ عام 1945 خصوصا في ظل سعي العديد من الدول النفطية الرئيسية لعقد صفقات نفطية و علاقات متبادلة في مواجهة السيطرة الأمريكية و من هذه الدول و إيران و روسيا و الصين .
و بالتالي فالإستراتيجية الأمريكية في بحر قزوين تعمل على عزل و احتواء إيران و تقليص نفوذها في المنطقة، إلا أن إيران تعمل في نفس الوقت على مجابهة هذه الإستراتيجية الأمريكية و البحث عن المحددات التي تسمح لها بفرض نفسها كقوة إقليمية في المنطقة على جميع الأصعدة اقتصاديا و سياسيا اوثقافيا من خلال المزايا التي تمتلكها كالموقع الجغرافي المتميز بالإضافة إلى الروابط الثقافية و الدينية التي تتشارك فيها مع دول بحر قزوين.



#علي_مجالدي_و_بوقرة_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي مجالدي و بوقرة جمال - الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في بحر قزوين ....تحول الصراع من روسيا إلى إيران.