أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - بلقيس حميد حسن وهروب الموناليزا















المزيد.....

بلقيس حميد حسن وهروب الموناليزا


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 14:05
المحور: الادب والفن
    



هنالك أهمية لذاكرة المثقف والأديب والسياسي ولكن متى ما أفرغت هذه الذاكرة في الكتابة ليطلع عليها القراء تعتبر ذات أكثر أهمية لمعرفة التجارب التي مر بها المرء عبر أيام حياته الماضية, وقد حرصت الشاعرة (بلقيس حميد حسن ) على كتابة فصل من سيرتها الذاتية وسيرة صديقات عرفتهن في طريق الحياة, من خلال رفاق النضال ضد أنظمة القمع والاستبداد من على ارض الوطن أبان النظام السابق , وقد حرصت الشاعرة على إعطاء أسماء أخرى لصديقاتها ومعارفها حرصا على سرية حياتهم الخاصة من الذين واكبوا النضال وأسهموا في هذه المسيرة النضالية لليسار العراقي.
تضعك استعراضات الشاعرة بلقيس حسن في فصل من حياتها أمام محطات متنوعة زمانا ومكانا في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية وفي تاريخ العراق السياسي الحديث.
صدر للشاعرة بلقيس حميد حسن رواية بعنوان (هروب الموناليزا ...بوح قيثارة) عن دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر بحوالي 275 صفحة من الحجم المتوسط , تتصدر الرواية لوحة للفنان التشكيلي فراس البصري, الرواية عبارة عن فصل من سيرة حياتها الذاتية وسيرة حياة إحدى صديقاتها الفنانات ,وقد رمزت لها باسم (سومر) ,الرواية تحتوي على فصول بعنوان "وتري أو وترها" أي ما يخص حياة الشاعرة فهي "وتري الممنوع, وتري المرتعب, وتري الحائر, وتري الطليع" فهي ترمز لأوتار القيثارة من الالات الموسيقية المحببة لأبناء الجنوب, أما"وترها الحزين, وترها المرتجف ,وترها المكسور, وترها المحترق , وترها المهجور , وترها الهايم , وترها المغتصب ....." فهي ترمز لمحطات حياة صديقتها سومر حيث كانت صديقتها تدفعها لكتابة قصتها مع زوجها الذي خانها ,من خلال سردها لحياتها الزوجية ورسائلها التي تقدمها للشاعرة.
الرواية تبين واقع الشرقيين في المهجر وكيف تتدهور وتموت الحياة الزوجية الحقيقية مما يؤثر على العائلة وحياتها, الزوج يبحث عن عشيقة لعوب والزوجة متمسكة بزوجها وبصيانة عائلتها من التدهور والانسلاخ , والعكس كذلك من خلال التحلل العائلي أو عدم الانسجام من خلال الفوارق الاجتماعية والثقافية وتباعد وجهات النظر.
الرواية مهداة لصديقة الشاعرة الشهيدة الأنصارية (أنسام أمين منشد) التي استعارة الشاعرة اسم صديقتها الحركي(الموناليزا) حباَ لها في روايتها ,تبدأ الرواية في وقت انفراط عقد الجبهة بين حزب النظام والحزب الشيوعي العراقي أخذ جلاوزة النظام بملاحقة أعضاء الحزب الشيوعي العراقي للاعتقال والتصفية من خلال التعذيب في سجون السلطة ودوائر الأمن والمخابرات , ففكر اغلب أعضاء الحزب بالهروب من هذا الجحيم عبر الحدود ومن ضمن هؤلاء الشاعرة بلقيس حميد حسن ورفاقها , كانت الأوكار السرية تجمعهم بظروف صعبة منها الأمنية والمادية , اختفت الشاعرة عن عيون عسس السلطة في احد بيوت بغداد مع زوجها لغرض ترتيب طريق للهروب خارج العراق ففي ص 13 تذكر الشاعرة"كان الازدحام على الحدود عظيما , وكانت فرصة العبور إلى بلد مجاور هي آخر الحلول الممكنة هربا من موت محتم , رغم إنها أصعب الحلول بل هي مجازفة كبرى حينما تعلم مسبقا انك ممنوع من السفر بأمر الحكومة المستبدة"مع العلم إنها كانت شابة بعمر الزهور ذات الابتسامة البريئة تحلم بيوم جميل يحلم به كل العراقيين , لكن عند رغبتها بالسفر بسيارة عبر الحدود في بداية عام 1979 وفي منتصف الليل كانت مذعورة تخاف منعها من السفر مع زوجها وهي تحمل جنينها تذكر في ص14" اخذ السائق جميع الجوازات للتفتيس ..
أين موناليزا سامي الخطيب؟ صاح الضابط الذي كان يقلب أمامه ملفا كبيرا ......
قال بلا مقدمات: أنتِ ممنوعة من السفر"
تحمد الشاعرة ربها بأنها ممنوعة من السفر ولا هنالك أمر لإلقاء القبض عليها , فعادت مع زوجها إلى بغداد و وكر الحزب السري لتعرف ماذا تعمل لغرض الهروب مرة أخرى, مع العلم إن زوجها غير ممنوع من السفر لكن لا يرضى أن يتركها تعود لوحدها وهذه من صفات الشرقي الحريص على عائلته.
