أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان بن عريبية - الكبت والسادومازوشية المتأسلمة














المزيد.....

الكبت والسادومازوشية المتأسلمة


حنان بن عريبية
كاتبة


الحوار المتمدن-العدد: 4172 - 2013 / 8 / 2 - 13:41
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



نجد في عزوف الشعوب العربية المسلمة عن الاعتراف بتخلفها عن موكب الحداثة̨-;---;-- هو استفحال للنرجسية المفرطة كوسيلة للرد على كل من ينعتها بذلك. علاوة على أن عدم التحرر من التراكمات التي نسجت خيوطا سميكة لدى العامة لا تسمح بالإقرار بمدى التأخر الذي تعيش فيه̨-;---;-- بل وترى أن أي مس بالمنظومة القائمة انتهاك لقداسة الدين و الحط منهم كشعوب محافظة. و العلة تكمن في أول إجابة تتلقاها ممن يصنفون أنفسهم محافظين بأن اتهامهم بالتخلف و الجهل لا يستقيم طالما أنهم لا يتشبهون بالغرب الكافر. كما لا يسعى الواحد منهم للخوض كثيرا في مسألة تخلفنا العلمي و الاقتصادي و الثقافي و الفني الخ.... بل يتم التركيز عادة على أنه يدافع على مبادئ إسلامه التي لا تعير تقدم الغرب أهمية بقدر ما تستنكر التحرر المفرط لديه و طريقة عيش شعوبه التي فيها الكثير من المجون و الفسق على حد تعبيره.
كما أن فكرة الجزاء الأخروي الذي يروج له دعاة الدين من جنة حور عين و نبيذ و ملذات... تجعله على اعتقاد جازم أن كل خطاب عقلاني يسعى لتحرره من هذه الجنان الحسية هو فكر جاهل بدينه أو عدو له. و لو أن العاقل بالدين يدرك جيدا أن النص القرآني عند وصفه للفردوس العظيم هو محاولة لتجييش المسلمين كما فيه طمأنة لشعوب أرهقها لفح شمس الصحراء بجنة خلد تجري من تحتها الأنهار و كأن الرسالة السماوية تسد فراغ شعورهم بالحرمان . لكن هذا الخطاب لا يقبله مجتمع تتوفر لديه الأنهار الجارية و الطبيعة المغرية و النساء الجميلات نظرا لأن الجزاء الحسي متوفر لديهم و هو ما لم يستوعبه المسلم عند طرح مسألة هل أن الجزاء الغيبي بالنعيم لا يتحقق إلا في تهميش أو إقصاء كل ما هو مادي بالدنيا و رفض كل تأويل لنص الديني الحافل بالرموز الجوهرية....
إن المتمعن في هذا التشبث بكل ما هو مادي محصلة للكبت المتولد و المتأصل الذي تشكو منه الشـعوب المسلمة يلاحظ تفشــي و استفحال السادو-مازوشية الدينية بحيث أن الذات التي تخال نفسها واعية تتنصل من الاعتراف بالكبت المطبق و عدم تحررها من العقد سواء المتوارثة بتجذر الخرافة أو المتعلقة بزرع منطق التحريم عند تربية أطفالهم سواء في ما يخص علاقاتهم بالجسد أو ضرورة عدم الصدام بقيم المجتمع. و بالتالي يدرج الكبت ضمن مواضيع التابو. و نادرا ما نجد من يحلل نوازعه الذاتية باللجوء إلى المستجدات العلمية الحديثة في علم النفس.
إضافة أن الرؤيا المهينة للجسد و تهميش اللذة هي ما تفسر الخطاب الديني الذي لا يخرج من إطار مادي متعلق بالمرأة و الشهوة و عقاب الذات. خطاب يجد رواجا عند فئتين الأولى لا تتقيد بحدود و تعيش حياة صاخبة و غير متزنة خلسة و تظهر بوجوه المحافظين و الثانية تعيش ببيئة منغلقة لا تقبل هذا الطرح حتى من باب التوعية بل و ترى في انفعالات الجسم الطبيعية خطيئة لا تغتفر و شعورا بالذنب يمس من قداسة الإيمان عندهم .
