|
حكاية الرجل و النمر الذى تحول كلبا
عبد الستار البلشي
الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 22:59
المحور:
الادب والفن
أصبح المنـاخ الآن لا بأس بـه علـى الإطلاق ؛ الزوجـة أخـذت الأولاد و ضجيجهـم فى زيارتها الـدورية لأمها / حماته ، والشــقة أصبحت خالية و ملائمة تماما لممارسة متعته الأثيرة ، فكاكا من زحمة الحياة ، ومسئوليات الأولاد ، وملاحقة الزوجة بالطلبات، وإهمالها لكل جميل فيها . أيضا تسلط الرؤساء وتملقه إياهم ، ومداراة الصغير والكبير .
أغلق باب الشقة ـ من الداخل ـ بالمفتاح ، وبتمهل شديد مشوب بالمتعة شرع فى التخلص من ثيابه قطعة قطعة حتى تخلص منها جميعا ما عدا السروال الداخلى القصير .
ترى . . متى يتخلص منه أيضا ؟!
لا يدرى . . لكنه للآن لا يملك القدرة على ذلك .
كم يود لو تخلص منه ، ومضى يتراقص فى الشقة ، وهو يغنى أغنية لعبد الوهاب ، أو لولد من مطربى هذه الأيام ، أو تلك الأغنية الداعرة التى كثيرا ما تغنى بها في ـ صباه ـ فى " دويتو" رائع مع بنت الجيران قبل أن يمارس معها الحب .
الآن . ما دامت القدرة على خلع سرواله الداخلى لم تواته بعد ، فليقنع بالمقسوم .
من فوره قام بفتح شباك الغرفة على إتساعه ، ألقى نظرة عابرة على الشارع من شقته بالطابق الثانى ، تمدد على السرير برهة . اعتدل وفتح المذياع بجانبه . حرك المؤشر حتى استقر على محطة الأغانى .
استلقى ثانية على السرير ، ثنى رجله اليسرى لأعلى ، ووضع عليها ساقه اليمنى . إستسلم فى نشوة لأغنية سريعة الإيقاع ، محاولا ملاحقة إيقاعها باهتزازات من قدمه اليمنى .
********
كان تامر ابن الحاج خميس ـ المقاول ـ يقوم بنزهته اليومية بصحبة نمره الضخم المدلل ، عندما اقتحمت عينى النمر نافذة مفتوحة على مصراعيها فى الطابق الثانـى . جمّد الذهول سـيقان النمر فتوقف وهــو يزمجر فى حنق . تصاعدت زمجرته فى هرير مهتاج . لم يستجب لجذب تامر غير المنتبه لما يحدث . إنتزع سلسلته الفضية من يد تامر ، وجرى ميمما شطر النافذة المفتوحة . وبوثبة سريعة رشيقة استقر على إفريز النافذة ، وبهرير كالرعد كشف عن أنيابه القوية .
********
أفاق الرجل شبه العارى ـ من نشوته ـ على الهرير القوى . نظر فى رعب بالغ إلى النمر المكشر عن أنيابه . تداخل الرجل فى بعضه . تضاءل . بينما وقف النمر بقوائمه الأربع على إفريز النافذة ، مقوس الظهر إلى أعلى ، وذيله يتحرك فى عصبية ، وبدا متهيئا للوثوب .
طال الموقف لثوان . . وثوان ، خفت فيها البريق فى عينى النمر شيئا فشيئا ، وتمدد الإحجام واتسع فى نظرته .
( كان من الواضح أن عرى الرجل والأغنية الزاعقة قد نالا من بطش النمر ) .
راح ذهن الرجل ـ المطرد التضاؤل ـ يعمل سريعا . وبنظرات جانبية حريصة ، كان يبحث عن شىء يدفع به غائلة النمر الشرس .
( لم يجد شيئا )
لـم يغب عن الرجل مـا حل بالنمر من تردد ، فتفتق ذهنـه عن فكـرة ، شرع على إثرها فى خلع سرواله القصير ، والنمر يزوم منكمشا .
وبحركة سريعة حرر الرجل ساقيه من فتحتى السروال . وعلى نحو مبـاغت ألقى به فى وجه النمر . الذى لملم ذيله بين خلفيتيه ، واستدار سريعا ، ثم قفز إلى أرض الشارع وهو يعوى عواء كلب أصيب بمقذوف نارى .
********
نزل الرجل بخفة من السرير ، وأسرع إلى النافذة . رأى النمر يجرى بعيدا والولد تامر يحاول اللحاق به .
شب الرجل على أطراف أصابعه ، ومال قليلا إلى الأمام ، وراح يبول على الشارع الخالى تماما ، حتى يتخلص من وقع المفاجأة
#عبد_الستار_البلشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباح باللبن
المزيد.....
-
هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف
...
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|