كانت تعيش في الوكر السري بخوف وقلق وليالٍ ظلماء تقرقع بها العظام تختلس مع رفاقها النظر من وراء الستائر المعتمة, تتذكر مقول لارسطو"العبد الحقيقي هو الذي لا يستطيع التصريح بآرائه" هكذا كانت الحياة في أيام النظام المستبد السابق, تذكر في فصل "وتري الممنوع" ص29 إنها مع رفيقاتها " ناضلن على جبهات عدة: السلطة والنضال الآخر الذي لا يقل عنه صعوبة, النضال ضد مفاهيم الأهل , في مجتمع لا زالت تحكمه مفاهيم بالية", كان هدف المناضلات هو التغيير , أملاَ بالخلاص من اعترافات من القي القبض عليهن مثل صديقتها نجية, الذي "مات طفلها ربيع أمام عينيها من التعذيب ثم وضعوا لها سم الثاليوم في الطعام بعد أن شبعوا من تعذيبها ثم أطلقو سراحها. بعد يومين كانت نجية شهيدة نعتها صحف المعارضة لاحقا" تتذكر ذلك في ص 30 , ثم تعود الشاعرة لتتذكر صديقتها سومر ومعاناتها مع زوجها الذي تزوجها عن حب, لكن من الصعوبة على القارئ أن يفرق بين سيرة حياة الشاعرة وسيرة حياة سومر إلا بعد أن يتجاوز بعض الصفحات أو يتنبه من خلال عنوان الفصل ليعرف أي الاوتار تخص سيرتها(الشاعرة) أو سيرة صديقتها وجارتها في الغربة سومر.
تتذكر الشاعرة حياة الاوربيين وأشكالهم وسحناتهم المختلفة ففي ص 45 تصف المهاجرين بان" بعضهم الهارب من ذئاب تلاحقه بصور عدة , وبعضهم البشر الذئب الباحث عن الفرائس ...ذكرني هذا البلد بتاريخ الهجرات البشرية, عندما كان الإنسان منذ بدء الخليقة هاربا , يهرب من الوحوش المفترسة, يهرب من الجفاف أو من المرض ثم يهرب من أعدائه , أخوانه البشر" قد أصبحنا نخاف البشر وأجهزة السلطة الشاعرة تذكرني بنفس الفترة التي عشتها في عراق الجحيم المستبد لتصفية معارضيه بسبب الاختلاف في الراي والفكر ليس إلا بسبب حبهم لوطنهم ومن اجل العيش الرغيد .
في (وترها الحزين ص 53) تناقشها صديقتها سومر بما يخص الصراع الطبقي بين أبناء الشعب من خلال ما تقول "أتعرفين,لو كان الصوم يبتدئ من الظهر حتى صباح اليوم الثاني , ربما كان أكثر نفعا , كي يشعر الصائمون بجوع الفقراء, إذا لا يستطيعون النوم جياعا , أما إنهم ينشغلون بشؤون الحياة عن الجوع نهارا و يتخمّون أنفسهم في الليل ليناموا دون شعور بالجوع , فهذا لا يجدي نفعا", إنها فلسفة الحياة ليشعر الغني بجوع الفقير من خلال صوم شهر رمضان الكريم, كانت سومر في طفولتها تناقش الأطفال حول حكمة"نأكل لنعيش أم نعيش لنأكل" فهي تبين نباهة وذكاء الطفل في النقاش وإبداء الرأي , كان أجمل شيء في الطفولة هو عدم إدراكهم إنهم يكبرون, كان همهم العب بالدمى من صنع أياديهم بأبسط الأشياء.
كانت سومر تهتم بفن الموسيقى وتحب آلتها وتعشقها وتردد دائما مقولة كونفوشيوس "لو أردت أن تعرف مقدار رقي امة من الأمم فاستمع إلى موسيقاها" والكندي يقول " إن تعلّم الموسيقى كتعلّم الطب" وأبيها يؤكد إن"الموسيقى يا ابنتي تعلو فوق حكمة الحكيم وفلسفة الفيلسوف"ص90 , لذلك كانت سومر تعشق أبيها وتقول"لماذا أنت نبيل إلى هذا الحد يا أبي ؟لقد طغى مبدأ الرعاع يا أبي وصار الصدق مهمشاَ والكذب المحبوك هو القائد وهو السلطة والقوة والغنى" , إنها حكمة لشابة مثل سومر بعمر الورود يعلمها أبيها حب الموسيقى وعشق الحياة وإن الحب أثمن ما في الوجود.
ثم تعود الشاعرة لفكرة الهروب عبر الحدود التركية مع زوجها لكن يبلغها ضابط تفتيش الجوازات بأنها ممنوعة من السفر وتحاول ان تتقمص الفتاة الساذجة كي تعرف السبب وتحاوره بانها لم تسافر الا اول مرة فلماذا المنع , فيسافر زوجها وتنظر العودة الى بغداد الى الوكر السري للحزب بعد مبيتها في بيت عائلة الضابط وانسجامها مع اطفاله , انها معاناة اغلب ابناء العراق كسياسيين للهروب من جحيم السلطة , الرواية تبين تاريخ نضالي للشاعرة ورفاقها لفترة اخذ الخوف والقلق يدب في مشاعر الرفاق بسبب التصفيات الجسدية لهم او خيانة مبادئهم والخروج سالمين من اقبية النظام الجائر.
لكن طموح المرء من الهروب من هذا الجحيم لا يتوقف فيساعدها رفيقها في وكر الحزب ابو كريم الذي يعتبرها كابنته ويحاور تهريبها بهوية مزورة الى سوريا ,ابان تحسن العلاقات مع الجارة سوريا والسفر بهوية الاحوال المدنية فكان اسمها وفق الهوية المزورة (حسناء اكرم صادق) كي تخلص من المنع وتعبر بأمان لتلتقي بزوجها مرة اخرى فاكملت " اجراءات السفر واتجهت نحو الطائرة , كان ذلك بتاريخ 5 اذار 1979" تاريخ راسخ في ذاكرة الشاعرة حتى الرحيل مرحلة العذاب في دمشق والسفر الى اوربا لكن الكاتبة هنا لم تكمل روايتها واين وصلت بعد ذلك التاريخ فتترك ذلك في وقت اخر .
الشاعرة بلقيس حميد حسن شاعرة ومناضلة ولدت في سوق الشيوخ جنوب العراق وناشطة في مجال حقوق الانسان, عملت في هيئة تحرير صحف من ان كانت طالبة, اختيرت من قبل منظمة العفو الدولية مع 150 شاعرة ضمن خمسة شاعرات عربيات هن: نازك الملائكة, فدوى طوقان, سعاد الصباح, وظبية خميس كاهم شاعرات في العالم , اصدرت عدة دواوين منه " اغتراب الطائر 1996,مخاض مريم1997, اجمل المخلوقات رجل 2012,كما كتبت اكثر من 300 مقالا باأغلب الصحف والمجلات العربية.
اتمنى ان تكون الرواية خاصة بسيرتها الذاتية كانت الاجمل لتسلسل الحوادث التاريخية في حياة الشاعرة مع العلم ان الرواية خالية من الاخطاء المطبعية وذات اخراج جميل للغلاف.