إلا أن ثقافة الألم و تعذيب الذات لا تقف فقط عند الخطاب الديني أو عدم الدراية بالثقافة الجنسية بل هناك استفحال مرضي أخر متوارث في نفس السياق أكثر خطورة و يستقطب الكثير من هواة الألم في اعتبار الحب تجربة مؤلمة إذ يزرع بلاشعور حتى قبل خوض هذه التجربة أنه عذاب مزمن و تترسخ هذه الرؤيا بما يتلقاه في الثقافة السائدة التي تجعل الحب أسيرا فقط للغرائز علاوة أن فكرة الحب كعقاب يجعله ممزقا بين جسد محروم و بين لذة مرادفة للخطيئة.و لو قام الفرد بإثراء حبه ليشمل دوافع أخرى نبيلة سيجد نفسه حرا بالعطاء المقترن بالحب.
إن التحرر و التقدم و الخروج من دائرة الألم المتشعبة في كل جزء من حياة الشعوب المسلمة لا يمكن تحقيقها طالما أن الفرد لم يتصالح مع نفسه ليتحرر من جميع العوائق النفسية و لم يع جسده كموضوع للدرس و البحث ليتعامل معه بعقلانية و حكمة و يهجر كل الموروث المؤلم و يطلق النوازع الداخلية المكبوتة و عدم الاكتراث بالمحبطين لقدراته و المنساقين في طريق السوداوية و تعذيب النفس أو تعذيب الطرف المقابل و ذلك بتحرير الإرادة الذاتية المسلوبة منها. إذا اجتمعت هذه الشروط فانه سيوفر على نفسه شوطا هاما في التقدم بشخصه ليكون واعيا أن الكبت و الألم و الخطيئة هي علامة فشل الشعوب العربية المسلمة في التحاقها بركب التطور العلمي و بقائها سجينة الجسد منذ عقود و عدم محاولتها التجرد من كل ما هو حسي .
زيادة أن الحب الواعي و العقلي ينعش الأمل و العطاء و يحقق مصالحة مع النفس و عن طريقه يمكن قبول الأخر مهما كانت عقيدته أو فكره أو لونه و الانفتاح عليه علاوة أنه يضمن تحرره أيضا من ثقافة الموت التي تؤسس للخرافات و الترهيب من الدنيا ليقبل على حياة لا يكون فيها اللسان ممنوعا للمرأة أو الرجل على حد السواء من الخوض في كل المسائل الحياتية حتى تلك المتعلقة بالحميمية دون استنفار و لا نفور بل نافذة حل ليتحدث دون اسر سجنه الديني في عقده و كبته إعلانا لتطلعه للشفاء. فهل نأمل يوما أن تتحطم سطوة الفكر الديني الغيبي التقليدي لننطلق نحو رحاب أوسع و الاعتداد بالفكر الإنساني أم أننا سنبقى خاضعين لهيمنة الكبت و السادومازوشية المتأسلمة ؟

بقلم حنان بن عريبية



#حنان_بن_عريبية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية بين تأله الذكر و الاله البشر


المزيد.....




- اتحاد كرة القدم يحظر مشاركة المتحولات جنسياً في الدوري الانج ...
- دراسة تكشف العوامل الحاسمة في خفض احتمالات العقم عند النساء ...
- الأسيرة الإسرائيلية السابقة ميا شيم تؤكد واقعة تعرضها للاغتص ...
- آلة الحرب الروسية: وراء صنع الطائرات بدون طيار... استغلال لل ...
- الاتحاد الإنجليزي يمنع المتحولات جنسيا من المشاركة في منافسا ...
- استطلاع: تزايد مشاعر عدم الأمان لدى النساء المسلمات في بريط ...
- الضفة الغربية: انطلاق فعالية القدس عاصمة المرأة العربية
- اللبنانية حنين الصايغ: رواية -ميثاق النساء- رسالة محبة للمجت ...
- امرأة تتقدم بشكوى ضد رجل مزق حجابها في فرنسا
- المرأة المغربية ومسألة المناصفة


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان بن عريبية - الكبت والسادومازوشية المتأسلمة