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر العرب الكبير الجواهري و ثورة 14 تموز 1958 وزعيمها عبد ا ...
- مملكة أومّا... حضارة وادي الرافدين الموغلة في القدم
- الفنان التشكيلي حزام عطية النصار...ودورة في الحركة الوطنية و ...
- العالم العراقي (جليل كريم أحمد )...أحد أهم خمسة علماء في الك ...
- يعقوب بلبول ...الأديب الذي وقف في طليعة الأدباء العراقيين ال ...
- دافيد صيمح.....الشاعر العراقي المتمسك بنظم ودراسة الشعر العر ...
- مراد ميخائيل ...الشاعر الذي أول من كتب قصائد النثر
- اسحق بار موشيه... الروائي الذي نتطلع إلى عبق التراث والشخوص ...
- إيلي عمير ...الروائي الذي عرّف الآخرين بالحضارة العربية من خ ...
- مجلة نهرايا ...وذاكرة العراق التراثية والثقافية
- قصر اليهودي العراقي شاؤول شعشوع ....في بغداد العاصمة
- مذكرات سجان ..بعد خراب البصرة للكاتب جاسم المطير
- دار ثقافة الأطفال في بابل والحوار في قصيدة الطفل
- قراءة في كتاب (مبغى المعبد) للكاتب عبد الرزاق الجبران
- البزوغ والأفول في تأريخ يهود العراق الحديث للكاتب والباحث ما ...
- رينيه دنكور ملكة جمال العراق لعام 1947
- إلى الشَهيد سَلام عادِل .. يا رَفيقي .....أخَذوك إلى اللَيل ...
- مدينة البصرة واسمها الآرامي
- شذرات وطنية مشرقة من ذكرى وثبة كانون الثاني عام 1948
- مقابر الطائفة اليهودية في العراق


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عبد الأمير الربيعي - بلقيس حميد حسن وهروب الموناليزا